بحـث
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت | الأحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | ||||
4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 |
11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 |
18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 |
25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
حول
مرحبا بكم فى منتدى الموقع العام لقبيلة البدير في العراق للشيخ شوقي جبار البديري
قبيلة البدير من القبائل الزبيديه
الشيخ عباس القمي - الصفحة ٨١
صفحة 1 من اصل 1
الشيخ عباس القمي - الصفحة ٨١
الشيخ عباس القمي - الصفحة ٨١
المعصومة سلام الله عليها.
وكان والدي المرحوم الكربلائي (1) محمد رضا من المتأثرين به، وكان الشيخ عبد الرزاق يأخذ كتاب منازل الآخرة في النهار ويقرأ فيه لمستمعيه.
وفي أحد الأيام جاء والدي إلى البيت وقال: يا شيخ عباس ليتك تصير مثل الشيخ (مسألة گو) ويمكنك أن ترتقي المنبر وتقرأ في هذا الكتاب الذي قرأ لنا منه.
فأردت ولعدة مرات أن أقول له ان هذا الكتاب من مؤلفاتي، ولكني امتنعت كل مرة ولم أتكلم بشئ، إلا اني قلت له: ادعو الله تعالى أن يوفقني (2).
تقديسه لكتب الأخبار:
ذكر طيب الله رمسه في كتابه الفوائد الرضوية عندما تحدث عن أحوال السيد نعمة الله الجزائري قال: (انه لكثرة مطالعته وكتابته أصاب عينه ضعف واستشفى بتربة قبر سيد الشهداء (عليه السلام) وتراب مراقد أئمة العراق (عليهم السلام)، وكان يكتحل بذلك التراب فعوفي ببركة ذلك التراب الطيب..). ودفعا للاستغراب ذكر قضية الحية واستشفائها ببعض النباتات البرية، فلا عجب أن يجعل الله تعالى الشفاء من جميع الأمراض في تربة ابن نبيه (صلى الله عليه وآله)، ثم نقل تجربته، فقال ما تعريبه: (وإذا أصاب عيني ضعف نتيجة كثرة الكتابة فاني أتبرك بتراب مراقد الأئمة (عليهم السلام) وأحيانا أتبرك بمس كتابة الأحاديث والأخبار ولذلك فعيني سليمة بذلك ولله الحمد ورجائي أن تكون عيني سليمة في الدنيا والآخرة ببركاتهم إن شاء الله تعالى (3).
ونقل عن ولده الشيخ محدث زاده انه قال:
(لا أنسى عندما كنا في النجف الأشرف انه استيقظ من نومه صباح أحد الأيام - في حدود سنة 1357 ه يعني بسنتين قبل وفاته - وقال: إن عيني تؤلمني في هذا
(١) الكربلائي: لقب مستخدم في إيران يطلق على من وفق لزيارة كربلاء المقدسة. مقابل (مشهدي) لمن وفق لزيارة مشهد المقدسة.
(٢) محدث قمي: ص ٥٥ - ٥٦.
(٣) الفوائد الرضوية: ص 695.
(٨١)اليوم كثيرا، ولا أقدر على المطالعة والكتابة.
وكان متألما جدا ولسان حاله يقول: لعل أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) قد طردوني من بابهم. وكان من عادته أن يقول ذلك أحيانا بتأثر ويبكي).
وأضاف الشيخ محدث زاده:
(وكنت في ذلك الوقت مشغولا بالدراسة، فذهبت إلى المدرسة وعندما رجعت في الظهر إلى البيت رأيته مشغولا بالكتابة، فقلت له: هل تحسنت عينك؟
فقال: قد ذهب الوجع كله.
فسألته: وكيف عالجتها؟
فأجاب: توضأت وجلست قبال القبلة وأخذت كتاب الكافي وفتحته على عيني، فزال الوجع من عيني.
وبعد ذلك فان عينه لم تؤلمه إلى آخر عمره).
* وكان كتاب الكافي هذا الذي نشره على عينه مخطوطا بخط الفقيه المشهور الملا عبد الله التوني صاحب كتاب (الوافية) وكان المحدث القمي معتزا به كثيرا.
* وعندما كان مقيما في المشهد الرضوي مرض ولده الصغير فأحضر له دواءا شعبيا وضع فيه قليلا من السكر وجئ به ليشربه وحينئذ وضع المحدث القمي إصبعا من يده اليمنى في ذلك الشراب وحركه في داخل الاناء. فقالت له زوجته:
انتظر حتى آتيك بملعقة.
فأجابها الشيخ: كان قصدي من ذلك الاستشفاء، لأني بهذه اليد كتبت آلافا من أحاديث الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) (1).
ونقل عنه: انه كان لا يأخذ كتب الحديث ولا يمسها إلا على طهارة ووضوء، وإذا أراد أن يقرأ في كتب الأحاديث فإنه يجلس على ركبتيه متأدبا ويتوجه إلى القبلة ثم يبدأ بالمطالعة.
(1) راجع (شيخ عباس قمي مرد تقوى وفضيلت): ص 56.
(٨٢)احتياطه بالرواية:
كان غالبا يأخذ الكتاب معه عندما يرتقي المنبر ليقرأ منه على المستمعين الحديث الذي يريد أن ينقله لهم، أو يقرأ التعزية (1).
وقد نقل عن بعض علماء طهران انه قال: حضرت تحت منبر الشيخ عباس في بعض أيام شهر رمضان بمشهد فقال ذات يوم خلال حديثه: اني رأيت في المنام كأني آتي بالمفطر في شهر رمضان وفسرته باني قد اشتبه في نقل الحديث فأزيد وانقص غفلة، ولذلك اصطحبت الكتاب معي في هذا اليوم لأقرأ فيه (2).
فمع اطلاعه الواسع ومعرفته بتاريخ النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة المعصومين (عليهم السلام) لكنه ولشدة احتياطه يقرأ الأحاديث والتعزية في الكتاب.
احترامه لأسماء المعصومين (عليهم السلام):
وقيل إنه كان لا يذكر اسم النبي (صلى الله عليه وآله) أو أحد المعصومين (عليهم السلام) إلا وهو على طهر ووضوء ويعتبر أن ذكر أسمائهم بغير طهارة ووضوء من سوء الأدب، ويعتبر الاكتفاء بوضع علامة (ص) بعد اسم النبي (صلى الله عليه وآله)، أو (ع) بعد اسم أحد المعصومين (عليهم السلام) نوع حرمان من السعادة الإلهية.
قال في منتهى الآمال عند ذكره أحوال الإمام الصادق (عليه السلام)، فنقل عن الشيخ الصدوق عن مالك بن انس - مؤسس المذهب المالكي أحد المذاهب الأربعة - في وصفه للإمام الصادق (عليه السلام) انه قال: (فإذا قال - أي الإمام الصادق (عليه السلام) - قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) اخضر مرة واصفر أخرى حتى ينكره من يعرفه...) وعقب الشيخ القمي على الخبر بما تعريبه: (تأمل جيدا في حال الإمام الصادق (عليه السلام) وتعظيمه واجلاله لرسول الله (صلى الله عليه وآله) كيف يتغير حاله عند نقله الحديث عنه (صلى الله عليه وآله) وذكره اسمه الشريف (صلى الله عليه وآله) مع أنه ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقطعة من بدنه، فتعلم ذلك واذكر اسم
(1) مردان علم در ميدان عمل: ص 97.
(2) راجع (شيخ عباس قمي مرد تقوى وفضيلت).الرسول (صلى الله عليه وآله) بغاية التجليل والاحترام وصلي عليه بعد ذكر اسمه المبارك، وإذا كتبت اسمه الشريف في مكان فاكتب الصلوات بشكلها الحروفي ولا تكتفي بالرمز والإشارة فتكون كبعض المحرومين من الرحمة الذين يكتفون برمز (ص) أو (صلعم) ونحو ذلك. بل لا تذكر اسمه المبارك (صلى الله عليه وآله) ولا تكتبه إذا لم تكن على وضوء وطهارة، ومع ذلك كله اطلب العذر منه (صلى الله عليه وآله) لأنك قصرت بأداء حقه (صلى الله عليه وآله) (1).
حبه لأهل البيت (عليهم السلام):
والحب لهم صلوات الله عليهم أجمعين علامة الايمان وطهارة المولد، وكان القمي كباقي الصالحين من عشاقهم (عليهم السلام) وممن يحيي أمرهم، ويعتبر التوسل بهم الوسيلة التي تقربه إلى الله عز وجل وبهم تقضى له حاجاته.
ونقل عن القمي انه كان كثير البكاء في مجالس مصائبهم (عليهم السلام) وتجد ذلك واضحا فيما ألفه من الكتب النفيسة التي تعكس علاقته وتعلقه بهم (عليهم السلام).
احترامه للذرية الطاهرة:
كان يعظم السادة من ذرية النبي (صلى الله عليه وآله) ويحترمهم أشد الاحترام، فقد نقل عنه انه كان يتأدب أمام أي سيد من السادة ويقدمه على نفسه حتى لو كان طفلا بحيث لم ير المحدث القمي يوما قد بسط رجليه أمام سيد سواءا كان جالسا في غرفة أو بيت أو ساحة (2).
والقصة المتقدمة عن سلطان الواعظين الشيرازي تؤيد هذه الحقيقة (3).
* وذكر أيضا: قبل وفاته بساعات جئ له بعصير تفاح ليشرب، وكانت في منزله طفلة علوية من السادة، فقال المحدث: أعطوا العصير للطفلة العلوية لتشرب أولا وبعد ذلك آتوني بالباقي.
(1) منتهى الآمال: ج 2، ص 138 - 139.
(2) محدث قمي: ص 43.
(3) تقدمت القصة في ص 78.
(٨٤)وقد فعل من حوله ذلك فاعطوه للطفلة العلوية فشربت منه مقدارا ثم جاؤوا بالباقي فشربه المحدث، وقال اني قصدت من وراء ذلك الاستشفاء (1).
وقد جاءت في الرويات الكثيرة عن أهل بيت العصمة والطهارة لزوم احترام الذرية الطاهرة، منها:
روى الصدوق باسناده عن دعبل الخزاعي عن الإمام الرضا (عليه السلام) عن آبائه عن علي (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أربعة أنا لهم شفيع يوم القيامة: المكرم لذريتي من بعدي، والقاضي لهم حوائجهم، والساعي لهم في أمورهم عند اضطرارهم، والمحب لهم بقلبه ولسانه " (2).
وروى الطوسي بأماليه بإسناده عن الإمام موسى بن جعفر عن آبائه (عليهم السلام) عن فاطمة عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهما قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيما رجل صنع إلى رجل من ولدي صنيعة فلم يكافئه عليها فأنا المكافئ له عليها " (3).
وفي صحيفة الإمام الرضا (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال: " قال علي بن أبي طالب (عليه السلام) من اصطنع صنيعة إلى واحد من ولد عبد المطلب ولم يجازه عليها في الدنيا، فأنا أجازيه غدا إذا لقيني يوم القيامة " (4).
وروى الشيخ المفيد في أماليه بإسناده عن محمد بن الحنفية قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا، ويعرف حقنا " (5).
خطابته ووعظه:
الوعظ والخطابة والارشاد من المهمات الكبيرة التي قام بها الأنبياء
(1) عن (حاج شيخ عباس قمي مرد تقوى وفضيلت) ص 64.
(2) عيون أخبار الرضا: ج 1، ص 253 - 254، ونقله عنه في البحار: ج 96، ص 220، ح 10.
(3) الأمالي للطوسي: ج 1، ص 365، وعنه في البحار ج 96، ص 225، ح 23.
(4) الصحيفة المنسوبة للإمام الرضا (عليه السلام): ص 2. عيون أخبار الرضا للصدوق: ج 1، ص 259، ونقله في البحار: ج 96، ص 231، ح 231.
(5) الأمالي للمفيد: ص 17 - 18، طبعة النجف. ونقله في البحار: ج 96، ص 231.
المعصومة سلام الله عليها.
وكان والدي المرحوم الكربلائي (1) محمد رضا من المتأثرين به، وكان الشيخ عبد الرزاق يأخذ كتاب منازل الآخرة في النهار ويقرأ فيه لمستمعيه.
وفي أحد الأيام جاء والدي إلى البيت وقال: يا شيخ عباس ليتك تصير مثل الشيخ (مسألة گو) ويمكنك أن ترتقي المنبر وتقرأ في هذا الكتاب الذي قرأ لنا منه.
فأردت ولعدة مرات أن أقول له ان هذا الكتاب من مؤلفاتي، ولكني امتنعت كل مرة ولم أتكلم بشئ، إلا اني قلت له: ادعو الله تعالى أن يوفقني (2).
تقديسه لكتب الأخبار:
ذكر طيب الله رمسه في كتابه الفوائد الرضوية عندما تحدث عن أحوال السيد نعمة الله الجزائري قال: (انه لكثرة مطالعته وكتابته أصاب عينه ضعف واستشفى بتربة قبر سيد الشهداء (عليه السلام) وتراب مراقد أئمة العراق (عليهم السلام)، وكان يكتحل بذلك التراب فعوفي ببركة ذلك التراب الطيب..). ودفعا للاستغراب ذكر قضية الحية واستشفائها ببعض النباتات البرية، فلا عجب أن يجعل الله تعالى الشفاء من جميع الأمراض في تربة ابن نبيه (صلى الله عليه وآله)، ثم نقل تجربته، فقال ما تعريبه: (وإذا أصاب عيني ضعف نتيجة كثرة الكتابة فاني أتبرك بتراب مراقد الأئمة (عليهم السلام) وأحيانا أتبرك بمس كتابة الأحاديث والأخبار ولذلك فعيني سليمة بذلك ولله الحمد ورجائي أن تكون عيني سليمة في الدنيا والآخرة ببركاتهم إن شاء الله تعالى (3).
ونقل عن ولده الشيخ محدث زاده انه قال:
(لا أنسى عندما كنا في النجف الأشرف انه استيقظ من نومه صباح أحد الأيام - في حدود سنة 1357 ه يعني بسنتين قبل وفاته - وقال: إن عيني تؤلمني في هذا
(١) الكربلائي: لقب مستخدم في إيران يطلق على من وفق لزيارة كربلاء المقدسة. مقابل (مشهدي) لمن وفق لزيارة مشهد المقدسة.
(٢) محدث قمي: ص ٥٥ - ٥٦.
(٣) الفوائد الرضوية: ص 695.
(٨١)اليوم كثيرا، ولا أقدر على المطالعة والكتابة.
وكان متألما جدا ولسان حاله يقول: لعل أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) قد طردوني من بابهم. وكان من عادته أن يقول ذلك أحيانا بتأثر ويبكي).
وأضاف الشيخ محدث زاده:
(وكنت في ذلك الوقت مشغولا بالدراسة، فذهبت إلى المدرسة وعندما رجعت في الظهر إلى البيت رأيته مشغولا بالكتابة، فقلت له: هل تحسنت عينك؟
فقال: قد ذهب الوجع كله.
فسألته: وكيف عالجتها؟
فأجاب: توضأت وجلست قبال القبلة وأخذت كتاب الكافي وفتحته على عيني، فزال الوجع من عيني.
وبعد ذلك فان عينه لم تؤلمه إلى آخر عمره).
* وكان كتاب الكافي هذا الذي نشره على عينه مخطوطا بخط الفقيه المشهور الملا عبد الله التوني صاحب كتاب (الوافية) وكان المحدث القمي معتزا به كثيرا.
* وعندما كان مقيما في المشهد الرضوي مرض ولده الصغير فأحضر له دواءا شعبيا وضع فيه قليلا من السكر وجئ به ليشربه وحينئذ وضع المحدث القمي إصبعا من يده اليمنى في ذلك الشراب وحركه في داخل الاناء. فقالت له زوجته:
انتظر حتى آتيك بملعقة.
فأجابها الشيخ: كان قصدي من ذلك الاستشفاء، لأني بهذه اليد كتبت آلافا من أحاديث الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) (1).
ونقل عنه: انه كان لا يأخذ كتب الحديث ولا يمسها إلا على طهارة ووضوء، وإذا أراد أن يقرأ في كتب الأحاديث فإنه يجلس على ركبتيه متأدبا ويتوجه إلى القبلة ثم يبدأ بالمطالعة.
(1) راجع (شيخ عباس قمي مرد تقوى وفضيلت): ص 56.
(٨٢)احتياطه بالرواية:
كان غالبا يأخذ الكتاب معه عندما يرتقي المنبر ليقرأ منه على المستمعين الحديث الذي يريد أن ينقله لهم، أو يقرأ التعزية (1).
وقد نقل عن بعض علماء طهران انه قال: حضرت تحت منبر الشيخ عباس في بعض أيام شهر رمضان بمشهد فقال ذات يوم خلال حديثه: اني رأيت في المنام كأني آتي بالمفطر في شهر رمضان وفسرته باني قد اشتبه في نقل الحديث فأزيد وانقص غفلة، ولذلك اصطحبت الكتاب معي في هذا اليوم لأقرأ فيه (2).
فمع اطلاعه الواسع ومعرفته بتاريخ النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة المعصومين (عليهم السلام) لكنه ولشدة احتياطه يقرأ الأحاديث والتعزية في الكتاب.
احترامه لأسماء المعصومين (عليهم السلام):
وقيل إنه كان لا يذكر اسم النبي (صلى الله عليه وآله) أو أحد المعصومين (عليهم السلام) إلا وهو على طهر ووضوء ويعتبر أن ذكر أسمائهم بغير طهارة ووضوء من سوء الأدب، ويعتبر الاكتفاء بوضع علامة (ص) بعد اسم النبي (صلى الله عليه وآله)، أو (ع) بعد اسم أحد المعصومين (عليهم السلام) نوع حرمان من السعادة الإلهية.
قال في منتهى الآمال عند ذكره أحوال الإمام الصادق (عليه السلام)، فنقل عن الشيخ الصدوق عن مالك بن انس - مؤسس المذهب المالكي أحد المذاهب الأربعة - في وصفه للإمام الصادق (عليه السلام) انه قال: (فإذا قال - أي الإمام الصادق (عليه السلام) - قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) اخضر مرة واصفر أخرى حتى ينكره من يعرفه...) وعقب الشيخ القمي على الخبر بما تعريبه: (تأمل جيدا في حال الإمام الصادق (عليه السلام) وتعظيمه واجلاله لرسول الله (صلى الله عليه وآله) كيف يتغير حاله عند نقله الحديث عنه (صلى الله عليه وآله) وذكره اسمه الشريف (صلى الله عليه وآله) مع أنه ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقطعة من بدنه، فتعلم ذلك واذكر اسم
(1) مردان علم در ميدان عمل: ص 97.
(2) راجع (شيخ عباس قمي مرد تقوى وفضيلت).الرسول (صلى الله عليه وآله) بغاية التجليل والاحترام وصلي عليه بعد ذكر اسمه المبارك، وإذا كتبت اسمه الشريف في مكان فاكتب الصلوات بشكلها الحروفي ولا تكتفي بالرمز والإشارة فتكون كبعض المحرومين من الرحمة الذين يكتفون برمز (ص) أو (صلعم) ونحو ذلك. بل لا تذكر اسمه المبارك (صلى الله عليه وآله) ولا تكتبه إذا لم تكن على وضوء وطهارة، ومع ذلك كله اطلب العذر منه (صلى الله عليه وآله) لأنك قصرت بأداء حقه (صلى الله عليه وآله) (1).
حبه لأهل البيت (عليهم السلام):
والحب لهم صلوات الله عليهم أجمعين علامة الايمان وطهارة المولد، وكان القمي كباقي الصالحين من عشاقهم (عليهم السلام) وممن يحيي أمرهم، ويعتبر التوسل بهم الوسيلة التي تقربه إلى الله عز وجل وبهم تقضى له حاجاته.
ونقل عن القمي انه كان كثير البكاء في مجالس مصائبهم (عليهم السلام) وتجد ذلك واضحا فيما ألفه من الكتب النفيسة التي تعكس علاقته وتعلقه بهم (عليهم السلام).
احترامه للذرية الطاهرة:
كان يعظم السادة من ذرية النبي (صلى الله عليه وآله) ويحترمهم أشد الاحترام، فقد نقل عنه انه كان يتأدب أمام أي سيد من السادة ويقدمه على نفسه حتى لو كان طفلا بحيث لم ير المحدث القمي يوما قد بسط رجليه أمام سيد سواءا كان جالسا في غرفة أو بيت أو ساحة (2).
والقصة المتقدمة عن سلطان الواعظين الشيرازي تؤيد هذه الحقيقة (3).
* وذكر أيضا: قبل وفاته بساعات جئ له بعصير تفاح ليشرب، وكانت في منزله طفلة علوية من السادة، فقال المحدث: أعطوا العصير للطفلة العلوية لتشرب أولا وبعد ذلك آتوني بالباقي.
(1) منتهى الآمال: ج 2، ص 138 - 139.
(2) محدث قمي: ص 43.
(3) تقدمت القصة في ص 78.
(٨٤)وقد فعل من حوله ذلك فاعطوه للطفلة العلوية فشربت منه مقدارا ثم جاؤوا بالباقي فشربه المحدث، وقال اني قصدت من وراء ذلك الاستشفاء (1).
وقد جاءت في الرويات الكثيرة عن أهل بيت العصمة والطهارة لزوم احترام الذرية الطاهرة، منها:
روى الصدوق باسناده عن دعبل الخزاعي عن الإمام الرضا (عليه السلام) عن آبائه عن علي (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أربعة أنا لهم شفيع يوم القيامة: المكرم لذريتي من بعدي، والقاضي لهم حوائجهم، والساعي لهم في أمورهم عند اضطرارهم، والمحب لهم بقلبه ولسانه " (2).
وروى الطوسي بأماليه بإسناده عن الإمام موسى بن جعفر عن آبائه (عليهم السلام) عن فاطمة عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهما قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيما رجل صنع إلى رجل من ولدي صنيعة فلم يكافئه عليها فأنا المكافئ له عليها " (3).
وفي صحيفة الإمام الرضا (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال: " قال علي بن أبي طالب (عليه السلام) من اصطنع صنيعة إلى واحد من ولد عبد المطلب ولم يجازه عليها في الدنيا، فأنا أجازيه غدا إذا لقيني يوم القيامة " (4).
وروى الشيخ المفيد في أماليه بإسناده عن محمد بن الحنفية قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا، ويعرف حقنا " (5).
خطابته ووعظه:
الوعظ والخطابة والارشاد من المهمات الكبيرة التي قام بها الأنبياء
(1) عن (حاج شيخ عباس قمي مرد تقوى وفضيلت) ص 64.
(2) عيون أخبار الرضا: ج 1، ص 253 - 254، ونقله عنه في البحار: ج 96، ص 220، ح 10.
(3) الأمالي للطوسي: ج 1، ص 365، وعنه في البحار ج 96، ص 225، ح 23.
(4) الصحيفة المنسوبة للإمام الرضا (عليه السلام): ص 2. عيون أخبار الرضا للصدوق: ج 1، ص 259، ونقله في البحار: ج 96، ص 231، ح 231.
(5) الأمالي للمفيد: ص 17 - 18، طبعة النجف. ونقله في البحار: ج 96، ص 231.
رد: الشيخ عباس القمي - الصفحة ٨١
والأوصياء صلوات الله عليهم أجمعين، ولكن لظروف لم تعرف أصولها، تقلصت هذه المهمات من مساحة التبليغ واعتبرت ضمن أعراف حوزوية معينة بأنها مهنة أناس يحترفونها، ولابد للأجلاء من العلماء أن يتنزهوا عنها لأنها لا تليق وشأنهم، وقد أخذت هذه الأفكار غير الصائبة تنزوي وتزول خصوصا بعد انتصار الثورة الاسلامية المباركة حينما تصدى للخطابة والوعظ كبار العلماء والمجتهدين وعلى رأسهم إمام الأمة (قدس الله روحه الطاهرة).
ونجد إيمان القمي وتقواه وحبه لهداية المؤمنين قد تصدى لهذه المهمة الكبيرة من موقع الوظيفة الشرعية بدون أن يحترفها (1)، وقد سار أثر خطى أستاذه النوري (رحمه الله).
وكانت لمواعظه أثرها الكبير في النفوس لأنه كان يتحدث بما يعتقد به وبما عمل به قبل أن يتحدث عنه (2).
وقد روى الطوسي في أماليه بالإسناد عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال: (من تعلم لله عز وجل وعمل لله وعلم لله، دعي في ملكوت السماوات عظيما، وقيل تعلم لله، وعلم لله) (3).
وروى البرقي بإسناده عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: في ضمن رواية: " أشد الناس حسرة يوم القيامة الذين وصفوا العدل ثم خالفوه " (4).
وقد نقل عن بعض حضار مجلسه انه قال: لقد كان كلام الشيخ القمي يجعل الانسان بعيدا وممتنعا عن السيئات والأعمال والذنوب لمدة أسبوع على الأقل، ويكون متوجها إلى الله تعالى والى العبادة (5).
(1) وكشاهد على ذلك القصة التي تقدمت في ص 80.
(2) محدث قمي: ص 57.
(3) الأمالي للطوسي: ج 1، ص 170، المجلس 6، ح 32.
(4) المحاسن للبرقي: ص 120، (كتاب عقاب الأعمال)، باب 64، ح 1.
(5) مردان علم در ميدان عمل: ص 97.
(٨٦)* ونقل عن بعض علماء النجف: كانت طريقة الشيخ عباس عندما يرتقي المنبر ويبدأ حديثه ينقل في البداية الخبر ثم يذكر سند الحديث ورجال السند ثم يتحدث عن حياتهم وحالهم في الوثاقة وغيره، فإذا وصل به الحديث إلى المعصوم (عليه السلام) فإنه يتغير ويتخيل السامع انه يرى المعصوم (عليه السلام) رأي العين.
* ونقل عن أحد كبار علماء مشهد في وقته آغا بزرگ الحكيم انه كان يحب اثنين من العلماء أكثر من غيرهم أحدهما آية الله السيد حسين القمي والآخر الشيخ عباس القمي وكان يقول: من يريد أن يستنير بكلام أهل البيت (عليهم السلام) فليحضر منبر الشيخ عباس.
* ونقل عن أحد العلماء انه كان للمرحوم (بلور فروش) القمي مجلس عزاء سنوي في أيام الفاطمية الأولى في البيت الذي سكنه آية الله البروجردي 16 سنة، وكان لا يدعو للخطابة غير الشيخ عباس القمي، وكان المجلس يعد أحسن مجلس في قم المقدسة يحضره جميع الطبقات وبالخصوص العلماء، وكان الناس ينتظرون أيام الفاطمية ليحظوا بمجلس الشيخ القمي.
* وقد أدخل المؤسس آية الله الشيخ الحائري (رحمه الله) في إيران احياء مصائب سيدة نساء العالمين (عليها السلام) في الفاطمية الثانية وكان يحضر للمنبر الشيخ عباس القمي وكان المجلس يكتظ بالعلماء والفضلاء وطلبة العلوم الدينية وسائر الناس.
وكان المرحوم الهسته اي الأصفهاني يخطب أولا فإذا أتم مجلسه ارتقى المنبر الشيخ القمي بعده ولشدة تعلق الناس بالشيخ القمي فإنهم كانوا يبقون في المجلس يستمعون باصغاء كامل إلى حديث الشيخ القمي دون أن يتفرقوا.
* وكان يرتقي المنبر في النجف الأشرف في (مسجد الهندي) المعروف صباح كل يوم من العشرة الأولى لمحرم، وكان مجلسه يزدحم بالناس أكثر من جميع مجالس النجف مع أنه كان يتحدث لمدة لا تقل عن ساعتين.
وكان في يوم العاشر لا يقرأ إلا المقتل ولا يتحدث إلا عن مصيبة سيد الشهداء (عليه السلام) ومظلوميته. وكان يضج المجلس بالبكاء ويبكي العلماء
(٨٧)والفضلاء بكاءا شديدا.
* ووصف نجله الشيخ محدث زاده مجلسه ووعظه ما تعريبه ملخصا: وكان الناس في أوقات فراغه، وبالخصوص في أيام إقامة العزاء يستفيدون منه بمواعظه الطيبة، وخطبه النافعة. والحق فان لخطاباته آثارا خاصة وذات جذابية تكسب إليها كل القلوب) (1) فقد كان واعظا متعظا يرقى المنبر، ويلقي على سامعيه الأحاديث المنقولة عن الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) مع تحفظ على ضبطها ودقة في قراءة ألفاظها.
ويعظ الناس ودموعه منهمرة تسيل على لحيته الكريمة، وربما منعته من الاستمرار في حديثه، وخاصة عند ذكر مصائب المعصومين (عليهم السلام)، وما ورد عليهم من الآلام والفجائع على أيدي أعدائهم وغاصبي حقوقهم) (2).
تقواه وزهده وتواضعه:
قال زميله الطهراني: (كنا نسكن غرفة واحدة في بعض مدارس النجف، ونعيش سوية، ونتعاون على قضاء لوازمنا وحاجاتنا الضرورية حتى تهيئة الطعام، وبقينا على ذلك بعد وفاة شيخنا... وقد عرفته خلال ذلك جيدا، فرأيته مثال الانسان الكامل ومصداق رجل العلم الفاضل.
وكان يتحلى بصفات تحببه إلى عارفيه، فهو حسن الأخلاق جم التواضع، سليم الذات، شريف النفس، يضم إلى غزارة الفضل تقى شديدا، والى الورع زهدا بالغا، وقد أنست بصحبته مدة وامتزجت روحي بروحه زمنا..) (3).
وقال الشيخ حرز الدين (رحمه الله) في وصفه: (... عالم كامل ثقة عدل متتبع، بحاثة عصره، أمين، مهذب، زاهد، عابد، صاحب المؤلفات المفيدة..) (4).
وقال نجله الشيخ محدث زادة: (وكان بأخلاقه وزهده وتقواه وطهارته -
(1) مقدمة منتهى الآمال: ص 5.
(2) مقدمة نفس المهموم للحسيني: ص 6.
(3) نقباء البشر: ج 3، ص 999.
(4) معارف الرجال: ج 1، ص 401.
(٨٨)وبدون مبالغة - مرشدا وداعيا للمجتمع، بل يمكن أن يقال انه كان نموذجا للصالحين والعظماء في عصره..) (1).
* وقد تحدث الكثير عن زهده فقالوا: انه كان يلبس ملابسا بسيطة فكانت ملابسه عبارة عن قباء كرباس نظيف جدا ومطيب، ومر عليه الشتاء والصيف عدة مرات وهو لابس ذلك القباء الكرباسي، فلم يكن ابدا يفكر في الملابس والكماليات.
* وكان فراش بيته من البسط العادية التي تسمى ب (گليم).
* وكان لا يصرف على نفسه من (سهم الإمام (عليه السلام))، وكان يقول اني لا استحقه.
* وكان محتاطا في طعامه أيضا، فمع انه كان مبتلى بمرض الربو (ضيق التنفس)، ولم يكن ينسجم مع صحته أي طعام وانما لابد وأن لا يكون فيه ضرر على صحته، ومع ذلك كله فإنه كان لا يهتم إلى نوع الغذاء وكميته، وكان يأكل أي طعام قدم له، وبأي مقدار ممكن.
* وفي مرة من المرات عندما كان الشيخ في النجف الأشرف قدمت له امرأتان كانتا تسكنان في مدينة (بمبي) ومن أقرباء (آقا كوچك) من وجهاء النجف الأشرف، والتمستا منه أن يتقبل منهما في كل شهر (75) روپية ليدفعه مقدارا في معيشته. وكان مصرف عائلته شهريا لا يتجاوز (50) روپية.
ولكن الشيخ امتنع عن قبول هذا المبلغ، فأصر الميرزا محسن محدث زاده - ولده الصغير - أن يقبل ذلك المبلغ، ولكنه لم يستجب إلى أن يئست المرأتان وخرجتا، فحينما ذهبتا قال الولد للوالد: انني سوف لا اقترض من السوق شيئا لمصرف البيت فيما بعد.
فقال الحاج الشيخ عباس: اسكت. فاني لا أدري بماذا أجيب الله تعالى
(1) تتمة المنتهى: ص 5.
(٨٩)وصاحب الزمان (سلام الله عليه) يوم القيامة عن هذا المقدار الذي اصرفه فكيف تريدني أن أثقل حملي أكثر من هذا؟
* وكان أحد الأشخاص من تجار طهران يقدم له مبلغا متواضعا من المال إلى آخر عمره، وكان هو يقتصد جدا بمعيشته. وقد جاءه في أواخر عمره شخص من همدان إلى النجف الأشرف والتقى به في بيته، وفي أثناء الحديث سأله عن وضعه الداخلي، فأجابه الشيخ بكل ما هو موجود. فحينما أراد ذلك الشخص أن يخرج قدم له مبلغا من المال، ولكن المحدث القمي لم يتقبله، ومع شدة إصراره فإنه لم يقبله منه.
فعندما ذهب سأله ابنه الكبير: يا أبتي، لماذا لم تقبله؟
فأجاب: أن رقبتي رقيقة وبدني ضعيف، فلا طاقة لي يوم القيامة على الجواب، ثم نقل لهم قصة أمير المؤمنين (عليه السلام) في ليلة التاسع عشر من شهر رمضان، وبكى ثم أخذ بوعظ أهل بيته.
تواضعه:
فكان كثير التواضع للآخرين كبارا وصغارا في البيت أو في المدرسة، وكان يظهر الاحترام والأدب لكل من يلاقيه في الطريق سواء كان من العلماء أو من غيرهم خصوصا إذا كان من حملة الحديث وأخبار أهل البيت (عليهم السلام)، وكان يعد نفسه صغيرا أمامهم. وكان إذا دخل مجلسا لا يجلس في صدر المجلس أبدا، ولا يقدم نفسه على الآخرين. وكان يحذر جدا من الزهو والاعتداد بالنفس، أو يأخذه الغرور.
حلاوة معشره:
ولا يتوقع من القضايا السابقة التي نقلت عنه (رحمه الله) انه كان فظا مع الآخرين ضعيف العاطفة، بل بالعكس فان أولئك الذين صاحبوه ونقلوا عنه تلك القضايا الجميلة لم ينسوا ذكر فضيلته الأخرى بعلاقته مع الآخرين فقد وصفوه بأنه كان
(٩٠)حلو اللسان طيب الحديث، لم يمنعه أنسه بالكتاب من أن يظهر المحبة للآخرين، بل كان حتى في سفره منشرح الوجه مبتسم الثغر مع رفقائه مع قليل من المزاح واللطافة. بل كان يهتم في سفره برفقاء طريقه ويتلطف معهم أكثر من المعتاد.
فكان أصحابه يحبونه كثيرا لحسن خلقه وسلوكه وتعامله إضافة إلى تقواه وزهده وغير ذلك من الصفات الجميلة التي اجتمعت في شخصيته (1).
قالوا فيه:
* قال السيد الأمين: (عالم فاضل صالح محدث واعظ عابد زاهد) (2).
* وقال العلامة الطهراني: (وقد عرفته خلال ذلك جيدا فرأيته مثال الانسان الكامل، ومصداق رجل العلم الفاضل، وكان يتحلى بصفات تحببه إلى عارفيه فهو حسن الأخلاق، جم التواضع، سليم الذات، شريف النفس، يضم إلى غزارة الفضل تقى شديدا، والى الورع زهدا بالغا...
وكان دائم الاشتغال، شديد الولع في الكتابة والتدوين والبحث والتنقيب لا يصرفه عن ذلك شئ ولا يحول بينه وبين رغبته فيه واتجاهه إليه حائل...) (3).
* وقال خير الدين الزرگلي: (باحث إمامي، من العلماء بالتراجم والتاريخ، مولده ووفاته بالنجف عاش مدة طويلة في طهران...) (4).
* وقال المدرس: (من أفاضل علماء عصرنا الحاضر، عالم فاضل كامل، محدث، متتبع، ماهر، وهو مقصود المؤلف من (الفاضل المحدث المعاصر) في هذا الكتاب) (5).
* وقال الأميني: (وهو من نوابغ الحديث والتأليف في القرن الحاضر، وأياديه المشكورة على الأمة لا تخفى) (6).
(١) المصدر السابق.
(٢) أعيان الشيعة: ج ٧، ص ٤٢٥.
(٣) نقباء البشر: ج ٣، ص ٩٩٩.
(٤) الاعلام: ج ٣، ص ٢٦٥.
(٥) ريحانة الأدب: ج ٤، ص ٤٨٧ - ٤٨٨.
(٦) الغدير: ج ١، ص 157.
(٩١)
ونجد إيمان القمي وتقواه وحبه لهداية المؤمنين قد تصدى لهذه المهمة الكبيرة من موقع الوظيفة الشرعية بدون أن يحترفها (1)، وقد سار أثر خطى أستاذه النوري (رحمه الله).
وكانت لمواعظه أثرها الكبير في النفوس لأنه كان يتحدث بما يعتقد به وبما عمل به قبل أن يتحدث عنه (2).
وقد روى الطوسي في أماليه بالإسناد عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال: (من تعلم لله عز وجل وعمل لله وعلم لله، دعي في ملكوت السماوات عظيما، وقيل تعلم لله، وعلم لله) (3).
وروى البرقي بإسناده عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: في ضمن رواية: " أشد الناس حسرة يوم القيامة الذين وصفوا العدل ثم خالفوه " (4).
وقد نقل عن بعض حضار مجلسه انه قال: لقد كان كلام الشيخ القمي يجعل الانسان بعيدا وممتنعا عن السيئات والأعمال والذنوب لمدة أسبوع على الأقل، ويكون متوجها إلى الله تعالى والى العبادة (5).
(1) وكشاهد على ذلك القصة التي تقدمت في ص 80.
(2) محدث قمي: ص 57.
(3) الأمالي للطوسي: ج 1، ص 170، المجلس 6، ح 32.
(4) المحاسن للبرقي: ص 120، (كتاب عقاب الأعمال)، باب 64، ح 1.
(5) مردان علم در ميدان عمل: ص 97.
(٨٦)* ونقل عن بعض علماء النجف: كانت طريقة الشيخ عباس عندما يرتقي المنبر ويبدأ حديثه ينقل في البداية الخبر ثم يذكر سند الحديث ورجال السند ثم يتحدث عن حياتهم وحالهم في الوثاقة وغيره، فإذا وصل به الحديث إلى المعصوم (عليه السلام) فإنه يتغير ويتخيل السامع انه يرى المعصوم (عليه السلام) رأي العين.
* ونقل عن أحد كبار علماء مشهد في وقته آغا بزرگ الحكيم انه كان يحب اثنين من العلماء أكثر من غيرهم أحدهما آية الله السيد حسين القمي والآخر الشيخ عباس القمي وكان يقول: من يريد أن يستنير بكلام أهل البيت (عليهم السلام) فليحضر منبر الشيخ عباس.
* ونقل عن أحد العلماء انه كان للمرحوم (بلور فروش) القمي مجلس عزاء سنوي في أيام الفاطمية الأولى في البيت الذي سكنه آية الله البروجردي 16 سنة، وكان لا يدعو للخطابة غير الشيخ عباس القمي، وكان المجلس يعد أحسن مجلس في قم المقدسة يحضره جميع الطبقات وبالخصوص العلماء، وكان الناس ينتظرون أيام الفاطمية ليحظوا بمجلس الشيخ القمي.
* وقد أدخل المؤسس آية الله الشيخ الحائري (رحمه الله) في إيران احياء مصائب سيدة نساء العالمين (عليها السلام) في الفاطمية الثانية وكان يحضر للمنبر الشيخ عباس القمي وكان المجلس يكتظ بالعلماء والفضلاء وطلبة العلوم الدينية وسائر الناس.
وكان المرحوم الهسته اي الأصفهاني يخطب أولا فإذا أتم مجلسه ارتقى المنبر الشيخ القمي بعده ولشدة تعلق الناس بالشيخ القمي فإنهم كانوا يبقون في المجلس يستمعون باصغاء كامل إلى حديث الشيخ القمي دون أن يتفرقوا.
* وكان يرتقي المنبر في النجف الأشرف في (مسجد الهندي) المعروف صباح كل يوم من العشرة الأولى لمحرم، وكان مجلسه يزدحم بالناس أكثر من جميع مجالس النجف مع أنه كان يتحدث لمدة لا تقل عن ساعتين.
وكان في يوم العاشر لا يقرأ إلا المقتل ولا يتحدث إلا عن مصيبة سيد الشهداء (عليه السلام) ومظلوميته. وكان يضج المجلس بالبكاء ويبكي العلماء
(٨٧)والفضلاء بكاءا شديدا.
* ووصف نجله الشيخ محدث زاده مجلسه ووعظه ما تعريبه ملخصا: وكان الناس في أوقات فراغه، وبالخصوص في أيام إقامة العزاء يستفيدون منه بمواعظه الطيبة، وخطبه النافعة. والحق فان لخطاباته آثارا خاصة وذات جذابية تكسب إليها كل القلوب) (1) فقد كان واعظا متعظا يرقى المنبر، ويلقي على سامعيه الأحاديث المنقولة عن الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) مع تحفظ على ضبطها ودقة في قراءة ألفاظها.
ويعظ الناس ودموعه منهمرة تسيل على لحيته الكريمة، وربما منعته من الاستمرار في حديثه، وخاصة عند ذكر مصائب المعصومين (عليهم السلام)، وما ورد عليهم من الآلام والفجائع على أيدي أعدائهم وغاصبي حقوقهم) (2).
تقواه وزهده وتواضعه:
قال زميله الطهراني: (كنا نسكن غرفة واحدة في بعض مدارس النجف، ونعيش سوية، ونتعاون على قضاء لوازمنا وحاجاتنا الضرورية حتى تهيئة الطعام، وبقينا على ذلك بعد وفاة شيخنا... وقد عرفته خلال ذلك جيدا، فرأيته مثال الانسان الكامل ومصداق رجل العلم الفاضل.
وكان يتحلى بصفات تحببه إلى عارفيه، فهو حسن الأخلاق جم التواضع، سليم الذات، شريف النفس، يضم إلى غزارة الفضل تقى شديدا، والى الورع زهدا بالغا، وقد أنست بصحبته مدة وامتزجت روحي بروحه زمنا..) (3).
وقال الشيخ حرز الدين (رحمه الله) في وصفه: (... عالم كامل ثقة عدل متتبع، بحاثة عصره، أمين، مهذب، زاهد، عابد، صاحب المؤلفات المفيدة..) (4).
وقال نجله الشيخ محدث زادة: (وكان بأخلاقه وزهده وتقواه وطهارته -
(1) مقدمة منتهى الآمال: ص 5.
(2) مقدمة نفس المهموم للحسيني: ص 6.
(3) نقباء البشر: ج 3، ص 999.
(4) معارف الرجال: ج 1، ص 401.
(٨٨)وبدون مبالغة - مرشدا وداعيا للمجتمع، بل يمكن أن يقال انه كان نموذجا للصالحين والعظماء في عصره..) (1).
* وقد تحدث الكثير عن زهده فقالوا: انه كان يلبس ملابسا بسيطة فكانت ملابسه عبارة عن قباء كرباس نظيف جدا ومطيب، ومر عليه الشتاء والصيف عدة مرات وهو لابس ذلك القباء الكرباسي، فلم يكن ابدا يفكر في الملابس والكماليات.
* وكان فراش بيته من البسط العادية التي تسمى ب (گليم).
* وكان لا يصرف على نفسه من (سهم الإمام (عليه السلام))، وكان يقول اني لا استحقه.
* وكان محتاطا في طعامه أيضا، فمع انه كان مبتلى بمرض الربو (ضيق التنفس)، ولم يكن ينسجم مع صحته أي طعام وانما لابد وأن لا يكون فيه ضرر على صحته، ومع ذلك كله فإنه كان لا يهتم إلى نوع الغذاء وكميته، وكان يأكل أي طعام قدم له، وبأي مقدار ممكن.
* وفي مرة من المرات عندما كان الشيخ في النجف الأشرف قدمت له امرأتان كانتا تسكنان في مدينة (بمبي) ومن أقرباء (آقا كوچك) من وجهاء النجف الأشرف، والتمستا منه أن يتقبل منهما في كل شهر (75) روپية ليدفعه مقدارا في معيشته. وكان مصرف عائلته شهريا لا يتجاوز (50) روپية.
ولكن الشيخ امتنع عن قبول هذا المبلغ، فأصر الميرزا محسن محدث زاده - ولده الصغير - أن يقبل ذلك المبلغ، ولكنه لم يستجب إلى أن يئست المرأتان وخرجتا، فحينما ذهبتا قال الولد للوالد: انني سوف لا اقترض من السوق شيئا لمصرف البيت فيما بعد.
فقال الحاج الشيخ عباس: اسكت. فاني لا أدري بماذا أجيب الله تعالى
(1) تتمة المنتهى: ص 5.
(٨٩)وصاحب الزمان (سلام الله عليه) يوم القيامة عن هذا المقدار الذي اصرفه فكيف تريدني أن أثقل حملي أكثر من هذا؟
* وكان أحد الأشخاص من تجار طهران يقدم له مبلغا متواضعا من المال إلى آخر عمره، وكان هو يقتصد جدا بمعيشته. وقد جاءه في أواخر عمره شخص من همدان إلى النجف الأشرف والتقى به في بيته، وفي أثناء الحديث سأله عن وضعه الداخلي، فأجابه الشيخ بكل ما هو موجود. فحينما أراد ذلك الشخص أن يخرج قدم له مبلغا من المال، ولكن المحدث القمي لم يتقبله، ومع شدة إصراره فإنه لم يقبله منه.
فعندما ذهب سأله ابنه الكبير: يا أبتي، لماذا لم تقبله؟
فأجاب: أن رقبتي رقيقة وبدني ضعيف، فلا طاقة لي يوم القيامة على الجواب، ثم نقل لهم قصة أمير المؤمنين (عليه السلام) في ليلة التاسع عشر من شهر رمضان، وبكى ثم أخذ بوعظ أهل بيته.
تواضعه:
فكان كثير التواضع للآخرين كبارا وصغارا في البيت أو في المدرسة، وكان يظهر الاحترام والأدب لكل من يلاقيه في الطريق سواء كان من العلماء أو من غيرهم خصوصا إذا كان من حملة الحديث وأخبار أهل البيت (عليهم السلام)، وكان يعد نفسه صغيرا أمامهم. وكان إذا دخل مجلسا لا يجلس في صدر المجلس أبدا، ولا يقدم نفسه على الآخرين. وكان يحذر جدا من الزهو والاعتداد بالنفس، أو يأخذه الغرور.
حلاوة معشره:
ولا يتوقع من القضايا السابقة التي نقلت عنه (رحمه الله) انه كان فظا مع الآخرين ضعيف العاطفة، بل بالعكس فان أولئك الذين صاحبوه ونقلوا عنه تلك القضايا الجميلة لم ينسوا ذكر فضيلته الأخرى بعلاقته مع الآخرين فقد وصفوه بأنه كان
(٩٠)حلو اللسان طيب الحديث، لم يمنعه أنسه بالكتاب من أن يظهر المحبة للآخرين، بل كان حتى في سفره منشرح الوجه مبتسم الثغر مع رفقائه مع قليل من المزاح واللطافة. بل كان يهتم في سفره برفقاء طريقه ويتلطف معهم أكثر من المعتاد.
فكان أصحابه يحبونه كثيرا لحسن خلقه وسلوكه وتعامله إضافة إلى تقواه وزهده وغير ذلك من الصفات الجميلة التي اجتمعت في شخصيته (1).
قالوا فيه:
* قال السيد الأمين: (عالم فاضل صالح محدث واعظ عابد زاهد) (2).
* وقال العلامة الطهراني: (وقد عرفته خلال ذلك جيدا فرأيته مثال الانسان الكامل، ومصداق رجل العلم الفاضل، وكان يتحلى بصفات تحببه إلى عارفيه فهو حسن الأخلاق، جم التواضع، سليم الذات، شريف النفس، يضم إلى غزارة الفضل تقى شديدا، والى الورع زهدا بالغا...
وكان دائم الاشتغال، شديد الولع في الكتابة والتدوين والبحث والتنقيب لا يصرفه عن ذلك شئ ولا يحول بينه وبين رغبته فيه واتجاهه إليه حائل...) (3).
* وقال خير الدين الزرگلي: (باحث إمامي، من العلماء بالتراجم والتاريخ، مولده ووفاته بالنجف عاش مدة طويلة في طهران...) (4).
* وقال المدرس: (من أفاضل علماء عصرنا الحاضر، عالم فاضل كامل، محدث، متتبع، ماهر، وهو مقصود المؤلف من (الفاضل المحدث المعاصر) في هذا الكتاب) (5).
* وقال الأميني: (وهو من نوابغ الحديث والتأليف في القرن الحاضر، وأياديه المشكورة على الأمة لا تخفى) (6).
(١) المصدر السابق.
(٢) أعيان الشيعة: ج ٧، ص ٤٢٥.
(٣) نقباء البشر: ج ٣، ص ٩٩٩.
(٤) الاعلام: ج ٣، ص ٢٦٥.
(٥) ريحانة الأدب: ج ٤، ص ٤٨٧ - ٤٨٨.
(٦) الغدير: ج ١، ص 157.
(٩١)
رد: الشيخ عباس القمي - الصفحة ٨١
فإنهم يريدون منها أن تكون قاضية وتستمر إلى آخر الدنيا بدون امل لنهضة العالم الاسلامي مرة أخرى، فإنهم يحسبونه المارد الذي حطم كبرياءهم في يوم سابق من أيام التاريخ.
وكانت بداية التجربة في تركيا واستطاعوا أن ينجحوا المؤامرة هناك لأسباب متعددة لسنا الآن بصدد بيانها.
والمحطة الثانية للمخطط كانت إيران، وأملوا من قزمهم المدعو ب (رضا پهلوي) أن يقوم نيابة عنهم بتنفيذ المخطط التآمري.
وكان شديدا جدا بالتنفيذ وعنيفا بما لا يتصور، خصوصا انه قد علم بأن العائق أمام نجاح أعماله يتمثل بقوتين أولاهما النظرية والأخرى التطبيق، فأما التطبيق فقوة العلماء الشيعة والحوزات العلمية، فعليه إذا أراد أن ينتصر بمعركته، فعليه أن يكسر عدة أبراج مهمة في واقع الأمة، أولها الموقع القيادي للعلماء وهيبتهم في نفوس الأمة وطاعة الناس لهم، وقد قسموا هذا الوجود إلى قسمين:
أولهما بما يتعلق بهيئة العلماء فإنه نفذ المؤامرة في خلال الاعتداء شخصيا على العلماء بمحاربة الحوزات العلمية ومنع لبس الزي العلمائي ومنع النشاط العلمائي كإقامة مجالس العزاء والوعظ والارشاد الديني، إضافة إلى عدم احترامهم والتجاسر على المجتهدين وقتل بعضهم ونفي البعض الآخر وما إلى ذلك من الأعمال الإجرامية.
وأما القسم الثاني فيتم بابعاد الناس عن الدين والتدين وقد نفذ المؤامرة بعدة أنشطة إجرامية أحدها منع الحجاب والسفور الإلزامي، والمدارس المختلطة، ونشر أماكن الدعارة والخمور والتشجيع على الفحشاء، ونشر موضة اللادينية بكل أبعادها، وهو المخطط الثاني المتعلق بالخطة النظرية للقضاء على الدين.
وأهم أسلوب انحرافي استخدمه الاستعمار من خلال عملائه المرتبطين بالشرق والغرب (1) اعتبار الدين لا ينسجم مع تطورات العصر ورقيه وانما كان
(1) إن الفرق بين العميل الشرقي والغربي الدوافع التي تكمن وراء ارتباط العميل فان الدوافع التي تحرك العميل الغربي بالغرب انما هي دوافع مادية أكثر منها فكرية ونقصد بالمادية الأعم من الارتباط العضوي المادي - بأخذ الهبات والرواتب وغيرها - فتشمل الانسياب وراء الشهوات الجنسية والاباحية والتخلص من القيود الدينية وما إلى ذلك.
بينما العميل الشرقي تبع أصحابه منخدعا بما يسمى بالفكر العلمي المادي المبتنى على أسس مفاهيم الشيوعية الماركسية.
(٩٣)له قوة الحركة والتحريك في العصور الماضية، ولذلك فإنه ضعف في نفوس معتنقيه ولم يقدر يقاوم لأجل البقاء كلما تطورت المجتمعات وظهرت الثورات الصناعية والزراعية وغيرهما.
وقد سعى أولئك جاهدين أن يدخلوا بعض المفاهيم التي انتشرت في أوربا تحت عنوان (الحريات) و (الثورة الفرنسية) وقوانين السياسة والقوانين المدنية والفكر الماركسي وما إلى ذلك.
وابتغوا من ذلك ملء الفراغ الذي سوف يولده انسحاب الفكر الديني من نفوس اتباعه المسلمين.
وفي البداية سعوا لابدال الدين بالدين، أي المسيحية بالاسلام، فلم يتمكنوا لأسباب موضوعية تعود إلى عمق الارتباط الديني والإسلامي أولا، والى نشوء تناقض بين ما يطرحون من فكر (تقدمي) وبين الدين (الذي يمثل العائق للتطور كما يزعمون).
وبذلك رجعوا إلى طرحهم السابق برفض الدين وابعاده عن الدولة والمجتمع والانسان.
وحملت تلك الهجمة عناوين (التحديث) والتقدم والتحرر والوطنية والمفاهيم الأخرى المستوردة.
1 - ومع أن تلك المفاهيم نشأت تحت ظروف خاصة عاشتها أوربا في عصورها الوسطى وما بعدها.
2 - وأن المفاهيم التي تتولد نتيجة ظروف وملابسات معينة لا يمكن نقلها إلىأماكن أخرى لم تظهر فيها مثل تلك الظروف.
3 - فإنهم أرادوا بالحيلة مرة وبقوة السلاح والنار مرة أخرى أن يرغموا الأمة الاسلامية على قبول هذا الاستيراد الغريب بكل معنى الكلمة.
وكانت المعركة بأشدها في البداية، وهو أمر طبيعي، ولذلك عانى أولئك الذين عاشوا بداية المعركة أشد المصائب والمحن، ولاقوا الامرين، وكان جهادهم يعادل جهاد جميع الذين جاؤوا من بعدهم. وكان من أولئك الشيخ القمي (رحمه الله).
أما كيف عالجوا مشكلة التحديث التي أطلقت على ذلك المخطط الجهنمي وبشكل مختصر مجتنبين التفصيل محيلينه إلى محل آخر. هناك عدة أساليب حاولت أن تقاوم المؤامرة وقد فشلت بعضها ولم تستطع المقاومة بينما حظيت أساليب أخرى بالنجاح.
ولا نقصد بذلك القواعد الشعبية والجمهور والتاريخ الذي صنعه المؤمنون الأبطال في مقاومة الكفر بثوبه الجديد.
وانما نقصد الفكر الذي قاوم (الموضة اللادينية) والفكر العلماني والاتهامات الاستعمارية للاسلام، والهالة الكاذبة التي أعطيت للفكر المستورد.
1 - فهناك من تأثر بالطروحات الجديدة، ولكنه حاول أن يغير شيئا بالشعارات واللافتات، فعزل الدين عن السياسة، وأعطى السياسة وحق العمل السياسي لأولئك الذين ابتعدوا عن الدين ورجاله.
2 - وهناك من ناقش في التراث الديني ودعى إلى تطويره بما يتلائم مع متطلبات العصر.
هكذا وبدون ادراك لما يرفعون من الشعار.
3 - والأخطر من أولئك جميعا دعاة التحديث الذين يحسبونهم على رجال الدين ومن هم على شاكلتهم والذين أطلقوا على أنفهسم عناوين مختلفة مثل المتنورين وغيرهم فإنهم ادعوا بأن الأبحاث العقائدية والفقهية والأخلاقية مسائل أكل الدهر عليها وشرب وانها انقضت ولابد من الاهتمام بالمسائل الاقتصادية
(٩٥)
والسياسية العصرية.
وقد وجد اتجاه معاكس وكأنما نشأ من ردود الفعل فإنه رفض التحديث بشكل كلي وأصر على القديم تحت شعار (عليك بالقديم لا بالمحدثات)، وقد رام هؤلاء أن يدافعوا عن أصولهم الدينية ولكنهم أخطأوا المرمى، بل بالعكس فإنهم وقفوا حجر عثرة في بعض الحالات امام المجاهدين.
كما أخطأ أولئك بفكرة التحديث فان الدين نزل من الحق تعالى وان حلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرام محمد حرام إلى يوم القيامة. وان الفكر الديني هو الوحيد الذي يملك القدرة على رقي الانسان وبناء الحضارات السليمة والانسان الصالح.
كما أن القوانين الدينية الثابتة غير قابلة للمساومة والتبديل، نعم ان الأساليب في التبليغ والارشاد وطريقة الطرح في بعض المسائل المرتبطة بالعرض أمور موكولة إلى أهل الدين عليهم أن يستفيدوا من الطرق التي تلائم كل مجتمع وكل انسان وتدخل تحت عنوان (ادعوا إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة).
وليس معنى فتح باب الاجتهاد على مصراعيه، يقولوا ما يشاؤوا وما تبدعه أذهانهم من آراء ونسبتها إلى الدين والاسلام.
فان هذا انحراف خطير، فان الانسان - وأي انسان - لا يمكنه أن ينسب شيئا إلى الدين إلا إذا كان أهلا لفهم الأصول الدينية ومصادر العقيدة والتشريع، يعني واصلا إلى قدرة الاستنباط للمسألة الشرعية سواء كانت كلية أو فرعية.
وان ذلك الانحراف هو الذي أوقع أصحابه في دعوى عدم وجود حاجة إلى الفقه والأبحاث الأخلاقية والأبحاث الدينية الأخرى. بل على العكس ان الانسان في العصر المادي والمعركة المادية أحوج ما يكون إلى المدد الروحي والى الروحانية الدينية ليقاوم بها الفكر المادي بكل اشكاله وحتى ذلك الفكر المادي الذي حسب نفسه على الدين، أعوذ بالله تعالى.
ومن هذه النتيجة نعرف سر نجاح الشيخ القمي بحركته الأخلاقية في عصر
(٩٦)عنفوان المعركة ضد الدين والروحانية. فإنه تمكن من عرض الدين بجانبه الروحاني بأسلوب لين محبب إلى الجمهور لأنه كان يحس بالمعركة ويعرفها ويواجهها بقوة ولكن بطريقته الخاصة وكان يعرف ان العدو عندما يريد أن يقضي على روحانية الدولة والمجتمع والانسان المسلم فلا بد من التأكيد على عودة الروحانية إلى الدولة والمجتمع والانسان المسلم.
والحق فان حركة الشيخ القمي لا يمكن لأحد أن يفصلها عن حركة آية الله السيد حسين القمي، كما انها لا يمكنها أن تفصل عن حركة آية الله الحائري كما أن جميع هذه الحركات متممة لحركة آية الله السيد حسن المدرس... وهكذا جميع أولئك الذين تصدوا للعدوان.
وجميع أوجه النشاط الديني الذي قام به سلفنا الصالح يعبر عن حقيقة واحدة هي المقاومة للعدوان المادي الذي أراد أن يقلع الدين من الدولة والمجتمع والانسان.
القدوة في حياة القمي:
لا أظنني احتاج إلى تفصيل القدوة في حياة شيخنا القمي وانما يمكن أن نرجع إلى كل تلك العناوين المتقدمة فإنها تصلح أن تكون محفزا للآخرين للاقتداء بالرجل الصالح في مختلف المواقف.
واني على يقين أن أي قارئ لتلك القضايا التي نقلت عن المحدث القمي سوف يجد فيها شاهدا روحانيا في طريق تكامله الانساني، وإن كان القلم - وللأسف الشديد - لم يستطع أن يحفظها بجمالها المعنوي في إطار الجمال اللفظي فاني أقر بأن القصور الأدبي في التعبير قد أخفى كثيرا من صور الجمال لتلك الوقائع ولكن عن غير قصد، فالقاصر معذور على كل حال.
وفاته ومدفنه:
لقد سبق وان بينا بأن الشيخ القمي (رحمه الله) كان قد ابتلى بمرض الربو (ضيق
(٩٧)لنفس) ويشتد عليه بصيف كل سنة، ولذلك فهو يسافر فيها إلى الأماكن التي تخف فيها الحرارة كمشهد المقدسة، ولكنه وبسبب الأوضاع الصعبة فإنه لم يعزم على السفر إلى مشهد المقدسة، وكان قد اعتاد بعد رحلته الأخيرة إلى النجف الأشرف أن يقضي الصيف في سورية ولبنان، ولكنه بسبب الخلاف السياسي بين العراق وسورية آنذاك لم يستطع من السفر إلى سورية وبقي في النجف الأشرف يصارع مرضه الذي لم يكتف بثقله الجاثم على الشيخ المريض وانما استعان عليه بمرض آخر فابتلي الشيخ بمرض الاستسقاء ولمدة ثلاثة أشهر. وقد أخذ منه كثيرا من قوته البدنية بحيث لم يستطع الصلاة من قيام وانما كان يؤديها من جلوس حتى توفي في النجف الأشرف بعد النصف من ليلة الثلاثاء، الثالث والعشرين من شهر ذي الحجة الحرام من سنة 1359 ه، وقد عم البلاد الحزن والألم والتفجع على هذه الخسارة الكبرى بموت هذا العالم الجليل، ففي الخبر " إذا مات العالم ثلم في الاسلام ثلمة... ".
وحمل على الأكتاف إلى الصحن العلوي الشريف وقد صلى عليه المرحوم آية الله العظمى السيد أبو الحسن الأصفهاني ودفن عند رجلي الشيخ النوري في الإيوان الثالث على يمين الداخل من الباب القبلي إلى الصحن الغروي (1) وكان ذلك بوصية منه على ما قيل.
(1) مصفى المقال / آغا بزرگ الطهراني: ص 215. وفيات العلماء: ص 232. نقباء البشر: ج 3، ص 1000. تاريخ قم لناصر الشريعة: ص 274. معارف الرجال لحرز الدين: ج 1، ص 402. ريحانة الأدب للمدرسي: ج 4، ص 488. وغيرها من المصادر.
(٩٨)مقدمة المؤلف:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.
وبعد، فيقول العبد عديم البضاعة والمتمسك بأحاديث أهل بيت الرسالة (عليهم السلام) عباس بن محمد رضا القمي ختم الله له بالحسنى والسعادة:
إن العقل والنقل يحكمان على الشخص الذي يعزم على السفر أن يهيئ الزاد والمؤونة لسفره بمقدار ما يلزمه في ذلك السفر. ثم يسافر، وعليه فمن الأجدر ونحن في سفر الآخرة الذي لا مناص لنا عنه ولا يوجد طريق للتخلص منه - أن نقدم أمامنا الزاد والمؤونة بما يناسبه، كما روي عن أبي ذر الغفاري (رضي الله عنه) عندما قدم مكة المعظمة فإنه وقف عند باب الكعبة ونادى على الناس الذين جاؤوا للحج من أطراف الدنيا وقد اجتمعوا في المسجد الحرام، فقال: (أيها الناس أنا جندب ابن السكن الغفاري. اني لكم ناصح شفيق فهلموا).
فاكتنفه الناس، فقال:
ان أحدكم لو أراد سفرا لاتخذ من الزاد ما يصلحه. (ولابد منه) (1) فطريق يوم القيامة أحق ما تزودتم له.
فقام رجل، فقال: فأرشدنا يا أبا ذر.
(1) أثبتت هذه الزيادة في البحار وسقطت من المصدر المطبوع.
وكانت بداية التجربة في تركيا واستطاعوا أن ينجحوا المؤامرة هناك لأسباب متعددة لسنا الآن بصدد بيانها.
والمحطة الثانية للمخطط كانت إيران، وأملوا من قزمهم المدعو ب (رضا پهلوي) أن يقوم نيابة عنهم بتنفيذ المخطط التآمري.
وكان شديدا جدا بالتنفيذ وعنيفا بما لا يتصور، خصوصا انه قد علم بأن العائق أمام نجاح أعماله يتمثل بقوتين أولاهما النظرية والأخرى التطبيق، فأما التطبيق فقوة العلماء الشيعة والحوزات العلمية، فعليه إذا أراد أن ينتصر بمعركته، فعليه أن يكسر عدة أبراج مهمة في واقع الأمة، أولها الموقع القيادي للعلماء وهيبتهم في نفوس الأمة وطاعة الناس لهم، وقد قسموا هذا الوجود إلى قسمين:
أولهما بما يتعلق بهيئة العلماء فإنه نفذ المؤامرة في خلال الاعتداء شخصيا على العلماء بمحاربة الحوزات العلمية ومنع لبس الزي العلمائي ومنع النشاط العلمائي كإقامة مجالس العزاء والوعظ والارشاد الديني، إضافة إلى عدم احترامهم والتجاسر على المجتهدين وقتل بعضهم ونفي البعض الآخر وما إلى ذلك من الأعمال الإجرامية.
وأما القسم الثاني فيتم بابعاد الناس عن الدين والتدين وقد نفذ المؤامرة بعدة أنشطة إجرامية أحدها منع الحجاب والسفور الإلزامي، والمدارس المختلطة، ونشر أماكن الدعارة والخمور والتشجيع على الفحشاء، ونشر موضة اللادينية بكل أبعادها، وهو المخطط الثاني المتعلق بالخطة النظرية للقضاء على الدين.
وأهم أسلوب انحرافي استخدمه الاستعمار من خلال عملائه المرتبطين بالشرق والغرب (1) اعتبار الدين لا ينسجم مع تطورات العصر ورقيه وانما كان
(1) إن الفرق بين العميل الشرقي والغربي الدوافع التي تكمن وراء ارتباط العميل فان الدوافع التي تحرك العميل الغربي بالغرب انما هي دوافع مادية أكثر منها فكرية ونقصد بالمادية الأعم من الارتباط العضوي المادي - بأخذ الهبات والرواتب وغيرها - فتشمل الانسياب وراء الشهوات الجنسية والاباحية والتخلص من القيود الدينية وما إلى ذلك.
بينما العميل الشرقي تبع أصحابه منخدعا بما يسمى بالفكر العلمي المادي المبتنى على أسس مفاهيم الشيوعية الماركسية.
(٩٣)له قوة الحركة والتحريك في العصور الماضية، ولذلك فإنه ضعف في نفوس معتنقيه ولم يقدر يقاوم لأجل البقاء كلما تطورت المجتمعات وظهرت الثورات الصناعية والزراعية وغيرهما.
وقد سعى أولئك جاهدين أن يدخلوا بعض المفاهيم التي انتشرت في أوربا تحت عنوان (الحريات) و (الثورة الفرنسية) وقوانين السياسة والقوانين المدنية والفكر الماركسي وما إلى ذلك.
وابتغوا من ذلك ملء الفراغ الذي سوف يولده انسحاب الفكر الديني من نفوس اتباعه المسلمين.
وفي البداية سعوا لابدال الدين بالدين، أي المسيحية بالاسلام، فلم يتمكنوا لأسباب موضوعية تعود إلى عمق الارتباط الديني والإسلامي أولا، والى نشوء تناقض بين ما يطرحون من فكر (تقدمي) وبين الدين (الذي يمثل العائق للتطور كما يزعمون).
وبذلك رجعوا إلى طرحهم السابق برفض الدين وابعاده عن الدولة والمجتمع والانسان.
وحملت تلك الهجمة عناوين (التحديث) والتقدم والتحرر والوطنية والمفاهيم الأخرى المستوردة.
1 - ومع أن تلك المفاهيم نشأت تحت ظروف خاصة عاشتها أوربا في عصورها الوسطى وما بعدها.
2 - وأن المفاهيم التي تتولد نتيجة ظروف وملابسات معينة لا يمكن نقلها إلىأماكن أخرى لم تظهر فيها مثل تلك الظروف.
3 - فإنهم أرادوا بالحيلة مرة وبقوة السلاح والنار مرة أخرى أن يرغموا الأمة الاسلامية على قبول هذا الاستيراد الغريب بكل معنى الكلمة.
وكانت المعركة بأشدها في البداية، وهو أمر طبيعي، ولذلك عانى أولئك الذين عاشوا بداية المعركة أشد المصائب والمحن، ولاقوا الامرين، وكان جهادهم يعادل جهاد جميع الذين جاؤوا من بعدهم. وكان من أولئك الشيخ القمي (رحمه الله).
أما كيف عالجوا مشكلة التحديث التي أطلقت على ذلك المخطط الجهنمي وبشكل مختصر مجتنبين التفصيل محيلينه إلى محل آخر. هناك عدة أساليب حاولت أن تقاوم المؤامرة وقد فشلت بعضها ولم تستطع المقاومة بينما حظيت أساليب أخرى بالنجاح.
ولا نقصد بذلك القواعد الشعبية والجمهور والتاريخ الذي صنعه المؤمنون الأبطال في مقاومة الكفر بثوبه الجديد.
وانما نقصد الفكر الذي قاوم (الموضة اللادينية) والفكر العلماني والاتهامات الاستعمارية للاسلام، والهالة الكاذبة التي أعطيت للفكر المستورد.
1 - فهناك من تأثر بالطروحات الجديدة، ولكنه حاول أن يغير شيئا بالشعارات واللافتات، فعزل الدين عن السياسة، وأعطى السياسة وحق العمل السياسي لأولئك الذين ابتعدوا عن الدين ورجاله.
2 - وهناك من ناقش في التراث الديني ودعى إلى تطويره بما يتلائم مع متطلبات العصر.
هكذا وبدون ادراك لما يرفعون من الشعار.
3 - والأخطر من أولئك جميعا دعاة التحديث الذين يحسبونهم على رجال الدين ومن هم على شاكلتهم والذين أطلقوا على أنفهسم عناوين مختلفة مثل المتنورين وغيرهم فإنهم ادعوا بأن الأبحاث العقائدية والفقهية والأخلاقية مسائل أكل الدهر عليها وشرب وانها انقضت ولابد من الاهتمام بالمسائل الاقتصادية
(٩٥)
والسياسية العصرية.
وقد وجد اتجاه معاكس وكأنما نشأ من ردود الفعل فإنه رفض التحديث بشكل كلي وأصر على القديم تحت شعار (عليك بالقديم لا بالمحدثات)، وقد رام هؤلاء أن يدافعوا عن أصولهم الدينية ولكنهم أخطأوا المرمى، بل بالعكس فإنهم وقفوا حجر عثرة في بعض الحالات امام المجاهدين.
كما أخطأ أولئك بفكرة التحديث فان الدين نزل من الحق تعالى وان حلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرام محمد حرام إلى يوم القيامة. وان الفكر الديني هو الوحيد الذي يملك القدرة على رقي الانسان وبناء الحضارات السليمة والانسان الصالح.
كما أن القوانين الدينية الثابتة غير قابلة للمساومة والتبديل، نعم ان الأساليب في التبليغ والارشاد وطريقة الطرح في بعض المسائل المرتبطة بالعرض أمور موكولة إلى أهل الدين عليهم أن يستفيدوا من الطرق التي تلائم كل مجتمع وكل انسان وتدخل تحت عنوان (ادعوا إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة).
وليس معنى فتح باب الاجتهاد على مصراعيه، يقولوا ما يشاؤوا وما تبدعه أذهانهم من آراء ونسبتها إلى الدين والاسلام.
فان هذا انحراف خطير، فان الانسان - وأي انسان - لا يمكنه أن ينسب شيئا إلى الدين إلا إذا كان أهلا لفهم الأصول الدينية ومصادر العقيدة والتشريع، يعني واصلا إلى قدرة الاستنباط للمسألة الشرعية سواء كانت كلية أو فرعية.
وان ذلك الانحراف هو الذي أوقع أصحابه في دعوى عدم وجود حاجة إلى الفقه والأبحاث الأخلاقية والأبحاث الدينية الأخرى. بل على العكس ان الانسان في العصر المادي والمعركة المادية أحوج ما يكون إلى المدد الروحي والى الروحانية الدينية ليقاوم بها الفكر المادي بكل اشكاله وحتى ذلك الفكر المادي الذي حسب نفسه على الدين، أعوذ بالله تعالى.
ومن هذه النتيجة نعرف سر نجاح الشيخ القمي بحركته الأخلاقية في عصر
(٩٦)عنفوان المعركة ضد الدين والروحانية. فإنه تمكن من عرض الدين بجانبه الروحاني بأسلوب لين محبب إلى الجمهور لأنه كان يحس بالمعركة ويعرفها ويواجهها بقوة ولكن بطريقته الخاصة وكان يعرف ان العدو عندما يريد أن يقضي على روحانية الدولة والمجتمع والانسان المسلم فلا بد من التأكيد على عودة الروحانية إلى الدولة والمجتمع والانسان المسلم.
والحق فان حركة الشيخ القمي لا يمكن لأحد أن يفصلها عن حركة آية الله السيد حسين القمي، كما انها لا يمكنها أن تفصل عن حركة آية الله الحائري كما أن جميع هذه الحركات متممة لحركة آية الله السيد حسن المدرس... وهكذا جميع أولئك الذين تصدوا للعدوان.
وجميع أوجه النشاط الديني الذي قام به سلفنا الصالح يعبر عن حقيقة واحدة هي المقاومة للعدوان المادي الذي أراد أن يقلع الدين من الدولة والمجتمع والانسان.
القدوة في حياة القمي:
لا أظنني احتاج إلى تفصيل القدوة في حياة شيخنا القمي وانما يمكن أن نرجع إلى كل تلك العناوين المتقدمة فإنها تصلح أن تكون محفزا للآخرين للاقتداء بالرجل الصالح في مختلف المواقف.
واني على يقين أن أي قارئ لتلك القضايا التي نقلت عن المحدث القمي سوف يجد فيها شاهدا روحانيا في طريق تكامله الانساني، وإن كان القلم - وللأسف الشديد - لم يستطع أن يحفظها بجمالها المعنوي في إطار الجمال اللفظي فاني أقر بأن القصور الأدبي في التعبير قد أخفى كثيرا من صور الجمال لتلك الوقائع ولكن عن غير قصد، فالقاصر معذور على كل حال.
وفاته ومدفنه:
لقد سبق وان بينا بأن الشيخ القمي (رحمه الله) كان قد ابتلى بمرض الربو (ضيق
(٩٧)لنفس) ويشتد عليه بصيف كل سنة، ولذلك فهو يسافر فيها إلى الأماكن التي تخف فيها الحرارة كمشهد المقدسة، ولكنه وبسبب الأوضاع الصعبة فإنه لم يعزم على السفر إلى مشهد المقدسة، وكان قد اعتاد بعد رحلته الأخيرة إلى النجف الأشرف أن يقضي الصيف في سورية ولبنان، ولكنه بسبب الخلاف السياسي بين العراق وسورية آنذاك لم يستطع من السفر إلى سورية وبقي في النجف الأشرف يصارع مرضه الذي لم يكتف بثقله الجاثم على الشيخ المريض وانما استعان عليه بمرض آخر فابتلي الشيخ بمرض الاستسقاء ولمدة ثلاثة أشهر. وقد أخذ منه كثيرا من قوته البدنية بحيث لم يستطع الصلاة من قيام وانما كان يؤديها من جلوس حتى توفي في النجف الأشرف بعد النصف من ليلة الثلاثاء، الثالث والعشرين من شهر ذي الحجة الحرام من سنة 1359 ه، وقد عم البلاد الحزن والألم والتفجع على هذه الخسارة الكبرى بموت هذا العالم الجليل، ففي الخبر " إذا مات العالم ثلم في الاسلام ثلمة... ".
وحمل على الأكتاف إلى الصحن العلوي الشريف وقد صلى عليه المرحوم آية الله العظمى السيد أبو الحسن الأصفهاني ودفن عند رجلي الشيخ النوري في الإيوان الثالث على يمين الداخل من الباب القبلي إلى الصحن الغروي (1) وكان ذلك بوصية منه على ما قيل.
(1) مصفى المقال / آغا بزرگ الطهراني: ص 215. وفيات العلماء: ص 232. نقباء البشر: ج 3، ص 1000. تاريخ قم لناصر الشريعة: ص 274. معارف الرجال لحرز الدين: ج 1، ص 402. ريحانة الأدب للمدرسي: ج 4، ص 488. وغيرها من المصادر.
(٩٨)مقدمة المؤلف:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.
وبعد، فيقول العبد عديم البضاعة والمتمسك بأحاديث أهل بيت الرسالة (عليهم السلام) عباس بن محمد رضا القمي ختم الله له بالحسنى والسعادة:
إن العقل والنقل يحكمان على الشخص الذي يعزم على السفر أن يهيئ الزاد والمؤونة لسفره بمقدار ما يلزمه في ذلك السفر. ثم يسافر، وعليه فمن الأجدر ونحن في سفر الآخرة الذي لا مناص لنا عنه ولا يوجد طريق للتخلص منه - أن نقدم أمامنا الزاد والمؤونة بما يناسبه، كما روي عن أبي ذر الغفاري (رضي الله عنه) عندما قدم مكة المعظمة فإنه وقف عند باب الكعبة ونادى على الناس الذين جاؤوا للحج من أطراف الدنيا وقد اجتمعوا في المسجد الحرام، فقال: (أيها الناس أنا جندب ابن السكن الغفاري. اني لكم ناصح شفيق فهلموا).
فاكتنفه الناس، فقال:
ان أحدكم لو أراد سفرا لاتخذ من الزاد ما يصلحه. (ولابد منه) (1) فطريق يوم القيامة أحق ما تزودتم له.
فقام رجل، فقال: فأرشدنا يا أبا ذر.
(1) أثبتت هذه الزيادة في البحار وسقطت من المصدر المطبوع.
رد: الشيخ عباس القمي - الصفحة ٨١
فقال: حج حجة لعظائم الأمور، وصم يوما لزجرة النشور وصل ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور... الخبر (1).
وقد وعظ الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) جنادة بن أمية حين وفاته، وأول شئ قاله له:
(استعد لسفرك، وحصل زادك قبل حلول أجلك) (2).
وبما أن سفر الآخرة سفر بعيد، وفيه أهوال ومواقف صعبة وعقبات شديدة ومنازل عسرة فلذلك فهو محتاج إلى زاد كثير، ولابد أن لا يغفل عنه، وأن يفكر فيه ليلا ونهارا. كما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) انه كان ينادي في كل ليلة عندما يهجع الناس بصوته الرخيم بحيث يسمعه جميع أهل المسجد وجيران المسجد، فيقول:
" تجهزوا رحمكم الله فقد نودي فيكم بالرحيل " (3).
يعني: استعدوا وهيئوا ما تحتاجونه في سفركم رحمكم الله فان منادي الموت نادى فيكم على أبوابكم بالرحيل.
" وأقلوا العرجة على الدنيا، وانقلبوا بصالح ما بحضرتكم من الزاد فان أمامكم
(١) رواه أبو حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي في: دعائم الاسلام / ج ١، ص ٢٧٠، تحقيق آصف فيضي / دار المعارف / مصر / ١٩٦٣ م / ونقله عنه العلامة المجلسي في البحار:
ج ٩٦، ص ٢٥٨، وبقية الحديث الشريف. (وكلمة حق تقولها، أو كلمة سوء تسكت عنها وصدقة منك على مسكين، فعلك تنجو من يوم عسير. اجعل الدنيا كلمة في طلب الحلال، وكلمة في طلب الآخرة، وانظر كلمة تضر ولا تنفع فدعها. واجعل المال درهمين: درهما قدمته لآخرتك ودرهما أنفقته على عيالك كل يوم صدقة).
(٢) رواه أبو القاسم علي بن محمد بن علي الخزاز القمي الرازي في: كفاية الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر ص ٢٢٧، باب (ما جاء عن الحسن (عليه السلام) ما يوافق هذه الأخبار ونصه على أخيه الحسين (عليهما السلام)) ح ٥، بإسناد عن محمد بن وهبان البصري، تحقيق الكوه كمرئي الخوئي / ط قم ١٤٠١ ه. ق. ونقله عنه المجلسي في البحار: ج ٤٤، ص ١٣٩.
(٣) نهج البلاغة: ج ٢، ص 183، تحقيق محمد عبدة. شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد / ج 11، ص 5.
(١٠٢)عقبة كؤودا، ومنازل مخوفة مهولة لابد من الورود عليها والوقوف عندها " (1).
ونحن نشير إلى بعض تلك العقبات الصعبة والمنازل المهولة. ونذكر بعض الأمور النافعة في درء صعوبات وأهوال ذلك المحل بكمال الاختصار. وضمن عدة فصول. وإن وفقني الحق تعالى وأمهلني الأجل فسوف أصنف كتابا مفصلا في هذا الباب إن شاء الله تعالى، ولو انني لم أر في هذا الزمان من يطلب هذه المطالب بشكل جدي وحقيقي.
وبسبب هذه الملاحظة أيضا فقد كتبت هذا المختصر بدون اندفاع مع قلة رغبة، وأسأل الحق تعالى التأييد والتوفيق انه قريب مجيب.
* * *
(١) نهج البلاغة: ج ٢، ص 183، تحقيق محمد عبدة. شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد / ج 11، ص 5.
(١٠٣)
ولهذا المنزل عقبات كؤود ومواقف صعبة، ونحن نشير إلى عقبتين منها:
العقبة الأولى سكرات الموت وشدة نزع الروح * (وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد) * (1).
وهذه العقبة صعبة جدا وان شدائدها وصعوباتها تحيط بالمحتضر من جميع الجهات..
فمن جهة تواجهه شدة المرض، وشدة الوجع، واعتقال اللسان، وذهاب القوة من الجسم..
ومن جهة أخرى يواجه بكاء الأهل والعيال، ووداعهم له، وغم يتم وغربة أطفاله..
ومن جهة أخرى يواجه غم مفارقته لماله ومنزله وأملاكه ومدخراته وأشيائه النفسية التي صرف عمره العزيز من أجل تحصيل المزيد منها، بل إن أكثر ما عنده عائد للآخرين وقد تملكه منهم بالظلم والغصب.. وكم تعلقت من الحقوق الشرعية بأمواله ولم يؤدها.. وهو الآن في تلك الحالة ينتبه إلى ما أتلفته وخربته أعماله
(1) سورة ق: الآية 19.
(١٠٧)بعدما انقضى الأمر وانسد طريق اصلاحه. فكان كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
" يتذكر أموالا جمعها اغمض في مطالبها وأخذها من مصرحاتها، ومشتبهاتها قد لزمته تبعات جمعها وأشرف على فراقها تبقى لمن وراءه ينعمون بها فيكون المهنأ لغيره والعب ء على ظهره " (1)..
ومن جهة أخرى فهو يواجه هول قدومه على نشأة أخرى هي غير هذه النشأة.
ثم إن عينيه تريان أشياءا لم ترها قبل ذلك:
* (فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد) * (2).
فيرى رسول الله وأهل بيته الأطهار صلوات الله عليهم وملائكة الرحمة وملائكة العذاب حاضرين عنده ليحكموا فيه وانه يترقب اي حكم يحكمون به، وأي شئ سوف يوصون به؟
ومن جهة أخرى قد اجتمع إبليس وأعوانه ليوقعوه في الشك، وهم يحاولون جاهدين أن يسلبوا إيمانه ليخرج من الدنيا بلا إيمان.
ومن جهة أخرى يعاني من هول حضور ملك الموت، وبأي صورة وهيئة سوف يجيئه به، وبأي نحو سوف يقبض روحه. إلى غير ذلك..
قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
" فاجتمعت عليه سكرات الموت، فغير موصوف ما نزل به " (3).
وروى الشيخ الكليني عن الإمام الصادق (عليه السلام):
" أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه اشتكى عينيه، فعاده رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإذا
(١) نهج البلاغة: فيض الاسلام، ص ٣٣١، وراجع نهج البلاغة: ج ١، ص ٢١٢ محمد عبدة، ونقله عنه في البحار: ج ٦، ص ١٦٤، كتاب العدل والمعاد / باب سكرات الموت وشدائده:
ح ٣٣. شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد: ج ٧، ص ٢٠١.
(٢) سورة ق: الآية ٢٢.
(٣) راجع بحار الأنوار: ج ٧٣، ص ١٠٩. كتاب الإيمان والكفر: مساوئ الأخلاق: باب حب الدنيا وذمها: ح ١٠٩ نقله عن كتابه (عيون الحكم والمواعظ) لعلي بن محمد الواسطي.
(١٠٨)هو يصيح فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أجزعا أم وجعا؟ فقال (عليه السلام): يا رسول الله ما وجعت وجعا قط أشد منه. فقال (صلى الله عليه وآله): يا علي ان ملك الموت إذا نزل لقبض روح الكافر نزل معه سفود من نار فينزع روحه به فتصيح جهنم. فاستوى علي (عليه السلام) جالسا فقال: يا رسول الله أعد على حديثك فقد أنساني وجعي ما قلت.
ثم قال: هل يصيب ذلك أحدا من أمتك؟
قال: نعم حاكم جائر، وآكل مال اليتيم ظلما، وشاهد زور " (1).
وأما الأشياء التي تهون سكرات الموت صلة الرحم:
ما رواه الشيخ الصدوق عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال:
" من أحب أن يخفف الله عز وجل عنه سكرات الموت فليكن لقرابته وصولا، وبوالديه بارا، فإذا كان كذلك هون الله عليه سكرات الموت ولم يصبه في حياته فقر أبدا " (2).
بر الوالدين:
وروي:
" ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) حضر شابا عند وفاته فقال له: قل لا إله إلا الله.
قال: فاعتقل لسانه مرارا.
فقال لامرأة عند رأسه: هل لهذا أم؟
(١) الكافي: ج ٣، ص ٢٥٣ - ٢٥٤، والإسناد موثق. ونقله عنه المجلسي في البحار: ج ٦، ص ١٧٠، ح ٤٦، وفي البحار: ج ٦١، ص ٤٩، ح ٢٧.
(٢) الأمالي للصدوق: ص ٣١٨، المجلس ٦١، ح ١٤. ونقله عنه في البحار: ج ٧٤، ص ٦٦، ح ٣٣، ونقله الفتال النيشابوري في روضة الواعظين، ص ٣٦٧ (مجلس في ذكر وجوب بر الوالدين)، ورواه الطبري في مشكاة الأنوار: ص 162، الفصل 14 (في حقوق الوالدين وبرهما) وعنه في البحار: ج 82، ص 65، ح 9.
(١٠٩)قالت: نعم أنا أمه.
قال (صلى الله عليه وآله): أفساخطة أنت عليه؟
قالت: نعم ما كلمته منذ ستة حجج.
قال (صلى الله عليه وآله) لها: أرضي عنه.
قالت: رضي الله عنه يا رسول الله برضاك عنه.
فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): قل لا إله إلا الله.
قال: فقالها. فقال له النبي (صلى الله عليه وآله) ما ترى؟
قال: أرى رجلا أسود الوجه قبيح المنظر وسخ الثياب منتن الريح قد وليني الساعة، وأخذ بكظمي.
فقال له النبي (صلى الله عليه وآله) قل: يا من يقبل اليسير ويعفو عن الكثير اقبل منى اليسير واعف عني الكثير انك أنت الغفور الرحيم.
فقالها الشاب. فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): انظر ماذا ترى؟
قال: أرى رجلا أبيض اللون حسن الوجه طيب الريح حسن الثياب قد وليني، وأرى الأسود قد تولى عني.
فقال له: أعد، فأعاد. فقال له: ما ترى؟
قال: لست أرى الأسود، وأرى الأبيض قد وليني.
ثم طفي على تلك الحال (1).
(١) رواه الطوسي في الأمالي: ج ١، ص ٦٢ - ٦٣، ح ٤ وروى الصدوق قريبا منه في:
من لا يحضره الفقيه: ج ١، ص ١٣٢، ح ٣٤٧، ونقله عنه الحر العاملي في وسائل الشيعة:
ج ٢، كتاب الطهارة: أبواب الاحتضار: باب ٣٩، ح ٣، ونقله النوري في المستدرك: ج ٢، باب 29، ص 129، ح 1617، الطبعة الحديثة، وفي ج 1، ص 92، باب 29، ح 1، الطبعة الحجرية.
ونقله في المستدرك: ج 15، باب 75، ص 189، ح 17967، الطبعة الحديثة، ونقله في ج 15، باب 75، ص 196 - ح 17933 عن القطب الراوندي في لب اللباب، وسمى الشاب (الحارث) ونقله في البحار: ج 74، ص 75، ح 68، وفي البحار: 81، ص 232، 7، وفي البحار: ج 95، ص 342، ح 1.
(١١٠)يقول المؤلف:
تأمل في هذا الحديث جيدا، وانظر كم هو أثر العقوق فمع ان هذا الشاب كان من الصحابة وان نبي الرحمة (صلى الله عليه وآله) قد عاده زائرا وجلس عند وسادته، ولقنه بنفسه الشريفة كلمة الشهادة، ومع كل ذلك فلم يتمكن على النطق بتلك الكلمة إلا بعدما رضيت عنه أمه، وحينئذ انطلق لسانه فقال كلمة الشهادة.
كسي المؤمن:
وروي أيضا عن الإمام الصادق (عليه السلام):
" من كسا أخاه كسوة شتاء أو صيف كان حقا على الله أن يكسوه من ثياب الجنة، وأن يهون عليه سكرات الموت وأن يوسع عليه في قبره " (1).
اطعام المؤمن الحلوى:
وروي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله):
" من أطعم أخاه حلاوة أذهب الله عنه مرارة الموت " (2).
* ومن الأمور الأخرى التي تنفع في تعجيل راحة المحتضر قراءة سورة يس
(١) رواه الكليني في الكافي: ج ٢، ص ٢٠٤، كتاب الإيمان والكفر: باب من كسا مؤمنا: ح ١، ورواه عن المجلسي في البحار: ج ٧٤، ص ٣٨٠، وتكملة الحديث:
" وأن يلقى الملائكة إذا خرج من قبره بالبشرى وهو قول الله عز وجل في كتابه: * (وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون) * ".
(٢) رواه القطب الراوندي في الدعوات: ص 141، فصل (في ذكر أشياء من المأكولات والمشروبات وكيفية تناولها)، ح 359، ونقله عنه المجلسي في البحار، ج 66، ص 288، وفي ج 75، ص 456، ح 33، ونقله في المستدرك: ج 16، ص 355، ح 20152، الطبعة الحديثة.والصافات (1) وكلمات الفرج عنده (2).
* وروى الشيخ الصدوق عن الإمام الصادق (عليه السلام):
" من صام يوما من آخر هذا الشهر (3) كان ذلك أمانا من شدة سكرات الموت،
(١) روى الكليني في الكافي الشريف: كتاب الجنائز: باب إذا عسر على الميت الموت واشتد عليه النزع: ح ٥، ج ٣، ص ١٢٦ بالإسناد عن سليمان الجعفري قال: رأيت أبا الحسن يقول لابنه القاسم: قم يا بني فاقرأ عند رأس أخيك (والصافات صفا) حتى تستتمها، فقرأ فلما بلغ * (أهم أشد خلقا أمن خلقنا) * قضى الفتى، فلما سجي وخرجوا أقبل عليه يعقوب بن جعفر، فقال له: كنا نعهد الميت إذا نزل به يقرأ عنده (يس والقرآن الحكيم) وصرت تأمرنا بالصافات، فقال: يا بني لم يقرأ عبد مكروب من موت قط إلا عجل الله راحته).
وفي الوسائل: كتاب الطهارة: أبواب الاحتضار، باب 41، ح 1، عن الكافي بدل (لم يقرأ عبد... الخ) (لم تقرأ عند مكروب " ومن موت " قط الا عجل الله راحته).
(2) وردت في روايات كثيرة: منها ما رواه الكليني في الكافي الشريف بروايات عدة منها:
بإسناد صحيح عن زرارة (رحمه الله) عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
إذا أدركت الرجل عند النزع فلقنه كلمات الفرج (لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن وما تحتهن ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين).
الكافي: كتاب الجنائز: باب تلقين الميت: ح 3، ج 3، ص 122.
وروى في ح 7، ج 3، ص 124 بالإسناد إلى عبد الله بن ميمون القداح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا حضر أحدا من أهل بيته الموت قال له: قل: لا إله إلا الله العلي العظيم سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما بينهما ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين (فإذا قالها المريض قال: اذهب فليس عليك بأس).
وروى في ح 9، ج 3، ص 124، بإسناد صحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام):
ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) دخل على رجل من بني هاشم وهو يقضي. فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله):
قل: (لا إله الا الله العلي العظيم، لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما بينهن ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين) فقالها: فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) (الحمد لله الذي استنقذه من النار).
أقول: الظاهر أن الكلمات وحدة. أتم الروايات الصحيحة الأولى والله تعالى أعلم.
(3) يعني شهر رجب الأصب.وأمانا له من هول المطلع وعذاب القبر " (1).
* واعلم أن لصيام أربعة وعشرين يوما من رجب ثواب عظيم فمن جملته:
" ومن صام من رجب أربعة وعشرين يوما فإذا نزل به ملك الموت تراءى له في صورة شاب عليه حلة من ديباج أخضر على فرس من أفراس الجنان وبيده حرير أخضر ممسك بالمسك الأذفر وبيده قدح من ذهب مملوء من شراب الجنان، فسقاه عند خروج نفسه، يهون به عليه سكرات الموت ثم يأخذ روحه في تلك الحرير فتفوح منها رائحة يستنشقها أهل سبع سماوات فيظل في قبره ريان حتى يرد حوض النبي (صلى الله عليه وآله) " (2).
* وقد روي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله):
" من صلى الليلة السابعة من رجب أربع ركعات بالحمد مرة وقل هو الله أحد ثلاث مرات، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، ويصلي على النبي (صلى الله عليه وآله) عند الفراغ عشر مرات، ويقول الباقيات الصالحات (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) عشر مرات، أظله الله تحت ظل عرشه ويعطيه ثواب من صام شهر رمضان واستغفرت له الملائكة حتى يفرغ من هذه الصلاة ويسهل عليه النزع وضغطة القبر ولا يخرج من الدنيا حتى يرى مكانه في الجنة وآمنه الله من الفزع الأكبر " (3).
* وروى الشيخ الكفعمي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله):
" من قال هذه الكلمات في كل يوم عشرا غفر الله تعالى له أربعة آلاف كبيرة، ووقاه من شر الموت، وضغطة القبر، والنشور، والحساب، والأهوال كلها وهو مائة هول أهونها الموت، ووقي من شر إبليس وجنوده، وقضي دينه وكشف همه وغمه وفرج كربه ".
(١) رواه الصدوق في فضائل الأشهر الثلاثة: ص 18، ح 3، ورواه في الأمالي: ص 23، المجلس الرابع، ح 7، ونقله المجلسي في البحار: ج 97، ص 32 - 33، ح 6.
(2) رواه الصدوق في الأمالي: ص 432، المجلس 80، ح 1.
(3) رواه السيد ابن طاووس في اقبال الأعمال: ص 651 - 652 الطبعة الحجرية.
(١١٣)وهي هذه:
" أعددت لكل هول لا إله إلا الله، ولكل هم وغم ما شاء الله، ولكل نعمة الحمد لله، ولكل رخاء الشكر لله، ولكل أعجوبة سبحان الله، ولكل ذنب أستغفر الله، ولكل مصيبة إنا لله وإنا إليه راجعون، ولكل ضيق حسبي الله، ولكل قضاء وقدر توكلت على الله، ولكل عدو اعتصمت بالله، ولكل طاعة ومعصية لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " (1).
* واعلم أن للذكر الشريف الآتي فضل عظيم إذا قيل سبعين مرة، فمن جملة هذا الفضل انه يبشر حين موته وهذا الذكر هو:
" يا أسمع السامعين ويا أبصر الناظرين ويا أسرع الحاسبين ويا أحكم الحاكمين " (2).
* وروى الشيخ الكليني عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال:
" لا تملوا من قراءة إذا زلزلت الأرض زلزالها فإنه من كانت قراءته بها في نوافله لم يصبه الله عز وجل بزلزلة أبدا، ولم يمت بها، ولا بصاعقة ولا بآفة من آفات الدنيا حتى يموت وإذا مات نزل عليه ملك كريم من عند ربه فيقعد عند
(١) نقله المجلسي أعلى الله تعالى مقامه في البحار: ج ٨٧، ص ٥ عن البلد الأمين. ولم نجده في النسخة المطبوعة. ورواه المؤلف في السفينة: ج ٢، ص ٣٩٧، ورواه النوري في المستدرك: ج ٥، ص ٣٨٩، ح ٦١٤٠ الطبعة الحديثة.
والخبر موجود في مصباح الكفعمي المطبوع: ص ٨٣، باختلاف يسير بألفاظ الخبر. أما الدعاء فواحد في مصباح الكفعمي وفي البحار وفي السفينة.
(٢) ذكره القطب الراوندي في الدعوات: ص ٢١٥، ح ٥٨٠.
ونقله المجلسي في البحار: ج ٨٢، ص ٦٤، ح ٨، ونقله في ج ٩٥، ص ٤٦٢، كتاب الذكر والدعاء، باب الدعوات المأثورة غير المؤقتة، ج 20، وقد نقل الرواية في كلا الموضوعين عن دعوات الراوندي. وقد رواها القطب عن الإمام الصادق (عليه السلام) مرسلة، قال (عليه السلام): " من قال سبعين مرة: يا أسمع السامعين، ويا أبصر الناظرين (المبصرين خ. ل) ويا أسرع الحاسبين ويا أحكم الحاكمين، فأنا ضامن له دنياه وآخرته أن يلقاه الله ببشارة عند الموت، وله بكل كلمة بيت في الجنة " انتهى الحديث.
(١١٤)
(١١١)
وقد وعظ الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) جنادة بن أمية حين وفاته، وأول شئ قاله له:
(استعد لسفرك، وحصل زادك قبل حلول أجلك) (2).
وبما أن سفر الآخرة سفر بعيد، وفيه أهوال ومواقف صعبة وعقبات شديدة ومنازل عسرة فلذلك فهو محتاج إلى زاد كثير، ولابد أن لا يغفل عنه، وأن يفكر فيه ليلا ونهارا. كما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) انه كان ينادي في كل ليلة عندما يهجع الناس بصوته الرخيم بحيث يسمعه جميع أهل المسجد وجيران المسجد، فيقول:
" تجهزوا رحمكم الله فقد نودي فيكم بالرحيل " (3).
يعني: استعدوا وهيئوا ما تحتاجونه في سفركم رحمكم الله فان منادي الموت نادى فيكم على أبوابكم بالرحيل.
" وأقلوا العرجة على الدنيا، وانقلبوا بصالح ما بحضرتكم من الزاد فان أمامكم
(١) رواه أبو حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي في: دعائم الاسلام / ج ١، ص ٢٧٠، تحقيق آصف فيضي / دار المعارف / مصر / ١٩٦٣ م / ونقله عنه العلامة المجلسي في البحار:
ج ٩٦، ص ٢٥٨، وبقية الحديث الشريف. (وكلمة حق تقولها، أو كلمة سوء تسكت عنها وصدقة منك على مسكين، فعلك تنجو من يوم عسير. اجعل الدنيا كلمة في طلب الحلال، وكلمة في طلب الآخرة، وانظر كلمة تضر ولا تنفع فدعها. واجعل المال درهمين: درهما قدمته لآخرتك ودرهما أنفقته على عيالك كل يوم صدقة).
(٢) رواه أبو القاسم علي بن محمد بن علي الخزاز القمي الرازي في: كفاية الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر ص ٢٢٧، باب (ما جاء عن الحسن (عليه السلام) ما يوافق هذه الأخبار ونصه على أخيه الحسين (عليهما السلام)) ح ٥، بإسناد عن محمد بن وهبان البصري، تحقيق الكوه كمرئي الخوئي / ط قم ١٤٠١ ه. ق. ونقله عنه المجلسي في البحار: ج ٤٤، ص ١٣٩.
(٣) نهج البلاغة: ج ٢، ص 183، تحقيق محمد عبدة. شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد / ج 11، ص 5.
(١٠٢)عقبة كؤودا، ومنازل مخوفة مهولة لابد من الورود عليها والوقوف عندها " (1).
ونحن نشير إلى بعض تلك العقبات الصعبة والمنازل المهولة. ونذكر بعض الأمور النافعة في درء صعوبات وأهوال ذلك المحل بكمال الاختصار. وضمن عدة فصول. وإن وفقني الحق تعالى وأمهلني الأجل فسوف أصنف كتابا مفصلا في هذا الباب إن شاء الله تعالى، ولو انني لم أر في هذا الزمان من يطلب هذه المطالب بشكل جدي وحقيقي.
وبسبب هذه الملاحظة أيضا فقد كتبت هذا المختصر بدون اندفاع مع قلة رغبة، وأسأل الحق تعالى التأييد والتوفيق انه قريب مجيب.
* * *
(١) نهج البلاغة: ج ٢، ص 183، تحقيق محمد عبدة. شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد / ج 11، ص 5.
(١٠٣)
ولهذا المنزل عقبات كؤود ومواقف صعبة، ونحن نشير إلى عقبتين منها:
العقبة الأولى سكرات الموت وشدة نزع الروح * (وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد) * (1).
وهذه العقبة صعبة جدا وان شدائدها وصعوباتها تحيط بالمحتضر من جميع الجهات..
فمن جهة تواجهه شدة المرض، وشدة الوجع، واعتقال اللسان، وذهاب القوة من الجسم..
ومن جهة أخرى يواجه بكاء الأهل والعيال، ووداعهم له، وغم يتم وغربة أطفاله..
ومن جهة أخرى يواجه غم مفارقته لماله ومنزله وأملاكه ومدخراته وأشيائه النفسية التي صرف عمره العزيز من أجل تحصيل المزيد منها، بل إن أكثر ما عنده عائد للآخرين وقد تملكه منهم بالظلم والغصب.. وكم تعلقت من الحقوق الشرعية بأمواله ولم يؤدها.. وهو الآن في تلك الحالة ينتبه إلى ما أتلفته وخربته أعماله
(1) سورة ق: الآية 19.
(١٠٧)بعدما انقضى الأمر وانسد طريق اصلاحه. فكان كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
" يتذكر أموالا جمعها اغمض في مطالبها وأخذها من مصرحاتها، ومشتبهاتها قد لزمته تبعات جمعها وأشرف على فراقها تبقى لمن وراءه ينعمون بها فيكون المهنأ لغيره والعب ء على ظهره " (1)..
ومن جهة أخرى فهو يواجه هول قدومه على نشأة أخرى هي غير هذه النشأة.
ثم إن عينيه تريان أشياءا لم ترها قبل ذلك:
* (فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد) * (2).
فيرى رسول الله وأهل بيته الأطهار صلوات الله عليهم وملائكة الرحمة وملائكة العذاب حاضرين عنده ليحكموا فيه وانه يترقب اي حكم يحكمون به، وأي شئ سوف يوصون به؟
ومن جهة أخرى قد اجتمع إبليس وأعوانه ليوقعوه في الشك، وهم يحاولون جاهدين أن يسلبوا إيمانه ليخرج من الدنيا بلا إيمان.
ومن جهة أخرى يعاني من هول حضور ملك الموت، وبأي صورة وهيئة سوف يجيئه به، وبأي نحو سوف يقبض روحه. إلى غير ذلك..
قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
" فاجتمعت عليه سكرات الموت، فغير موصوف ما نزل به " (3).
وروى الشيخ الكليني عن الإمام الصادق (عليه السلام):
" أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه اشتكى عينيه، فعاده رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإذا
(١) نهج البلاغة: فيض الاسلام، ص ٣٣١، وراجع نهج البلاغة: ج ١، ص ٢١٢ محمد عبدة، ونقله عنه في البحار: ج ٦، ص ١٦٤، كتاب العدل والمعاد / باب سكرات الموت وشدائده:
ح ٣٣. شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد: ج ٧، ص ٢٠١.
(٢) سورة ق: الآية ٢٢.
(٣) راجع بحار الأنوار: ج ٧٣، ص ١٠٩. كتاب الإيمان والكفر: مساوئ الأخلاق: باب حب الدنيا وذمها: ح ١٠٩ نقله عن كتابه (عيون الحكم والمواعظ) لعلي بن محمد الواسطي.
(١٠٨)هو يصيح فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أجزعا أم وجعا؟ فقال (عليه السلام): يا رسول الله ما وجعت وجعا قط أشد منه. فقال (صلى الله عليه وآله): يا علي ان ملك الموت إذا نزل لقبض روح الكافر نزل معه سفود من نار فينزع روحه به فتصيح جهنم. فاستوى علي (عليه السلام) جالسا فقال: يا رسول الله أعد على حديثك فقد أنساني وجعي ما قلت.
ثم قال: هل يصيب ذلك أحدا من أمتك؟
قال: نعم حاكم جائر، وآكل مال اليتيم ظلما، وشاهد زور " (1).
وأما الأشياء التي تهون سكرات الموت صلة الرحم:
ما رواه الشيخ الصدوق عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال:
" من أحب أن يخفف الله عز وجل عنه سكرات الموت فليكن لقرابته وصولا، وبوالديه بارا، فإذا كان كذلك هون الله عليه سكرات الموت ولم يصبه في حياته فقر أبدا " (2).
بر الوالدين:
وروي:
" ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) حضر شابا عند وفاته فقال له: قل لا إله إلا الله.
قال: فاعتقل لسانه مرارا.
فقال لامرأة عند رأسه: هل لهذا أم؟
(١) الكافي: ج ٣، ص ٢٥٣ - ٢٥٤، والإسناد موثق. ونقله عنه المجلسي في البحار: ج ٦، ص ١٧٠، ح ٤٦، وفي البحار: ج ٦١، ص ٤٩، ح ٢٧.
(٢) الأمالي للصدوق: ص ٣١٨، المجلس ٦١، ح ١٤. ونقله عنه في البحار: ج ٧٤، ص ٦٦، ح ٣٣، ونقله الفتال النيشابوري في روضة الواعظين، ص ٣٦٧ (مجلس في ذكر وجوب بر الوالدين)، ورواه الطبري في مشكاة الأنوار: ص 162، الفصل 14 (في حقوق الوالدين وبرهما) وعنه في البحار: ج 82، ص 65، ح 9.
(١٠٩)قالت: نعم أنا أمه.
قال (صلى الله عليه وآله): أفساخطة أنت عليه؟
قالت: نعم ما كلمته منذ ستة حجج.
قال (صلى الله عليه وآله) لها: أرضي عنه.
قالت: رضي الله عنه يا رسول الله برضاك عنه.
فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): قل لا إله إلا الله.
قال: فقالها. فقال له النبي (صلى الله عليه وآله) ما ترى؟
قال: أرى رجلا أسود الوجه قبيح المنظر وسخ الثياب منتن الريح قد وليني الساعة، وأخذ بكظمي.
فقال له النبي (صلى الله عليه وآله) قل: يا من يقبل اليسير ويعفو عن الكثير اقبل منى اليسير واعف عني الكثير انك أنت الغفور الرحيم.
فقالها الشاب. فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): انظر ماذا ترى؟
قال: أرى رجلا أبيض اللون حسن الوجه طيب الريح حسن الثياب قد وليني، وأرى الأسود قد تولى عني.
فقال له: أعد، فأعاد. فقال له: ما ترى؟
قال: لست أرى الأسود، وأرى الأبيض قد وليني.
ثم طفي على تلك الحال (1).
(١) رواه الطوسي في الأمالي: ج ١، ص ٦٢ - ٦٣، ح ٤ وروى الصدوق قريبا منه في:
من لا يحضره الفقيه: ج ١، ص ١٣٢، ح ٣٤٧، ونقله عنه الحر العاملي في وسائل الشيعة:
ج ٢، كتاب الطهارة: أبواب الاحتضار: باب ٣٩، ح ٣، ونقله النوري في المستدرك: ج ٢، باب 29، ص 129، ح 1617، الطبعة الحديثة، وفي ج 1، ص 92، باب 29، ح 1، الطبعة الحجرية.
ونقله في المستدرك: ج 15، باب 75، ص 189، ح 17967، الطبعة الحديثة، ونقله في ج 15، باب 75، ص 196 - ح 17933 عن القطب الراوندي في لب اللباب، وسمى الشاب (الحارث) ونقله في البحار: ج 74، ص 75، ح 68، وفي البحار: 81، ص 232، 7، وفي البحار: ج 95، ص 342، ح 1.
(١١٠)يقول المؤلف:
تأمل في هذا الحديث جيدا، وانظر كم هو أثر العقوق فمع ان هذا الشاب كان من الصحابة وان نبي الرحمة (صلى الله عليه وآله) قد عاده زائرا وجلس عند وسادته، ولقنه بنفسه الشريفة كلمة الشهادة، ومع كل ذلك فلم يتمكن على النطق بتلك الكلمة إلا بعدما رضيت عنه أمه، وحينئذ انطلق لسانه فقال كلمة الشهادة.
كسي المؤمن:
وروي أيضا عن الإمام الصادق (عليه السلام):
" من كسا أخاه كسوة شتاء أو صيف كان حقا على الله أن يكسوه من ثياب الجنة، وأن يهون عليه سكرات الموت وأن يوسع عليه في قبره " (1).
اطعام المؤمن الحلوى:
وروي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله):
" من أطعم أخاه حلاوة أذهب الله عنه مرارة الموت " (2).
* ومن الأمور الأخرى التي تنفع في تعجيل راحة المحتضر قراءة سورة يس
(١) رواه الكليني في الكافي: ج ٢، ص ٢٠٤، كتاب الإيمان والكفر: باب من كسا مؤمنا: ح ١، ورواه عن المجلسي في البحار: ج ٧٤، ص ٣٨٠، وتكملة الحديث:
" وأن يلقى الملائكة إذا خرج من قبره بالبشرى وهو قول الله عز وجل في كتابه: * (وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون) * ".
(٢) رواه القطب الراوندي في الدعوات: ص 141، فصل (في ذكر أشياء من المأكولات والمشروبات وكيفية تناولها)، ح 359، ونقله عنه المجلسي في البحار، ج 66، ص 288، وفي ج 75، ص 456، ح 33، ونقله في المستدرك: ج 16، ص 355، ح 20152، الطبعة الحديثة.والصافات (1) وكلمات الفرج عنده (2).
* وروى الشيخ الصدوق عن الإمام الصادق (عليه السلام):
" من صام يوما من آخر هذا الشهر (3) كان ذلك أمانا من شدة سكرات الموت،
(١) روى الكليني في الكافي الشريف: كتاب الجنائز: باب إذا عسر على الميت الموت واشتد عليه النزع: ح ٥، ج ٣، ص ١٢٦ بالإسناد عن سليمان الجعفري قال: رأيت أبا الحسن يقول لابنه القاسم: قم يا بني فاقرأ عند رأس أخيك (والصافات صفا) حتى تستتمها، فقرأ فلما بلغ * (أهم أشد خلقا أمن خلقنا) * قضى الفتى، فلما سجي وخرجوا أقبل عليه يعقوب بن جعفر، فقال له: كنا نعهد الميت إذا نزل به يقرأ عنده (يس والقرآن الحكيم) وصرت تأمرنا بالصافات، فقال: يا بني لم يقرأ عبد مكروب من موت قط إلا عجل الله راحته).
وفي الوسائل: كتاب الطهارة: أبواب الاحتضار، باب 41، ح 1، عن الكافي بدل (لم يقرأ عبد... الخ) (لم تقرأ عند مكروب " ومن موت " قط الا عجل الله راحته).
(2) وردت في روايات كثيرة: منها ما رواه الكليني في الكافي الشريف بروايات عدة منها:
بإسناد صحيح عن زرارة (رحمه الله) عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
إذا أدركت الرجل عند النزع فلقنه كلمات الفرج (لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن وما تحتهن ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين).
الكافي: كتاب الجنائز: باب تلقين الميت: ح 3، ج 3، ص 122.
وروى في ح 7، ج 3، ص 124 بالإسناد إلى عبد الله بن ميمون القداح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا حضر أحدا من أهل بيته الموت قال له: قل: لا إله إلا الله العلي العظيم سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما بينهما ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين (فإذا قالها المريض قال: اذهب فليس عليك بأس).
وروى في ح 9، ج 3، ص 124، بإسناد صحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام):
ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) دخل على رجل من بني هاشم وهو يقضي. فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله):
قل: (لا إله الا الله العلي العظيم، لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما بينهن ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين) فقالها: فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) (الحمد لله الذي استنقذه من النار).
أقول: الظاهر أن الكلمات وحدة. أتم الروايات الصحيحة الأولى والله تعالى أعلم.
(3) يعني شهر رجب الأصب.وأمانا له من هول المطلع وعذاب القبر " (1).
* واعلم أن لصيام أربعة وعشرين يوما من رجب ثواب عظيم فمن جملته:
" ومن صام من رجب أربعة وعشرين يوما فإذا نزل به ملك الموت تراءى له في صورة شاب عليه حلة من ديباج أخضر على فرس من أفراس الجنان وبيده حرير أخضر ممسك بالمسك الأذفر وبيده قدح من ذهب مملوء من شراب الجنان، فسقاه عند خروج نفسه، يهون به عليه سكرات الموت ثم يأخذ روحه في تلك الحرير فتفوح منها رائحة يستنشقها أهل سبع سماوات فيظل في قبره ريان حتى يرد حوض النبي (صلى الله عليه وآله) " (2).
* وقد روي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله):
" من صلى الليلة السابعة من رجب أربع ركعات بالحمد مرة وقل هو الله أحد ثلاث مرات، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، ويصلي على النبي (صلى الله عليه وآله) عند الفراغ عشر مرات، ويقول الباقيات الصالحات (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) عشر مرات، أظله الله تحت ظل عرشه ويعطيه ثواب من صام شهر رمضان واستغفرت له الملائكة حتى يفرغ من هذه الصلاة ويسهل عليه النزع وضغطة القبر ولا يخرج من الدنيا حتى يرى مكانه في الجنة وآمنه الله من الفزع الأكبر " (3).
* وروى الشيخ الكفعمي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله):
" من قال هذه الكلمات في كل يوم عشرا غفر الله تعالى له أربعة آلاف كبيرة، ووقاه من شر الموت، وضغطة القبر، والنشور، والحساب، والأهوال كلها وهو مائة هول أهونها الموت، ووقي من شر إبليس وجنوده، وقضي دينه وكشف همه وغمه وفرج كربه ".
(١) رواه الصدوق في فضائل الأشهر الثلاثة: ص 18، ح 3، ورواه في الأمالي: ص 23، المجلس الرابع، ح 7، ونقله المجلسي في البحار: ج 97، ص 32 - 33، ح 6.
(2) رواه الصدوق في الأمالي: ص 432، المجلس 80، ح 1.
(3) رواه السيد ابن طاووس في اقبال الأعمال: ص 651 - 652 الطبعة الحجرية.
(١١٣)وهي هذه:
" أعددت لكل هول لا إله إلا الله، ولكل هم وغم ما شاء الله، ولكل نعمة الحمد لله، ولكل رخاء الشكر لله، ولكل أعجوبة سبحان الله، ولكل ذنب أستغفر الله، ولكل مصيبة إنا لله وإنا إليه راجعون، ولكل ضيق حسبي الله، ولكل قضاء وقدر توكلت على الله، ولكل عدو اعتصمت بالله، ولكل طاعة ومعصية لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " (1).
* واعلم أن للذكر الشريف الآتي فضل عظيم إذا قيل سبعين مرة، فمن جملة هذا الفضل انه يبشر حين موته وهذا الذكر هو:
" يا أسمع السامعين ويا أبصر الناظرين ويا أسرع الحاسبين ويا أحكم الحاكمين " (2).
* وروى الشيخ الكليني عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال:
" لا تملوا من قراءة إذا زلزلت الأرض زلزالها فإنه من كانت قراءته بها في نوافله لم يصبه الله عز وجل بزلزلة أبدا، ولم يمت بها، ولا بصاعقة ولا بآفة من آفات الدنيا حتى يموت وإذا مات نزل عليه ملك كريم من عند ربه فيقعد عند
(١) نقله المجلسي أعلى الله تعالى مقامه في البحار: ج ٨٧، ص ٥ عن البلد الأمين. ولم نجده في النسخة المطبوعة. ورواه المؤلف في السفينة: ج ٢، ص ٣٩٧، ورواه النوري في المستدرك: ج ٥، ص ٣٨٩، ح ٦١٤٠ الطبعة الحديثة.
والخبر موجود في مصباح الكفعمي المطبوع: ص ٨٣، باختلاف يسير بألفاظ الخبر. أما الدعاء فواحد في مصباح الكفعمي وفي البحار وفي السفينة.
(٢) ذكره القطب الراوندي في الدعوات: ص ٢١٥، ح ٥٨٠.
ونقله المجلسي في البحار: ج ٨٢، ص ٦٤، ح ٨، ونقله في ج ٩٥، ص ٤٦٢، كتاب الذكر والدعاء، باب الدعوات المأثورة غير المؤقتة، ج 20، وقد نقل الرواية في كلا الموضوعين عن دعوات الراوندي. وقد رواها القطب عن الإمام الصادق (عليه السلام) مرسلة، قال (عليه السلام): " من قال سبعين مرة: يا أسمع السامعين، ويا أبصر الناظرين (المبصرين خ. ل) ويا أسرع الحاسبين ويا أحكم الحاكمين، فأنا ضامن له دنياه وآخرته أن يلقاه الله ببشارة عند الموت، وله بكل كلمة بيت في الجنة " انتهى الحديث.
(١١٤)
(١١١)
رد: الشيخ عباس القمي - الصفحة ٨١
رأسه فيقول: يا ملك الموت أرفق بولي الله فإنه كان كثيرا يذكرني " (1).
z z z العقبة الثانية العديلة عند الموت يعني العدول من الحق إلى الباطل في وقت الموت، وذلك أن يحضر الشيطان عند المحتضر، ويوسوس له حتى يوقعه في الشك، فيخرجه من الإيمان.
ولذا ورد في الأدعية الاستعاذة منها (2).
وقال فخر المحققين (رحمه الله):
(... (3) فإذا أراد الانسان أن يسلم من هذه الأشياء فليستحضر أدلة الإيمان والأصول الخمس بالأدلة القطعية ويصفي خاطره، ويخلي سره، فيحصل له يقين تام فيقول عند ذلك:
" اللهم يا أرحم الراحمين اني قد أودعتك يقيني هذا وثبات ديني وأنت خير مستودع وقد أمرتنا بحفظ الودائع فرده علي وقت حضور موتي " ثم يخزي
(١) الكافي: ج ٢، ص ٦٢٦.
(٢) منها ما رواه السيد ابن طاووس (رحمه الله) في الاقبال، في عمل أول ليلة من رجب انه كان أبو الحسن الأول (عليه السلام) يقول وهو ساجد بعد فراغه من صلاة الليل.. ثم ذكر دعاءا إلى أن قال:
" اللهم إني أعوذ بك من العديلة عند الموت، ومن شر المرجع في القبور، ومن الندامة يوم الآزفة.. الخ ".
راجع اقبال الأعمال: ص ٦٣٢، وعنه في بحار الأنوار: ج ٩٨، ص ٣٨٣، ح ٣.
ومنها: ما في (فقه الرضا (عليه السلام)) ص 141، الطبعة الحديثة المحققة، ونقله النوري (رحمه الله) في المستدرك: ج 5، ص 143، كتاب الصلاة، أبواب سجدتي الشكر، باب 5، ح 5522، عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه كان يقول في سجدته: " اللهم إني أعوذ بك من العديلة.. ".
وفي البحار: ج 86، ص 229، ح 51 (... اللهم إني أعوذ بك من العديل عند الموت).
(3) وأول كلامه (قدس سره): " ان العديلة عند الموت تقع، فإنه يجئ الشيطان ويعدل الانسان عند الموت ويخرالشيطان ويتعوذ منه بالرحمن، ويودع ذلك الله ويسأله أن يرده عليه وقت حضور موته. فعند ذلك يسلم من العديلة عند الموت قطعا) (1).
فعلى طبق رأي هذا الأجل فان قراءة دعاء العديلة المعروف واستحضار معناه في الذهن نافع للحفظ من خطر العديلة عن الموت.
* وروى الشيخ الطوسي (رحمه الله) عن محمد بن سليمان الديلمي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، فقلت له: جعلت فداك أن شيعتك تقول ان الإيمان مستقر ومستودع فعلمني شيئا إذا أنا قلته استكملت الإيمان.
قال (عليه السلام): قل في دبر كل صلاة فريضة:
" رضيت بالله ربا وبمحمد صلى الله عليه وآله نبيا وبالإسلام دينا وبالقرآن كتابا وبالكعبة قبلة وبعلي وليا وإماما وبالحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجة بن الحسن صلوات الله عليهم أئمة، اللهم إني رضيت بهم أئمة فارضني لهم إنك على كل شئ قدير " (2).
ومن الأمور النافعة لهذه العقبة:
المواظبة على أوقات الصلوات الفريضة. ففي الحديث أن ملك الموت قال:
".... انه ليس في شرقها ولا في غربها أهل بيت مدر ولا وبر إلا وأنا أتصفحهم في كل يوم خمس مرات.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): انما يتصفحهم في مواقيت الصلاة، فان كان ممن يواظب
(1) نقل النص العلامة الثاني السيد هاشم البحراني في كتاب (معالم الزلفى) ص 71 الطبعة الحجرية، عن ارشاد المسترشدين، وتكملة النص: " ويقول أيضا إن أراد السلامة من منكر ونكير لفظ الشهادتين والاقرار بالأئمة (عليهم السلام) بيقين صادق وصفاء خاطر ثم يقول: يا الله يا رحمن يا رحيم أودعتك هذا الاقرار بك وبالنبي والأئمة وأنت خير مستودع فرده علي في القبر عند مسألة منكر ونكير فإنه يسلم من مسألة منكر ونكير قطعا " انتهى كلامه رفع مقامه.
(2) التهذيب للشيخ الطوسي: ج 2، ص 109، ح 412.
(١١٦)جه من الإيمان فيحصل له عقاب النيران وفي الدعاء قد تعوذ الأئمة (عليهم السلام) منها فإذا أراد الانسان أن يسلم.. الخ ".
(١١٥)عليها عند مواقيتها لقنه شهادة أن لا إله إلا الله ومحمدا رسول الله صلى الله عليه وآله، ونحى عنه ملك الموت إبليس " (1).
* وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه كتب إلى بعض الناس:
" إن أدرت أن يختم بخير عملك حتى تقبض وأنت في أفضل الأعمال، فعظم لله حقه أن تبذل [لا تبذل. خ. ل] نعمه في معاصيه، وأن تغتر بحلمه عنك. وأكرم كل من وجدته يذكرنا [يذكر منا. خ. (2)] أو ينتحل مودتنا، ثم ليس عليك، صادقا كان أو كاذبا، انما لك نيتك، وعليه كذبه " (3).
* يقول الفقير: ومن النافع لحصول حسن العاقبة والوصول من الشقاوة إلى السعادة: قراءة الدعاء الحادي عشر من الصحيفة الكاملة:
" يا من ذكره شرف للذاكرين... الخ " (4).
وقراءة دعاء التمجيد المنقول في الكافي وغيره، وقد نقلته في كتاب (الباقيات الصالحات) بعد أدعية الساعات (5).
(١) الكافي: ج ٣، ص ١٣٦، كتاب الجنائز، باب (اخراج روح المؤمن والكافر)، ح ٢، ونقله عنه الحر العاملي في الوسائل: ج ٢، ص ٦٦٣، كتاب الطهارة، أبواب الاحتضار، باب ٣٦، ح ٤، وفي الوسائل ج ٣، ص ٧٩، كتاب الصلاة، أبواب المواقيت، باب ١، ح ٥.
(٢) في نسخة (عيون أخبار الرضا (عليه السلام)) للشيخ الصدوق.
(٣) رواه الصدوق في عيون أخبار الرضا: ج ٢، ص ٤، ونقله عن المجلسي في البحار: ج ٧٣، ص ٣٥١، ح ٤٩، و ج ٧٤، ص ٣٠٣، و ج ٧٨، ص ١٩٥، ح ١٥، عن الخصال للصدوق عن المفسر أحمد بن الحسن الحسيني عن أبي محمد العسكري عن آبائه (عليهم السلام) قال: كتب الصادق (عليه السلام) إلى بعض الناس: " إن أردت... الخ "، ولكننا لم نجده في الخصال المطبوع.
(٤) الصحيفة السجادية الكاملة: الدعاء ١١، (دعاؤه بخواتم الخير) الفقرة الأولى.
(٥) أقول: روى الكليني بسند موثق عن الإمام الصادق (عليه السلام) في الكافي الشريف: ج ٢، ص ٥١٦، كتاب الدعاء باب (ما يمجد به الرب تبارك وتعالى نفسه)، ح ٢.
ورواه الصدوق في ثواب الأعمال: ص ٢٨، بسند موثق أيضا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
" ان الله تبارك وتعالى يمجد نفسه في كل يوم وليلة ثلاث مرات. فمن مجد الله بما مجد به نفسه ثم كان في حال شقوة حوله الله عز وجل إلى سعادة يقول: أنت الله لا اله إلا أنت رب العالمين، أنت الله لا إله إلا أنت الرحمن الرحيم أنت الله لا اله الا أنت العزيز [العلي] الكبير أنت الله لا إله إلا أنت مالك يوم الدين، أنت الله لا إله إلا أنت الغفور الرحيم، أنت الله لا إله إلا أنت العزيز الحكيم، أنت الله لا إله إلا أنت منك بدأ الخلق [بدء كل شئ خ. ثواب الأعمال] وإليك يعود، أنت الله [الذي] لا إله إلا أنت لم تزل ولا تزل، أنت [الذي] لا اله إلا أنت خالق الخير والشر، أنت الله لا إله إلا أنت خالق الجنة والنار، أنت الله لا إله إلا أنت أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، أنت الله لا إله إلا أنت الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون، هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم... إلى آخر السورة (في الكافي ولكن لا يوجد في ثواب الأعمال. والظاهر أن ما في ثواب الأعمال أصح لأن آخر السورة (... العزيز الحكيم) الحشر الآية 24)، أنت الله لا إله إلا أنت الكبير [المتعال خ. ل ثواب الأعمال] والكبرياء رداؤك ".
(١١٧) * وأن يصلي الصلاة الواردة في يوم الأحد من ذي القعدة (1).
* والمداومة على هذا الذكر الشريف:
* (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب) * (2).
(1) أقول: روى السيد ابن طاووس (رحمه الله) في الاقبال: ص 308 عن أنس بن مالك، قال خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم الأحد في شهر ذي القعدة فقال: يا أيها الناس من كان منكم يريد التوبة؟
قلنا: كلنا نريد التوبة يا رسول الله.
فقال (صلى الله عليه وآله): اغتسلوا وتوضأوا وصلوا أربع ركعات واقرأوا في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وقل هو الله أحد ثلاث مرات والمعوذتين مرة، ثم استغفروا سبعين مرة ثم اختموا بلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ثم قولوا: يا عزيز يا غفار اغفر لي ذنوبي وذنوب جميع المؤمنين والمؤمنات فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.
ثم قال (صلى الله عليه وآله): ما من عبد من أمتي فعلها إلا نودي من السماء يا عبد الله استأنف العمل فإنك مقبول التوبة مغفور الذنب وينادي ملك من تحت العرش أيها العبد بورك عليك وعلى أهلك وذريتك. وينادي مناد آخر أيها العبد ترضي خصماؤك يوم القيامة، وينادي ملك آخر أيها العبد تموت على الإيمان، ولا اسلب منك الدين ويفسح في قبرك وينور فيه، وينادي مناد آخر: أيها العبد يرضى أبواك وإن كانا ساخطين وغفر لأبويك ذلك ولذريتك وأنت في سعة من الرزق في الدنيا والآخرة. وينادي جبرئيل (عليه السلام) أنا الذي آتيك مع ملك الموت (عليه السلام) أن يرفق بك ولا يخدشك أثر الموت انما تخرج الروح من جسدك سلا.. الحديث.
(2) سورة آل عمران: الآية 8.
روى العياشي في تفسيره: ج 1، ص 164، عن سماعة بن مهران قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام):
(أكثروا من أن تقولوا " ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا " لا تأمنوا الزيع).
أي أن الخبر يأمر بالمداومة على هذا الذكر الشريف لأجل أن يدفع عن أن يأمن السالك من الزيغ، فإنه معرض دائما للزيغ، فقوله (عليه السلام) " لا تأمنوا الزيغ " نهي عن الاطمئنان بالنفس والإيمان المحصل من عدم الزيغ.
(١١٨)* والمواظبة على تسبيح الزهراء (عليها السلام) (1).
* والتختم بخاتم عقيق، وبالخصوص إذا كتب عليه (محمد نبي الله وعلي ولي الله) (2).
(١) أقول: ورد في الأخبار الشريفة متواترا في فضل تسبيح الزهراء صلوات الله وسلامه عليها عقيب الصلاة وقبل النوم، وإليك بعض ذلك:
روى الكليني بإسناد صحيح عن الباقر (عليه السلام) قال: " ما عبد الله بشئ من التحميد أفضل من تسبيح فاطمة (عليها السلام) ولو كان شئ أفضل منه لنحله رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة (عليها السلام) ". الكافي:
ج ٣، ص ٣٤٣، ح ١٤، التهذيب الطوسي: ج ٢، ص ١٠٥، ح ١٦٦، باب ٢٣. وفيه أيضا بإسناد صحيح، عن أبي خالد القماط قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: تسبيح فاطمة ((عليها السلام) في كل يوم في دبر كل صلاة أحب إلي من صلاة ألف ركعة في كل يوم " الكافي: ج ٣، ص ٣٤٣، ح ١٥.
الوسائل: كتاب الصلاة، أبواب التعقيب، باب ٩ ح ١، ح ٢.
وروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) انه قال: " من بات على تسبيح فاطمة ((عليها السلام) كان من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات " الوسائل: كتاب الصلاة، أبواب التعقيب، باب ١١، ح ٤.
(٢) في مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: ج ٣، ص ٣٠٢، باب (في أحواله (عليه السلام)) أي أمير المؤمنين (عليه السلام) (في لوائه وخاتمه) ونقله المجلسي في البحار: ج ٤٢، ص ٦٢، عن موسى بن جعفر عن آبائه (عليهم السلام) قال النبي (صلى الله عليه وآله): " لما كلم الله موسى بن عمران على جبل طور سيناء اطلع على الأرض اطلاعة فخلق من وجهه العقيق، وقال: أقسمت على نفسي أن لا أعذب كف لابسك إذا تولى عليا (عليه السلام) بالنار ".
وروى الكليني (رحمه الله) في الكافي الشريف بإسناد صحيح عن الرضا (عليه السلام) قال: العقيق ينفي الفقر ولبس العقيق ينفي (النفاق).
وروى أيضا بالاسناد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " تختموا بالعقيق فإنه مبارك ومن تختم بالعقيق يوشك أن يقضى له بالحسنى ".
وروى (رحمه الله): شكا رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) انه قطع عليه الطريق فقال (صلى الله عليه وآله): " هلا تختمت بالعقيق فإنه يحرس من كل سوء " الكافي: ج ٦، ص 470، 471.
وروى المؤلف القمي (رحمه الله) في السفينة: ج 1، ص 376 الطبعة الحجرية: انه أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأن ينقش في خاتمه محمد بن عبد الله فنقش النقاش فأخطأت يده فنقش عليه محمد رسول الله، فأخذه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتختم به، فلما أصبح النبي (صلى الله عليه وآله) فإذا تحته منقوش (علي ولي الله).
وروى الشيخ الطوسي في الأمالي: ص 714، بالإسناد عن ابن عباس قال: أعطى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) فقال: يا علي اعط هذا الخاتم لينقش عليه محمد بن عبد الله، فأخذه أمير المؤمنين (عليه السلام) فأعطاه النقاش، فقال له أنقش عليه محمد بن عبد الله، فنقش النقاش وأخطأت يده فنقش عليه محمد رسول الله، فجاء أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: ما فعل الخاتم؟ فقال هو ذا.
فأخذه، ونظر إلى نقشه، فقال ما أمرتك بهذا.
فقال: صدقت، ولكن يدي أخطأت.
فجاء به إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال يا رسول الله ما نقش النقاش ما أمرت به، ذكر أن يده أخطأت.
فأخذه النبي (صلى الله عليه وآله) ونظر إليه، فقال: يا علي أنا محمد بن عبد الله، وأنا محمد رسول الله.
وتختم به. فلما أصبح النبي (صلى الله عليه وآله) نظر إلى خاتمه فإذا تحته منقوش علي ولي الله.
فتعجب من ذلك النبي (صلى الله عليه وآله) فجاء جبرئيل فقال: يا جبرئيل كان كذا وكذا؟
فقال: يا محمد (صلى الله عليه وآله) كتبت ما أردت وكتبنا ما أردنا.
ونقله العلامة المجلسي في البحار: ج 16، ص 91 عن أمالي الشيخ الطوسي بإسناده إلى زيد بن علي عن آبائه (عليهم السلام) قال، قال: " رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي... " ونقله في البحار: ج 40، ص 37، ح 72.
وروي في جامع الأخبار: ص 134، طبعة النجف الأشرف:
عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " من صاغ خاتما من عقيق فنقش فيه محمد نبي وعلي ولي [هكذا في المطبوعة ولعل لفظ الجلالة ساقط كما هو الظاهر من ملازمات المقال] وقاه الله ميتة السوء ولم يمت إلا على الفطرة ".
(١١٩)* وقراءة سورة (قد أفلح المؤمنون) في كل جمعة (1).
* وقراءة سبع مرات بعد صلاة الصبح وصلاة المغرب (بسم الله الرحمن
(١) أقول: روى الشيخ الصدوق (رحمه الله) في ثواب الأعمال ص ١٣٥ بالإسناد إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " من قرأ سورة المؤمنين ختم الله له بالسعادة [و] إذا كان يدمن قراءتها في كل جمعة كان منزله في الفردوس الأعلى مع النبيين والمرسلين ".
(١٢٠)الرحيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) (1).
* وأن يصلي في ليلة الثاني والعشرين من رجب ثمانية ركعات يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وقل يا أيها الكافرون سبعة مرات وبعد الفراغ يصلي على محمد وآل محمد عشرة مرات، ويستغفر الله تعالى عشرة مرات (2).
* وروى السيد ابن طاووس عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) انه قال:
" ومن صلى في الليلة السادسة من شعبان أربع ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة، وخمسين مرة قل هو الله أحد، قبض الله روحه على السعادة، ووسع عليه في قبره ويخرج من قبره ووجهه كالقمر وهو يقول: اشهد ان لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله " (3).
* يقول المؤلف: إن هذه الصلاة هي بعينها صلاة أمير المؤمنين (عليه السلام) وان لها فضل كثير.
وقد رأيت من المناسب في هذا المقام أن أذكر حكايتين:
الحكاية الأولى:
حكي ان تلميذا من تلاميذ الفضيل بن عياض (4) - وهو أحد رجال الطريقة -
(١) روى الشيخ الكليني (رحمه الله) في الكافي الشريف بإسناد معتبر بقوة الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
" إذا صليت المغرب والغداة فقل: بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم سبع مرات فإنه من قالها لم يصبه جذام ولا برص ولا جنون ولا سبعون نوعا من أنوع البلاء ". الكافي: ج ٢، ص 528.
(2) قال السيد ابن طاووس في اقبال الأعمال: ص 666، بعد أن ذكر هذه الصلاة المروية عن النبي (صلى الله عليه وآله): فإذا فعل ذلك لم يخرج من الدنيا حتى يرى مكانه في الجنة ويكون موته على الاسلام ويكون له أجر سبعين نبيا.
(3) اقبال الأعمال: ص 690 - 691، الطبعة الحجرية.
(4) قال المؤلف (رحمه الله) في سفينة البحار: ج 7، ص 103 الطبعة الحديثة:
(الفضيل بن عياض الزاهد بصري أو كوفي عامي ثقة روى عن أبي عبد الله (عليه السلام)، له نسخة يرويها النجاشي وكان من زهدة عصره، ذكر الصوفية له كرامات ومقامات ويحكى انه كان في أول أمره يقطع الطريق بين أبيورد وسرخس وعشق جارية فبينما يرتقي الجدران إليها سمع تاليا يتلوا: * (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله) * سورة الحديد: الآية 16.
فقال: يا رب قد آن، فرجع وآوى إلى خربة فإذا فيها رفقة فقال بعضهم: نرتحل، وقال بعضهم:
حتى نصبح فان فضيلا على الطريق يقطع علينا، فتاب الفضيل وأمنهم، وحكي انه جاور الحرم حتى مات وكانت وفاته يوم عاشوراء سنة (187). وله كلمات منها: ثلاثة لا ينبغي أن يلاموا على سوء الخلق والغضب: الصائم والمريض والمسافر، وقال ثلاث خصال يقسين القلب: كثرة الأكل وكثرة النوم وكثرة الكلام، قيل: كان لفضيل ولد اسمه علي وكان أفضل من أبيه في الزهد والعبادة الا أنه لم يتمتع بحياته كثيرا وكان سبب موته انه كان يوما في المسجد الحرام واقفا بقرب ماء زمزم فسمع قارئا يقرأ * (وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد * سرابيلهم من قطران وتغشى وجوهم النار) * سورة إبراهيم / الآية 49 - 50. فصعق ومات).
(١٢١)وكان يعد من أعلم تلاميذه لما حضرته الوفاة دخل عليه الفضيل وجلس عند رأسه وقرأ سورة ياسين.
فقال التلميذ المحتضر: يا أستاذ لا تقرأ هذه السورة. فسكت الأستاذ، ثم لقنه فقال له: قل لا إله إلا الله.
فقال: لا أقولها، لأني برئ منها.
ثم مات على ذلك.
فاضطرب الفضيل من مشاهدة هذه الحالة اضطرابا شديدا. فدخل منزله ولم يخرج منه. ثم رآه في النوم وهو يسحب به إلى جهنم.
فسأله الفضيل: بأي شئ نزع الله المعرفة منك، وكنت اعلم تلاميذي.
فقال: بثلاثة أشياء:
أولها: النميمة فاني قلت لأصحابي بخلاف ما قلت لك.
والثاني: بالحسد، حسدت أصحابي.
والثالث: كانت بي علة فجئت إلى الطبيب فسألته عنها فقال تشرب في كل سنة قدحا من الخمر، فان لم تفعل بقيت بك العلة.
فكنت اشرب الخمر تبعا لقول الطبيب.
ولهذه الأشياء الثلاثة التي كانت في ساءت عاقبتي ومت على تلك الحالة (1).
(1) راجعنا في ترجمة القصة ما نقله المؤلف (رحمه الله) في كتابه سفينة البحار: ج 2، ص 727 الطبعة الحديثة، وقد حاولنا أن نجمع ما في السفينة وما نقله هنا بالفارسية، وإن شئت فراجع السفينة.يقول المؤلف: رأيت من المناسب أن أذكر في ذيل هذه الحكاية هذا الخبر:
روى الشيخ الكليني عن أبي بصير انه قال:
دخلت أم خالد العبدية على أبي عبد الله (عليه السلام) وأنا عنده فقالت: جعلت فداك انه يعتريني قراقر في بطني.. وقد وصف لي أطباء العراق النبيذ بالسويق، وقد وقفت وعرفت كراهتك له، فأحببت أن أسألك عن ذلك؟
فقال لها (عليه السلام): وما يمنعك عن شربه؟
قالت: قد قلدتك ديني، فألقى الله عز وجل حين ألقاه فأخبره ان جعفر بن محمد (عليهما السلام) أمرني ونهاني.
فقال: يا أبا محمد ألا تسمع إلى هذه المرأة، وهذه المسائل. لا والله لا آذن لك في قطرة منه، ولا تذوقي منه قطرة، فإنما تندمي إذا بلغت نفسك ها هنا - وأومأ بيده إلى حنجرته - يقولها ثلاثا: أفهمت؟
قالت: نعم (1).
الحكاية الأخرى:
ذكر الشيخ البهائي عطر الله مرقده في الكشكول:
احتضر بعض المترفين وكان كلما قيل له قل: لا إله إلا الله، يقول هذا البيت:
يا رب قائلة يوما وقد تعبت * أين الطريق إلى حمام منجاب وسبب ذلك أن امرأة عفيفة حسناء خرجت إلى حمام معروف بحمام بنجاب، فلم تعرف طريقه وتعبت من المشي، فرأت رجلا على باب دار، فسألته عن الحمام.
فقال: هو هذا، وأشار إلى باب داره.
فلما دخلت، أغلق الباب عليها، فلما علمت بمكره أظهرت كمال الرغبة والسرور، وقالت: اشتر لنا شيئا من الطيب، وشيئا من الطعام، وعجل بالعود إلينا.
فلما خرج واثقا بها وبرغبتها، خرجت وتخلصت منه.
(١٢٢)
z z z العقبة الثانية العديلة عند الموت يعني العدول من الحق إلى الباطل في وقت الموت، وذلك أن يحضر الشيطان عند المحتضر، ويوسوس له حتى يوقعه في الشك، فيخرجه من الإيمان.
ولذا ورد في الأدعية الاستعاذة منها (2).
وقال فخر المحققين (رحمه الله):
(... (3) فإذا أراد الانسان أن يسلم من هذه الأشياء فليستحضر أدلة الإيمان والأصول الخمس بالأدلة القطعية ويصفي خاطره، ويخلي سره، فيحصل له يقين تام فيقول عند ذلك:
" اللهم يا أرحم الراحمين اني قد أودعتك يقيني هذا وثبات ديني وأنت خير مستودع وقد أمرتنا بحفظ الودائع فرده علي وقت حضور موتي " ثم يخزي
(١) الكافي: ج ٢، ص ٦٢٦.
(٢) منها ما رواه السيد ابن طاووس (رحمه الله) في الاقبال، في عمل أول ليلة من رجب انه كان أبو الحسن الأول (عليه السلام) يقول وهو ساجد بعد فراغه من صلاة الليل.. ثم ذكر دعاءا إلى أن قال:
" اللهم إني أعوذ بك من العديلة عند الموت، ومن شر المرجع في القبور، ومن الندامة يوم الآزفة.. الخ ".
راجع اقبال الأعمال: ص ٦٣٢، وعنه في بحار الأنوار: ج ٩٨، ص ٣٨٣، ح ٣.
ومنها: ما في (فقه الرضا (عليه السلام)) ص 141، الطبعة الحديثة المحققة، ونقله النوري (رحمه الله) في المستدرك: ج 5، ص 143، كتاب الصلاة، أبواب سجدتي الشكر، باب 5، ح 5522، عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه كان يقول في سجدته: " اللهم إني أعوذ بك من العديلة.. ".
وفي البحار: ج 86، ص 229، ح 51 (... اللهم إني أعوذ بك من العديل عند الموت).
(3) وأول كلامه (قدس سره): " ان العديلة عند الموت تقع، فإنه يجئ الشيطان ويعدل الانسان عند الموت ويخرالشيطان ويتعوذ منه بالرحمن، ويودع ذلك الله ويسأله أن يرده عليه وقت حضور موته. فعند ذلك يسلم من العديلة عند الموت قطعا) (1).
فعلى طبق رأي هذا الأجل فان قراءة دعاء العديلة المعروف واستحضار معناه في الذهن نافع للحفظ من خطر العديلة عن الموت.
* وروى الشيخ الطوسي (رحمه الله) عن محمد بن سليمان الديلمي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، فقلت له: جعلت فداك أن شيعتك تقول ان الإيمان مستقر ومستودع فعلمني شيئا إذا أنا قلته استكملت الإيمان.
قال (عليه السلام): قل في دبر كل صلاة فريضة:
" رضيت بالله ربا وبمحمد صلى الله عليه وآله نبيا وبالإسلام دينا وبالقرآن كتابا وبالكعبة قبلة وبعلي وليا وإماما وبالحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجة بن الحسن صلوات الله عليهم أئمة، اللهم إني رضيت بهم أئمة فارضني لهم إنك على كل شئ قدير " (2).
ومن الأمور النافعة لهذه العقبة:
المواظبة على أوقات الصلوات الفريضة. ففي الحديث أن ملك الموت قال:
".... انه ليس في شرقها ولا في غربها أهل بيت مدر ولا وبر إلا وأنا أتصفحهم في كل يوم خمس مرات.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): انما يتصفحهم في مواقيت الصلاة، فان كان ممن يواظب
(1) نقل النص العلامة الثاني السيد هاشم البحراني في كتاب (معالم الزلفى) ص 71 الطبعة الحجرية، عن ارشاد المسترشدين، وتكملة النص: " ويقول أيضا إن أراد السلامة من منكر ونكير لفظ الشهادتين والاقرار بالأئمة (عليهم السلام) بيقين صادق وصفاء خاطر ثم يقول: يا الله يا رحمن يا رحيم أودعتك هذا الاقرار بك وبالنبي والأئمة وأنت خير مستودع فرده علي في القبر عند مسألة منكر ونكير فإنه يسلم من مسألة منكر ونكير قطعا " انتهى كلامه رفع مقامه.
(2) التهذيب للشيخ الطوسي: ج 2، ص 109، ح 412.
(١١٦)جه من الإيمان فيحصل له عقاب النيران وفي الدعاء قد تعوذ الأئمة (عليهم السلام) منها فإذا أراد الانسان أن يسلم.. الخ ".
(١١٥)عليها عند مواقيتها لقنه شهادة أن لا إله إلا الله ومحمدا رسول الله صلى الله عليه وآله، ونحى عنه ملك الموت إبليس " (1).
* وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه كتب إلى بعض الناس:
" إن أدرت أن يختم بخير عملك حتى تقبض وأنت في أفضل الأعمال، فعظم لله حقه أن تبذل [لا تبذل. خ. ل] نعمه في معاصيه، وأن تغتر بحلمه عنك. وأكرم كل من وجدته يذكرنا [يذكر منا. خ. (2)] أو ينتحل مودتنا، ثم ليس عليك، صادقا كان أو كاذبا، انما لك نيتك، وعليه كذبه " (3).
* يقول الفقير: ومن النافع لحصول حسن العاقبة والوصول من الشقاوة إلى السعادة: قراءة الدعاء الحادي عشر من الصحيفة الكاملة:
" يا من ذكره شرف للذاكرين... الخ " (4).
وقراءة دعاء التمجيد المنقول في الكافي وغيره، وقد نقلته في كتاب (الباقيات الصالحات) بعد أدعية الساعات (5).
(١) الكافي: ج ٣، ص ١٣٦، كتاب الجنائز، باب (اخراج روح المؤمن والكافر)، ح ٢، ونقله عنه الحر العاملي في الوسائل: ج ٢، ص ٦٦٣، كتاب الطهارة، أبواب الاحتضار، باب ٣٦، ح ٤، وفي الوسائل ج ٣، ص ٧٩، كتاب الصلاة، أبواب المواقيت، باب ١، ح ٥.
(٢) في نسخة (عيون أخبار الرضا (عليه السلام)) للشيخ الصدوق.
(٣) رواه الصدوق في عيون أخبار الرضا: ج ٢، ص ٤، ونقله عن المجلسي في البحار: ج ٧٣، ص ٣٥١، ح ٤٩، و ج ٧٤، ص ٣٠٣، و ج ٧٨، ص ١٩٥، ح ١٥، عن الخصال للصدوق عن المفسر أحمد بن الحسن الحسيني عن أبي محمد العسكري عن آبائه (عليهم السلام) قال: كتب الصادق (عليه السلام) إلى بعض الناس: " إن أردت... الخ "، ولكننا لم نجده في الخصال المطبوع.
(٤) الصحيفة السجادية الكاملة: الدعاء ١١، (دعاؤه بخواتم الخير) الفقرة الأولى.
(٥) أقول: روى الكليني بسند موثق عن الإمام الصادق (عليه السلام) في الكافي الشريف: ج ٢، ص ٥١٦، كتاب الدعاء باب (ما يمجد به الرب تبارك وتعالى نفسه)، ح ٢.
ورواه الصدوق في ثواب الأعمال: ص ٢٨، بسند موثق أيضا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
" ان الله تبارك وتعالى يمجد نفسه في كل يوم وليلة ثلاث مرات. فمن مجد الله بما مجد به نفسه ثم كان في حال شقوة حوله الله عز وجل إلى سعادة يقول: أنت الله لا اله إلا أنت رب العالمين، أنت الله لا إله إلا أنت الرحمن الرحيم أنت الله لا اله الا أنت العزيز [العلي] الكبير أنت الله لا إله إلا أنت مالك يوم الدين، أنت الله لا إله إلا أنت الغفور الرحيم، أنت الله لا إله إلا أنت العزيز الحكيم، أنت الله لا إله إلا أنت منك بدأ الخلق [بدء كل شئ خ. ثواب الأعمال] وإليك يعود، أنت الله [الذي] لا إله إلا أنت لم تزل ولا تزل، أنت [الذي] لا اله إلا أنت خالق الخير والشر، أنت الله لا إله إلا أنت خالق الجنة والنار، أنت الله لا إله إلا أنت أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، أنت الله لا إله إلا أنت الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون، هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم... إلى آخر السورة (في الكافي ولكن لا يوجد في ثواب الأعمال. والظاهر أن ما في ثواب الأعمال أصح لأن آخر السورة (... العزيز الحكيم) الحشر الآية 24)، أنت الله لا إله إلا أنت الكبير [المتعال خ. ل ثواب الأعمال] والكبرياء رداؤك ".
(١١٧) * وأن يصلي الصلاة الواردة في يوم الأحد من ذي القعدة (1).
* والمداومة على هذا الذكر الشريف:
* (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب) * (2).
(1) أقول: روى السيد ابن طاووس (رحمه الله) في الاقبال: ص 308 عن أنس بن مالك، قال خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم الأحد في شهر ذي القعدة فقال: يا أيها الناس من كان منكم يريد التوبة؟
قلنا: كلنا نريد التوبة يا رسول الله.
فقال (صلى الله عليه وآله): اغتسلوا وتوضأوا وصلوا أربع ركعات واقرأوا في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وقل هو الله أحد ثلاث مرات والمعوذتين مرة، ثم استغفروا سبعين مرة ثم اختموا بلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ثم قولوا: يا عزيز يا غفار اغفر لي ذنوبي وذنوب جميع المؤمنين والمؤمنات فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.
ثم قال (صلى الله عليه وآله): ما من عبد من أمتي فعلها إلا نودي من السماء يا عبد الله استأنف العمل فإنك مقبول التوبة مغفور الذنب وينادي ملك من تحت العرش أيها العبد بورك عليك وعلى أهلك وذريتك. وينادي مناد آخر أيها العبد ترضي خصماؤك يوم القيامة، وينادي ملك آخر أيها العبد تموت على الإيمان، ولا اسلب منك الدين ويفسح في قبرك وينور فيه، وينادي مناد آخر: أيها العبد يرضى أبواك وإن كانا ساخطين وغفر لأبويك ذلك ولذريتك وأنت في سعة من الرزق في الدنيا والآخرة. وينادي جبرئيل (عليه السلام) أنا الذي آتيك مع ملك الموت (عليه السلام) أن يرفق بك ولا يخدشك أثر الموت انما تخرج الروح من جسدك سلا.. الحديث.
(2) سورة آل عمران: الآية 8.
روى العياشي في تفسيره: ج 1، ص 164، عن سماعة بن مهران قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام):
(أكثروا من أن تقولوا " ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا " لا تأمنوا الزيع).
أي أن الخبر يأمر بالمداومة على هذا الذكر الشريف لأجل أن يدفع عن أن يأمن السالك من الزيغ، فإنه معرض دائما للزيغ، فقوله (عليه السلام) " لا تأمنوا الزيغ " نهي عن الاطمئنان بالنفس والإيمان المحصل من عدم الزيغ.
(١١٨)* والمواظبة على تسبيح الزهراء (عليها السلام) (1).
* والتختم بخاتم عقيق، وبالخصوص إذا كتب عليه (محمد نبي الله وعلي ولي الله) (2).
(١) أقول: ورد في الأخبار الشريفة متواترا في فضل تسبيح الزهراء صلوات الله وسلامه عليها عقيب الصلاة وقبل النوم، وإليك بعض ذلك:
روى الكليني بإسناد صحيح عن الباقر (عليه السلام) قال: " ما عبد الله بشئ من التحميد أفضل من تسبيح فاطمة (عليها السلام) ولو كان شئ أفضل منه لنحله رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة (عليها السلام) ". الكافي:
ج ٣، ص ٣٤٣، ح ١٤، التهذيب الطوسي: ج ٢، ص ١٠٥، ح ١٦٦، باب ٢٣. وفيه أيضا بإسناد صحيح، عن أبي خالد القماط قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: تسبيح فاطمة ((عليها السلام) في كل يوم في دبر كل صلاة أحب إلي من صلاة ألف ركعة في كل يوم " الكافي: ج ٣، ص ٣٤٣، ح ١٥.
الوسائل: كتاب الصلاة، أبواب التعقيب، باب ٩ ح ١، ح ٢.
وروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) انه قال: " من بات على تسبيح فاطمة ((عليها السلام) كان من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات " الوسائل: كتاب الصلاة، أبواب التعقيب، باب ١١، ح ٤.
(٢) في مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: ج ٣، ص ٣٠٢، باب (في أحواله (عليه السلام)) أي أمير المؤمنين (عليه السلام) (في لوائه وخاتمه) ونقله المجلسي في البحار: ج ٤٢، ص ٦٢، عن موسى بن جعفر عن آبائه (عليهم السلام) قال النبي (صلى الله عليه وآله): " لما كلم الله موسى بن عمران على جبل طور سيناء اطلع على الأرض اطلاعة فخلق من وجهه العقيق، وقال: أقسمت على نفسي أن لا أعذب كف لابسك إذا تولى عليا (عليه السلام) بالنار ".
وروى الكليني (رحمه الله) في الكافي الشريف بإسناد صحيح عن الرضا (عليه السلام) قال: العقيق ينفي الفقر ولبس العقيق ينفي (النفاق).
وروى أيضا بالاسناد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " تختموا بالعقيق فإنه مبارك ومن تختم بالعقيق يوشك أن يقضى له بالحسنى ".
وروى (رحمه الله): شكا رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) انه قطع عليه الطريق فقال (صلى الله عليه وآله): " هلا تختمت بالعقيق فإنه يحرس من كل سوء " الكافي: ج ٦، ص 470، 471.
وروى المؤلف القمي (رحمه الله) في السفينة: ج 1، ص 376 الطبعة الحجرية: انه أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأن ينقش في خاتمه محمد بن عبد الله فنقش النقاش فأخطأت يده فنقش عليه محمد رسول الله، فأخذه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتختم به، فلما أصبح النبي (صلى الله عليه وآله) فإذا تحته منقوش (علي ولي الله).
وروى الشيخ الطوسي في الأمالي: ص 714، بالإسناد عن ابن عباس قال: أعطى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) فقال: يا علي اعط هذا الخاتم لينقش عليه محمد بن عبد الله، فأخذه أمير المؤمنين (عليه السلام) فأعطاه النقاش، فقال له أنقش عليه محمد بن عبد الله، فنقش النقاش وأخطأت يده فنقش عليه محمد رسول الله، فجاء أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: ما فعل الخاتم؟ فقال هو ذا.
فأخذه، ونظر إلى نقشه، فقال ما أمرتك بهذا.
فقال: صدقت، ولكن يدي أخطأت.
فجاء به إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال يا رسول الله ما نقش النقاش ما أمرت به، ذكر أن يده أخطأت.
فأخذه النبي (صلى الله عليه وآله) ونظر إليه، فقال: يا علي أنا محمد بن عبد الله، وأنا محمد رسول الله.
وتختم به. فلما أصبح النبي (صلى الله عليه وآله) نظر إلى خاتمه فإذا تحته منقوش علي ولي الله.
فتعجب من ذلك النبي (صلى الله عليه وآله) فجاء جبرئيل فقال: يا جبرئيل كان كذا وكذا؟
فقال: يا محمد (صلى الله عليه وآله) كتبت ما أردت وكتبنا ما أردنا.
ونقله العلامة المجلسي في البحار: ج 16، ص 91 عن أمالي الشيخ الطوسي بإسناده إلى زيد بن علي عن آبائه (عليهم السلام) قال، قال: " رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي... " ونقله في البحار: ج 40، ص 37، ح 72.
وروي في جامع الأخبار: ص 134، طبعة النجف الأشرف:
عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " من صاغ خاتما من عقيق فنقش فيه محمد نبي وعلي ولي [هكذا في المطبوعة ولعل لفظ الجلالة ساقط كما هو الظاهر من ملازمات المقال] وقاه الله ميتة السوء ولم يمت إلا على الفطرة ".
(١١٩)* وقراءة سورة (قد أفلح المؤمنون) في كل جمعة (1).
* وقراءة سبع مرات بعد صلاة الصبح وصلاة المغرب (بسم الله الرحمن
(١) أقول: روى الشيخ الصدوق (رحمه الله) في ثواب الأعمال ص ١٣٥ بالإسناد إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " من قرأ سورة المؤمنين ختم الله له بالسعادة [و] إذا كان يدمن قراءتها في كل جمعة كان منزله في الفردوس الأعلى مع النبيين والمرسلين ".
(١٢٠)الرحيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) (1).
* وأن يصلي في ليلة الثاني والعشرين من رجب ثمانية ركعات يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وقل يا أيها الكافرون سبعة مرات وبعد الفراغ يصلي على محمد وآل محمد عشرة مرات، ويستغفر الله تعالى عشرة مرات (2).
* وروى السيد ابن طاووس عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) انه قال:
" ومن صلى في الليلة السادسة من شعبان أربع ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة، وخمسين مرة قل هو الله أحد، قبض الله روحه على السعادة، ووسع عليه في قبره ويخرج من قبره ووجهه كالقمر وهو يقول: اشهد ان لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله " (3).
* يقول المؤلف: إن هذه الصلاة هي بعينها صلاة أمير المؤمنين (عليه السلام) وان لها فضل كثير.
وقد رأيت من المناسب في هذا المقام أن أذكر حكايتين:
الحكاية الأولى:
حكي ان تلميذا من تلاميذ الفضيل بن عياض (4) - وهو أحد رجال الطريقة -
(١) روى الشيخ الكليني (رحمه الله) في الكافي الشريف بإسناد معتبر بقوة الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
" إذا صليت المغرب والغداة فقل: بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم سبع مرات فإنه من قالها لم يصبه جذام ولا برص ولا جنون ولا سبعون نوعا من أنوع البلاء ". الكافي: ج ٢، ص 528.
(2) قال السيد ابن طاووس في اقبال الأعمال: ص 666، بعد أن ذكر هذه الصلاة المروية عن النبي (صلى الله عليه وآله): فإذا فعل ذلك لم يخرج من الدنيا حتى يرى مكانه في الجنة ويكون موته على الاسلام ويكون له أجر سبعين نبيا.
(3) اقبال الأعمال: ص 690 - 691، الطبعة الحجرية.
(4) قال المؤلف (رحمه الله) في سفينة البحار: ج 7، ص 103 الطبعة الحديثة:
(الفضيل بن عياض الزاهد بصري أو كوفي عامي ثقة روى عن أبي عبد الله (عليه السلام)، له نسخة يرويها النجاشي وكان من زهدة عصره، ذكر الصوفية له كرامات ومقامات ويحكى انه كان في أول أمره يقطع الطريق بين أبيورد وسرخس وعشق جارية فبينما يرتقي الجدران إليها سمع تاليا يتلوا: * (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله) * سورة الحديد: الآية 16.
فقال: يا رب قد آن، فرجع وآوى إلى خربة فإذا فيها رفقة فقال بعضهم: نرتحل، وقال بعضهم:
حتى نصبح فان فضيلا على الطريق يقطع علينا، فتاب الفضيل وأمنهم، وحكي انه جاور الحرم حتى مات وكانت وفاته يوم عاشوراء سنة (187). وله كلمات منها: ثلاثة لا ينبغي أن يلاموا على سوء الخلق والغضب: الصائم والمريض والمسافر، وقال ثلاث خصال يقسين القلب: كثرة الأكل وكثرة النوم وكثرة الكلام، قيل: كان لفضيل ولد اسمه علي وكان أفضل من أبيه في الزهد والعبادة الا أنه لم يتمتع بحياته كثيرا وكان سبب موته انه كان يوما في المسجد الحرام واقفا بقرب ماء زمزم فسمع قارئا يقرأ * (وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد * سرابيلهم من قطران وتغشى وجوهم النار) * سورة إبراهيم / الآية 49 - 50. فصعق ومات).
(١٢١)وكان يعد من أعلم تلاميذه لما حضرته الوفاة دخل عليه الفضيل وجلس عند رأسه وقرأ سورة ياسين.
فقال التلميذ المحتضر: يا أستاذ لا تقرأ هذه السورة. فسكت الأستاذ، ثم لقنه فقال له: قل لا إله إلا الله.
فقال: لا أقولها، لأني برئ منها.
ثم مات على ذلك.
فاضطرب الفضيل من مشاهدة هذه الحالة اضطرابا شديدا. فدخل منزله ولم يخرج منه. ثم رآه في النوم وهو يسحب به إلى جهنم.
فسأله الفضيل: بأي شئ نزع الله المعرفة منك، وكنت اعلم تلاميذي.
فقال: بثلاثة أشياء:
أولها: النميمة فاني قلت لأصحابي بخلاف ما قلت لك.
والثاني: بالحسد، حسدت أصحابي.
والثالث: كانت بي علة فجئت إلى الطبيب فسألته عنها فقال تشرب في كل سنة قدحا من الخمر، فان لم تفعل بقيت بك العلة.
فكنت اشرب الخمر تبعا لقول الطبيب.
ولهذه الأشياء الثلاثة التي كانت في ساءت عاقبتي ومت على تلك الحالة (1).
(1) راجعنا في ترجمة القصة ما نقله المؤلف (رحمه الله) في كتابه سفينة البحار: ج 2، ص 727 الطبعة الحديثة، وقد حاولنا أن نجمع ما في السفينة وما نقله هنا بالفارسية، وإن شئت فراجع السفينة.يقول المؤلف: رأيت من المناسب أن أذكر في ذيل هذه الحكاية هذا الخبر:
روى الشيخ الكليني عن أبي بصير انه قال:
دخلت أم خالد العبدية على أبي عبد الله (عليه السلام) وأنا عنده فقالت: جعلت فداك انه يعتريني قراقر في بطني.. وقد وصف لي أطباء العراق النبيذ بالسويق، وقد وقفت وعرفت كراهتك له، فأحببت أن أسألك عن ذلك؟
فقال لها (عليه السلام): وما يمنعك عن شربه؟
قالت: قد قلدتك ديني، فألقى الله عز وجل حين ألقاه فأخبره ان جعفر بن محمد (عليهما السلام) أمرني ونهاني.
فقال: يا أبا محمد ألا تسمع إلى هذه المرأة، وهذه المسائل. لا والله لا آذن لك في قطرة منه، ولا تذوقي منه قطرة، فإنما تندمي إذا بلغت نفسك ها هنا - وأومأ بيده إلى حنجرته - يقولها ثلاثا: أفهمت؟
قالت: نعم (1).
الحكاية الأخرى:
ذكر الشيخ البهائي عطر الله مرقده في الكشكول:
احتضر بعض المترفين وكان كلما قيل له قل: لا إله إلا الله، يقول هذا البيت:
يا رب قائلة يوما وقد تعبت * أين الطريق إلى حمام منجاب وسبب ذلك أن امرأة عفيفة حسناء خرجت إلى حمام معروف بحمام بنجاب، فلم تعرف طريقه وتعبت من المشي، فرأت رجلا على باب دار، فسألته عن الحمام.
فقال: هو هذا، وأشار إلى باب داره.
فلما دخلت، أغلق الباب عليها، فلما علمت بمكره أظهرت كمال الرغبة والسرور، وقالت: اشتر لنا شيئا من الطيب، وشيئا من الطعام، وعجل بالعود إلينا.
فلما خرج واثقا بها وبرغبتها، خرجت وتخلصت منه.
(١٢٢)
رد: الشيخ عباس القمي - الصفحة ٨١
فانظر كيف منعته هذه الخطيئة عن الاقرار بالشهادة عند الموت، مع أنه لم يصدر منه إلا ادخال المرأة بيته وعزمه على الزنا فقط من دون وقوعه منه (1).
والحكايات من هذا القبيل كثيرة.
واعلم أن الشيخ الكليني روى عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال:
" من منع قيراطا من الزكاة فليمت إن شاء يهوديا أو نصرانيا " (2).
يقول الفقير: القيراط واحد وعشرون دينارا.
وورد قريبا من هذا المضمون في حق من استطاع أن يحج ولم يحج حتى مات (3).
لطيفة:
نقل عن بعض العارفين انه حضر عند محتضر فطلب الحاضرون منه أن يلقن المحتضر. فلقنه هذه الرباعية:
گر من گنه جمله جهان كردستم لطف تو اميد است كه گيرد دستم گوئي كه به وقت عجز دستت گيرم عاجز تر از أين مخواه كاكنون هستم يعني:
إن ارتكبت معاصي الدنيا كلها فرجائي أن يأخذ لطفك يدي فإنك وعدتني بأخذ يدي عندما أعجز لا تشأ أن أعجز أكثر من عجزي الحالي
(١) الكشكول: ج ١، ص ٢٤٨ - ٢٤٩.
(٢) الكافي: ج ٣، ص ٥٠٧.
(٣) أقول: روى الصدوق في ثواب الأعمال: ص 281 - 282، بالإسناد عن أبي عبد الله (عليه السلام):
" من مات ولم يحج حجة الاسلام ولم تمنعه من ذلك حاجة تجحف به أو مرض لا يطيق الحج من أجله أو سلطان يمنعه فليمت إن شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا ".
(١٢٤)إلى عدة عقبات منها:
العقبة الأولى وحشة القبر * في كتاب (من لا يحضره الفقيه):
(وإذا حمل الميت إلى قبره فلا يفاجأ به القبر لأن للقبر أهوالا عظيمة. ويتعوذ حامله بالله من هول المطلع. ويضعه قرب شفير القبر. ويصبر عليه هنيئة ثم يقدمه قليلا ويصبر عليه هنيئة ليأخذ أهبته، ثم يقدمه إلى شفير القبر) (1).
وقال المجلسي الأول في شرح هذا الحديث:
(ولو أن الروح قد فارقت البدن، وان الروح الحيوانية قد ماتت، أما النفس الناطقة فحية. وان تعلقها بالبدن يزول على نحو الكلية. وان الخوف من ضغطة القبر وسؤال منكر ونكير ورومان " فتان القبور "، والخوف من عذاب البرزخ موجود ليكن عبرة للآخرين ليفكروا ان ذلك واقع بهم في المستقبل.
وفي حديث حسن (2) عن يونس قال: حديث سمعته عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) ما ذكرته وأنا في بيت إلا ضاق علي. يقول: إذا أتيت بالميت إلى شفير قبره فأمهله ساعة، فإنه يأخذ أهبته للسؤال (3).
وروي عن البراء بن عازب - أحد الصحابة المعروفين قال:
بينما نحن مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا بصر بجماعة فقال: علام اجتمع عليه هؤلاء؟
(١) من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق: ج ١، ص ١٧٠.
(٢) أي ان سند الحديث حسن.
(٣) لم نجده في الشرح العربي المطبوع باسم (روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه) ولعله في الشرح الفارسي فان للمجلسي الأول شرحان على الفقيه.
وأما الرواية فموجودة في الشرح العربي ونقلناها منه، روضة المتقين: ج ١، ص ٤٥٠.
وقد رواها الكليني في الكافي: ج ٣، ص 191، كتاب الجنائز - باب (في وضع الجنازة دون القبر) - ح 2.قيل: على قبر يحفرونه.
قال: ففزع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فبدر بين يدي أصحابه مسرعا حتى انتهى إلى القبر فجثا عليه.
قال: فاستقبلته من بين يديه لأنظر ما يصنع. فبكى حتى بل الثرى من دموعه، ثم اقبل علينا، قال: أي إخواني لمثل اليوم أعدوا (1).
(١) مسند أحمد بن حنبل: ج ٤، ص ٢٩٤ وروى الشهيد في: مسكن الفؤاد، ص ١٠٧، الطبعة الحجرية عن البراء بن عازب باختلاف يسير، ونقله الشيخ النوري في المستدرك: ج ٢، ص 465، باب 74، ح 2476، الطبعة الحديثة.
ومما يناسب المقام ما رواه أحمد بن حنبل أيضا عن البراء بن عازب انه قال:
(خرجنا مع النبي (صلى الله عليه وآله) في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وجلسنا حوله، وكأن على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت في الأرض.
فرفع رأسه، فقال:
استعيذوا بالله من عذاب القبر. (مرتين، أو ثلاثا) ثم قال:
إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا، واقبال من الآخرة، نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجئ ملك الموت (عليه السلام) حتى يجلس عند رأسه فيقول:
أيتها النفس الطيبة اخرجي إلى مغفرة من الله، ورضوان.
قال: فتخرج تسيل، كما تسيل القطرة من في السقاء، فيأخذها. فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلونها في ذلك الكفن، وفي ذلك الحنوط، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض.
قال: فيصعدون بها، فلا يمرون - يعني بها - على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الطيب؟
فيقولون: فلان، بن فلان، بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا.
حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له، فيفتح لهم، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى ينتهى به إلى السماء السابعة، فيقول الله عز وجل اكتبوا كتاب عبدي في عليين، وأعيدوه إلى الأرض، فاني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى.
قال: فتعاد روحه في جسده، فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول ربي الله.
فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ديني الاسلام.
فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟
فيقول: هو رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فيقولان له: وما علمك؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت.
فينادي مناد من السماء: إن صدق عبدي فافرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا إلى الجنة. قال: فيأتيه من روحها وطيبها، ويفسح له في قبره مد بصره... الحديث) مسند أحمد: ج 4، ص 287.
(١٢٩)* ونقل الشيخ البهائي عن بعض الحكماء انه رئي في ساعة موته يتحسر ويتأسف.
فقيل له: ما هذا الذي يرى منك؟
فقال: ما يظن بمن يسافر سفرا بعيدا بدون زاد ولا مؤونة، ويسكن في قبر موحش بلا مؤنس، ويرد على حاكم عادل بدون حجة؟!
* وروى القطب الراوندي أن عيسى نادى أمه مريم (عليهم السلام) بعد ما دفنت فقال:
يا أماه هل تريدين أن ترجعي إلى الدنيا؟
قالت: نعم لأصلي لله في ليلة شديدة البرد وأصوم يوما شديد الحر، يا بني فان الطريق مخوف (1).
* وروي: ان فاطمة (عليها السلام) لما احتضرت أوصت عليا (عليه السلام) فقالت: " إذا أنا مت فتول أنت غسلي وجهزني، وصل علي وأنزلني قبري وألحدني، وسو التراب علي، واجلس عند رأسي قبالة وجهي، فأكثر من تلاوة القرآن والدعاء فإنها ساعة يحتاج الميت فيها إلى أنس الأحياء " (2).
* وروى السيد ابن طاووس (رحمه الله) عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) انه قال:
(١) رواها النوري في مستدرك الوسائل: ج ١، ص ٥٩١، الطبعة الحجرية، كتاب الصيام، أبواب الصوم المندوب، باب ٢، ح ٦، عن لب اللباب للراوندي.
(٢) راجع البحار: ج ٨٢، ص ٢٧، ح ١٣، عن مصباح الأنوار، ونقله عنه الشيخ النوري (رحمه الله) في المستدرك: ج ٢، ص ٣٣٩، باب ٣٢، ح ٢١٣٣. ونقله أيضا في المستدرك: ج ٢، ح 477، باب 79، ح 2509. وتجده في مصابيح الأنوار: ص 257.الله مضجعه) قال:
كان من عادتي وطريقتي أن أصلي ركعتين لكل من سمعته مات في ولاء أهل البيت (عليهم السلام) في ليلة دفنه سواءا عرفته أو جهلته. ولم يكن أحدا مطلعا على ذلك، إلى أن لقاني يوما في الطريق بعض الأصدقاء فقال:
اني رأيت البارحة فلانا في المنام - وقد توفي في هذه الأيام - فسألته عن حاله، وما جرى عليه بعد الموت.
فقال: كنت في شدة وبلاء وآل أمري إلى العقاب عند الجزاء إلا أن الركعتين اللتين صلاهما فلان - وسماك - انقذتني من العذاب، ودفعت عني مضاضة العقاب، فرحم الله أباه (1) لهذا الاحسان الذي وصل منه إلي (2).
ثم سألني عن تلك الصلاة فأخبرته بطريقتي المستمرة، وعادتي الجارية (3).
* ومن الأشياء النافعة أيضا لوحشة القبر اتمام الركوع كما روي عن الإمام محمد الباقر (عليه السلام) انه قال:
" من أتم ركوعه لم تدخله وحشة القبر " (4).
* وورد في الخبر أيضا:
" من قال مائة مرة (لا إله إلا الله الملك الحق المبين) أعاذه الله العزيز الجبار من الفقر وأنس وحشة قبره واستجلب الغنى واستقرع باب الجنة " (5).
(١) في المصدر المطبوع: إياه.
(٢) هكذا في المصدر بدل (وصلني منه) كما هو الصحيح.
(٣) دار السلام: ج ٢، ص ٣١٥.
(٤) الدعوات للقطب الراوندي: ص ٢٧٦ الطبعة الحديثة، قال: " وعن سعيد بن جناح قال:
كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) فقال مبتدءا... الخبر) ونقله عنه المجلسي (رحمه الله) في البحار: ج ٦، ص ٢٤٤، ٧١، وفي ج ٨٢، ص ٦٤، ح ٨، ورواه الصدوق في ثواب الأعمال: ص ٥٥ (باب من أتم ركوعه)، ح ١. ونقله عن البحار: ج ٨٥، ص ١٠٧، ح ١٥.
(٥) ثواب الأعمال: الشيخ الصدوق: ص ٢٢ (ثواب من قال لا إله إلا الله الملك الحق المبين مائة مرة) ح ١. وذكره القطب الراوندي في الدعوات: ص 217.
ونقله في البحار: ج 86، ص 161 ح 40، عن (البلد الأمين) وفي ج 87 - ص 8، ح 13، وفي ج 93، ص 207، ح 7.
كما رواه الشيخ الطوسي في الأمالي: ص 285.
والحكايات من هذا القبيل كثيرة.
واعلم أن الشيخ الكليني روى عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال:
" من منع قيراطا من الزكاة فليمت إن شاء يهوديا أو نصرانيا " (2).
يقول الفقير: القيراط واحد وعشرون دينارا.
وورد قريبا من هذا المضمون في حق من استطاع أن يحج ولم يحج حتى مات (3).
لطيفة:
نقل عن بعض العارفين انه حضر عند محتضر فطلب الحاضرون منه أن يلقن المحتضر. فلقنه هذه الرباعية:
گر من گنه جمله جهان كردستم لطف تو اميد است كه گيرد دستم گوئي كه به وقت عجز دستت گيرم عاجز تر از أين مخواه كاكنون هستم يعني:
إن ارتكبت معاصي الدنيا كلها فرجائي أن يأخذ لطفك يدي فإنك وعدتني بأخذ يدي عندما أعجز لا تشأ أن أعجز أكثر من عجزي الحالي
(١) الكشكول: ج ١، ص ٢٤٨ - ٢٤٩.
(٢) الكافي: ج ٣، ص ٥٠٧.
(٣) أقول: روى الصدوق في ثواب الأعمال: ص 281 - 282، بالإسناد عن أبي عبد الله (عليه السلام):
" من مات ولم يحج حجة الاسلام ولم تمنعه من ذلك حاجة تجحف به أو مرض لا يطيق الحج من أجله أو سلطان يمنعه فليمت إن شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا ".
(١٢٤)إلى عدة عقبات منها:
العقبة الأولى وحشة القبر * في كتاب (من لا يحضره الفقيه):
(وإذا حمل الميت إلى قبره فلا يفاجأ به القبر لأن للقبر أهوالا عظيمة. ويتعوذ حامله بالله من هول المطلع. ويضعه قرب شفير القبر. ويصبر عليه هنيئة ثم يقدمه قليلا ويصبر عليه هنيئة ليأخذ أهبته، ثم يقدمه إلى شفير القبر) (1).
وقال المجلسي الأول في شرح هذا الحديث:
(ولو أن الروح قد فارقت البدن، وان الروح الحيوانية قد ماتت، أما النفس الناطقة فحية. وان تعلقها بالبدن يزول على نحو الكلية. وان الخوف من ضغطة القبر وسؤال منكر ونكير ورومان " فتان القبور "، والخوف من عذاب البرزخ موجود ليكن عبرة للآخرين ليفكروا ان ذلك واقع بهم في المستقبل.
وفي حديث حسن (2) عن يونس قال: حديث سمعته عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) ما ذكرته وأنا في بيت إلا ضاق علي. يقول: إذا أتيت بالميت إلى شفير قبره فأمهله ساعة، فإنه يأخذ أهبته للسؤال (3).
وروي عن البراء بن عازب - أحد الصحابة المعروفين قال:
بينما نحن مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا بصر بجماعة فقال: علام اجتمع عليه هؤلاء؟
(١) من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق: ج ١، ص ١٧٠.
(٢) أي ان سند الحديث حسن.
(٣) لم نجده في الشرح العربي المطبوع باسم (روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه) ولعله في الشرح الفارسي فان للمجلسي الأول شرحان على الفقيه.
وأما الرواية فموجودة في الشرح العربي ونقلناها منه، روضة المتقين: ج ١، ص ٤٥٠.
وقد رواها الكليني في الكافي: ج ٣، ص 191، كتاب الجنائز - باب (في وضع الجنازة دون القبر) - ح 2.قيل: على قبر يحفرونه.
قال: ففزع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فبدر بين يدي أصحابه مسرعا حتى انتهى إلى القبر فجثا عليه.
قال: فاستقبلته من بين يديه لأنظر ما يصنع. فبكى حتى بل الثرى من دموعه، ثم اقبل علينا، قال: أي إخواني لمثل اليوم أعدوا (1).
(١) مسند أحمد بن حنبل: ج ٤، ص ٢٩٤ وروى الشهيد في: مسكن الفؤاد، ص ١٠٧، الطبعة الحجرية عن البراء بن عازب باختلاف يسير، ونقله الشيخ النوري في المستدرك: ج ٢، ص 465، باب 74، ح 2476، الطبعة الحديثة.
ومما يناسب المقام ما رواه أحمد بن حنبل أيضا عن البراء بن عازب انه قال:
(خرجنا مع النبي (صلى الله عليه وآله) في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وجلسنا حوله، وكأن على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت في الأرض.
فرفع رأسه، فقال:
استعيذوا بالله من عذاب القبر. (مرتين، أو ثلاثا) ثم قال:
إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا، واقبال من الآخرة، نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجئ ملك الموت (عليه السلام) حتى يجلس عند رأسه فيقول:
أيتها النفس الطيبة اخرجي إلى مغفرة من الله، ورضوان.
قال: فتخرج تسيل، كما تسيل القطرة من في السقاء، فيأخذها. فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلونها في ذلك الكفن، وفي ذلك الحنوط، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض.
قال: فيصعدون بها، فلا يمرون - يعني بها - على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الطيب؟
فيقولون: فلان، بن فلان، بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا.
حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له، فيفتح لهم، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى ينتهى به إلى السماء السابعة، فيقول الله عز وجل اكتبوا كتاب عبدي في عليين، وأعيدوه إلى الأرض، فاني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى.
قال: فتعاد روحه في جسده، فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول ربي الله.
فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ديني الاسلام.
فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟
فيقول: هو رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فيقولان له: وما علمك؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت.
فينادي مناد من السماء: إن صدق عبدي فافرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا إلى الجنة. قال: فيأتيه من روحها وطيبها، ويفسح له في قبره مد بصره... الحديث) مسند أحمد: ج 4، ص 287.
(١٢٩)* ونقل الشيخ البهائي عن بعض الحكماء انه رئي في ساعة موته يتحسر ويتأسف.
فقيل له: ما هذا الذي يرى منك؟
فقال: ما يظن بمن يسافر سفرا بعيدا بدون زاد ولا مؤونة، ويسكن في قبر موحش بلا مؤنس، ويرد على حاكم عادل بدون حجة؟!
* وروى القطب الراوندي أن عيسى نادى أمه مريم (عليهم السلام) بعد ما دفنت فقال:
يا أماه هل تريدين أن ترجعي إلى الدنيا؟
قالت: نعم لأصلي لله في ليلة شديدة البرد وأصوم يوما شديد الحر، يا بني فان الطريق مخوف (1).
* وروي: ان فاطمة (عليها السلام) لما احتضرت أوصت عليا (عليه السلام) فقالت: " إذا أنا مت فتول أنت غسلي وجهزني، وصل علي وأنزلني قبري وألحدني، وسو التراب علي، واجلس عند رأسي قبالة وجهي، فأكثر من تلاوة القرآن والدعاء فإنها ساعة يحتاج الميت فيها إلى أنس الأحياء " (2).
* وروى السيد ابن طاووس (رحمه الله) عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) انه قال:
(١) رواها النوري في مستدرك الوسائل: ج ١، ص ٥٩١، الطبعة الحجرية، كتاب الصيام، أبواب الصوم المندوب، باب ٢، ح ٦، عن لب اللباب للراوندي.
(٢) راجع البحار: ج ٨٢، ص ٢٧، ح ١٣، عن مصباح الأنوار، ونقله عنه الشيخ النوري (رحمه الله) في المستدرك: ج ٢، ص ٣٣٩، باب ٣٢، ح ٢١٣٣. ونقله أيضا في المستدرك: ج ٢، ح 477، باب 79، ح 2509. وتجده في مصابيح الأنوار: ص 257.الله مضجعه) قال:
كان من عادتي وطريقتي أن أصلي ركعتين لكل من سمعته مات في ولاء أهل البيت (عليهم السلام) في ليلة دفنه سواءا عرفته أو جهلته. ولم يكن أحدا مطلعا على ذلك، إلى أن لقاني يوما في الطريق بعض الأصدقاء فقال:
اني رأيت البارحة فلانا في المنام - وقد توفي في هذه الأيام - فسألته عن حاله، وما جرى عليه بعد الموت.
فقال: كنت في شدة وبلاء وآل أمري إلى العقاب عند الجزاء إلا أن الركعتين اللتين صلاهما فلان - وسماك - انقذتني من العذاب، ودفعت عني مضاضة العقاب، فرحم الله أباه (1) لهذا الاحسان الذي وصل منه إلي (2).
ثم سألني عن تلك الصلاة فأخبرته بطريقتي المستمرة، وعادتي الجارية (3).
* ومن الأشياء النافعة أيضا لوحشة القبر اتمام الركوع كما روي عن الإمام محمد الباقر (عليه السلام) انه قال:
" من أتم ركوعه لم تدخله وحشة القبر " (4).
* وورد في الخبر أيضا:
" من قال مائة مرة (لا إله إلا الله الملك الحق المبين) أعاذه الله العزيز الجبار من الفقر وأنس وحشة قبره واستجلب الغنى واستقرع باب الجنة " (5).
(١) في المصدر المطبوع: إياه.
(٢) هكذا في المصدر بدل (وصلني منه) كما هو الصحيح.
(٣) دار السلام: ج ٢، ص ٣١٥.
(٤) الدعوات للقطب الراوندي: ص ٢٧٦ الطبعة الحديثة، قال: " وعن سعيد بن جناح قال:
كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) فقال مبتدءا... الخبر) ونقله عنه المجلسي (رحمه الله) في البحار: ج ٦، ص ٢٤٤، ٧١، وفي ج ٨٢، ص ٦٤، ح ٨، ورواه الصدوق في ثواب الأعمال: ص ٥٥ (باب من أتم ركوعه)، ح ١. ونقله عن البحار: ج ٨٥، ص ١٠٧، ح ١٥.
(٥) ثواب الأعمال: الشيخ الصدوق: ص ٢٢ (ثواب من قال لا إله إلا الله الملك الحق المبين مائة مرة) ح ١. وذكره القطب الراوندي في الدعوات: ص 217.
ونقله في البحار: ج 86، ص 161 ح 40، عن (البلد الأمين) وفي ج 87 - ص 8، ح 13، وفي ج 93، ص 207، ح 7.
كما رواه الشيخ الطوسي في الأمالي: ص 285.
رد: الشيخ عباس القمي - الصفحة ٨١
وروي:
" ومن صام اثني عشر يوما من شعبان زاره في قبره كل يوم سبعون ألف ملك إلى النفخ في الصور " (1).
* ومن عاد مريضا أوكل الله تعالى به ملكا يعوده في قبره إلى محشره (2).
(١) روى ذلك الشيخ الصدوق في ثواب الأعمال: ص ٨٧، ورواه في فضائل الأشهر الثلاثة ص ٤٧، ح ٢٤.
ورواه في الأمالي: ص ٢٩، المجلس ٧، ح ١ ونقله المجلسي في البحار: ج ٩٧، ص ٦٩، ح ٧.
(٢) أقول: روى الصدوق في ثواب الأعمال: ص ٢٣١، بإسناد صحيح عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
" كان فيما ناجى الله به موسى (عليه السلام) ربه إن قال: يا رب أعلمني ما بلغ من عيادة المريض من الأجر؟
قال عز وجل: أوكل به ملكا يعوده في قبره إلى محشره ".
وفي: قصص الأنبياء / القطب الراوندي: ص ١٦٣، ح ١٨٥ (قال موسى (عليه السلام): يا رب ما لمن عاد مريضا؟ قال: أوكل به ملكا يعوده في قبره إلى محشره..). ونقله عنه المجلسي في البحار: ج ١٣، ص ٣٥٤، ح ٥٢. وروى الكليني في الكافي: ج ٣، ص 120، كتاب الجنائز باب (ثواب عيادة المريض)، ح 4، عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال: " أيما مؤمن عاد مؤمنا في الله عز وجل في مرضه وكل الله به ملكا من العواد يعوده في قبره إلى يوم القيامة ".
وفي ج 3، ص 120 ح 5: بسند صحيح عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: " من عاد مريضا من المسلمين وكل الله به أبدا سبعين ألفا من الملائكة يغشون رحله ويسبحون فيه، ويقدسون، ويهللون، ويكبرون إلى يوم القيامة نصف صلاتهم لعائد المريض ".
وروى أيضا في ج 3، ص 121، ح 7 بإسناده عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال: " من عاد مريضا وكل الله عز وجل به ملكا يعوده في قبره ".
" ومن صام اثني عشر يوما من شعبان زاره في قبره كل يوم سبعون ألف ملك إلى النفخ في الصور " (1).
* ومن عاد مريضا أوكل الله تعالى به ملكا يعوده في قبره إلى محشره (2).
(١) روى ذلك الشيخ الصدوق في ثواب الأعمال: ص ٨٧، ورواه في فضائل الأشهر الثلاثة ص ٤٧، ح ٢٤.
ورواه في الأمالي: ص ٢٩، المجلس ٧، ح ١ ونقله المجلسي في البحار: ج ٩٧، ص ٦٩، ح ٧.
(٢) أقول: روى الصدوق في ثواب الأعمال: ص ٢٣١، بإسناد صحيح عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
" كان فيما ناجى الله به موسى (عليه السلام) ربه إن قال: يا رب أعلمني ما بلغ من عيادة المريض من الأجر؟
قال عز وجل: أوكل به ملكا يعوده في قبره إلى محشره ".
وفي: قصص الأنبياء / القطب الراوندي: ص ١٦٣، ح ١٨٥ (قال موسى (عليه السلام): يا رب ما لمن عاد مريضا؟ قال: أوكل به ملكا يعوده في قبره إلى محشره..). ونقله عنه المجلسي في البحار: ج ١٣، ص ٣٥٤، ح ٥٢. وروى الكليني في الكافي: ج ٣، ص 120، كتاب الجنائز باب (ثواب عيادة المريض)، ح 4، عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال: " أيما مؤمن عاد مؤمنا في الله عز وجل في مرضه وكل الله به ملكا من العواد يعوده في قبره إلى يوم القيامة ".
وفي ج 3، ص 120 ح 5: بسند صحيح عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: " من عاد مريضا من المسلمين وكل الله به أبدا سبعين ألفا من الملائكة يغشون رحله ويسبحون فيه، ويقدسون، ويهللون، ويكبرون إلى يوم القيامة نصف صلاتهم لعائد المريض ".
وروى أيضا في ج 3، ص 121، ح 7 بإسناده عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال: " من عاد مريضا وكل الله عز وجل به ملكا يعوده في قبره ".
رد: الشيخ عباس القمي - الصفحة ٨١
* وروي عن أبي سعيد الخدري انه قال:
سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: يا علي! ابشر وبشر فليس على شيعتك (1) حسرة (2) عند الموت، ولا وحشة في القبور، ولا حزن يوم النشور (3).
العقبة الثانية ضغطة القبر وهذه العقبة صعبة جدا وبتصورها تضيق على الانسان الدنيا.
* قال أمير المؤمنين (عليه السلام): " يا عباد الله ما بعد الموت لمن لا يغفر له أشد من الموت القبر فاحذروا ضيقه وضنكه وظلمته وغربته، إن القبر يقول كل يوم أنا بيت الغربة انا بيت الوحشة أنا بيت الدود، والقبر روضة من رياض الجنة أو حفره من حفر النار إلى أن قال: وإن معيشة الضنك التي حذر الله منها عدوه عذاب القبر، إنه يسلط على الكافر في قبره تسعة وتسعين تنينا فينهشن لحمه ويكسرن عظمه يترددن عليه كذلك إلى يوم يبعث، لو أن تنينا منها نفخ في الأرض لم تنبت زرعا.
(1) في نسخة من المصدر (لشيعتك) بدل (على شيعتك).
(2) في نسخة من المصدر (كرب) بدل (حسرة).
(3) تفسير فرات: ص 348، ح 375. وفي البحار: ج 7، ص 198، ح 73، وتكملة الحديث (ولكأني بهم يخرجون من جدث القبور ينفضون التراب عن رؤوسهم ولحاهم، يقولون:
الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ان ربنا لغفور شكور الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب).
وفي البحار أيضا: ج 39، ص 228، عن عائشة، قال النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): " حسبك، ما لمحبك حسرة عند موته، ولا وحشة في قبره، ولا فزع يوم القيامة ".
وفي البحار: ج 6، ص 200:
عن أم سلمة (رضي الله عنها) قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام):
" يا علي ان محبيك يفرحون في ثلاثة مواطن: عند خروج أنفسهم وأنت هناك تشهدهم، وعند المسألة في القبور وأنت هناك تلقنهم، وعند العرض على الله وأنت هناك تعرفهم ".
(١٣٧)يا عباد الله إن أنفسكم الضعيفة وأجسادكم الناعمة الرقيقة التي يكفيها اليسير تضعف عن هذا " (1).
* وروي بأنه كان أبو عبد الله (عليه السلام) إذا قام الليل يرفع صوته حتى يسمع أهل الدار ويقول:
" اللهم أعني على هول المطلع ووسع علي ضيق المضجع وارزقني خير ما قبل الموت وارزقني خير ما بعد الموت " (2).
* ومن أدعيته (عليه السلام):
" اللهم بارك لي في الموت، اللهم أعني على سكرات الموت اللهم أعني على غم القبر، اللهم أعني على ضيق القبر اللهم أعني على وحشة القبر اللهم زوجني من الحور العين " (3).
* واعلم أن العمدة في عذاب القبر تأتي من عدم الاحتراز من البول، والاستخفاف به، يعني استسهاله، ومن النميمة ونقل الأقوال والأخبار والاستغابة وابتعاد الرجل عن أهله (4).
* ويستفاد من رواية سعد بن معاذ ان من أسباب ضغطة القبر سوء خلق
(١) الأمالي، الطوسي: ص ٢٧، ح ٣١، ونقله عنه المجلسي في البحار: ج ٦، ٢١٨، ح ١٣.
(٢) أصول الكافي: ج ٢، ص 539، بإسناد صحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج عن الإمام الصادق (عليه السلام). وفي (من لا يحضره الفقيه) ج 1، ص 480، ح 1389.
(3) أقول روى هذا الدعاء السيد ابن طاووس في اقبال الأعمال: ص 178، الطبعة الحجرية، في ضمن أعمال الليلة التاسعة عشرة من شهر رمضان المبارك، وقد رواه عن الإمام الصادق (عليه السلام) وفيه: " اللهم أعني على الموت، اللهم أعني على سكرات الموت... اللهم أعني على وحشة القبر، اللهم أعني على ظلمة القبر اللهم أعني على أهوال يوم القيامة، اللهم بارك لي في طول يوم القيامة، اللهم زوجني من الحور العين ". ونقله في البحار: ج 98، ص 135.
(4) روى الشيخ الصدوق في علل الشرائع: ص 309، باب 262، بالإسناد عن علي (عليه السلام) قال:
" عذاب القبر يكون من النميمة، والبول، وعزب الرجل عن أهله "، ونقله عنه المجلسي في البحار: ج 6، ص 222، ح 21، وفي ج 75، ص 265، ح 210، وفي ج 103، ص 286، ح 16الرجل مع أهله، وغلظته مع عياله أيضا (1).
* وورد في رواية عن الإمام الصادق (عليه السلام):
" ليس من مؤمن إلا وله ضمة " (2).
(١) وروى الصدوق (رحمه الله) في علل الشرائع: ص ٣١٠، باب ٢٦٢، ح ٤، وفي الأمالي: ص ٣١٤، المجلس ٦١، ح ٢، وروى الشيخ الطوسي في الأمالي: ص ٤٣٩، ح ١٢ ونقله في البحار:
ج ٦، ٢٢٠، ح ١٤، وفي ج ٢٢، ص ١٠٧، ح ٦٧، وفي ج ٧٣، ص ٢٩٨، ح ١١، وفي ج ٨٢، ص ٤٩، ح ٣٩.
" أتي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقيل له: ان سعد بن معاذ قد مات.
فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقام أصحابه معه. فأمر بغسل سعد، وهو قائم على عضادة الباب.
فلما إن حنط وكفن، وحمل على سريره، تبعه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بلا حذاء ولا رداء. ثم كان يأخذ يمنة السرير، ويسرة السرير مرة حتى انتهى به إلى القبر.
فنزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى لحده، وسوى اللبن عليه. وجعل يقول: ناولوني حجرا، ناولوني ترابا رطبا، يسد به ما بين اللبن.
فلما إن فرغ، وحثا التراب عليه، وسوى قبره، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اني لأعلم انه سيبلى ويصل البلى إليه، ولكن الله يحب عبدا إذا عمل عملا أحكمه، فلما إن سوى التربة عليه قالت أم سعد: يا سعد! هنيئا لك الجنة.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أم سعد! مه، لا تجزمي على ربك، فان سعدا قد اصابته ضمة، قال:
فرجع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ورجع الناس فقالوا له: يا رسول الله لقد رأيناك تصنعه على سعد ما لم تصنعه على أحد، انك تبعت جنازته بلا رداء، ولا حذاء.
فقال (صلى الله عليه وآله): ان الملائكة كانت بلا رداء ولا حذاء فتأسيت بها.
قالوا: وكنت تأخذ يمنة السرير مرة، ويسرة السرير مرة.
قال (صلى الله عليه وآله): كانت يدي في جبرئيل آخذ حيث يأخذ.
قالوا: أمرت بغسله وصليت على جنازته ولحدته في قبره، ثم قلت: ان سعدا قد أصابته ضمة.
قال: فقال (صلى الله عليه وآله): نعم انه كان في خلقه مع أهله سوء ".
(٢) كتاب الزهد للحسين بن سعيد الأهوازي: ص 88، ح 235، ونقله عنه المجلسي في البحار: ج 6، ص 221.
وروى الحسين بن سعيد الأهوازي في كتابه الزهد: ص 87 - 88، ح 234، وقال =
(١٣٩)* وفي رواية أخرى:
" ضغطة القبر للمؤمن كفارة لما كان منه من تضييع النعم " (1).
* وروى الشيخ الصدوق (رحمه الله) عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال:
" اقعد رجل من الأخيار (2) في قبره، قيل له: إنا جالدوك مائة جلدة من عذاب الله.
فقال: لا أطيقها.
فلم يزالوا به حتى انتهوا إلى جلدة واحده.
فقالوا: ليس منها بد.
قال: فبما تجلدونيها؟
قالوا: نجلدك لأنك صليت يوما بغير وضوء، ومررت على ضعيف فلم تنصره.
قال: فجلدوه جلدة من عذاب الله عز وجل فامتلأ قبره نارا " (3).
* وروي عنه (عليه السلام):
" أيما مؤمن سأله أخوه المؤمن حاجة وهو يقدر على قضائها ولم يقضها له
أبو بصير: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " ان رقية بنت رسول الله (عليه السلام) لما ماتت قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) على قبرها، فرفع يده تلقاء السماء ودمعت عيناه. فقالوا: يا رسول الله انا قد رأيناك رفعت رأسك إلى السماء، ودمعت عيناك؟ فقال: اني سألت ربي ان يهب لي رقية من ضمة القبر ". ونقله المجلسي في البحار: ج ٦، ص ٢١٧.
(١) رواه الصدوق في الأمالي: المجلس ٨٠، ح ٢، ص ٤٣٤، وفي علل الشرائع: ص ٣٠٩، الباب ٢٦٢، ح ٣، وفي ثواب الأعمال: ص ٢٣٤ (ثواب ضغطة القبر)، ح ١، ونقله في البحار:
ج ٦، ص ٢٢١، ح ١٦، وفي: ج ٧١، ص ٥٠، ح ٦٨.
(٢) قد أثبت المؤلف (رحمه الله) (أحبار) ثم قال في الهامش: (أحبار جمع حبر يعني عالم اليهود.
ومن المحتمل أن يكون أخيار بالخاء المعجمة والياء المثناة بنقطتين). وقد أثبتنا ما في المصدر.
(٣) ثواب الأعمال للشيخ الصدوق: ص 267، علل الشرائع: ص 309، ح 1، وفيه (اقعد رجلا من الأحبار)، ونقله في البحار: ج 6، ص 221، ح 18، وفي ج 75، ص 17، ح 4، وفي ج 8، ص 233، ح 6، وفيها جميعا (الأخيار) بالمعجمة.سلط الله عليه شجاعا (1) في قبره ينهش أصابعه " (2).
* وفي رواية أخرى:
" ينهش إبهامه في قبره إلى يوم القيامة مغفورا له أو معذبا " (3).
المنجيات من ضغطة القبر:
وأما الأمور التي تنجي من ضغطة القبر وعذابه فكثيرة نكتفي هنا بذكر عدة منها:
* الأول: روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال:
" من قرأ سورة النساء في كل جمعة أو من من ضغطة القبر " (4).
* الثاني: روي:
" من أدمن قراءة حم الزخرف آمنه الله في قبره من هوام الأرض وضغطة القبر " (5).
(١) ذكر المؤلف (رحمه الله) في ترجمة الحديث الشريف (سلط الله عليه حية تسمى شجاعا) وليس في الخبر ذلك. بل أن شجاع معناه اللغوي الحية قال الشيخ الطريحي في كتابه (مجمع البحرين) ج ٤، ص ٣٥١ (في الحديث سلط الله عليه شجاعا أقرع، الشجاع بالكسر والضم الحية العظيمة التي تواثب الفارس والرجل وتقوم على ذنبها وربما قلعت رأس الفارس تكون في الصحارى. والشجاع الأقرع حية قد تمعط فروة رأسها لكثرة سمها) انتهى كلامه رفع مقامه.
(٢) في عدة الداعي لابن فهد الحلي: ص ١٧٧، ص ١٧٩، وقريب منه في الكافي: ج ٢، ص ١٩٣، ح ٥، وفي ج ٢، ص ١٩٦، ح ١٣، وفي ج ٢ ص ٣٦٧، ح ٤. وفي ثواب الأعمال وعقاب الأعمال للشيخ الصدوق: ص ٢٩٦، (عقاب من اتاه أخوه في حاجة فلم يقضها له)، ح ١، وفي الإختصاص للمفيد: ص ٢٥٠، وفي الأمالي للشيخ الطوسي: ص ٦٧٦، ح ٣٦، ونقلها في البحار: ج ٧٤، ص ٣١٩، ح ٨٣، وفي: ج ٧٤، ص ٣٢٤، ح ٩٤، وفي: ج ٧٤، ص ٣٣٠، ح ١٠٢. وفي: ج ٧٥، ص ١٧٤، ح ٥، وفي ج ٧٥، ص ١٧٦، ح ١١، وفي ج ٧٥، ص ١٧٧، ح ١٣، وفي: ج ٧٥، ص ١٧٧، ح ١٤، ج ٧٥، ص ١٧٩، ح ١٩.
(٣) المصادر السابقة.
(٤) ثواب الأعمال للصدوق: ص ١٣١، تفسير العياشي: ج ١، ص ٢١٥، ح ١. ونقله في البحار:
ج ٩٢، ص ٢٧٣، ح ١.
(٥) ثواب الأعمال للصدوق: ص 141، ونقله في البحار: ج 87، ص 2، ح 3. وفي: ج 92، ص 299، ح 1.
(١٤١)* الثالث: روي:
" من قرأ سورة ن والقلم في فريضة أو نافلة... (1) وأعاذه الله إذا مات من ضمة القبر " (2).
* الرابع: روي عن الإمام الصادق (عليه السلام):
" من مات ما بين زوال الشمس من يوم الخميس إلى زوال الشمس من يوم الجمعة أعاذه الله من ضغطة القبر " (3).
* الخامس: روي عن الإمام الرضا (عليه السلام) انه قال:
" عليكم بصلاة الليل، فما من عبد يقوم آخر الليل فيصلي ثمان ركعات، وركعتي الشفع، وركعة الوتر، واستغفر الله في قنوته سبعين مرة إلا أجير من عذاب القبر ومن عذاب النار، ومد له في عمره، ووسع عليه في معيشته " (4).
* السادس: روي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله):
" من قرأ إلهكم التكاثر عند النوم وقي من فتنة القبر " (5).
* السابع: قراءة دعاء:
" أعددت لكل هول لا إله إلا الله... إلى اخره " عشر مرات.
(١) أسقط المؤلف قوله - المروي - عنه (عليه السلام):
" آمنه الله عز وجل من أن يصيبه فقر ابدا " من الخبر للاختصار لأن هذه العبارة لا تدخل تحت عنوان الموضوع.
(٢) ثواب الأعمال: ص ١٤٧، والرواية مروية عن الإمام الصادق (عليه السلام)، ونقلها عنه في البحار:
ج ٩٢، ص ٣١٦، ح ١.
(٣) رواه الصدوق (رحمه الله) في الأمالي: ٢٣١، المجلس ٤٧، ح ١١، ثواب الأعمال وعقاب الأعمال، ص ٢٣١. ونقله عنه في البحار، ج ٦، ص ٢٢١، ح ١٧. وفي: ج ٦، ص ٢٤٢، ح ٦٣، وفي ج ٨٩، ص ٢٦٥، ح ١.
(٤) روضة الواعظين الفتال النيسابوري: ج ٢، ص ٣٢٠، (مجلس في فضائل صلاة الليل)، ح ٢.
ونقله المجلسي في البحار: ج ٨٧، ص، ١٦١.
(٥) ثواب الأعمال للصدوق: ص 153. ونقله عنه المجلسي في البحار: ج 76، ص 200، ح 14. وفي: ج 92، ص 336، ح 2.
(١٤٢)وقد تقدم هذا الدعاء في عقبة سكرات الموت (1).
* الثامن: الدفن في النجف الأشرف، فمن خواص هذه التربة الشريفة انها تسقط عذاب القبر وحساب منكر ونكير عن من يدفن فيها (2).
(1) تقدمت مصادر هذا الدعاء في ص 125.
(2) أقول: في ارشاد القلوب للشيخ الديلمي: ص 439، قال: (وفي فضل المشهد الغروي الشريف على مشرفه أفضل الصلاة والسلام، وما لتربته والدفن فيها من المزية والشرف.
روي عن ابن عباس انه قال: الغري قطعة من الجبل الذي كلم الله جل شأنه موسى تكليما، وقدس عليه تقديسا، واتخذ إبراهيم (عليه السلام) خليلا، واتخذ محمدا (صلى الله عليه وآله) حبيبا وجعله للنبيين مسكنا.
وروي ان أمير المؤمنين (عليه السلام) نظر إلى ظهر الكوفة فقال: ما أحسن منظرك، وأطيب قعرك، اللهم اجعل قبري بها.
ومن خواص تربته اسقاط عذاب القبر، وترك محاسبة منكر ونكير للمدفون هناك كما وردت الأخبار الصحيحة عن أهل البيت (عليهم السلام).
وقال الشيخ الديلمي فيه ص 440:
(روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) انه كان إذا أراد الخلوة بنفسه، أتى إلى طرف الغري.
فبينما هو ذات يوم هناك مشرف على النجف، وإذا برجل قد أقبل من البرية راكبا على ناقة وقدامه جنازة، فحين رأى عليا (عليه السلام) قصده حتى وصل إليه وسلم عليه، فرد علي (عليه السلام)، وقال له: من أين؟
قال: من اليمن.
قال: وما هذه الجنازة التي معك؟
قال جنازة أبي أتيت لأدفنها في هذه الأرض.
فقال له علي (عليه السلام): لم لا دفنته في أرضكم؟
قال: أوصى إلي بذلك، وقال: (انه يدفن هناك رجل يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر).
فقال له علي (عليه السلام): أتعرف ذلك الرجل؟
قال: لا فقال (عليه السلام): أنا والله ذلك الرجل، أنا والله ذلك الرجل. قم فادفن أباك.
فقام، فدفن أباه).
ومن خواص ذلك الحرم الشريف ان جميع المؤمنين يحشرون فيه) انتهى من ما نقلناه من الارشاد. روى الكليني في الكافي الشريف: ج 3، ص 243، باب في أرواح المؤمنين، بالإسناد إلى حبة العرني قال:
(خرجت مع أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الظهر - أي ظهر الكوفة، وهو النجف الأشرف كان يسمى بذلك لوقوعه بظهر الكوفة - فوقف بوادي السلام كأنه مخاطب لأقوام. فقمت بقيامه حتى أعييت، ثم جلست حتى مللت، ثم قمت حتى نالني مثل ما نالني أولا، ثم جلست حتى مللت، ثم قمت وجمعت ردائي فقلت: يا أمير المؤمنين إني قد أشفقت عليك من طول القيام فراحة ساعة.
فقال لي: يا حبة إن هو إلا محادثة مؤمن أو مؤانسته.
قال: قلت: يا أمير المؤمنين، وانهم لكذلك؟
قال: نعم، ولو كشف لك لرأيتهم حلقا حلقا محتبين يتحادثون.
فقلت: أجسام أم أرواح؟
فقال: أرواح. وما من مؤمن يموت في بقعة من بقاع الأرض إلا قيل لروحه: الحقي بوادي السلام وانها لبقعة من جنة عدن).
وروى أيضا بالإسناد إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (قلت له: ان أخي ببغداد، وأخاف أن يموت بها.
فقال: ما تبالي حيثما مات، أما انه لا يبقى مؤمن في شرق الأرض وغربها إلا حشر الله روحه إلى وادي السلام.
قلت له: وأين وادي السلام؟
قال: ظهر الكوفة. أما إني كأني بهم حلق حلق قعود يتحدثون).
وقال الديلمي في ارشاده ص 440.
(وروى جماعة من صلحاء المشهد الشريف الغروي انه رأى: ان كل واحد من القبور التي في المشهد الشريف، وظاهره: قد خرج منه حبل ممتد متصل بالقبة الشريفة صلوات الله على مشرفها).
وفي دار السلام للعلامة المرحوم الشيخ النوري (قدس سره) صاحب مستدرك الوسائل، قصة غريبة عجيبة ذكرها في المجلد 2، ص 68 - 69، تحت عنوان (رؤيا فيها معجزة وفضيلة عظيمة للدفن في وادي السلام)، فراجعها واستفد.
(١٤٣)
سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: يا علي! ابشر وبشر فليس على شيعتك (1) حسرة (2) عند الموت، ولا وحشة في القبور، ولا حزن يوم النشور (3).
العقبة الثانية ضغطة القبر وهذه العقبة صعبة جدا وبتصورها تضيق على الانسان الدنيا.
* قال أمير المؤمنين (عليه السلام): " يا عباد الله ما بعد الموت لمن لا يغفر له أشد من الموت القبر فاحذروا ضيقه وضنكه وظلمته وغربته، إن القبر يقول كل يوم أنا بيت الغربة انا بيت الوحشة أنا بيت الدود، والقبر روضة من رياض الجنة أو حفره من حفر النار إلى أن قال: وإن معيشة الضنك التي حذر الله منها عدوه عذاب القبر، إنه يسلط على الكافر في قبره تسعة وتسعين تنينا فينهشن لحمه ويكسرن عظمه يترددن عليه كذلك إلى يوم يبعث، لو أن تنينا منها نفخ في الأرض لم تنبت زرعا.
(1) في نسخة من المصدر (لشيعتك) بدل (على شيعتك).
(2) في نسخة من المصدر (كرب) بدل (حسرة).
(3) تفسير فرات: ص 348، ح 375. وفي البحار: ج 7، ص 198، ح 73، وتكملة الحديث (ولكأني بهم يخرجون من جدث القبور ينفضون التراب عن رؤوسهم ولحاهم، يقولون:
الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ان ربنا لغفور شكور الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب).
وفي البحار أيضا: ج 39، ص 228، عن عائشة، قال النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): " حسبك، ما لمحبك حسرة عند موته، ولا وحشة في قبره، ولا فزع يوم القيامة ".
وفي البحار: ج 6، ص 200:
عن أم سلمة (رضي الله عنها) قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام):
" يا علي ان محبيك يفرحون في ثلاثة مواطن: عند خروج أنفسهم وأنت هناك تشهدهم، وعند المسألة في القبور وأنت هناك تلقنهم، وعند العرض على الله وأنت هناك تعرفهم ".
(١٣٧)يا عباد الله إن أنفسكم الضعيفة وأجسادكم الناعمة الرقيقة التي يكفيها اليسير تضعف عن هذا " (1).
* وروي بأنه كان أبو عبد الله (عليه السلام) إذا قام الليل يرفع صوته حتى يسمع أهل الدار ويقول:
" اللهم أعني على هول المطلع ووسع علي ضيق المضجع وارزقني خير ما قبل الموت وارزقني خير ما بعد الموت " (2).
* ومن أدعيته (عليه السلام):
" اللهم بارك لي في الموت، اللهم أعني على سكرات الموت اللهم أعني على غم القبر، اللهم أعني على ضيق القبر اللهم أعني على وحشة القبر اللهم زوجني من الحور العين " (3).
* واعلم أن العمدة في عذاب القبر تأتي من عدم الاحتراز من البول، والاستخفاف به، يعني استسهاله، ومن النميمة ونقل الأقوال والأخبار والاستغابة وابتعاد الرجل عن أهله (4).
* ويستفاد من رواية سعد بن معاذ ان من أسباب ضغطة القبر سوء خلق
(١) الأمالي، الطوسي: ص ٢٧، ح ٣١، ونقله عنه المجلسي في البحار: ج ٦، ٢١٨، ح ١٣.
(٢) أصول الكافي: ج ٢، ص 539، بإسناد صحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج عن الإمام الصادق (عليه السلام). وفي (من لا يحضره الفقيه) ج 1، ص 480، ح 1389.
(3) أقول روى هذا الدعاء السيد ابن طاووس في اقبال الأعمال: ص 178، الطبعة الحجرية، في ضمن أعمال الليلة التاسعة عشرة من شهر رمضان المبارك، وقد رواه عن الإمام الصادق (عليه السلام) وفيه: " اللهم أعني على الموت، اللهم أعني على سكرات الموت... اللهم أعني على وحشة القبر، اللهم أعني على ظلمة القبر اللهم أعني على أهوال يوم القيامة، اللهم بارك لي في طول يوم القيامة، اللهم زوجني من الحور العين ". ونقله في البحار: ج 98، ص 135.
(4) روى الشيخ الصدوق في علل الشرائع: ص 309، باب 262، بالإسناد عن علي (عليه السلام) قال:
" عذاب القبر يكون من النميمة، والبول، وعزب الرجل عن أهله "، ونقله عنه المجلسي في البحار: ج 6، ص 222، ح 21، وفي ج 75، ص 265، ح 210، وفي ج 103، ص 286، ح 16الرجل مع أهله، وغلظته مع عياله أيضا (1).
* وورد في رواية عن الإمام الصادق (عليه السلام):
" ليس من مؤمن إلا وله ضمة " (2).
(١) وروى الصدوق (رحمه الله) في علل الشرائع: ص ٣١٠، باب ٢٦٢، ح ٤، وفي الأمالي: ص ٣١٤، المجلس ٦١، ح ٢، وروى الشيخ الطوسي في الأمالي: ص ٤٣٩، ح ١٢ ونقله في البحار:
ج ٦، ٢٢٠، ح ١٤، وفي ج ٢٢، ص ١٠٧، ح ٦٧، وفي ج ٧٣، ص ٢٩٨، ح ١١، وفي ج ٨٢، ص ٤٩، ح ٣٩.
" أتي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقيل له: ان سعد بن معاذ قد مات.
فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقام أصحابه معه. فأمر بغسل سعد، وهو قائم على عضادة الباب.
فلما إن حنط وكفن، وحمل على سريره، تبعه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بلا حذاء ولا رداء. ثم كان يأخذ يمنة السرير، ويسرة السرير مرة حتى انتهى به إلى القبر.
فنزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى لحده، وسوى اللبن عليه. وجعل يقول: ناولوني حجرا، ناولوني ترابا رطبا، يسد به ما بين اللبن.
فلما إن فرغ، وحثا التراب عليه، وسوى قبره، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اني لأعلم انه سيبلى ويصل البلى إليه، ولكن الله يحب عبدا إذا عمل عملا أحكمه، فلما إن سوى التربة عليه قالت أم سعد: يا سعد! هنيئا لك الجنة.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أم سعد! مه، لا تجزمي على ربك، فان سعدا قد اصابته ضمة، قال:
فرجع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ورجع الناس فقالوا له: يا رسول الله لقد رأيناك تصنعه على سعد ما لم تصنعه على أحد، انك تبعت جنازته بلا رداء، ولا حذاء.
فقال (صلى الله عليه وآله): ان الملائكة كانت بلا رداء ولا حذاء فتأسيت بها.
قالوا: وكنت تأخذ يمنة السرير مرة، ويسرة السرير مرة.
قال (صلى الله عليه وآله): كانت يدي في جبرئيل آخذ حيث يأخذ.
قالوا: أمرت بغسله وصليت على جنازته ولحدته في قبره، ثم قلت: ان سعدا قد أصابته ضمة.
قال: فقال (صلى الله عليه وآله): نعم انه كان في خلقه مع أهله سوء ".
(٢) كتاب الزهد للحسين بن سعيد الأهوازي: ص 88، ح 235، ونقله عنه المجلسي في البحار: ج 6، ص 221.
وروى الحسين بن سعيد الأهوازي في كتابه الزهد: ص 87 - 88، ح 234، وقال =
(١٣٩)* وفي رواية أخرى:
" ضغطة القبر للمؤمن كفارة لما كان منه من تضييع النعم " (1).
* وروى الشيخ الصدوق (رحمه الله) عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال:
" اقعد رجل من الأخيار (2) في قبره، قيل له: إنا جالدوك مائة جلدة من عذاب الله.
فقال: لا أطيقها.
فلم يزالوا به حتى انتهوا إلى جلدة واحده.
فقالوا: ليس منها بد.
قال: فبما تجلدونيها؟
قالوا: نجلدك لأنك صليت يوما بغير وضوء، ومررت على ضعيف فلم تنصره.
قال: فجلدوه جلدة من عذاب الله عز وجل فامتلأ قبره نارا " (3).
* وروي عنه (عليه السلام):
" أيما مؤمن سأله أخوه المؤمن حاجة وهو يقدر على قضائها ولم يقضها له
أبو بصير: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " ان رقية بنت رسول الله (عليه السلام) لما ماتت قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) على قبرها، فرفع يده تلقاء السماء ودمعت عيناه. فقالوا: يا رسول الله انا قد رأيناك رفعت رأسك إلى السماء، ودمعت عيناك؟ فقال: اني سألت ربي ان يهب لي رقية من ضمة القبر ". ونقله المجلسي في البحار: ج ٦، ص ٢١٧.
(١) رواه الصدوق في الأمالي: المجلس ٨٠، ح ٢، ص ٤٣٤، وفي علل الشرائع: ص ٣٠٩، الباب ٢٦٢، ح ٣، وفي ثواب الأعمال: ص ٢٣٤ (ثواب ضغطة القبر)، ح ١، ونقله في البحار:
ج ٦، ص ٢٢١، ح ١٦، وفي: ج ٧١، ص ٥٠، ح ٦٨.
(٢) قد أثبت المؤلف (رحمه الله) (أحبار) ثم قال في الهامش: (أحبار جمع حبر يعني عالم اليهود.
ومن المحتمل أن يكون أخيار بالخاء المعجمة والياء المثناة بنقطتين). وقد أثبتنا ما في المصدر.
(٣) ثواب الأعمال للشيخ الصدوق: ص 267، علل الشرائع: ص 309، ح 1، وفيه (اقعد رجلا من الأحبار)، ونقله في البحار: ج 6، ص 221، ح 18، وفي ج 75، ص 17، ح 4، وفي ج 8، ص 233، ح 6، وفيها جميعا (الأخيار) بالمعجمة.سلط الله عليه شجاعا (1) في قبره ينهش أصابعه " (2).
* وفي رواية أخرى:
" ينهش إبهامه في قبره إلى يوم القيامة مغفورا له أو معذبا " (3).
المنجيات من ضغطة القبر:
وأما الأمور التي تنجي من ضغطة القبر وعذابه فكثيرة نكتفي هنا بذكر عدة منها:
* الأول: روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال:
" من قرأ سورة النساء في كل جمعة أو من من ضغطة القبر " (4).
* الثاني: روي:
" من أدمن قراءة حم الزخرف آمنه الله في قبره من هوام الأرض وضغطة القبر " (5).
(١) ذكر المؤلف (رحمه الله) في ترجمة الحديث الشريف (سلط الله عليه حية تسمى شجاعا) وليس في الخبر ذلك. بل أن شجاع معناه اللغوي الحية قال الشيخ الطريحي في كتابه (مجمع البحرين) ج ٤، ص ٣٥١ (في الحديث سلط الله عليه شجاعا أقرع، الشجاع بالكسر والضم الحية العظيمة التي تواثب الفارس والرجل وتقوم على ذنبها وربما قلعت رأس الفارس تكون في الصحارى. والشجاع الأقرع حية قد تمعط فروة رأسها لكثرة سمها) انتهى كلامه رفع مقامه.
(٢) في عدة الداعي لابن فهد الحلي: ص ١٧٧، ص ١٧٩، وقريب منه في الكافي: ج ٢، ص ١٩٣، ح ٥، وفي ج ٢، ص ١٩٦، ح ١٣، وفي ج ٢ ص ٣٦٧، ح ٤. وفي ثواب الأعمال وعقاب الأعمال للشيخ الصدوق: ص ٢٩٦، (عقاب من اتاه أخوه في حاجة فلم يقضها له)، ح ١، وفي الإختصاص للمفيد: ص ٢٥٠، وفي الأمالي للشيخ الطوسي: ص ٦٧٦، ح ٣٦، ونقلها في البحار: ج ٧٤، ص ٣١٩، ح ٨٣، وفي: ج ٧٤، ص ٣٢٤، ح ٩٤، وفي: ج ٧٤، ص ٣٣٠، ح ١٠٢. وفي: ج ٧٥، ص ١٧٤، ح ٥، وفي ج ٧٥، ص ١٧٦، ح ١١، وفي ج ٧٥، ص ١٧٧، ح ١٣، وفي: ج ٧٥، ص ١٧٧، ح ١٤، ج ٧٥، ص ١٧٩، ح ١٩.
(٣) المصادر السابقة.
(٤) ثواب الأعمال للصدوق: ص ١٣١، تفسير العياشي: ج ١، ص ٢١٥، ح ١. ونقله في البحار:
ج ٩٢، ص ٢٧٣، ح ١.
(٥) ثواب الأعمال للصدوق: ص 141، ونقله في البحار: ج 87، ص 2، ح 3. وفي: ج 92، ص 299، ح 1.
(١٤١)* الثالث: روي:
" من قرأ سورة ن والقلم في فريضة أو نافلة... (1) وأعاذه الله إذا مات من ضمة القبر " (2).
* الرابع: روي عن الإمام الصادق (عليه السلام):
" من مات ما بين زوال الشمس من يوم الخميس إلى زوال الشمس من يوم الجمعة أعاذه الله من ضغطة القبر " (3).
* الخامس: روي عن الإمام الرضا (عليه السلام) انه قال:
" عليكم بصلاة الليل، فما من عبد يقوم آخر الليل فيصلي ثمان ركعات، وركعتي الشفع، وركعة الوتر، واستغفر الله في قنوته سبعين مرة إلا أجير من عذاب القبر ومن عذاب النار، ومد له في عمره، ووسع عليه في معيشته " (4).
* السادس: روي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله):
" من قرأ إلهكم التكاثر عند النوم وقي من فتنة القبر " (5).
* السابع: قراءة دعاء:
" أعددت لكل هول لا إله إلا الله... إلى اخره " عشر مرات.
(١) أسقط المؤلف قوله - المروي - عنه (عليه السلام):
" آمنه الله عز وجل من أن يصيبه فقر ابدا " من الخبر للاختصار لأن هذه العبارة لا تدخل تحت عنوان الموضوع.
(٢) ثواب الأعمال: ص ١٤٧، والرواية مروية عن الإمام الصادق (عليه السلام)، ونقلها عنه في البحار:
ج ٩٢، ص ٣١٦، ح ١.
(٣) رواه الصدوق (رحمه الله) في الأمالي: ٢٣١، المجلس ٤٧، ح ١١، ثواب الأعمال وعقاب الأعمال، ص ٢٣١. ونقله عنه في البحار، ج ٦، ص ٢٢١، ح ١٧. وفي: ج ٦، ص ٢٤٢، ح ٦٣، وفي ج ٨٩، ص ٢٦٥، ح ١.
(٤) روضة الواعظين الفتال النيسابوري: ج ٢، ص ٣٢٠، (مجلس في فضائل صلاة الليل)، ح ٢.
ونقله المجلسي في البحار: ج ٨٧، ص، ١٦١.
(٥) ثواب الأعمال للصدوق: ص 153. ونقله عنه المجلسي في البحار: ج 76، ص 200، ح 14. وفي: ج 92، ص 336، ح 2.
(١٤٢)وقد تقدم هذا الدعاء في عقبة سكرات الموت (1).
* الثامن: الدفن في النجف الأشرف، فمن خواص هذه التربة الشريفة انها تسقط عذاب القبر وحساب منكر ونكير عن من يدفن فيها (2).
(1) تقدمت مصادر هذا الدعاء في ص 125.
(2) أقول: في ارشاد القلوب للشيخ الديلمي: ص 439، قال: (وفي فضل المشهد الغروي الشريف على مشرفه أفضل الصلاة والسلام، وما لتربته والدفن فيها من المزية والشرف.
روي عن ابن عباس انه قال: الغري قطعة من الجبل الذي كلم الله جل شأنه موسى تكليما، وقدس عليه تقديسا، واتخذ إبراهيم (عليه السلام) خليلا، واتخذ محمدا (صلى الله عليه وآله) حبيبا وجعله للنبيين مسكنا.
وروي ان أمير المؤمنين (عليه السلام) نظر إلى ظهر الكوفة فقال: ما أحسن منظرك، وأطيب قعرك، اللهم اجعل قبري بها.
ومن خواص تربته اسقاط عذاب القبر، وترك محاسبة منكر ونكير للمدفون هناك كما وردت الأخبار الصحيحة عن أهل البيت (عليهم السلام).
وقال الشيخ الديلمي فيه ص 440:
(روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) انه كان إذا أراد الخلوة بنفسه، أتى إلى طرف الغري.
فبينما هو ذات يوم هناك مشرف على النجف، وإذا برجل قد أقبل من البرية راكبا على ناقة وقدامه جنازة، فحين رأى عليا (عليه السلام) قصده حتى وصل إليه وسلم عليه، فرد علي (عليه السلام)، وقال له: من أين؟
قال: من اليمن.
قال: وما هذه الجنازة التي معك؟
قال جنازة أبي أتيت لأدفنها في هذه الأرض.
فقال له علي (عليه السلام): لم لا دفنته في أرضكم؟
قال: أوصى إلي بذلك، وقال: (انه يدفن هناك رجل يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر).
فقال له علي (عليه السلام): أتعرف ذلك الرجل؟
قال: لا فقال (عليه السلام): أنا والله ذلك الرجل، أنا والله ذلك الرجل. قم فادفن أباك.
فقام، فدفن أباه).
ومن خواص ذلك الحرم الشريف ان جميع المؤمنين يحشرون فيه) انتهى من ما نقلناه من الارشاد. روى الكليني في الكافي الشريف: ج 3، ص 243، باب في أرواح المؤمنين، بالإسناد إلى حبة العرني قال:
(خرجت مع أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الظهر - أي ظهر الكوفة، وهو النجف الأشرف كان يسمى بذلك لوقوعه بظهر الكوفة - فوقف بوادي السلام كأنه مخاطب لأقوام. فقمت بقيامه حتى أعييت، ثم جلست حتى مللت، ثم قمت حتى نالني مثل ما نالني أولا، ثم جلست حتى مللت، ثم قمت وجمعت ردائي فقلت: يا أمير المؤمنين إني قد أشفقت عليك من طول القيام فراحة ساعة.
فقال لي: يا حبة إن هو إلا محادثة مؤمن أو مؤانسته.
قال: قلت: يا أمير المؤمنين، وانهم لكذلك؟
قال: نعم، ولو كشف لك لرأيتهم حلقا حلقا محتبين يتحادثون.
فقلت: أجسام أم أرواح؟
فقال: أرواح. وما من مؤمن يموت في بقعة من بقاع الأرض إلا قيل لروحه: الحقي بوادي السلام وانها لبقعة من جنة عدن).
وروى أيضا بالإسناد إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (قلت له: ان أخي ببغداد، وأخاف أن يموت بها.
فقال: ما تبالي حيثما مات، أما انه لا يبقى مؤمن في شرق الأرض وغربها إلا حشر الله روحه إلى وادي السلام.
قلت له: وأين وادي السلام؟
قال: ظهر الكوفة. أما إني كأني بهم حلق حلق قعود يتحدثون).
وقال الديلمي في ارشاده ص 440.
(وروى جماعة من صلحاء المشهد الشريف الغروي انه رأى: ان كل واحد من القبور التي في المشهد الشريف، وظاهره: قد خرج منه حبل ممتد متصل بالقبة الشريفة صلوات الله على مشرفها).
وفي دار السلام للعلامة المرحوم الشيخ النوري (قدس سره) صاحب مستدرك الوسائل، قصة غريبة عجيبة ذكرها في المجلد 2، ص 68 - 69، تحت عنوان (رؤيا فيها معجزة وفضيلة عظيمة للدفن في وادي السلام)، فراجعها واستفد.
(١٤٣)
رد: الشيخ عباس القمي - الصفحة ٨١
" ويصلي في الليلة الأولى من رجب بعد صلاة المغرب عشرين ركعة بالحمد والتوحيد، فإنها نافعة في رفع عذاب القبر " (1).
* الحادي عشر: أن تصوم أربعة أيام من شهر رجب (2).
* وكذلك صوم اثني عشر يوم من شعبان (3).
(١) روى السيد ابن طاووس (رحمه الله) في اقبال الأعمال: ص ٦٢٩، الطبعة الحجرية:
عن النبي (صلى الله عليه وآله):
" من صلى المغرب أول ليلة من رجب ثم يصلي بعدها عشرين ركعة يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد مرة ويسلم بين كل ركعتين.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أتدرون ما ثوابها؟
قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: فان الروح الأمين علمني ذلك وحسر رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ذراعيه، وقال: حفظ والله في نفسه وأهله وماله وولده وأجير من عذاب القبر وجاز على الصراط كالبرق الخاطف من غير حساب ".
(٢) روى رئيس المحدثين الشيخ الصدوق أعلى الله تعالى مقامه في ثواب الأعمال: ص ٧٩، ورواه في الأمالي: ص ٤٣٠، المجلس ٨٠، ح ١. ورواه في فضائل الأشهر الثلاثة: ص ٢٥، ح ١٢، أيضا بالإسناد إلى أبي سعيد الخدري، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) انه عد ثواب صوم كل يوم من أيام شهر رجب الأصب.. إلى أن قال:
(ومن صام من رجب أربعة أيام عوفي من البلايا كلها من الجنون والجذام والبرص وفتنة الدجال.
وأجير من عذاب القبر.
وكتب له مثل أجور أولي الألباب التوابين الأوابين.
وأعطي كتابه بيمينه في أوائل العابدين).
(٣) روى الصدوق أعلى الله تعالى مقامه في ثواب الأعمال: ص ٨٧. ورواه في الأمالي:
ص ٣٠، المجلس ٧، ح ١، وفيه (تسعون) بدل (سبعون) ورواه في فضائل الأشهر الثلاثة:
ص 47، ح 24، بالإسناد عن ابن عباس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) انه ذكر ثواب صوم كل يوم من أيام شهر شعبان المعظم، وفي تلك الرواية الشريفة، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
(ومن صام اثني عشر يوما من شعبان زاره في قبره كل يوم سبعون ألف ملك إلى النفخ في الصور). وقال (صلى الله عليه وآله):
(ومن صام تسعة أيام من شعبان عطف عليه منكر ونكير عندما يسألانه. ومن صام من شعبان عشرة أيام وسع الله عليه قبره سبعين ذراعا في سبعين ذراع. ومن صام أحد عشر يوما من شعبان ضرب على قبره إحدى عشرة منارة من نور).
(١٤٦)* الثاني عشر: ومن الأمور الموجبة للنجاة من عذاب القبر قراءة سورة الملك فوق قبر الميت كما روى ذلك القطب الراوندي عن ابن عباس قال:
" ان رجلا ضرب خباءه على قبر ولم يعلم أنه قبر، فقرأ تبارك الذي بيده الملك، فسمع صائحا يقول: هي المنجية.
فذكر ذلك لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: هي المنجية من عذاب القبر " (1).
* وروى الشيخ الكليني عن الإمام محمد الباقر (عليه السلام) انه قال:
" سورة الملك هي المانعة تمنع من عذاب القبر " (2).
* الثالث عشر: في دعوات الراوندي نقل عن الرسول (صلى الله عليه وآله) انه قال:
" ما من أحد يقول عند قبر ميت إذا دفن ثلاث مرات:
(اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد أن لا تعذب هذا الميت) الا دفع الله عنه العذاب إلى يوم ينفخ في الصور " (3).
* الرابع عشر: روى الشيخ الطوسي في (مصباح المتهجد) عن
(١) الدعوات للقطب الراوندي: ص ٢٧٩، ح ٨١٧، الطبعة الحديثة. ونقله المجلسي في البحار:
ج ٨٢، ص ٦٤، وفي: ج ٩٢، ص ٣١٣، ح ٢، وفي ج ١٠٢، ص ٢٩٦، ح ٨.
(٢) الكافي: ج ٢، ص ٦٣٣، ح ٢٦. بإسناد صحيح عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
" سورة الملك هي المانعة تمنع من عذاب القبر، وهي مكتوبة في التوراة سورة الملك ومن قرأها في ليلة فقد أكثر وأطاب، ولم يكتب بها من الغافلين. واني لأركع بها بعد عشاء الآخرة وأنا جالس. وان والدي (عليه السلام) كان يقرؤها في يومه وليلته. ومن قرأها إذا دخل عليه في قبره ناكر ونكير من قبل رجليه قالت رجلاه لهما: ليس لكما إلى ما قبلي سبيل، قد كان هذا العبد يقوم علي، فيقرأ سورة الملك في كل يوم وليلة. وإذا أتياه من قبل جوفه قال لهما: ليس لكما إلى ما قبلي سبيل، قد كان هذا العبد أوعاني سورة الملك. وإذا أتياه من قبل لسانه قاله لهما: ليس لكما إلى ما قبلي سبيل قد كان هذا العبد يقرأ بي في كل يوم وليلة سورة الملك ".
(٣) الدعوات للقطب الراوندي: ص 270، ح 770. ونقله في البحار: ج 82، ص 54، ح 43.الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) انه قال:
" من صلى ليلة الجمعة ركعتين يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب وإذا زلزلت الأرض زلزالها خمس عشرة مرة آمنه الله من عذاب القبر ومن أهوال يوم القيامة " (1).
* الخامس عشر: ومن النافع فعله لرفع عذاب القبر صلاة ثلاثين ركعة في ليلة النصف من رجب يقرأ في كل ركعة الحمد مرة والتوحيد عشرة مرات (2).
* وكذلك في الليلة السادسة عشرة (3) والليلة السابعة عشرة (4) من رجب.
* وكذلك أن يصلي في الليلة الأولى من شعبان مائة ركعة بالحمد والتوحيد، وبعد أن يفرغ من الصلاة يقرأ التوحيد خمسين مرة (5).
(١) مصباح المتهجد: ص 228.
(2) قال السيد ابن طاووس (رحمه الله) في اقبال الأعمال: ص 652 الطبعة الحجرية:
رأينا ذلك من جملة حديث عن النبي (صلى الله عليه وآله) بما معناه:
" ان من صلى فيها ثلاثين ركعة بالحمد وقل هو الله أحد عشر مرات لم يخرج من صلاته حتى يعطى ثواب سبعين شهيدا ويجئ يوم القيامة ونوره يضئ لأهل الجمع كما بين مكة والمدينة وأعطاه الله براءة من النار، وبراءة من النفاق ويرفع عنه عذاب القبر ".
(3) قال السيد ابن طاووس (رحمه الله) في اقبال الأعمال: ص 664، (... مرويا عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال:
ومن صلى في الليلة السادسة عشرة من رجب ثلاثين ركعة بالحمد وقل هو الله أحد عشر مرات لم يخرج من صلاته حتى يعطى ثواب سبعين شهيدا، ويجئ يوم القيامة ونوره يضئ لأهل الجمع كما بين مكة والمدينة، وأعطاه الله براءة من النار وبراءة من النفاق، ويرفع عنه عذاب القبر.
(4) قال السيد ابن طاووس في اقبال الأعمال: ص 665 (... مرويا عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: ومن صلى في الليلة السابعة عشرة من رجب ثلاثين ركعة بالحمد [مرة. خ ل] وقل هو الله أحد عشر مرات لم يخرج من صلاته حتى يعطى ثواب سبعين شهيدا ويجئ يوم القيامة ونوره يضئ لأهل الجمع كما بين مكة والمدينة وأعطاه الله براءة من النار وبراءة من النفاق ويرفع عنه عذاب القبر).
(5) قال السيد ابن طاووس في اقبال الأعمال: ص 683، (... وجدناه في مواهب السماح ومناقب أهل الفلاح مرويا عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: من صلى أول ليلة من شعبان مائة ركعة يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة، وقل هو الله أحد مرة، فإذا فرغ من صلاته قرأ فاتحة الكتاب خمسين مرة، والذي بعثني بالحق نبيا انه إذا صلى هذه الصلاة، وصام العبد دفع الله تعالى عنه شر أهل السماء، وشر أهل الأرض، وشر الشياطين، وشر السلاطين، ويغفر له سبعين الف كبيرة ويرفع عنه عذاب القبر، ولا يروعه منكر ونكير، ويخرج من قبره ووجهه كالقمر ليلة البدر ويمر على الصراط كالبرق ويعطى كتابه بيمينه.
(١٤٨)* وكذلك يصلي في الليلة الرابعة والعشرين من شعبان ركعتين يقرأ في كل ركعة الحمد مرة، وإذا جاء نصر الله عشرة مرات (1).
* وورد ليوم النصف من رجب صلاة خمسين ركعة بالحمد والتوحيد والفلق والناس، فإنها نافعة لرفع عذاب القبر (2).
ومثلها صلاة مائة ركعة ليلة عاشوراء (3).
(1) قال السيد ابن طاووس في اقبال الأعمال: ص 722، (... وجدناه مرويا عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال:
من صلى في الليلة الرابعة والعشرين من شعبان ركعتين يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وإذا جاء نصر الله والفتح عشر مرات، أكرمه الله تعالى بالعتق من النار، والنجاة من العذاب، وعذاب القبر، والحساب اليسير، وزيارة آدم ونوح والنبيين والشفاعة).
(2) قال السيد ابن طاووس في اقبال الأعمال: ص 658، (... وجدتها في عمل رجب بإسناد متصل إلى النبي (صلى الله عليه وآله): ان من صلى في النصف من رجب يوم الخامس عشر عند ارتفاع النهار خمسين ركعة يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وقل هو الله أحد مرة وقل أعوذ برب الفلق مرة، وقل أعوذ برب الناس مرة، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، وحشر من قبره مع الشهداء، ويدخل الجنة مع النبيين، ولا يعذب في القبر، ويرفع عنه ضيق القبر وظلمته، وقام من قبره ووجهه يتلألأ).
(3) قال السيد ابن طاووس في اقبال الأعمال: ص 555 - 556، (ومن ذلك ما رأيناه أيضا في كتاب دستور المذكرين بإسناده المتصل عن أبي امامة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
من صلى ليلة عاشوراء مائة ركعة بالحمد مرة، وقل هو الله أحد ثلاث مرات، ويسلم بين كل ركعتين، فإذا فرغ من جميع صلاته قال (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) سبعين مرة.
قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من صلى هذه الصلاة من الرجال والنساء ملأ الله قبره إذا مات مسكا وعنبرا، ويدخل إلى قبره في كل يوم نور إلى أن ينفخ في الصور، وتوضع له مائدة منها نعيم يتنعم به أهل الدنيا منذ يوم خلق إلى أن ينفخ في الصور، وليس من الرجال والنساء إذا وضع في قبره إلا يتساقط شعورهم إلا من صلى هذه الصلاة، وليس أحد يخرج من قبره إلا أبيض الشعر إلا من صلى هذه الصلاة. والذي بعثني بالحق انه من صلى هذه الصلاة فإن الله عز وجل ينظر إليه في قبره بمنزلة العروس في حجلته إلى أن ينفخ في الصور فإذا نفخ في الصور يخرج من قبره كهيئته إلى الجنان كما يزف العروس إلى زوجها).
أقول مع ضعف سند هذه الرواية ضعفا تاما فإن السيد (رحمه الله) اشعر ما ينوه بضعف ما في المتن وانما ذكرها تسامحا بأدلة السنن ولقاعدة من بلغ.العقبة الثالثة مسألة منكر ونكير في القبر * روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال:
" من أنكر ثلاثة أشياء فليس من شيعتنا: المعراج، المسألة في القبر، والشفاعة " (1).
* وروي انه يجيئه الملكان بهيئة مهولة أصواتهما كالرعد القاصف، وأبصارهما كالبرق الخاطف، فيسألانه: من ربك؟ ومن نبيك، وما دينك؟
ويسألانه أيضا عن وليه وامامه.
وفي ذلك الحال يصعب على الميت أن يجيب وانه يحتاج إلى الإعانة على ذلك (2) فلا جرم أنهم قد ذكروا مقامين لتلقين الميت:
(١) الأمالي للشيخ الصدوق: ص ٢٤٢، المجلس ٤٩، ح ٥. ونقلها عنه المجلسي في البحار:
ج ٦، ص ٢٢٣، ح ٢٣، وفي: ج ٨، ص ٣٧، ح ١٣، وفي: ج ١٨، ص ٣٤٠، ح ٤٤.
(٢) وقد وردت في شرح تلك الأحوال المهولة كثير من الروايات الشريفة نذكر لك بعضا منها لزيادة عبرة ولجلاء صدء القلب:
١ - روى الحسين بن سعيد الأهوازي الكوفي في الزهد: ص ٨٩، ح ٢٣٨، ونقله عنه المجلسي في البحار: ج ٦، ص ٢١٥ عن النبي (صلى الله عليه وآله) انه قال لبعض أصحابه: كيف أنت إذا أتاك فتانا القبر؟
فقال: يا رسول الله وما فتانا القبر؟
قال (صلى الله عليه وآله): ملكان فظان غليظان، أصواتهما كالرعد القاصف، وأبصارهما كالبرق الخاطف يطآن في أشعارهما، ويحفران في أنيابهما فيسألانك،... الخبر).
٢ - وفي رواية أخرى في (اليقين باختصاص مولانا علي بإمرة المؤمنين) السيد ابن طاووس: ص ٤١٠، الطبعة المحققة، في حديث عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال في آخره:
(... فلا يبقى ميت في شرق ولا غرب، ولا في بر ولا في بحر، إلا ومنكر ونكير يسألانه عن ولاية أمير المؤمنين بعد الموت، يقولان للميت: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟
ومن إمامك؟).
ونقله العلامة المجلسي في البحار: ج ٦، ص ٢١٦، ح ٦.
٣ - في بصائر الدرجات للصفار: ص 145 - 146 الطبعة الحجرية بالإسناد عن زر بن حبيش قال:
سمعت عليا (عليه السلام) يقول: ان العبد إذا ادخل حفرته أتاه ملكان اسمهما منكر ونكير. فأول ما يسألانه عن ربه، ثم عن نبيه، ثم عن وليه، فإن أجاب نجا، وإن عجز عذباه.
فقال له رجل: ما لمن عرف ربه ونبيه ولم يعرف وليه؟
فقال: مذبذب لا إلى هؤلاء، ولا إلى هؤلاء، ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا، ذلك لا سبيل له.
وقد قيل للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من الولي يا نبي الله؟
قال: وليكم في هذا الزمان علي. ومن بعده وصيه، ولكل زمان عالم يحتج الله به لئلا يكون كما قال الضلال قبلهم حين فارقتهم أنبياؤهم * (ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى) *... الحديث).
4 - روى القمي في تفسيره: ج 2، ص 143، ونقله المجلسي في البحار: ج 6، 224، ح 45 بسند صحيح عن الإمام الصادق (عليه السلام):
إن العبد إذا أدخل قبره أتاه منكر ففزع منه يسأل عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فيقول له: ما تقول في هذا الرجل الذي كان بين أظهركم؟
فإن كان مؤمنا قال: اشهد أنه رسول الله جاء بالحق.
فيقال له: ارقد رقدة لا حلم فيها.
ويتنحى عنه الشيطان، ويفسح له في قبره سبعة أذرع، ويرى مكانه من الجنة.
قال: وإذا كان كافرا قال: ما أدري.
فيضرب ضربة يسمعها كل من خلق الله الا الانسان، وسلط عليه الشيطان، وله عينان من نحاس أو نار كالبرق الخاطف، فيقول له: انا أخوك، ويسلط عليه الحيات والعقارب، ويظلم عليه قبره، ثم يضغطه ضغطة يختلف أضلاعه عليه، ثم قال بأصابعه فشرجها.
5 - وفي أمالي الصدوق: ص 239، المجلس 48، ح 12 بالإسناد عن موسى بن جعفر عن أبيه (عليه السلام) قال: إذا مات المؤمن شيعه سبعون ألف ملك إلى قبره، فإذا ادخل قبره أتاه منكر ونكير فيقعدانه، ويقولان له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول: ربي الله، ومحمد نبيي، والاسلام ديني، فيفسحان له في قبره مد بصره، ويأتيانه بالطعام من الجنة ويدخلان عليه الروح والريحان وذلك قوله عز وجل * (فأما إن كان من المقربين فروح وريحان) *... الحديث).
* الحادي عشر: أن تصوم أربعة أيام من شهر رجب (2).
* وكذلك صوم اثني عشر يوم من شعبان (3).
(١) روى السيد ابن طاووس (رحمه الله) في اقبال الأعمال: ص ٦٢٩، الطبعة الحجرية:
عن النبي (صلى الله عليه وآله):
" من صلى المغرب أول ليلة من رجب ثم يصلي بعدها عشرين ركعة يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد مرة ويسلم بين كل ركعتين.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أتدرون ما ثوابها؟
قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: فان الروح الأمين علمني ذلك وحسر رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ذراعيه، وقال: حفظ والله في نفسه وأهله وماله وولده وأجير من عذاب القبر وجاز على الصراط كالبرق الخاطف من غير حساب ".
(٢) روى رئيس المحدثين الشيخ الصدوق أعلى الله تعالى مقامه في ثواب الأعمال: ص ٧٩، ورواه في الأمالي: ص ٤٣٠، المجلس ٨٠، ح ١. ورواه في فضائل الأشهر الثلاثة: ص ٢٥، ح ١٢، أيضا بالإسناد إلى أبي سعيد الخدري، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) انه عد ثواب صوم كل يوم من أيام شهر رجب الأصب.. إلى أن قال:
(ومن صام من رجب أربعة أيام عوفي من البلايا كلها من الجنون والجذام والبرص وفتنة الدجال.
وأجير من عذاب القبر.
وكتب له مثل أجور أولي الألباب التوابين الأوابين.
وأعطي كتابه بيمينه في أوائل العابدين).
(٣) روى الصدوق أعلى الله تعالى مقامه في ثواب الأعمال: ص ٨٧. ورواه في الأمالي:
ص ٣٠، المجلس ٧، ح ١، وفيه (تسعون) بدل (سبعون) ورواه في فضائل الأشهر الثلاثة:
ص 47، ح 24، بالإسناد عن ابن عباس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) انه ذكر ثواب صوم كل يوم من أيام شهر شعبان المعظم، وفي تلك الرواية الشريفة، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
(ومن صام اثني عشر يوما من شعبان زاره في قبره كل يوم سبعون ألف ملك إلى النفخ في الصور). وقال (صلى الله عليه وآله):
(ومن صام تسعة أيام من شعبان عطف عليه منكر ونكير عندما يسألانه. ومن صام من شعبان عشرة أيام وسع الله عليه قبره سبعين ذراعا في سبعين ذراع. ومن صام أحد عشر يوما من شعبان ضرب على قبره إحدى عشرة منارة من نور).
(١٤٦)* الثاني عشر: ومن الأمور الموجبة للنجاة من عذاب القبر قراءة سورة الملك فوق قبر الميت كما روى ذلك القطب الراوندي عن ابن عباس قال:
" ان رجلا ضرب خباءه على قبر ولم يعلم أنه قبر، فقرأ تبارك الذي بيده الملك، فسمع صائحا يقول: هي المنجية.
فذكر ذلك لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: هي المنجية من عذاب القبر " (1).
* وروى الشيخ الكليني عن الإمام محمد الباقر (عليه السلام) انه قال:
" سورة الملك هي المانعة تمنع من عذاب القبر " (2).
* الثالث عشر: في دعوات الراوندي نقل عن الرسول (صلى الله عليه وآله) انه قال:
" ما من أحد يقول عند قبر ميت إذا دفن ثلاث مرات:
(اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد أن لا تعذب هذا الميت) الا دفع الله عنه العذاب إلى يوم ينفخ في الصور " (3).
* الرابع عشر: روى الشيخ الطوسي في (مصباح المتهجد) عن
(١) الدعوات للقطب الراوندي: ص ٢٧٩، ح ٨١٧، الطبعة الحديثة. ونقله المجلسي في البحار:
ج ٨٢، ص ٦٤، وفي: ج ٩٢، ص ٣١٣، ح ٢، وفي ج ١٠٢، ص ٢٩٦، ح ٨.
(٢) الكافي: ج ٢، ص ٦٣٣، ح ٢٦. بإسناد صحيح عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
" سورة الملك هي المانعة تمنع من عذاب القبر، وهي مكتوبة في التوراة سورة الملك ومن قرأها في ليلة فقد أكثر وأطاب، ولم يكتب بها من الغافلين. واني لأركع بها بعد عشاء الآخرة وأنا جالس. وان والدي (عليه السلام) كان يقرؤها في يومه وليلته. ومن قرأها إذا دخل عليه في قبره ناكر ونكير من قبل رجليه قالت رجلاه لهما: ليس لكما إلى ما قبلي سبيل، قد كان هذا العبد يقوم علي، فيقرأ سورة الملك في كل يوم وليلة. وإذا أتياه من قبل جوفه قال لهما: ليس لكما إلى ما قبلي سبيل، قد كان هذا العبد أوعاني سورة الملك. وإذا أتياه من قبل لسانه قاله لهما: ليس لكما إلى ما قبلي سبيل قد كان هذا العبد يقرأ بي في كل يوم وليلة سورة الملك ".
(٣) الدعوات للقطب الراوندي: ص 270، ح 770. ونقله في البحار: ج 82، ص 54، ح 43.الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) انه قال:
" من صلى ليلة الجمعة ركعتين يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب وإذا زلزلت الأرض زلزالها خمس عشرة مرة آمنه الله من عذاب القبر ومن أهوال يوم القيامة " (1).
* الخامس عشر: ومن النافع فعله لرفع عذاب القبر صلاة ثلاثين ركعة في ليلة النصف من رجب يقرأ في كل ركعة الحمد مرة والتوحيد عشرة مرات (2).
* وكذلك في الليلة السادسة عشرة (3) والليلة السابعة عشرة (4) من رجب.
* وكذلك أن يصلي في الليلة الأولى من شعبان مائة ركعة بالحمد والتوحيد، وبعد أن يفرغ من الصلاة يقرأ التوحيد خمسين مرة (5).
(١) مصباح المتهجد: ص 228.
(2) قال السيد ابن طاووس (رحمه الله) في اقبال الأعمال: ص 652 الطبعة الحجرية:
رأينا ذلك من جملة حديث عن النبي (صلى الله عليه وآله) بما معناه:
" ان من صلى فيها ثلاثين ركعة بالحمد وقل هو الله أحد عشر مرات لم يخرج من صلاته حتى يعطى ثواب سبعين شهيدا ويجئ يوم القيامة ونوره يضئ لأهل الجمع كما بين مكة والمدينة وأعطاه الله براءة من النار، وبراءة من النفاق ويرفع عنه عذاب القبر ".
(3) قال السيد ابن طاووس (رحمه الله) في اقبال الأعمال: ص 664، (... مرويا عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال:
ومن صلى في الليلة السادسة عشرة من رجب ثلاثين ركعة بالحمد وقل هو الله أحد عشر مرات لم يخرج من صلاته حتى يعطى ثواب سبعين شهيدا، ويجئ يوم القيامة ونوره يضئ لأهل الجمع كما بين مكة والمدينة، وأعطاه الله براءة من النار وبراءة من النفاق، ويرفع عنه عذاب القبر.
(4) قال السيد ابن طاووس في اقبال الأعمال: ص 665 (... مرويا عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: ومن صلى في الليلة السابعة عشرة من رجب ثلاثين ركعة بالحمد [مرة. خ ل] وقل هو الله أحد عشر مرات لم يخرج من صلاته حتى يعطى ثواب سبعين شهيدا ويجئ يوم القيامة ونوره يضئ لأهل الجمع كما بين مكة والمدينة وأعطاه الله براءة من النار وبراءة من النفاق ويرفع عنه عذاب القبر).
(5) قال السيد ابن طاووس في اقبال الأعمال: ص 683، (... وجدناه في مواهب السماح ومناقب أهل الفلاح مرويا عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: من صلى أول ليلة من شعبان مائة ركعة يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة، وقل هو الله أحد مرة، فإذا فرغ من صلاته قرأ فاتحة الكتاب خمسين مرة، والذي بعثني بالحق نبيا انه إذا صلى هذه الصلاة، وصام العبد دفع الله تعالى عنه شر أهل السماء، وشر أهل الأرض، وشر الشياطين، وشر السلاطين، ويغفر له سبعين الف كبيرة ويرفع عنه عذاب القبر، ولا يروعه منكر ونكير، ويخرج من قبره ووجهه كالقمر ليلة البدر ويمر على الصراط كالبرق ويعطى كتابه بيمينه.
(١٤٨)* وكذلك يصلي في الليلة الرابعة والعشرين من شعبان ركعتين يقرأ في كل ركعة الحمد مرة، وإذا جاء نصر الله عشرة مرات (1).
* وورد ليوم النصف من رجب صلاة خمسين ركعة بالحمد والتوحيد والفلق والناس، فإنها نافعة لرفع عذاب القبر (2).
ومثلها صلاة مائة ركعة ليلة عاشوراء (3).
(1) قال السيد ابن طاووس في اقبال الأعمال: ص 722، (... وجدناه مرويا عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال:
من صلى في الليلة الرابعة والعشرين من شعبان ركعتين يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وإذا جاء نصر الله والفتح عشر مرات، أكرمه الله تعالى بالعتق من النار، والنجاة من العذاب، وعذاب القبر، والحساب اليسير، وزيارة آدم ونوح والنبيين والشفاعة).
(2) قال السيد ابن طاووس في اقبال الأعمال: ص 658، (... وجدتها في عمل رجب بإسناد متصل إلى النبي (صلى الله عليه وآله): ان من صلى في النصف من رجب يوم الخامس عشر عند ارتفاع النهار خمسين ركعة يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وقل هو الله أحد مرة وقل أعوذ برب الفلق مرة، وقل أعوذ برب الناس مرة، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، وحشر من قبره مع الشهداء، ويدخل الجنة مع النبيين، ولا يعذب في القبر، ويرفع عنه ضيق القبر وظلمته، وقام من قبره ووجهه يتلألأ).
(3) قال السيد ابن طاووس في اقبال الأعمال: ص 555 - 556، (ومن ذلك ما رأيناه أيضا في كتاب دستور المذكرين بإسناده المتصل عن أبي امامة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
من صلى ليلة عاشوراء مائة ركعة بالحمد مرة، وقل هو الله أحد ثلاث مرات، ويسلم بين كل ركعتين، فإذا فرغ من جميع صلاته قال (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) سبعين مرة.
قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من صلى هذه الصلاة من الرجال والنساء ملأ الله قبره إذا مات مسكا وعنبرا، ويدخل إلى قبره في كل يوم نور إلى أن ينفخ في الصور، وتوضع له مائدة منها نعيم يتنعم به أهل الدنيا منذ يوم خلق إلى أن ينفخ في الصور، وليس من الرجال والنساء إذا وضع في قبره إلا يتساقط شعورهم إلا من صلى هذه الصلاة، وليس أحد يخرج من قبره إلا أبيض الشعر إلا من صلى هذه الصلاة. والذي بعثني بالحق انه من صلى هذه الصلاة فإن الله عز وجل ينظر إليه في قبره بمنزلة العروس في حجلته إلى أن ينفخ في الصور فإذا نفخ في الصور يخرج من قبره كهيئته إلى الجنان كما يزف العروس إلى زوجها).
أقول مع ضعف سند هذه الرواية ضعفا تاما فإن السيد (رحمه الله) اشعر ما ينوه بضعف ما في المتن وانما ذكرها تسامحا بأدلة السنن ولقاعدة من بلغ.العقبة الثالثة مسألة منكر ونكير في القبر * روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال:
" من أنكر ثلاثة أشياء فليس من شيعتنا: المعراج، المسألة في القبر، والشفاعة " (1).
* وروي انه يجيئه الملكان بهيئة مهولة أصواتهما كالرعد القاصف، وأبصارهما كالبرق الخاطف، فيسألانه: من ربك؟ ومن نبيك، وما دينك؟
ويسألانه أيضا عن وليه وامامه.
وفي ذلك الحال يصعب على الميت أن يجيب وانه يحتاج إلى الإعانة على ذلك (2) فلا جرم أنهم قد ذكروا مقامين لتلقين الميت:
(١) الأمالي للشيخ الصدوق: ص ٢٤٢، المجلس ٤٩، ح ٥. ونقلها عنه المجلسي في البحار:
ج ٦، ص ٢٢٣، ح ٢٣، وفي: ج ٨، ص ٣٧، ح ١٣، وفي: ج ١٨، ص ٣٤٠، ح ٤٤.
(٢) وقد وردت في شرح تلك الأحوال المهولة كثير من الروايات الشريفة نذكر لك بعضا منها لزيادة عبرة ولجلاء صدء القلب:
١ - روى الحسين بن سعيد الأهوازي الكوفي في الزهد: ص ٨٩، ح ٢٣٨، ونقله عنه المجلسي في البحار: ج ٦، ص ٢١٥ عن النبي (صلى الله عليه وآله) انه قال لبعض أصحابه: كيف أنت إذا أتاك فتانا القبر؟
فقال: يا رسول الله وما فتانا القبر؟
قال (صلى الله عليه وآله): ملكان فظان غليظان، أصواتهما كالرعد القاصف، وأبصارهما كالبرق الخاطف يطآن في أشعارهما، ويحفران في أنيابهما فيسألانك،... الخبر).
٢ - وفي رواية أخرى في (اليقين باختصاص مولانا علي بإمرة المؤمنين) السيد ابن طاووس: ص ٤١٠، الطبعة المحققة، في حديث عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال في آخره:
(... فلا يبقى ميت في شرق ولا غرب، ولا في بر ولا في بحر، إلا ومنكر ونكير يسألانه عن ولاية أمير المؤمنين بعد الموت، يقولان للميت: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟
ومن إمامك؟).
ونقله العلامة المجلسي في البحار: ج ٦، ص ٢١٦، ح ٦.
٣ - في بصائر الدرجات للصفار: ص 145 - 146 الطبعة الحجرية بالإسناد عن زر بن حبيش قال:
سمعت عليا (عليه السلام) يقول: ان العبد إذا ادخل حفرته أتاه ملكان اسمهما منكر ونكير. فأول ما يسألانه عن ربه، ثم عن نبيه، ثم عن وليه، فإن أجاب نجا، وإن عجز عذباه.
فقال له رجل: ما لمن عرف ربه ونبيه ولم يعرف وليه؟
فقال: مذبذب لا إلى هؤلاء، ولا إلى هؤلاء، ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا، ذلك لا سبيل له.
وقد قيل للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من الولي يا نبي الله؟
قال: وليكم في هذا الزمان علي. ومن بعده وصيه، ولكل زمان عالم يحتج الله به لئلا يكون كما قال الضلال قبلهم حين فارقتهم أنبياؤهم * (ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى) *... الحديث).
4 - روى القمي في تفسيره: ج 2، ص 143، ونقله المجلسي في البحار: ج 6، 224، ح 45 بسند صحيح عن الإمام الصادق (عليه السلام):
إن العبد إذا أدخل قبره أتاه منكر ففزع منه يسأل عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فيقول له: ما تقول في هذا الرجل الذي كان بين أظهركم؟
فإن كان مؤمنا قال: اشهد أنه رسول الله جاء بالحق.
فيقال له: ارقد رقدة لا حلم فيها.
ويتنحى عنه الشيطان، ويفسح له في قبره سبعة أذرع، ويرى مكانه من الجنة.
قال: وإذا كان كافرا قال: ما أدري.
فيضرب ضربة يسمعها كل من خلق الله الا الانسان، وسلط عليه الشيطان، وله عينان من نحاس أو نار كالبرق الخاطف، فيقول له: انا أخوك، ويسلط عليه الحيات والعقارب، ويظلم عليه قبره، ثم يضغطه ضغطة يختلف أضلاعه عليه، ثم قال بأصابعه فشرجها.
5 - وفي أمالي الصدوق: ص 239، المجلس 48، ح 12 بالإسناد عن موسى بن جعفر عن أبيه (عليه السلام) قال: إذا مات المؤمن شيعه سبعون ألف ملك إلى قبره، فإذا ادخل قبره أتاه منكر ونكير فيقعدانه، ويقولان له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول: ربي الله، ومحمد نبيي، والاسلام ديني، فيفسحان له في قبره مد بصره، ويأتيانه بالطعام من الجنة ويدخلان عليه الروح والريحان وذلك قوله عز وجل * (فأما إن كان من المقربين فروح وريحان) *... الحديث).
مواضيع مماثلة
» منازل الاخره الشيخ عباس القمي - الصفحة ١٥٢
» منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359
» الإرشاد - الشيخ المفيد - ج ٢ -31 الصفحة ٣٣
» فراضة الفرات الأوسط
» تراث الشيخ وطن النجفي - رقم ١ - من تروح بهالرايه چم روح تروح وياك + ياللي رحت (فرقد البديري)
» منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359
» الإرشاد - الشيخ المفيد - ج ٢ -31 الصفحة ٣٣
» فراضة الفرات الأوسط
» تراث الشيخ وطن النجفي - رقم ١ - من تروح بهالرايه چم روح تروح وياك + ياللي رحت (فرقد البديري)
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الخميس أكتوبر 03, 2024 3:58 pm من طرف الشيخ شوقي جبار البديري
» الشيخ المرحوم عبد الهادي
الخميس أكتوبر 03, 2024 3:53 pm من طرف الشيخ شوقي جبار البديري
» الشيخ شوقي البديري والاخ حمود كريم الركابي
الخميس أكتوبر 03, 2024 3:51 pm من طرف الشيخ شوقي جبار البديري
» الاستاذ المخرج عزيز خيون البديري وعمامه البدير
الخميس أكتوبر 03, 2024 3:48 pm من طرف الشيخ شوقي جبار البديري
» الشيخ صباح العوفي مع الشيخ عبد الامير التعيبان
الخميس أكتوبر 03, 2024 3:45 pm من طرف الشيخ شوقي جبار البديري
» الشيخ المرحوم محمد البريج
الخميس أكتوبر 03, 2024 3:41 pm من طرف الشيخ شوقي جبار البديري
» جواد البولاني
الإثنين سبتمبر 23, 2024 10:13 am من طرف الشيخ شوقي جبار البديري
» المرحوم السيد هاشم محمد طاهر العوادي
الإثنين سبتمبر 23, 2024 10:03 am من طرف الشيخ شوقي جبار البديري
» رموز البدير
الجمعة سبتمبر 20, 2024 8:41 pm من طرف الشيخ شوقي جبار البديري