موقع قبيلة البديرالعام للشيخ شوقي جبارالبديري


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

موقع قبيلة البديرالعام للشيخ شوقي جبارالبديري
موقع قبيلة البديرالعام للشيخ شوقي جبارالبديري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» الفنون في الحضارة الإسلامية
منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359  Emptyاليوم في 8:09 من طرف الشيخ شوقي جبار البديري

» تاريخ الفن الإسلامي
منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359  Emptyاليوم في 8:06 من طرف الشيخ شوقي جبار البديري

» الغناء العراقي بين تاريخ المدن والرائدات
منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359  Emptyاليوم في 7:57 من طرف الشيخ شوقي جبار البديري

»  البصرة القديمة
منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359  Emptyاليوم في 7:22 من طرف الشيخ شوقي جبار البديري

»  تاريخ الأكراد،
منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359  Emptyاليوم في 6:59 من طرف الشيخ شوقي جبار البديري

»  ثقافة العراق
منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359  Emptyاليوم في 6:57 من طرف الشيخ شوقي جبار البديري

»  أقدم مدن العراق
منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359  Emptyاليوم في 6:53 من طرف الشيخ شوقي جبار البديري

» الغناء العراقي بين تاريخ المدن والرائدات
منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359  Emptyاليوم في 6:48 من طرف الشيخ شوقي جبار البديري

»  الدين في العالم القديم
منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359  Emptyاليوم في 6:45 من طرف الشيخ شوقي جبار البديري

أغسطس 2024
الإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبتالأحد
   1234
567891011
12131415161718
19202122232425
262728293031 

اليومية اليومية

التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



حول

مرحبا بكم فى منتدى موقع قبيلة البديرالعام للشيخ شوقي جبارالبديري

مرحبا بكم فى منتدى موقع قبيلة البديرالعام للشيخ شوقي جبارالبديري

قبيلة البدير من القبائل الزبيديه


منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359

اذهب الى الأسفل

منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359  Empty منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359

مُساهمة  الشيخ شوقي جبار البديري الإثنين 15 يوليو 2024 - 12:20

منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359 ه‍. ق مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة شابك 9 - 223 - 470 - 964 9 - 223 - 470 - ISBN 964 منازل الآخرة تأليف: المحدث الثقة الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره تعريب وتحقيق: السيد ياسين الموسوي الموضوع: الموعظة والذكرى طبع ونشر: مؤسسة النشر الاسلامي الطبعة: الأولى المطبوع: 1000 نسخة التاريخ: محرم الحرام 1419 مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة الفاخرة - الشيخ عباس القمي - الصفحة ٣
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله غير مقنوط من رحمته، ولا مخلو من نعمته، ولا مأيوس من مغفرته والصلاة والسلام على أشرف بريته محمد وآله سيما المعصومين من أهل بيته وعترته، معادن العلم وينابيع الحكم.
من المناسب أن نبدأ كلمتنا بكلام لمولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) كان كثيرا ما ينادى به أصحابه:
تجهزوا رحمكم الله! فقد نودي فيكم بالرحيل، وأقلوا العرجة على الدنيا، وانقلبوا بصالح ما بحضرتكم من الزاد، فإن أمامكم عقبة كؤودا ومنازل مخوفة مهولة لابد من الورود عليها والوقوف عندها.
(نهج البلاغة: 321، الكلام - 204).
الكتاب الماثل بين يديكم أيها الكرام بيان مختصر لتلكم العقبات والمنازل المشار إليها في كلام إمام الموحدين وسيد المبشرين والمنذرين بعد رسول رب العالمين، من جملة تآليف المحدث الكامل والمذكر العامل المرحوم الحاج الشيخ عباس القمي - تغمده الله برحمته - وقد كان كتبه باللغة الفارسية، ولأهميته وتعميما للفائدة اهتم الفاضل النبيل والسيد الجليل سماحة المحقق السيد ياسين الموسوي - دامت إفاضاته - بترجمة هذا السفر القيم إلى العربية مع مزايا شتى نافعة، ذكرها هو نفسه في التقديم.وبما أن مؤسستنا منذ تأسيسها تهدف إلى نشر الكتب الدينية النافعة، قامت بطبع هذا الأثر الخالد بعد ملاحظته وتصحيحه وتكميل بعض نواقصه الفنية أو التحقيقية، رجاء أن يكون لمن وفق لقرائته تذكرة وتعيها اذن واعية.
وختاما نرى من الضروري أن نلفت نظر القارئ الكريم إلى أن عمل الترجمة محفوف بصعوبات تتأتى من اختلاف خصوصيات كل لغة وأساليبها - خصوصا في التشبيهات والكنايات والأمثال - والمترجم وإن كان عارفا باللغتين ومتعهدا للأمانة قد يفوت عنه انتقال بعض المفاهيم الدقيقة، خصوصا فيما يرتبط بالشعر والأدب، وهذه الترجمة أيضا لا تخلو عن هذه المشكلة، لكن " مالا يدرك كله لا يترك كله ". ولله الحمد ولأوليائه صلواته وتحياته.
مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة مطبعاتالناشرونمفاتيح البحثالبحثبحث Google
منازل الآخرة والمطالب الفاخرة - الشيخ عباس القمي - الصفحة ٥
الإهداء بسم الله الرحمن الرحيم إلى الصامدين بوجه الباطل، دفاعا عن قباب علي والحسين والعباس ومسلم..
إلى الطالبين بثار الشهيد الصدر وجميع الشهداء الأبرار..
إلى المقاومين الأبطال الجنود المجهولين في الأرض المعروفين في السماء..
إلى من يقاتل على أرض العراق نيابة عن كل مسلم في الدنيا..
إلى المجاهدين الذين امتلأ العراق منهم، واتحد الغرب والشرق على سلب حقهم، واخماد جذوتهم واطفاء نورهم، ويأبى الله تعالى إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون..
إليكم يا شرف العراق أحمل جهدي المتواضع هذا أقدمه هدية في درب الحق والدفاع عن أهل البيت (عليهم السلام)..
إليكم جميعا: من بقي يقاتل حتى الرمق الأخير يقاوم ويتحمل عطش الهجير وجوع الأيام وارهاب صدام..
والى من استشهد في هذا الطريق وسجل اسمه في سجل الشهداء وبقي اسمه في الخالدين، وإن كان عند الناس جنديا مجهولا لم يعرفوه ولم يعرفوا مقاومته، ولم يعرفوا عطشه وجوعه وبسالته وشجاعته، مع أنه جاهد نيابة عنهم جميعا واستشهد مدافعا عن مبادئهم جميعا وعن شرفهم الديني جميعا.. لأنه قاتل من أجل تحرير عتبات أهل البيت (عليهم السلام) في العراق من احتلال الكفار ومن هدمها..
الكتبالمجموعاتالمؤلفونالمطبعاتالناشرونمفاتيح البحثالبحثبحث Google
منازل الآخرة والمطالب الفاخرة - الشيخ عباس القمي - الصفحة ٦
وبقيت قباب علي والحسين والعباس ومسلم تشهد على الكفار وحشيتهم وتشهد لأولئك الأبرار انهم أنصار الله عز وجل وأنصار رسوله (صلى الله عليه وآله) وأنصار أهل البيت (عليهم السلام).
لا يهمكم يا رفقاء الدرب فالمشوار مهما طال فالنصر لكم بإذن الله عز وجل..
وهنيئا لكم أيها المجاهدون فإن لكم في الجنة بابا يقال له باب المجاهدين، وتدخلون الجنة وأنتم متقلدين سيوفكم، والجمع بعد في الموقف لم يتم حسابهم وما يجرى عليهم من الأهوال، فتسبقوا الكل، وتسبق إليكم ملائكة الجنة مرحبة بكم... (1).
(1) اقتباس من الحديث الشريف المروي في الأمالي للشيخ الصدوق: ص 462.
(٦)مقدمة التحقيق والتعريب:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم ومنكري فضائلهم أجمعين من الأولين إلى قيام يوم الدين.
يعيش العالم الاسلامي والمسلمون عموما من يوم الغزو الاستعماري والفكري للبلاد الاسلامية صراعا شديدا مع العدو الغازي، وقد تنوعت أساليب الصراع بتنوع الظروف ووجهات المعارك العسكرية والفكرية، وباختلاف أشكال الحروب الفكرية الشرقية والغربية، وقد خرج الاسلام الحنيف والأمة المرحومة منتصرة بجميع معاركها المقدسة التي خاضتها ضد الكفار والمنافقين مع ما كابدته الأمة من ألم وعذاب وفقدان الأحبة وتحمل مشاق الغربة وما إلى ذلك، وما زالت المعارك مستمرة، فإن الاستعمار لا يريد أن ينفض يده من هذه الأرض الطيبة ومن استعمار واستعباد هذا الشعب المسلم العظيم.
وتفنن الاستعمار بأساليبه العدوانية، وأكد على ضرورة ايجاد حواجز عقائدية وفكرية ونفسية بين الانسان المسلم وبين شخصيته الاسلامية، ودخل إليه من جميع الجوانب المختلفة ليخترق هذا الكيان العظيم، وقد وفق لفترات من الزمن أن يسيطر أو يخترق بعض السواتر أو الحواجز والموانع، ولكنه ببسالة أهل الحق عاد خائبا خاسرا أكثر مواقعه التي احتلها بصعوبة ومشقة.
المجموعاتالمؤلفونالمطبعاتالناشرونمفاتيح البحثالبحثبحث Google
منازل الآخرة والمطالب الفاخرة - الشيخ عباس القمي - الصفحة ٨
وكان أبرز سلاح استخدمه العدو الكافر والمنافق في حروبه الاستعمارية هو الرجوع إلى المادية بشكليها الشرقي (الالحادي) والغربي بالابتعاد عن المثل الأخلاقية والقيم الانسانية وابدالها بالابتذال والخلاعة واحياء النوازع الذاتية والأنانية في الانسان، وابعاد العنصر الغيبي والروحي من تفكيره.
وكان الشيطان أكبر معين للعدو، وقد وقف إلى جنبه يعينه بما يستطيع لينجح بمشروعه المادي، فإنهما قد اجتمعا على هدف واحد بل هما في الواقع حركة واحدة.
وجاءت المفاجأة العظمى بانتصار الحركة الروحية والدينية بغتة بقيادة الامام الخميني (رحمه الله)، فتراجعت تلك الجيوش المادية أمام قوة الروحانية العظيمة التي بعثتها حركة الامام الخميني (قدس سره) في المجتمع الاسلامي وفي الانسان المسلم في كل أرجاء العالم.
ولكن العدو استخدم شتى الأساليب لقمع تلك القوة التي كسرته وأبشع أسلوب أكد عليه مرة أخرى هو مشروع المادية.
وأنا على يقين بأنه سوف يعود مرة أخرى خائبا خاسرا أمام قوة الطرح الاسلامي، وأصالته الروحية الاسلامية.
وأعتقد أن من أهم العناصر التي تنجح معركتنا الكبيرة هو عرض الاسلام بشتى مواضيعه إلى المسلمين والى العالم كافة.
ومن أهم تلك الجوانب هو التأكيد على تثبيت الروحانية الأصيلة في نفوس المسلمين، وليس هنا محل تفصيل لهذا الموضوع المهم، ولكننا ملزمون بالتأكيد عليه لأننا ما زلنا نعيش المعركة المادية بضراوتها وقوتها. ولابد أن ندحر الفكر المادي بشتى أشكاله ونخلص المسلمين من شره، لأننا إذا أردنا أن نحافظ على الشخصية الاسلامية فان من أهم مرتكزاتها ومميزاتها هو روحانيتها وعمق علاقتها بالغيب، ولا يمكننا أن نوفق بالنجاح في معركتنا هذه إلا بعد أن ندحر ما حاوله العدو من التشكيك بهذه الأصالة واختراق العقل المسلم بالتشكيك المطبعاتالناشرونمفاتيح البحثالبحثبحث Google
منازل الآخرة والمطالب الفاخرة - الشيخ عباس القمي - الصفحة ٩
بالروحانية وانها تمثل نوعا من أنواع اللا واقعية والفردية والانزواء والتخلف.
ولا يمكنني أن أحصر وجهة الدفاع عن الروحانية بنوع خاص من الأساليب والطروحات، وانما الصحيح العكس، فإننا نحتاج إلى أساليب متنوعة ومتعددة من اجل الحفاظ على تلك الأصالة والدفاع عنها لنحتفظ بالتالي بشخصية إنساننا المسلم كما كان دائما قويا بفكره وعقيدته وشخصيته وبنائه للحضارة الانسانية.
ووجدت في كتاب (منازل الآخرة) للعلامة الأخلاقي الكبير والمحدث الجليل الشيخ عباس القمي (رحمه الله) معينا يمكننا أن نطرحه للجيل المسلم ليساهم في بناء الحصانة الدفاعية في شخصيته، ولذلك عجلت بنقل الكتاب من اللغة الفارسية التي كتب بها إلى اللغة العربية مع أعمال أخرى أضفتها إلى الترجمة لأضفي عليه ما يمكنه أن يعين في زيادة فائدته.
واستعنت بروحانية مؤلفه الرجل الجليل الذي أثرى المكتبة الاسلامية بنفائس مؤلفاته وتحقيقاته وما زالت تأخذ موقعا كبيرا في حركتنا الفكرية والأخلاقية، وأبرز تلك الكتب التي خرجت من يراعه الشريف كتابه (مفاتيح الجنان) الذي هو المنهاج الروحي طبق ما ورد عن أهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام)، والذي حظي برواج كبير بين أتباع المذهب الحق، ولا تكاد تجد بيتا من بيوتهم يخلو منه.
ويتلخص عملنا في هذا الكتاب بالأمور التالية:
1 - قمنا بترجمة هذا الكتاب (منازل الآخرة) من اللغة الفارسية إلى اللغة العربية، وقد راعينا المحافظة على المعنى الفارسي بما يؤديه من الألفاظ العربية مع المحافظة على الأصل العربي من الروايات والأخبار والقصص التي ترجمها المؤلف من العربية إلى الفارسية، ولذلك فقد قمنا بقدر الوسع بتتبع تلك الأخبار لارجاعها إلى الأصل العربي. وعليه فان جميع الآثار الواردة في هذه الترجمة قد نقلناها من أصولها التي ترجمت منها إلى الفارسية.
2 - قمنا بتحقيق روايات وأحاديث الكتاب إضافة إلى التعليق على بعض
(٥)
الكتبالمجموعاتالمؤلفونالمطبعاتالناشرونمفاتيح البحثالبحثبحث Google
منازل الآخرة والمطالب الفاخرة - الشيخ عباس القمي - الصفحة ١٠
المطالب التي ظننا وجود حاجة للتعليق عليها.
3 - ذكرنا في الهامش بعض الروايات التي اختزلها المؤلف، أو التي أشار إليها ولم يذكرها. وكذلك ذكرنا بعض الروايات التي رأينا فائدة في ذكرها.
4 - أضفنا في آخر الكتاب فصلا في الجنة وأحوالها كما ألمحنا إليه في عنوان (موضوع الكتاب) من هذا التقديم.
5 - كتبنا ترجمة بأحوال المؤلف (قدس سره) تحت عنوان (حياة العلامة الشيخ القمي (رحمه الله)).
6 - كتبنا بحثا حول موضوع الكتاب بمقدار ما تصورناه من ضرورة لتكوين رؤية متكاملة عن الموضوع عند القارئ المثقف.
مع أني أرتقب من القارئ الكريم غض الطرف عن الزلل والنقص لان الممكن محكوم بهما، ولكن أنتظر النقد الذاتي والموضوعي لأجل تلافي الأخطاء بالطبعات القادمة إن شاء الله تعالى.
والله عز وجل الموفق للصواب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
قم المقدسة عش آل محمد (صلى الله عليه وآله) ياسين الموسوي غفر الله تعالى له ولوالديه بمحمد وآله الطاهرين

الشيخ شوقي جبار البديري
الشيخ شوقي جبار البديري

عدد المساهمات : 8369
تاريخ التسجيل : 04/04/2012
العمر : 59
الموقع : قبيلة البدير للشيخ شوقي البديري

https://shawki909.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359  Empty رد: منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359

مُساهمة  الشيخ شوقي جبار البديري الإثنين 15 يوليو 2024 - 12:23


الكتبالمجموعاتالمؤلفونالمطبعاتالناشرونمفاتيح البحثالبحثبحث Google
منازل الآخرة والمطالب الفاخرة - الشيخ عباس القمي - الصفحة ١٣
باركنا فيها وكنا بكل شئ عالمين) * (1).
ومنها قوله تعالى متحدثا عن داود (عليه السلام): * (إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والاشراق * والطير محشورة كل له أواب * وشددنا ملكه وأتيناه الحكمة وفصل الخطاب) * (2).
ومنها قوله تعالى متحدثا عن سليمان (عليه السلام): * (فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب * والشياطين كل بناء وغواص * وآخرين مقرنين في الأصفاد * هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب) * (3).
والانسان مجمع العوالم ومظهر الكمالات وقد صدق من قال:
وتحسب انك جرم صغير وفيك * انطوى العالم الأكبر (4) وقد ساعدت العقيدة الاسلامية الانسان للتعرف على كيفية ترقيه الكمالي ليكون مؤهلا للتصدي إلى موقعه الطبيعي الذي أراده الحق تعالى من خلقه له.
كما أن الرؤية الاسلامية قد وضحت للانسان مفهوم الحياة التي أكسبته القدرة والحيوية والحركة والفعل، لأن الانسان بدون حياة غير قادر على الفعل والاختيار وغير قادر على القيام بالمهمات الكبرى وغيرها. إذ أن الحياة هي الجهاز المحرك للانسان.
ولكن: هل معنى ذلك أن مهمة الانسان ودوره سوف ينتهي بموته؟ وينهدم كل شئ بناه عندما كان يتحرك وعندما كانت حياته معطاءة؟
وهنا توضح الرؤية الاسلامية أن الانسان هو مركز التلقي للإرادة الإلهية إما مباشرة - وهم الأنبياء والرسل والمحدثون - وإما بواسطة، وهم باقي الناس.
وتوضح أيضا أن الانسان هو مركز الحركة الكونية.
(1) سورة الأنبياء: الآية 81.
(2) سورة ص: الآية 18 - 20.
(3) سورة ص: الآية 36 - 39.
(4) نسب هذا البيت من الشعر للإمام علي (عليه السلام).. راجع الديوان المنسوب للإمام علي (عليه السلام) جمع وترتيب عبد العزيز الكرم: ص 57.
(١٣)
الكتبالمجموعاتالمؤلفونالمطبعاتالناشرونمفاتيح البحثالبحثبحث Google
منازل الآخرة والمطالب الفاخرة - الشيخ عباس القمي - الصفحة ١٤
كما أنها توضح أيضا أن الانسان خلق ليتحرك ويدير المركز الحركي الكوني بمعنى من المعاني الصحيحة التي لا مجال إلى بيان تفصيلها في هذه العجالة، بل بينت الرؤية الاسلامية - طبق نظام تفصيلي - المركز الحركي الكوني للانسان الكامل والانسان العادي، والعلاقات الكونية بالانسان وغير ذلك.
كما أن النظام التفصيلي تعرض لشرح مفهوم الحياة للانسان باعتباره فاعل الحركة الكونية الكبيرة.
وذكرت أن الانسان خلق ليبقى وأنه لا ينتهي ولا يفنى بمجرد أن تنتهي مهمته في هذه الدنيا (1) التي تشكل أولى المراحل الحياتية له.
وأكدت على أن هذه الحياة مهمة في طريقه الحركي نحو الصعود والتكاثر، لأنها المكان الذي يستطيع أن يبني الانسان فيه موقعه في العوالم الأخرى التي سوف تلي هذه الدنيا التي يعيش فيها.
ومن الفوارق الأساسية بين هذه الدنيا والعوالم الأخرى، هو أن الانسان جاء إلى هذه الدنيا بغير اختياره وبدون طلب أو إرادة منه، ولكن سكناه في هذه الدنيا وبقاءه فيها انما هي بإرادته.
وأما العوالم الأخرى فإنه سوف يعمرها ويدخلها بإرادته ويختار موقعه في تلك العوالم بإرادة تامة منه.
وللانسان أن يبني تلك العوالم وهو في هذه الدنيا لأن (الدنيا مزرعة الآخرة) (2).
(١) روى الشيخ الصدوق (رحمه الله) في كتابه علل الشرائع: ج ١، ص 11 باب 9، ح 5 بسند صحيح عن مسعدة بن زياد. قال: قال رجل لجعفر بن محمد: يا أبا عبد الله، إنا خلقنا للعجب؟! قال:
وما ذاك، لله أنت. قال: خلقنا للفناء؟! فقال: مه، يا بن أخ! خلقنا للبقاء، وكيف تفنى جنة لا تبيد، ونار لا تخمد، ولكن قل: انما نتحرك من دار إلى دار.
وروى الشيخ الطوسي في أماليه ج 1، ص 220، المجلس 8، ح 27 بإسناده إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال في كلام له (عليه السلام): (أيها الناس إنا خلقنا وإياكم للبقاء لا للفناء، ولكنكم من دار إلى دار تنقلون، فتزودوا لما أنتم صائرون عليه وخالدون فيه).
(2) عوالي اللآلي لابن أبي جمهور: ج 1، ص 267، الفصل 10، ح 66.
الشيخ شوقي جبار البديري
الشيخ شوقي جبار البديري

عدد المساهمات : 8369
تاريخ التسجيل : 04/04/2012
العمر : 59
الموقع : قبيلة البدير للشيخ شوقي البديري

https://shawki909.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359  Empty رد: منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359

مُساهمة  الشيخ شوقي جبار البديري الإثنين 15 يوليو 2024 - 12:28


الكتبالمجموعاتالمؤلفونالمطبعاتالناشرونمفاتيح البحثالبحثبحث Google
منازل الآخرة والمطالب الفاخرة - الشيخ عباس القمي - الصفحة ١٥
فقد يولد الانسان في هذه الدنيا وبدون اختيار منه في عائلة غنية أو فقيرة، ولكنه قادر على أن يغير طريقة حياته في هذه الدنيا بإرادته على ضوء حركته الذاتية فإنه * (ليس للانسان إلا ما سعى) * (1) و * (فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه) * (2) وقال تعالى: * (ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا) * (3).
وقال تعالى: * (إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى) * (4) وكذلك فان الانسان يولد في العوالم الأخرى بإرادته ويحدد المكان والبيئة والموقع الاجتماعي فيها باختياره وهو في الدنيا، فان العوالم الأخرى انما تبنى بأعمال الانسان في هذه الدنيا التي يعيش فيها.
روى ثقة الاسلام الكليني في الكافي الشريف بإسناده عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال:
جاء رجل إلى أبي ذر، فقال: يا أبا ذر مالنا نكره الموت؟
فقال: لأنكم عمرتم الدنيا، وأخربتم الآخرة، فتكرهون ان تنقلوا من عمران إلى خراب.
فقال له: فكيف ترى قدومنا على الله؟
فقال: أما المحسن منكم فكالغائب يقدم على أهله، وأما المسئ فكالآبق يرد على مولاه... " (5).
* وروي عن سويد بن غفلة أنه قال: " دخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد ما بويع بالخلافة وهو جالس على حصير صغير ليس في البيت غيره، فقلت: يا أمير المؤمنين بيدك بيت المال ولست أرى في بيتك شيئا مما يحتاج إليه البيت؟
فقال (عليه السلام): " يا بن غفلة! أن اللبيب العاقل لا يتأثث في دار النقلة، ولنا دار أمن
(

الكتب
المجموعات
المؤلفون
المطبعات
الناشرون
مفاتيح البحث
البحث
بحث Google

منازل الآخرة والمطالب الفاخرة - الشيخ عباس القمي - الصفحة ١٦
قد نقلنا إليها خير متاعنا، وإنا عن قليل إليها صائرون.. " (1).
وعلى ضوء الرؤية الاسلامية للانسان وللحياة وللكون فان حياة الانسان سوف لا تنتهي بموته، بل بالعكس فان هذه الحياة الأولى التي يعيش فيها ضيقة وصعبة، وسوف يتخلص من كثير من صعوباتها وضيقها بانتقاله إلى العوالم الأخرى ولكن ذلك يعتمد على ما يبذله من جهد في بناء مواقعه الحياتية في العوالم الأخرى وهو في الدنيا.
كما أنه سوف يعاني الامرين والأشد في تلك العوالم فيما إذا لم يهتم في هذه الدنيا ببناء عوالمه تلك لأنه قد يمكنه تجاوز كثير من الأخطاء العمدية في هذه الحياة الدنيا، ويمكنه أن يتخلص بالتواءاته من كثير من المواقف الحرجة والحسابات القانونية والاجتماعية، لأن هذه الدنيا هي دنيا العمل بلا حساب، وأما تلك العوالم فهي بالعكس تماما فلا ينفعه دهاؤه ولا تنفعه حيله، لأن تلك العوالم حساب بلا عمل، إضافة إلى أن هذه الدنيا يحكمها الغموض ويسيطر عليها قانون التمويه لاختفاء الحقائق وراء مظاهر لا تمثلها ولا تمت إليها بصلة، ولكن العوالم الأخرى بعكس ذلك فهي عوالم الحقائق * (فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد) * (2).
وذلك اليوم * (يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون) * (3) والحقائق تكشفت، فيسعى الانسان جاهدا إلى أن يتحرك ويعمل ليعوض عما سبق ويتخلص من الورطات الجديدة التي وقع فيها ولكنه لا يستطيع.
ولذلك ففي الرؤية الاسلامية أن الحياة الحقيقية هي تلك الحياة التي سيعيشها الانسان بعد انتقاله إليها بعد بالموت، وقد عبر القرآن الكريم عن تلك الحياة * (وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون) * (4) أي أن الانسان في تلك العوالم
(١) عدة الداعي لابن فهد الحلي: ص 109، باب 2. وعنه في البحار: ج 70، ص 321، 322.
(2) سورة ق: الآية 22.

الكتب
المجموعات
المؤلفون
المطبعات
الناشرون
مفاتيح البحث
البحث
بحث Google

منازل الآخرة والمطالب الفاخرة - الشيخ عباس القمي - الصفحة ١٧
مملوء حياة وحركة، فإن لفظة الحيوان على وزن فعلان الذي يتضمن الكثرة والفوران، فالحياة الحقيقة المملوءة حيوية وحركة انما هي بعد الموت.
ولو قرأت الروايات التي تحدثت عن تلك العوالم لرأيت أحداثا كثيرة جدا لابد له أن يمر عليها.
الانسان وهو في هذه الدنيا يجهل تلك الأحداث والعوالم والمنازل، لأنه بعيد عنها مكانا وزمانا، فان المكان الذي يعيشه في هذه الحياة الدنيا يختلف عن المكان الذي سوف يعيشه في تلك العوالم * (يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار) * (1).
وان الزمان الذي يحكمه في هذه الدنيا يختلف كليا عن الزمان الذي يكون في تلك العوالم فمن تلك الأيام ما تطول فتكون خمسين ألف سنة كما في قوله تعالى: * (في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) * (2).
ومنها ما يقصر فيكون ألف سنة كما في قوله تعالى: * (وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون) * (3).
وقال تعالى: * (في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون) * (4).
z z z ولأهمية تلك الأحداث في حياة الانسان فقد جد للتعرف عليها بشتى الطرق والوسائل العلمية، وقد أثرت أهداف كل باحث في انتخاب طريقته الخاصة به للتعرف على تلك العوالم، فالفيلسوف مثلا يحاول أن يبحث بأدواته العلمية للتعرف على تلك العوالم لتتم في عقله ونفسه الصورة العقلية والفكرية عن الانسان والحياة والعوالم الغيبية الأخرى التي لم يدركها ببصره وحواسه.
بينما ينهج الأخلاقي بدراسة تلك العوالم لأجل أن ينذر أو يبشر نفسه والآخرين الذين يهتم بوعظهم وصلاحهم، فيحسنوا ويصلحوا أحوالهم وأعمالهم.
(1) سورة إبراهيم: الآية 48.
(2) سورة المعارج: الآية 4.
(3) سورة الحج: الآية 47.

الكتب
المجموعات
المؤلفون
المطبعات
الناشرون
مفاتيح البحث
البحث
بحث Google

منازل الآخرة والمطالب الفاخرة - الشيخ عباس القمي - الصفحة ١٨
ومهما اختلف القوم فالمسألة ليست داخلة ضمن معدودات الترف الفكري، بل انها من المسائل الحياتية المهمة جدا سواءا نوقشت بالطريقة الفلسفية أو بالطريقة الأخلاقية أو غيرها.
وبما أن بداية العوالم الأخرى تبتدأ بالموت وتنتهي بالمعاد فلذلك كانت مسألة الموت والمعاد من المسائل المهمة التي عولجت بعدة طرق من البحث، فقد اهتم بها الفكر الاسلامي والعقيدة الاسلامية فعدت خامس أصول الدين بعد التوحيد والعدل والنبوة والإمامة، ولأهميتها فقد اهتم بها الفكر الفلسفي والكلامي الاسلامي وقد نوقشت قضايا المعاد لإثبات النشأة الآخرة وحشر الأجسام ونشر الأرواح والنفوس، والمعاد الجسماني، أو الروحاني، والبحث في بقاء النفوس وتجردها والنفوس التي تحشر والنفوس التي لا تحشر، وهل أن الأجسام التي ترزق المعاد هي تلك الأجسام التي أحسنت في الدنيا، وهي التي عصت الحق تعالى فيها، أم انها أجسام أخرى لم تكن في الدنيا ولم تحسن فيها ولم تسئ فيها.
وقد اتفق العلمان في بعض مسائلهما وقد اختلفا في مسائل أخرى كما هو ديدنهما، ولكن كالعادة لكل منهما طريقته بالاستدلال والبرهنة - وليس هنا محل الإطالة والاطناب والتفصيل - ولكن الشئ الذي لابد من الإشارة إليه هنا هو ان العلمين قد ناقشا قضايا الموت والمعاد من وجهة عقائدية طبق قوانين الاثبات، يعني أن قضايا الموت والمعاد التي نوقشت في هذين العلمين - وإن اختلف الحجم الكمي للمسائل أو الأسلوب الاستدلالي وطريقته - ولكنهما حصرا البحث بمقدار ما يرتبط بالاثبات أو النفي لما يراد معرفته، أو بما يتعلق بالعقيدة الاسلامية.
أما الفكر العرفاني الاسلامي فقد ركز اهتماماته على مسائل الموت والمعاد باعتبار أن بها يتحقق الوصول إلى وطن سلوك العارفين (1)، وأن الموت وما بعده
(1) الوطن عند العرفاء هو محل هبوط الحقيقة التي تهوي إليها النفوس الكلية، وهو دار هجرة السالكين في طي منازل السلوك وأعظمها هجرتهم من وجودهم الاعتباري والرحيل إلى الوطن الحقيقي فيكون بالله بعد أن يفنى في الله تعالى.

الكتب
المجموعات
المؤلفون
المطبعات
الناشرون
مفاتيح البحث
البحث
بحث Google

منازل الآخرة والمطالب الفاخرة - الشيخ عباس القمي - الصفحة ١٩
غاية تجوهر نفوسهم ووصولها إلى الغاية القصوى بلقاء الله تعالى.
فان للسالك غايتان أقربهما غاية تجوهر النفس بقطعها وطيها المراحل الأولى التي هي مقدمة الغاية القصوى، ولا يمكنه أن يحصل الغاية القصوى إلا بعد حصوله على الغاية الأولى والغاية القصوى هي لقاء الله تعالى.
بينما الغاية الأولى هي لقاء أعماله وما كسبته يداه وتتم بالموت والمعاد، قال عز وجل: * (ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا) * (1) وصار الموت والقبر وما بعده والمعاد غاية أولى، لأن الانسان سوف يبعث كما مات لما روي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) انه قال: " كما تعيشون تموتون، وكما تموتون تبعثون "، وفي الخبر عنه (صلى الله عليه وآله): " يبعث كل عبد على ما مات عليه " وفي الخبر الآخر عنه (صلى الله عليه وآله): " يموت الرجل على ما عاش عليه ويحشر على ما مات عليه ".
وغاية السالك أن يبذل جهده لتقوم عليه قيامته وقد تحققت تمام انسانيته ليحشر يوم القيامة وهو انسان مبصر وقد ذكر أهل المعرفة انه لا يمكن للسالك أن ينال غايته القصوى بلقاء الله عز وجل إلا بعد أن تقوم عليه قيامات، وكلما تقوم عليه قيامة من قياماته في الأولى (2) فقد تمت له حركة من حركاته السلوكية - وذلك إذا أمكنه أن يحافظ على مقامها أو يرتقي إلى الأعلى منها إلى حين تقوم عليه قيامته بموته الطبيعي - وانقضى عنه مقام من مقامات القرب، وإذا لم يتمكن السالك من طي تلك المقامات فإنه سوف يطويها - إن وفقه الحق تعالى وكان ذلك العبد محسوبا عنده تبارك وتعالى من السالكين - في الآخرة ولكنه سوف يطويها بالقهر والقوة والغلبة، بينما طويه لها في الأولى - لو وفق لها بلطفه تعالى وتوفيقه العبد للمجاهدات وقطع فيافي السلوك - سوف تكون على نحو آخر وقد يكون التوفيق الإلهي نصيبه بأنه يطويها أو يطوي بعضها وهي خامدة باختلاف أحوال
(1) سورة الكهف: الآية 49.
(2) (الأولى) بالاصطلاح أوسع مفهوما من (الدنيا)، فإن الانسان السالك قد يكون في الأولى ولكنه لا يكون في هذه الدنيا ولا عكس.

الكتب
المجموعات
المؤلفون
المطبعات
الناشرون
مفاتيح البحث
البحث
بحث Google

منازل الآخرة والمطالب الفاخرة - الشيخ عباس القمي - الصفحة ٢٠
السائرين ومقاماتهم.
وتبتدئ القيامات بالقيامات الأنفسية وهي القيامة الأنفسية الصغرى ثم الوسطى، ثم الكبرى، وتنتهي بالقيامات الآفاقية (1)، وقد عبر الشيخ الكاشاني عن القيامة بمعناها العام انها: (الانبعاث بعد الموت إلى حيوات أبدية) (2)، ويشير ب‍ (الحيوات) إلى تعدد الحياة بعد تعدد القيامة، فإنه بعد كل قيامة حياة غير الحياة التي عاشها قبل قيامته تلك.
وقد قسمها الكاشاني إلى ثلاثة أقسام:
أولها: الانبعاث بعد الموت الطبيعي إلى حياة أحد البرازخ العلوية أو السفلية بحسب حال الميت في الحياة الدنيوية لقوله (عليه السلام): " كما تعيشون تموتون، وكما تموتون تبعثون ".
وهي القيامة الصغرى المشار إليها في قوله (عليه السلام): " من مات فقد قامت قيامته ".
وثانيها: الانبعاث بعد الموت الارادي إلى الحياة القلبية الأبدية في العالم القدسي، كما قيل مت بالإرادة تحيا بالطبيعة.
وهي القيامة الوسطى، المشار إليها في قوله تعالى: * (أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا...) * (3).
وثالثها: الانبعاث بعد الفناء في الله إلى الحياة الحقيقية عند البقاء بالحق.
وهي القيامة الكبرى المشار إليها بقوله تعالى * (فإذا جاءت الطامة الكبرى) * (4) (5).
فالقيامة لا تبتدأ عند أهل المعرفة من موت الانسان الطبيعي وانما هي معه في
(1) قد وضحنا ذلك في شرحنا على رسالة السير والسلوك المنسوبة إلى الآية العظمى السيد محمد مهدي الطباطبائي الملقب ببحر العلوم (قدس سره): 1155 - 1212 ه‍ ق.
(2) اصطلاحات الصوفية للشيخ كمال الدين عبد الرزاق القاشاني: ص 146.
(3) سورة الأنعام: الآية 122.
(4) سورة النازعات: الآية 34.
(5) اصطلاحات الصوفية للقاشاني: ص 146.
(٢٠)

(4) سورة السجدة: الآية 5.
(3) سورة القلم: الآية 42.
(4) سورة العنكبوت: الآية 64.
الشيخ شوقي جبار البديري
الشيخ شوقي جبار البديري

عدد المساهمات : 8369
تاريخ التسجيل : 04/04/2012
العمر : 59
الموقع : قبيلة البدير للشيخ شوقي البديري

https://shawki909.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359  Empty رد: منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359

مُساهمة  الشيخ شوقي جبار البديري الإثنين 15 يوليو 2024 - 12:32



الكتب
المجموعات
المؤلفون
المطبعات
الناشرون
مفاتيح البحث
البحث
بحث Google

منازل الآخرة والمطالب الفاخرة - الشيخ عباس القمي - الصفحة ٢١
الحياة الدنيا، ووفقا لهذا القانون الكوني فإنهم يثبتون ان الجنة والنار تلازم صاحبها في هذه الدنيا ابتداءا من جنة الأعمال ونار الأعمال ولكن قد حجبتهما الحجب الظلمانية عند الانسان فلا يراهما إلا بعد الممات، وذلك لأنه يتخلص من الحجب الظلمانية وأغلظها الجسم العنصري الذي حبس روحه ونفسه وعقله فيه فلم ير الحقائق إلا بعد أن يتخلص منه وينطلق في العوالم الأخرى التي تسكن إليها وفيها الأرواح والنفوس فتنكشف لها بعض الحقائق الكبرى طبق المواصفات النسبية مع التكامل الروحي والنفسي لكل إنسان.
وأما نار الأعمال وجهنمها في هذه الدنيا وكذلك جنة الأعمال وفردوسها فهي محجوبة عن الناس إلا النفوس الكلية والنفوس القوية التي منحها الحق تعالى قدرة رؤية تلك الحقائق.
واستشهد على هذه الحقيقة بعدة آيات منها قوله تعالى: * (يستعجلونك بالعذاب وان جهنم لمحيطة بالكافرين) * (1) وقوله تعالى: * (أحاط بهم سرادقها) * (2).
فالمقصود بالإحاطة هي الإحاطة المطلقة ابتداءا من هذه الدنيا إلى ذلك العالم الآخر والعوالم التي تلي عالم الحياة الدنيا.
كما أن هناك نصوص كثيرة جدا تشهد على هذه الحقائق يحتاج تفصيلها إلى بحوث مستقلة.
ولم ينكر أهل المعرفة تلك العوالم التي يلاقيها الانسان بعد موت جسمه بل العكس من ذلك فإنهم يعتبرون أن الأرواح عندما تتجرد عن أجسامها تكون أقدر على معرفة تلك الحقائق الثابتة، وحينئذ فمن الطبيعي أن تكون النفوس التي قطعت القيامات الأنفسية أقدر على ادراك القيامات الآفاقية، ولذلك فهي تكون أسرع في قطع القيامات التي قطعتها في الأولى، وسوف تمر بها كالبرق الخاطف، وقد أشارت إلى هذه الحقائق مجموعة من الروايات الشريفة فمنها الروايات التي

الكتب
المجموعات
المؤلفون
المطبعات
الناشرون
مفاتيح البحث
البحث
بحث Google

منازل الآخرة والمطالب الفاخرة - الشيخ عباس القمي - الصفحة ٢٢
وردت لأخذ الاستعداد والتهيؤ لدخول القبر، لأن الانسان قادم على عالم لم يدخله من قبل ولم يتعرف عليه.
* روى ثقة الاسلام الكليني في الكافي الشريف بإسناده عن محمد بن عجلان قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " لا تفدح ميتك بالقبر ولكن ضعه أسفل منه بذراعين، أو ثلاثة، ودعه يأخذ أهبته " (1).
* وروى عنه بإسناده عن يونس قال: حديث سمعته عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) ما ذكرته وأنا في بيت إلا ضاق علي، يقول: " إذ أتيت بالميت شفير قبره فامهله ساعة فإنه يأخذ أهبته للسؤال " (2).
* وروى الشيخ الطوسي (رحمه الله) في تهذيب الأحكام بمضمرة أبي عطية قال:
" إذا أتيت بأخيك إلى القبر فلا تفدحه، ضعه أسفل من القبر بذراعين أو ثلاثة حتى يأخذ أهبته ثم ضعه في لحده... " (3).
وذكر الصدوق (رحمه الله) في الفقيه قال: " وإذا حمل الميت إلى قبره فلا يفاجأ به القبر لأن للقبر أهوالا عظيمة ويتعوذ حامله بالله من هول المطلع، ويضعه قرب شفير القبر، ويصبر عليه هنيئة ثم يقدمه ويصبر عليه هنيئة ليأخذ أهبته ثم يقدمه إلى شفير القبر " (4).
والرواية صريحة بان روح الميت المجردة تدرك ما لم تدركه في هذه الحياة الدنيا.
وقد يكون الانسان قد تعرف على هذا المنزل من خلال مجاهداته ورياضاته النفسية والروحية، ولكنه يبقى غير واصل إلى مقام حساب منكر ونكير فلذلك فعليه ان يستعد لحسابهما، وأما لو كان ذلك الانسان قد جاهد نفسه وقطع ذلك
(١) الكافي: ج ٣، ص ١٩١، كتاب الجنائز، باب (في وضع الجنازة دون القبر)، ح ١.
(٢) الكافي: ج ٣، ص 191، كتاب الجنائز، باب (في وضع الجنازة دون القبر)، ح 2.
(3) تهذيب الأحكام للطوسي: ج 1، ص 312، باب 13، ح 75، ورقم الحديث العام 907.
(4) من لا يحض

الكتب
المجموعات
المؤلفون
المطبعات
الناشرون
مفاتيح البحث
البحث
بحث Google

منازل الآخرة والمطالب الفاخرة - الشيخ عباس القمي - الصفحة ٢٣
المنزل بمجاهداته في الأولى فحينئذ يكفي حسابهما كما دلت عليه الروايات التي أشارت بعضها إلى الأعمال التي تدفع هول حساب منكر ونكير (1).
وهكذا بالنسبة للمنازل البرزخية الأخرى، وحتى هول يوم القيامة وما فيه من مواقف يمر بها الانسان فإن كان قطعها في الأولى فإنه يكفاها في الآخرة، وقد وضحت هذه الحقيقة مجموعة من الروايات منها التي وردت في الصراط فإنه ان كفيه الانسان في الأولى فإنه يمر عليه يوم القيامة كالبرق الخاطف.
وحتى جهنم ولزوم المرور عليها والورود فيها الذي نص عليه القرآن الكريم بقوله تعالى: * (وان منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا) * (2)، فان هناك من لا يمر عليها بالآخرة، لأنه مر بها وعليها في الأولى، كما ورد عن جابر بن عبد الله الأنصاري (رحمه الله) ان النبي (صلى الله عليه وآله) سئل عنه (3) فقال: " إذا دخل أهل الجنة الجنة قال بعضهم لبعض: أليس قد وعدنا ربنا ان نرد النار؟ فيقال لهم: قد وردتموها وهي خامدة " (4).
(١) منها ما رواه الصدوق (رحمه الله) في كتاب (فضائل الشيعة): ص ٤٦، ح ١، بإسناده عن ابن عمر قال: سألنا النبي (صلى الله عليه وآله) عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) فغضب (صلى الله عليه وآله) ثم قال:
والحديث الشريف طويل، إلى أن يقول: " ألا ومن أحب عليا بعث الله إليه ملك الموت كما يبعث إلى الأنبياء، ودفع الله عنه هول منكر ونكير، وبيض وجهه، وكان مع حمزة سيد الشهداء.. الحديث ".
وفي حديث آخر عنه (صلى الله عليه وآله) قال: " ألا ومن مات على حب آل محمد بشره ملك الموت بالجنة ثم منكر ونكير.. ". رواه الزمخشري في الكشاف: ج ٤، ص ٢٢٠، في تفسير الآية ٢٣ من سورة الشورى.
ونقله المجلسي في البحار: ج ٢٣، ص ٢٣٣، وفي: ج ٢٧، ص ١١١، عن الكشاف نقله الرازي في تفسيره، والسيد ابن طاووس في الطرائف، وفي البحار: ج ٦٨، ص ١٣٧، ح ٧٦، عن جامع الأخبار.
(٢) سورة مريم: الآية ٧١.
(٣) يعني سئل عن قوله تعالى: * (وان منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا) *.
(٤) تفسير البيضاوي: ج ٣، ص 61، في تفسير الآية 71 من سورة مريم. ونقله عنه المجلسي في البحار: ج 8، ص 250.
(٢٣)
مفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله (2)، يوم القيامة (2)، القرآن الكريم (1)، جابر بن عبد الله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، كتاب تفسير البيضاوي للبيضاوي (1)، السيد إبن طاووس (1)، الزمخشري (1)، العلامة المجلسي (2)، الشيخ الصدوق (1)، سورة الشورى (1)، سورة مريم (2)، الموت (1)، البعث، الإنبعاث (1)

الكتب
المجموعات
المؤلفون
المطبعات
الناشرون
مفاتيح البحث
البحث
بحث Google

منازل الآخرة والمطالب الفاخرة - الشيخ عباس القمي - الصفحة ٢٤
* وروى الفيض الكاشاني (رحمه الله): لما سئل بعض أئمتنا (عليهم السلام) عن عموم الآية المذكورة فقال: " جزناها وهي خامدة " (1).
وأما إذا لم يقطع الانسان تلك المنازل في الأولى فإنه مضطر لا محالة إلى قطعها بعد تجرد روحه وموته وانقطاعه عن الجسم العنصري، لأنه حين انكشاف ما غطي عليه، ويرى كل ما كان يسمع به كما قال تعالى: * (فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد) * (2) فعندما تقوم قيامته الصغرى وقيامته الكبرى فسوف يرى تلك المنازل - التي لم يقطعها ولم يتعرف عليها أو لم يصدق بها - رأي العين، وعليه أن يقطعها ولكنه يتحمل صعوبة ومشاق كسله في الأولى، أو جهله، أو عناده وكفره، فسوف يمر عليها جاهلا ويقع فيها مظلما، لأنه لم يهيئ لسفره هذا نورا يمشي به وفيه عندما يدخل الآخرة فلذلك تجده أعمى بلا هادي ولا دليل كما قال تعالى: * (ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا) * (3).
وقال تعالى: * (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى * ومن أعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى * قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى) * (4).
وقال تعالى: * (ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور) * (5).
والعرفاء الصالحون اعتبروا قطع تلك المنازل في الأولى السبب الأساس لقطع تلك المنازل في الآخرة بيسر وسهولة، لأنهم رأوا من أخبر به النص الشريف من ضرورة الاعداد لسفر الآخرة ومنازله ومواقفه، ولا يتم ذلك الاعداد إلا بمعرفة السفر ومعرفة مراحله ومنازله وأخذ العدة لكل مرحلة ولكل منزل ثم يسير تلك المنازل منزلا فمنزلا وموقفا فموقفا وقطعها في الأولى بالمجاهدات والرياضات كما أخبر به الهادي، وان اتباع الهادي في الأولى سوف يؤمن وجوده في الآخرة
(١) علم اليقين: ج 2، ص 971، المقصد الرابع، الباب 9، الفصل 2 (في معنى الصراط).
(2) سورة ق: الآية 22.
(3) سورة الإسراء: الآية 72.
(4) سورة طه: الآية 123 - 126.
(5) سورة النور: الآية 40.

الكتب
المجموعات
المؤلفون
المطبعات
الناشرون
مفاتيح البحث
البحث
بحث Google

منازل الآخرة والمطالب الفاخرة - الشيخ عباس القمي - الصفحة ٢٤
* وروى الفيض الكاشاني (رحمه الله): لما سئل بعض أئمتنا (عليهم السلام) عن عموم الآية المذكورة فقال: " جزناها وهي خامدة " (1).
وأما إذا لم يقطع الانسان تلك المنازل في الأولى فإنه مضطر لا محالة إلى قطعها بعد تجرد روحه وموته وانقطاعه عن الجسم العنصري، لأنه حين انكشاف ما غطي عليه، ويرى كل ما كان يسمع به كما قال تعالى: * (فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد) * (2) فعندما تقوم قيامته الصغرى وقيامته الكبرى فسوف يرى تلك المنازل - التي لم يقطعها ولم يتعرف عليها أو لم يصدق بها - رأي العين، وعليه أن يقطعها ولكنه يتحمل صعوبة ومشاق كسله في الأولى، أو جهله، أو عناده وكفره، فسوف يمر عليها جاهلا ويقع فيها مظلما، لأنه لم يهيئ لسفره هذا نورا يمشي به وفيه عندما يدخل الآخرة فلذلك تجده أعمى بلا هادي ولا دليل كما قال تعالى: * (ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا) * (3).
وقال تعالى: * (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى * ومن أعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى * قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى) * (4).
وقال تعالى: * (ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور) * (5).
والعرفاء الصالحون اعتبروا قطع تلك المنازل في الأولى السبب الأساس لقطع تلك المنازل في الآخرة بيسر وسهولة، لأنهم رأوا من أخبر به النص الشريف من ضرورة الاعداد لسفر الآخرة ومنازله ومواقفه، ولا يتم ذلك الاعداد إلا بمعرفة السفر ومعرفة مراحله ومنازله وأخذ العدة لكل مرحلة ولكل منزل ثم يسير تلك المنازل منزلا فمنزلا وموقفا فموقفا وقطعها في الأولى بالمجاهدات والرياضات كما أخبر به الهادي، وان اتباع الهادي في الأولى سوف يؤمن وجوده في الآخرة
(١) علم اليقين: ج 2، ص 971، المقصد الرابع، الباب 9، الفصل 2 (في معنى الصراط).
(2) سورة ق: الآية 22.
(3) سورة الإسراء: الآية 72.
(4) سورة طه: الآية 123 - 126.
(5) سورة النور: الآية 40.

الكتب
المجموعات
المؤلفون
المطبعات
الناشرون
مفاتيح البحث
البحث
بحث Google

منازل الآخرة والمطالب الفاخرة - الشيخ عباس القمي - الصفحة ٢٥
ويقطع تلك المراحل بهديه وهدايته وبنوره وحضوره كما دل عليه العقل والنص الشريف المتواتر عند جميع طوائف المسلمين بوجوب طاعة النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة الاثني عشر من بعده (عليهم السلام).
وليس معنى ذلك أنه لا يوجد عذاب القبر ولا يوجد حساب القبر وضغطته والبرزخ وغير ذلك، بل العكس تماما فعلى المؤمن أن يؤمن بالموت الحقيقي وعذاب القبر ومسألة منكر ونكير والمعاد الجسماني.
قال الشيخ الصدوق (رحمه الله): " اعتقادنا في المسألة في القبر انها حق " (1).
وقال الشيخ المفيد (رحمه الله): " جاءت الآثار الصحيحة عن النبي (صلى الله عليه وآله) ان الملائكة تنزل على المقبورين فتسألهم عن أديانهم " (2).
ولكن لكل واحد من تلك الأمور مقامات وحالات تختلف باختلاف مقامات وحالات الانسان نفسه الذي يمر بها.
وطريقة العرفاء بمعرفة أحوال الموت وما بعده انما هي شرح للأحاديث الشريفة المروية عن النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته المعصومين (عليهم السلام)، وليس فيها أكثر من ذلك. وإذا وجد في كلام أحد منهم - أعوذ بالله تعالى - غير ذلك فهو غير صحيح قطعا وانما هو من تخيلاته.
فإنك تجد المعارف الجليلة التي وردت عن أهل البيت (عليهم السلام) مشروحة عند من رزقه الله تعالى تلك المعارف. ولا يصح لأي عارف أن يحصل على تلك المعارف والعلوم إلا من طريق أهل البيت (عليهم السلام) " من أتاكم نجى ومن لم يأتكم هلك إلى الله تدعون وعليه تدلون وبه تؤمنون وله تسلمون وبأمره تعملون والى سبيله ترشدون وبقوله تحكمون، سعد من والاكم، وهلك من عاداكم وخاب من جحدكم، وضل من فارقكم، وفاز من تمسك بكم وأمن من لجأ إليكم، وسلم من صدقكم، وهدي من اعتصم بكم، من اتبعكم فالجنة مأواه، ومن خالفكم فالنار مثواه، ومن جحدكم كافر ومن حاربكم مشرك، ومن رد عليكم في أسفل
(1) تصحيح الاعتقاد: ص 77.
(2) المصدر السابق.
(٢٥)
مفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله (3)، الشيخ المفيد (قدس سره) (1)، الشيخ الصدوق (1)، الموت (2)، القبر (4)، الهلاك (1)


الكتب
المجموعات
المؤلفون
المطبعات
الناشرون
مفاتيح البحث
البحث
بحث Google

منازل الآخرة والمطالب الفاخرة - الشيخ عباس القمي - الصفحة ٢٦
درك من الجحيم.. " (1).
وكذلك: " من أراد الله بدأ بكم ومن وحده قبل عنكم ومن قصده توجه بكم.. " (2).
نعم ان طريقة أهل المعرفة تختلف عن طريقة الفلاسفة والأخلاقيين بفهم الحقائق، لأنهم يعتمدون على المشاهدة الصحيحة التي تحصل بعد المجاهدات السلوكية فتنكشف لهم الحقائق ويرونها بالضبط كما وردت عن الشارع الحكيم سلام الله عليه، وهي نفس النتائج التي يحصل عليها الفيلسوف عندما يستخدم القوانين العقلية والأسس المنطقية، ولكن الفرق بينهما هو في الاقناع العقلي والمشاهدة العقلية والتي تسمى بالمشاهدة القلبية أيضا. وألطف بيان لهذه الحقيقة
(١) لا تغفل ان توحيد الحق تعالى الصرف لا يتوفر إلا لمحمد وآل محمد (عليهم السلام) كما ورد في الروايات المستفيضة. منها ما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله): " يا علي ما عرف الله إلا انا وأنت، وما عرفني إلا الله وأنت، وما عرفك إلا الله وانا ". مختصر بصائر الدرجات للشيخ حسن الحلي:
ص ١٢٥.
وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) انه قال: " يا علي، ما عرف الله حق معرفته غيري وغيرك، وما عرفك حق معرفتك غير الله وغيري ". مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: ج ٣، ص ٢٦٧ - ٢٦٨، في (فصل: في المفردات). ونقله المجلسي في البحار: ج ٣٩، ص ٨٤.
وانتبه وتدبر واعرف واعلم أن أركان التوحيد هي معرفتهم صلوات الله عليهم جميعا كما ورد في الروايات المستفيضة منها: ما رواه الصدوق بسند صحيح في معاني الأخبار عن أبي حمزة الثمالي عن سيد العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام) في حديث طويل قال فيه: " ونحن أركان توحيده، ونحن موضع سره ".
وروى الشيخ الطوسي بسند صحيح عن الإمام الرضا (عليه السلام): ".. فإنهم معادن كلماتك وأركان توحيدك.. " مصباح المتهجد: ص ٣٦٦.
ورواه السيد ابن طاووس في جمال الأسبوع: ص ٥٠٦ - ٥١١، الطبعة الحجرية. وفي:
ص ٥١٢ - ٥١٩. ورواه الكفعمي في المصباح: ص 548 الطبعة الحجرية.
(2) راجع الزيارة الجامعة المروية عن الإمام الهادي (عليه السلام) في التهذيب للشيخ الطوسي: ج 6، ص 98. وفي من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق: ج 2، ص 372. ورواها الصدوق في عيون أخبار الرضا: ج 2، ص 274. ونقلها المجلسي في البحار: ج 102، ص 129، 130.


الكتب
المجموعات
المؤلفون
المطبعات
الناشرون
مفاتيح البحث
البحث
بحث Google

منازل الآخرة والمطالب الفاخرة - الشيخ عباس القمي - الصفحة ٢٧
ما نقل عن ابن سينا وأبي سعيد (ان الرجلين تلاقيا في موضع، فلما افترقا، سئل كل منهما عن صاحبه، فقال الشيخ أبو سعيد: ما أنا أراه هو يعلم. وقال الشيخ أبو علي:
ما أعلمه هو يراه..) (1). وأما اختلاف طريقة أهل المعرفة عن طريقة الأخلاقيين ان أولئك يشرحون أحوال الانسان وسلوكه وفق ما جاء به التنزيل وطبق قوانين السير والسلوك النظري والعملي بتكميل قلب الانسان ليصل بالأحوال والمقامات بحيث يكون قادرا على تلقي الفيوضات الإلهية والمعارف الكلية لتطهير روحه وقلبه وعقله من كل غريب ونجس واخلاص نفسه للتوحيد الصرف ولقاء الحق عز وجل، وعرفوا قوانين الوجود التكوينية ورأوا رأي العين وادركوا خفاياها وأسرارها، وكلها خفايا وأسرار. والعرفان فلسفة كاملة فيها جميع الأجوبة الثبوتية عن كل شئ ولا يوجد العرفان في ورق ولا في كتاب وانما هو في قلب العبد المؤمن كما ورد في النص الشريف في الحديث القدسي: " لم تسعني سمائي ولا أرضي، ووسعني قلب عبدي المؤمن " (2).
كما أن العرفان العملي هو المدرسة السلوكية للانسان الطالب أو السالك أو الواصل لإيصاله إلى غايته الأولى والقصوى، ولا يتم له ذلك بالنظري قطعا وانما لابد من العمل والكدح كما ورد في الروايات المستفيضة عن الإمام الصادق (عليه السلام):
" العلم مقرون إلى العمل فمن علم عمل ومن عمل علم، والعلم يهتف بالعمل فان أجابه وإلا ارتحل عنه " (3).
وعن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال: " ان العالم إذا لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب كما يزل المطر عن الصفا " (4).
وعن الإمام السجاد (عليه السلام) انه قال: " مكتوب في الإنجيل لا تطلبوا علم
(١) روضات الجنات: ج ٣، ص ١٨٤.
(٢) راجع المحجة البيضاء: ج ٥، ص ٢٦، وفيه (أرضي ولا سمائي). البحار: ج ٥٨، ص ٣٩.
(٣) الكافي: ج ١، ص 44، (باب استعمال العلم)، ح 2.
(4) المصدر السابق.

الكتب
المجموعات
المؤلفون
المطبعات
الناشرون
مفاتيح البحث
البحث
بحث Google

منازل الآخرة والمطالب الفاخرة - الشيخ عباس القمي - الصفحة ٢٨
مالا تعلمون ولما تعملوا بما علمتم، فإن العلم إذا لم يعمل به لم يزدد صاحبه إلا كفرا ولم يزدد من الله إلا بعدا " (1).
وأما طريقة الأخلاقيين فإنها تعتمد على الأساليب الوعظية والتنبيهية ويستفيدون من القصة كأسلوب خطابي يشد السامع أو القارئ إلى تذكر الله عز وجل، كما أنهم يستشهدون بالروايات والآثار والمنقولات والمسموعات لأجل تلك الغاية الكريمة.
وطريقة الأخلاقيين مفيدة جدا للعامة لتقويمهم وارجاعهم إلى الطريق المستقيم وتعريفهم بالصحيح والخطأ، ولكنها غالبا ما تكون مؤقتة بزمان الموعظة وما بعدها بفترات محدودة باختلاف حالات السامعين والقارئين، لأن طريقة الأخلاقيين لا تدخل إلى عمق الانسان وتعرف مقامه ثم ترقيه مرقاة فمرقاة وتزيل الملكات الظلمانية وتحييه بالملكات النورانية وترقيه في مدارج الكمال كما تفعله الطريقة العرفانية. أضف إلى ذلك أن الأخلاقيين غالبا ما يستخدمون أسلوبا واحدا في الوعظ لمجاميع مختلفين في الأحوال والملكات والمقامات بل غالبا ما يستخدمون أسلوبا واحدا مع الانسان في جميع أحواله وملكاته بينما أن لكل انسان واردات وأحوال ومقامات تختلف باختلاف مجاهداته.
وعلى كل حال فإننا لا نريد هنا أن نبين جميع خصوصيات الطريقة العرفانية وطريقة الأخلاقيين، وانما أردنا أن نوضح ان هناك فوارق عدة بين الطريقتين، وكليهما مفيدة بل أن العرفاء وأهل السير والسلوك لا يستغنون عن استخدام الأسلوب الأخلاقي في تكميل النفوس خصوصا في مخاطباتهم للعامة، فإنه أجدى لمثل ذلك المقام عند الخطاب لعامة الناس وأنفع.
ولكن هناك مؤاخذة أخرى على الأسلوب الأخلاقي لفهم قضايا الموت والعالم الآخر إضافة للملاحظة السابقة بأنه يهتم بالجانب التحذيري والتخويفي بذكر الأهوال، والمصاعب التي سوف يلاقيها الانسان ابتداءا من سكرات الموت
الشيخ شوقي جبار البديري
الشيخ شوقي جبار البديري

عدد المساهمات : 8369
تاريخ التسجيل : 04/04/2012
العمر : 59
الموقع : قبيلة البدير للشيخ شوقي البديري

https://shawki909.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359  Empty رد: منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359

مُساهمة  الشيخ شوقي جبار البديري الإثنين 15 يوليو 2024 - 12:34

فما بعدها، مما يولد عند الانسان السامع أو القارئ حالة من الرهبة والخوف فتعكس على شخصيته فتؤدي في أحيان كثيرة إلى حالة تشاؤمية وقد توقعه بالانعزال عن الحياة العامة وتعميق الشعور الفردي والإنزوائي واللاأبالية عنده فيخرج من قانون السلوك المتوازن إلى حالة التطرف الواحدي.
وبالتأكيد فان أي باحث موضوعي لا يمكنه أن يطرح الأحكام بشكل قطعي وعمومي في مثل هذه الحالات التي تتعرض لموضوع واسع وشائك، فإن الأسلوب الأخلاقي يختلف من شخص لآخر، وقد تكون الملاحظة المتقدمة ظاهرة عند أغلب الأخلاقيين ولكنها لا تصلح أن تبقى بلا استثناء، مع اني أظن أن الملاحظة لم تخلو من مبالغة وتضخيم وإن كانت بشكل عام لم تخلو من واقعية، بل إن الأسلوب التخويفي للانسان المكلف ضروري لتقويمه واعادته لجادة الصراط المستقيم، وقد رأينا الكتاب الكريم قد هدد العباد وحذرهم وأوعدهم بما يجري عليهم بعد هذه العوالم منها قوله تعالى: * (وإياي فارهبون) * (1).
وقال تعالى: * (ويحذركم الله نفسه والى الله المصير) * (2).
وقال تعالى: * (قل اني أخاف ان عصيت ربي عذاب يوم عظيم) * (3).
وكذلك كان موقف السنة المطهرة فقد روى الكليني (رحمه الله) في الكافي الشريف بإسناده عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال: " من خاف الله أخاف الله منه كل شئ، ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شئ " (4).
وروى أيضا بإسناده عن إسحاق بن عمار قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام):
" يا إسحاق خف الله كأنك تراه وان كنت لا تراه فإنه يراك، فان كنت ترى انه لا يراك فقد كفرت، وإن كنت تعلم أنه يراك ثم برزت له بالمعصية فقد جعلته من أهون الناظرين عليك " (5).وروى أيضا بسند صحيح عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال: " المؤمن بين مخافتين: ذنب قد مضى لا يدري ما صنع الله فيه، وعمر قد بقي لا يدري ما يكتسب فيه من المهالك فهو لا يصبح إلا خائفا ولا يصلحه إلا الخوف " (1).
وأجاد العلامة المازندراني في شرح معنى الخوف الذي ورد في هذه الروايات الشريفة حيث قال:
(الخوف حالة نفسانية موجبة لتألمها بسبب توقع مكروه سببه ممكن الوقوع أو توقع فوات أمر مرغوب فيه، ولو كان وقوع سببه معلوما، أو مظنونا ظنا غالبا يسمى ذلك انتظار المكروه أيضا كما يسمى خوفا، والتألم فيه أزيد.
وأما الخوف والتألم بسبب توقع مكروه علم قطعا عدم وقوع شئ من أسبابه فذلك وسواس وماليخوليا...
وسبب الخوف من الله معرفته، ومعرفة جلاله، وعظمته، وكبريائه، وغنائه عن الخلق، وغضبه، وقهره، وكمال قدرته على الخلق، وعدم مبالاته بتعذيبهم واهلاكهم، ومعرفة عيوب نفسه، وتقصيره في الطاعات والأخلاق، والآداب مع التفكر في أمر الآخرة وشدائدها.
وكلما زادت تلك المعارف زاد الخوف وثمرته في القلب والبدن والجوارح، إذ بالخوف يميل القلب إلى ترك الشهوات، والندامة على الزلات، والعزم على الخيرات، ويخضع ويراقب، ويحاسب، وينظر إلى عاقبة الأمور، ويحترز من الرذائل كالكبر والحسد والبخل، ويذبل البدن، ويصفر اللون من الغم والسهر، وتشتغل الجوارح بوظائفه ويحصل له بترك الشهوات العفة والزهد، وبترك المحرمات التقوى، وبترك ما لا يعني الورع والصدق والاخلاص، ودوام الذكر والفكر، ويترقى منها إلى مقام المحبة، ثم منه إلى مقام الرضا...) (2).
(1) المصدر السابق ص 71.
(2) شرح أصول الكافي وروضته للعلامة محمد صالح المازندراني المتوفي سنة 1081 ه‍ أو 1086 ه‍: ج 8، ص 205 - 206.(والخوف غير القنوط) (1).
وان الاشكال المتقدم انما هو على القنوط وليس على الخوف، لأن الخوف لم يترك الأمل وهو الرجاء، بل يقف إلى جانبه يوازنه، لأن الأمل - الرجاء - بلا خوف معناه الغرور والحماقة.
وعلى كل حال فالخوف أسلوب مطلوب لتأديب النفس ولكنه لابد وأن يلازمه الرجاء ليتوازن ميزان النفس فلا افراط ولا تفريط، فكلما ازداد الخوف ازداد الرجاء والأمل.
وعلى السالك أن ينتبه إلى حالة الخوف أن لا تكون ملكة نفسانية عنده، وكذلك الرجاء، بحيث يكونا الداعي إلى عبادته تعالى، كما يلزم المرشد أن ينتبه في وعظه وارشاده وهديه أن لا يكون تأكيده على الخوف والرجاء بحيث تكونا ملكة عند من يرشده ويعظه. فان حالة الخوف وحالة الرجاء مع أهميتهما لاستقامته ولكنهما ليستا غايتين تامتين، وانما الغاية التامة أن يكون السالك يعبد الحق لغاية أسمى وهي ارادته للحق عز وجل ومعرفة معنى العبودية والمعبود والعابد والعبادة ليتم معنى الشكر كما في كلمات أمير المؤمنين (عليه السلام): " إلهي ما عبدتك خوفا من عقابك ولا طمعا في ثوابك، ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك " (2).
وفي رواية أخرى عنه (عليه السلام): " ما عبدتك خوفا من نارك، ولا طمعا في جنتك، ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك " (3).
وفي نهج البلاغة عنه (عليه السلام) قال: " ان قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار، وان قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد، وان قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار " (4).وعلى كل حال فقد أصاب بعض الباحثين عندما جمع بين الطرق الثلاثة - الفلسفية والعرفانية والأخلاقية - في عرض تلك العوالم المهمة من حياة الانسان، فان لكل طريقة خصوصياتها المتميزة التي تساعد الانسان للتعرف عليها.
كتاب منازل الآخرة والمطالب الفاخرة ويدخل كتاب (منازل الآخرة) للعلامة الثقة المحدث الشيخ عباس القمي (قدس سره) في ضمن الكتب الأخلاقية المهمة التي تحدثت عن العوالم التي سوف يلاقيها الانسان بعدما ينتهي من هذه الحياة الدنيا التي عاشها، وقد أجاد المؤلف (رحمه الله) في استقصائها بشكل منظم ومرتب ابتداءا من سكرات الموت، وانتهاءا بدخول الجنة أو النار، خصوصا انه اعتمد فيها على ما جاء عن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام)، وقد حاول جاهدا أن يبتعد عن ما نقله الآخرون من خرافات الصوفية أو قصص الإسرائيليات والوضاعين التي شحنت بها الكتب الأخلاقية المؤلفة بهذا المجال ككتاب الاحياء، وغيره.
كما أن المؤلف القمي (رحمه الله) أجاد عندما لم يطنب بالتخويف بل أوجز بما يؤدي الغرض الوعظي والتأديبي وانه أحسن كثيرا عندما أضاف (المنجيات) من تلك المصاعب والأهوال إلى جنب الأهوال التي سوف يقع بها الانسان في الآخرة.
ويتبين بموضوع المنجيات بنحو من الأنحاء ما بيناه سابقا عندما تحدثنا عن الطريقة العرفانية بفهم عوالم الآخرة بأنها أحوال القيامات التي يراها الانسان في قياماته الأنفسية في الأولى وقبل الدخول في الآخرة.
وان المؤلف (رحمه الله) قد استخدم الأسلوب الصحيح في موعظته حينما استفاد من الخوف والرجاء الذي ورد في الروايات وأكدت عليه الأحاديث الشريفة بضرورة توفرهما جميعا بقلب المؤمن ليحصل على النجاة بسلوكه الرباني منها:
ما رواه الكليني (رحمه الله) في الكافي الشريف بإسناده عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: " كان أبي (عليه السلام) يقول: انه ليس من عبد مؤمن إلا في قلبه نوران: نور خيفة، ونور رجاء،لو وزن هذا لم يزد على هذا، ولو وزن هذا لم يزد على هذا " (1).
وروى الكليني أيضا في الكافي الشريف بإسناده عن الحسن بن أبي سارة قال:
" سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون خائفا راجيا، ولا يكون خائفا راجيا حتى يكون عاملا لما يخاف ويرجو " (2).
قال المجلسي (رحمه الله): (لابد أن يكون العبد دائما بين الخوف والرجاء لا يغلب أحدهما على الآخر إذ لو رجح الرجاء لزم الأمن لا في موضعه، وقال تعالى:
* (أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون) * (3).
ولو رجح الخوف لزم اليأس الموجب للهلاك كما قال سبحانه: * (انه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) * (4).
وقيل: يستحب أن يغلب في حالة الصحة الخوف، فإذ انقطع الأجل يستحب أن يغلب الرجاء ليلقى الله على حالة هي أحب إليه إذ هو سبحانه الرحمن الرحيم، ويحب الرجاء.
وقيل ثمرة الخوف: الكف عن المعاصي، فعند دنو الأجل زالت تلك الثمرة فينبغي غلبة الرجاء.
وقال بعضهم: (الخوف ليس من الفضائل والكمالات العقلية في النشأة الآخرة، وانما هو من الأمور النافعة للنفس في الهرب عن المعاصي، وفعل الطاعات ما دامت في دار العمل. وأما عند انقضاء الأجل والخروج من الدنيا فلا فائدة فيه.
وأما الرجاء فإنه باق أبدا إلى يوم القيامة لا ينقطع، لأنه كلما نال العبد من رحمة الله أكثر كان ازدياد طمعه فيما عند الله أعظم وأشد لأن خزائن جوده وخيره ورحمته غير متناهية لا تبيد ولا تنقص..) (5).

الشيخ شوقي جبار البديري
الشيخ شوقي جبار البديري

عدد المساهمات : 8369
تاريخ التسجيل : 04/04/2012
العمر : 59
الموقع : قبيلة البدير للشيخ شوقي البديري

https://shawki909.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359  Empty رد: منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359

مُساهمة  الشيخ شوقي جبار البديري الإثنين 15 يوليو 2024 - 12:36

وقد علق المجلسي (رحمه الله) بقوله: (والحق أن العبد ما دام في دار التكليف لابد له من الخوف والرجاء. وبعد مشاهدة أمور الآخرة يغلب عليه أحدهما لا محالة بحسب ما يشاهده من أحوالها) (1).
* ولكن مع ذلك فإن المؤلف (رحمه الله) قد خالف طريقته حيث ركز في آخر الكتاب على الخائفين وأمثلتهم، ولم يذكر من أحوال الرجاء والجنة ووصفها شيئا ليتوازن الخوف بالرجاء، ولذلك ارتأينا ان نذكر مقتطفات من المأثور في الرجاء والجنة ليكون قلب القارئ مستقيما في ميزانه. خصوصا انك قد قرأت قبل قليل ما نقله العلامة المجلسي (رحمه الله) عن بعضهم انه كان يقول: (يستحب أن يغلب في حالة الصحة الخوف، فإذا انقطع الأجل يستحب أن يغلب الرجاء ليلقى الله على حالة هي أحب إليه إذ هو سبحانه الرحمن الرحيم ويحب الرجاء... الخ) (2).
وقد رأينا ان الأنسب أن نلحق تلك الروايات حول الجنة بفصل في آخر الكتاب تحت عنوان (ذكر عدة اخبار في وصف الجنة ونعيمها).
هل للآخرة منازل؟
ان للآخرة منازل تبتدئ من منزل الموت ثم القبر وأحواله والبرزخ والحشر والنشور والحساب والعرض والصراط والميزان والشفاعة ومنازل النيران ومنازل الجنة وما إلى ذلك.
وقد فصل العلامة السيد هاشم البحراني المتوفى سنة 1107 أو 1109 ه‍. ق الحديث عن جميع تلك المنازل وغيرها في كتابه معالم الزلفى.
أما المؤلف القمي فإنه اختصر تلك المنازل في كتابه الكريم (منازل الآخرة)، وأجاد بجمعها وعرضها بما يمكن لكل انسان أن يقرأ ويتعرف على تلك العوالم
(١) المصدر السابق.
(٢) راجع نهج البلاغة: ج ٢، ص 183، تحقيق محمد عبدة، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
ج 11، ص 5. الارشاد للشيخ المفيد: ج 1، ص 234، الطبعة المحققة. ونقله المجلسي في البحار: ج 73، ص 106، ح 102. وفي: ج 73، ص 134، ح 138.
(٣٤)



منازل الآخرة والمطالب الفاخرة - الشيخ عباس القمي - الصفحة ٣٥
ويستفيد منها بشكل مختصر مفيد.
وقد استلهم المؤلف (رحمه الله) عنوانه هذا من الروايات الشريفة التي تحدثت عن تلك العوالم، منها ما ذكره هو في مقدمة هذا الكتاب عن أمير المؤمنين (عليه السلام) انه كان ينادي في كل ليلة حين يأخذ الناس مضاجعهم للمنام، بصوت يسمعه كافة أهل المسجد ومن جاوره من الناس " تزودوا رحمكم الله فقد نودي فيكم بالرحيل، وأقلوا العرجة على الدنيا، وانقلبوا بصالح ما يحضركم من الزاد فان أمامكم عقبة كؤودا ومنازل مخوفة مهولة لابد من الورود [المرر. خ. ل] عليها والوقوف عندها [عليها. خ. ل] ".
والمنزل جمعه منازل وهو مكان النزول ويطلق على الدار أيضا، وقد سميت أماكن نزول القوافل والمسافرين منازل أيضا، كما انها تطلق على مسافة معينة من الطريق.
سفر القيامة والاستعداد له:
ولأن الانسان مسافر في حياته (1) إلى الله تعالى فعليه ان يعد مؤنة السفر
(١) فأما أن الانسان مسافر في هذه الدنيا إلى الآخرة بسفر القيامة فقد تظافرت الروايات الشريفة في ذلك فمنها:
* في النهج عن أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: " من تذكر بعد السفر استعد " (نهج البلاغة:
ج ٤، ص 68، شرح محمد عبدة.).
* وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: " قام فينا رسول (صلى الله عليه وآله) خطيبا، فقال: يا أيها الناس انكم في دار هدنة، وأنتم على ظهر سفر، والسير بكم سريع، فعدوا الجهاز لبعد المسافة " (كنز العمال للمتقي الهندي: ج 16، ص 136، رقم الحديث العام 244163).
* وروى الشيخ الصدوق (رحمه الله) بإسناده إلى سفيان بن عيينة انه قال: رأى الزهري علي بن الحسين (عليه السلام)، ليلة باردة مطيرة، وعلى ظهره دقيق وحطب وهو يمشي، فقال له: " يا بن رسول الله ما هذا؟! قال: أريد سفرا أعد له زادا أحمله إلى موضع حريز. فقال الزهري: فهذا غلامي يحمله عنك. فأبى، قال: أنا أحمله عنك، فإني أرفعك عن حمله. فقال علي بن الحسين: لكني لا أرفع نفسي عما ينجيني في سفري، ويحسن ورودي على ما أرد عليه، أسألك بحق الله لما مضيت لحاجتك، وتركتني. فانصرفت عنه فلما كان بعد أيام، قلت له: يا بن رسول الله لست أرى لذلك السفر الذي ذكرته أثرا؟ قال: بلى يا زهري، ليس ما ظننته، ولكنه الموت، وله كنت استعد، انما الاستعداد للموت تجنب الحرام، وبذل الندى والخير " (علل الشرائع:
ص 231، ح 5. ونقله المجلسي في البحار: ج 46، ص 65، ح 27. والبحراني في العوالم:
مجلد أحوال الإمام زين العابدين (عليه السلام): ص 106).
(٣٥)
الشيخ شوقي جبار البديري
الشيخ شوقي جبار البديري

عدد المساهمات : 8369
تاريخ التسجيل : 04/04/2012
العمر : 59
الموقع : قبيلة البدير للشيخ شوقي البديري

https://shawki909.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359  Empty رد: منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359

مُساهمة  الشيخ شوقي جبار البديري الإثنين 15 يوليو 2024 - 12:39

خ عباس القمي - الصفحة ٣٧
ضرورة ذكر الموت:
إضافة إلى أن طريقة أهل البيت (عليهم السلام) ألزمت المؤمن - كما توضحه الروايات الشريفة - أن يعيش الموت ويديم ذكره له ليعد ليومه ذلك الذي ينتظره لا محالة، فان انحراف الانسان عن الجادة المستقيمة ينشأ من الطغيان الذي يعتريه، وقد يصل به إلى مستوى بحيث يعمى عن كل الحقائق وما يحيط به، ولا تنفعه لتخفيف نسبة طغيانه وغروره كل النصائح والتوجيهات لأن طغيانه قد يكبر عليها ولكنه يصطدم بصخرة تتكسر عليها كل مراتب الطغيان والغرور وهي صخرة الموت وما بعد الموت، وقد صور كتاب الله المجيد هذه الحقيقة بقوله تعالى: * (ان الانسان ليطغى * ان رآه استغنى * ان إلى ربك الرجعي) * (1).
فمهما اعتور الانسان الموحد (2) من الطغيان والغرور والانحراف عن الأوامر
(1) سورة العلق: الآية 6 - 8.
(2) أما الانسان الملحد فإن رؤيته لله وللآخرة لا تقل عن رؤية الموحدين لأنه يحس بفطرته وجود عالم آخر بعد انتهائه من رحلته في عالم الدنيا كما أن جميع القوانين العقلية تنص عليه.
ومهما أنكر الملحد بطغيانه حقائق الوجود والعلة فإنه يعترف أن لحياته نهاية، ولكنها نهاية لمشوار قطعه وعرف شيئا من مجرياته، وبقيت ألغازه وأسراره تحتاج إلى توضيح وشرح وهو يقر بباطن نفسه أن لتلك الألغاز والاسرار أجوبة، ولا يوجد لغز أو سر يبقى في الكتمان وانما لابد له من يوم يظهر ويعرف، ولذلك فهو يقر بقرارة نفسه أن هناك يوما تنكشف فيه تلك الحقائق.
فليس الموت نهاية الانسان، وانما فيه اسرار وألغاز سوف تنكشف له بعد موته.
وهذا التصوير يفسر الدليل العقلي الذي يقيمه علماء الكلام على ضرورة وجود الآخرة والمعاد، فإن الظلم في الدنيا لابد له من حكم عدل وإن مات الظالم على ظلمه فليس من العدل إسدال الستارة على ظلمه إلى الأبد، وانما يحكم العقل بضرورة وجود ذلك اليوم.الإلهية فهو يعلم جازما انه لا محالة من موته ورجوعه إلى الحق عز وجل وسوف يحاسبه على جميع القضايا التي صدرت منه سواءا كانت كبيرة أو صغيرة، فلذلك ورد في الحديث الشريف: " كفى بالموت واعظا " (1).
وحبا بالانسان ورأفة به فقد جاءت الأخبار المتظافرة ناصحة الانسان الموحد أن يديم ذكر الموت، منها:
* روى الحسين بن سعيد الأهوازي: بسند صحيح عن أبي عبيدة الحذاء قال:
قلت لأبي جعفر (عليه السلام): جعلت فداك حدثني بما انتفع به.
فقال: " يا أبا عبيدة، أكثر ذكر الموت فما أكثر ذكر الموت انسان إلا زهد في الدنيا " (2).
* وروى الصدوق بإسناده إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال في حديث الأربعمائة:
"... أكثروا ذكر الموت، ويوم خروجكم من القبور، وقيامكم بين يدي الله عز وجل تهون عليكم المصائب.. " (3).
* وروي في مصباح الشريعة عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال:
(١) رواه الكليني في الكافي: ج ٣، ص ٢٧٥، ح ٢٨. وقريب منه في: ج ٢، ص ٨٥، ح ١.
والطوسي في الأمالي: ج ١، ص ٢٧، المجلس ١، ح ٣١. ونقله المجلسي في البحار في عدة مواضع منها: ج ٦، ص ١٣٢، ح ٣٠. وفي: ج ٣٣، ص ٥٤٥، ح ٧٢٠. وفي: ج ٦٤، ص ٢٩، ح ٨. وفي ج ٧١، ص ٢٠٩، ح ٢١. وفي: ج ٧١، ص ٢٦٤، ح ٤، وفي ج ٧١، ص ٣٢٥، ح ٢٠.
وفي ٧٣، ص ٣٤٢، ح ٢٥. وفي ٧٧، ص ١٣٩، ح ١. وفي ج ٧٧، ص ٣٩٠، ح ١١.
(٢) كتاب الزهد للحسين بن سعيد الأهوازي: ص ٧٨، باب ١٤، ح ٢١٠. وعنه في البحار:
ج ٦، ص ١٢٦. وفي: ج ٧١، ص ٢٦٦.
(٣) الخصال: ص 616. ونقله عنه في البحار: ج 6، ص 132.ذكر الموت يميت الشهوات في النفس، ويقطع منابت الغفلة، ويقوي القلب بمواعد الله، ويرق الطبع، ويكسر أعلام الهوى، ويطفئ نار الحرص، ويحقر الدنيا، وهو معنى ما قال النبي (صلى الله عليه وآله): فكر ساعة خير من عبادة سنة، وذلك عندما تحل اطناب خيام الدنيا، وتشدها في الآخرة، ولا يشك [ولا يسكن نزول على ذكر.
خ. 7] بنزول الرحمة على ذاكر الموت بهذه الصفة. ومن لا يعتبر بالموت، وقلة حيلته، وكثرة عجزه، وطول مقامه في القبر، وتحيره في القيامة، فلا خير فيه ".
قال النبي (صلى الله عليه وآله): " اذكروا هادم اللذات.
فقيل: وما هو يا رسول الله؟
فقال (صلى الله عليه وآله): الموت.
فما ذكره عبد على الحقيقة في سعة إلا ضاقت عليه الدنيا، ولا في شدة إلا اتسعت عليه.
والموت أول منزل من منازل الآخرة، وآخر منزل من منازل الدنيا، فطوبى لمن أكرم عند النزول بأولها، وطوبى لمن أحسن مشايعته في آخرها.
والموت أقرب الأشياء من بني آدم وهو يعده أبعد، فما أجرأ الانسان على نفسه وما أضعفه من خلق.
وفي الموت نجاة المخلصين وهلاك المجرمين، ولذلك اشتاق من اشتاق إلى الموت، وكره من كره.
قال النبي (صلى الله عليه وآله) من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه " (1).
* وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) انه قال:
" أفضل الزهد في الدنيا ذكر الموت. وأفضل العبادة ذكر الموت. وأفضل التفكر ذكر الموت، فمن أثقله ذكر الموت وجد قبره روضة من رياض الجنة " (2).
(١) مصباح الشريعة: ص 171 - 172. ونقله في البحار: ج 6، ص 133.
(2) جامع الأخبار: ص 165، الفصل 131. ونقله عنه في البحار: ج 6، ص 137، ح 41.
(٣٩)وفي نفس الوقت فان الحق تعالى يطلب من الانسان التوازن في تفكيره، وحياته، وشخصيته، وفهمه لجميع الأشياء الكونية. فهو يأمر الانسان بتعمير الأرض والسعي الجاد، قال تعالى: * (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) * (1).
وقال تعالى: * (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا اني بما تعملون عليم) * (2).
وقال تعالى: * (ليبلوكم أيكم أحسن عملا) * (3).
وقال تعالى: * (انا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا) * (4).
وقال تعالى: * (انا لا نضيع أجر من أحسن عملا) * (5).
وقال تعالى: * (ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش) * (6).
وقال تعالى: * (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله) * (7).
وقال تعالى: * (وجعلنا النهار معاشا) * (Cool.
* وروى الكليني في الكافي، والطوسي في التهذيب بإسنادهما عن المعلى بن خنيس قال: " سأل أبو عبد الله (عليه السلام) عن رجل وأنا عنده، فقيل له قد اصابته الحاجة.
قال: فما يصنع اليوم؟ قيل: في البيت يعبد ربه عز وجل.
قال: فمن أين قوته؟!
قيل: من عند بعض اخوانه.
فقال أبو عبد الله (عليه السلام): والله للذي يقوته أشد عبادة منه " (9).
(١) سوره التوبة: الآية ١٠٥.
(٢) سورة المؤمنون: الآية ٥١.
(٣) سورة هود: الآية ٧.
(٤) سورة الكهف: الآية ٧.
(٥) سورة الكهف: الآية ٣٠.
(٦) سورة الأعراف: الآية ١٠.
(٧) سورة الجمعة: الآية ١٠.
(٨) سورة النبأ: الآية ١١.
(٩) التهذيب: ج ٦، ص ٣٢٤، باب ٢٢، ج ١٠. الكافي: ج ٥، ص 78، ح 4.* وروى الصدوق في الفقيه عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله):
" عليكم بالطلب، ثم قال: اني لأبغض الرجل فاغرا فاه إلى ربه يقول: ارزقني، ويترك الطلب " (1).
* وروى الكليني في الكافي بإسناده عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال:
" اني لأبغض الرجل، أو أبغض للرجل أن يكون كسلانا عن أمر دنياه، ومن كسل عن أمر دنياه فهو عن آخرته أكسل " (2).
* وروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال:
" إن قامت الساعة وفي يد أحدكم الفسيلة، فإن استطاع أن لا تقوم الساعة حتى يغرسها فليغرسها " (3).
* وروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) انه قال: " من غرس غرسا فأثمر أعطاه الله من الأجر قدر ما يخرج من الثمرة " (4).
* وروي عنه (صلى الله عليه وآله) انه قال: " إن الله حين اهبط آدم إلى الأرض أمره أن يحرث بيده فيأكل من كده.. " (5).
ومع اهتمام الرؤية الاسلامية من خلال نصوص الشريعة بتعمير الأرض والعمل لبناء الحضارة والمدنية الانسانية الصالحة، فان الاسلام يؤكد على تعمير الآخرة وبنائها كما تقدمت بعض النصوص الشريفة المؤكدة لهذه الحقيقة، لأنها تكشف أن الحياة الحقيقية هي الحياة الخالدة والتي تكون بعد الموت، ولذلك فان عمران الدنيا لابد وأن ينسجم بالتوازي مع عمران الآخرة مع ملاحظة أخذ الشرط
(١) الفقيه: ج ٣، ص ١٩٢، ح ٣٧٢١.
(٢) الكافي: ج ٥، ص ٨٥، ح ٤.
(٣) مستدرك الوسائل للشيخ النوري: ج ١٣، ص ٤٦٠ كتاب المزارعة والمساقاة باب: ١، ح ٥ وعنه في جامع أحاديث الشيعة: ج ١٨، ص ٤٣١، أبواب المزارعة والمساقاة باب: ١، ح ١٠.
(٤) مستدرك الوسائل: ج ١٣، ص ٤٦٠، أبواب المزارعة والمساقاة، باب ١، ح ٤. وعنه جامع أحاديث الشيعة: ج ١٨، ص ٤٣١، أبواب المزارعة والمساقاة، باب ١، ح ٩.
(٥) مستدرك الوسائل: ج ٥٤، ص ٤٧٥ باب: ١٨، ح ٥٢٠٣. جامع أحاديث الشيعة: ج ١٨، ص ٤٣٤ أبواب المزارعة والمساقاة باب: ٥، ح ٢. تفسير العياشي: ج ١، ص 40، ح 24.
(٤١)
الشيخ شوقي جبار البديري
الشيخ شوقي جبار البديري

عدد المساهمات : 8369
تاريخ التسجيل : 04/04/2012
العمر : 59
الموقع : قبيلة البدير للشيخ شوقي البديري

https://shawki909.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359  Empty رد: منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359

مُساهمة  الشيخ شوقي جبار البديري الإثنين 15 يوليو 2024 - 12:43

الغائي في العمران الدنيوي وهو الآخرة، قال تعالى: * (وابتغ فيما أتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا) * (1).
وبما أن هدف الآخرة لا ينسجم مع الانسياب وراء الدنيا واغراءاتها فلذلك كان الموقف العقائدي والأخلاقي الاسلامي أن يحدد السعي الدنيوي، وليس هذا التحديد من حيث الكم، وانما هو من حيث النوع والنية والأهداف.
وهو المعبر عنه في كثير من النصوص الاسلامية بطول الأمل، وحب الدنيا.
وأهم الفوارق بين التحديد الكمي والتحديد النوعي هو أن الاسلام العظيم يشجع على العمران والبناء الحضاري بمختلف أوجه النشاط المتعلق به ضمن قانون (العمل الصالح).
ولكنه يشترط في ذلك العمل أن يكون لخدمة الأهداف الإلهية، ولأجل رقي الحضارة الانسانية وتقدمها واصلاح نقاط الخلل في البنى الاجتماعية الانسانية والحضارية.
وأما الأهداف الشخصية فإنها محددة بالكم، يعني أن لا يركض الانسان وراء هدف صغير بجمع المال لنفسه وأهله الخاصين به، بل لابد وأن تكون حركته في هذا المجال محدودة بمقدار الحاجة، وعليه ان يصب جل اهتماماته بالخدمة العامة.
ونكتفي بهذا المقدار من توضيح معالم الرؤية الاسلامية المقدسة لهذا الموضوع الفكري والحياتي المهم.
مع التأكيد على أن ما سجلته هنا بهذه الأوراق لا يعدو عن أكثر من طرح الخطوط العامة لهذا الموضوع الفكري والعقائدي المهم، وقد يرزقنا الله تعالى التوفيق لتفصيله بموضوع مستقل من جهة المفهوم الاسلامي للعالم.حياة العلامة الشيخ القمي (رحمه الله) الحمد لله رب العالمين ثم الصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وآله الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين.
وبعد، يقول العبد الفقير ياسين الموسوي غفر الله تعالى ذنبه وأحسن عاقبته وحشره مع أجداده الطاهرين انه جرت العادة بين المحققين والمترجمين أن يكتبوا ترجمة عن المؤلف وأحواله وقد اقتفينا أثرهم في ذلك، فخرجت من قلمنا هذه الأوراق المتواضعة عن المرحوم المؤلف، وقد راعينا فيه الاختصار سائلين المولى عز وجل أن يتقبله منا بقبول حسن وأن يديم لطفه علينا بمحمد وآله وهو حسبي.
هويته الشخصية:
اسمه: الشيخ عباس بن محمد رضا بن أبي القاسم القمي (1).
أسرته: والده الحاج محمد رضا كان من صلحاء أهل قم وزهادهم، وله تعلق بحضور مجالس الوعظ والارشاد ومجالس سيد الشهداء (عليه السلام)، وكان يرجع إليه بعض معارفه لمعرفة بعض الأحكام الشرعية، مع أنه كان يمتهن الاشغال الحرة (2).
وأما أمه: فقد كانت من النساء الصالحات وكان الشيخ القمي دائما يذكرها
(١) الفوائد الرضوية للقمي: ص 220.
(2) حاج شيخ عباس قمي مرد تقوى وفضيلت (فارسي) للشيخ علي الدواني: ص 35.بالخير ويقول إن القسم المهم من التوفيق الذي حصل لي يعود إلى أمي فإنها كانت تمتنع عن ارضاعي بالمقدار الممكن إذا كانت غير طاهرة، وكانت تسعى دائما إلى ارضاعي وهي على طهارة.
وكان يقول: إن أمي من النساء المتقيات وكانت تمتاز بعدم تفويتها الصلاة في وقتها (1).
وأما ولادته: فقال (رحمه الله): (ولادتي على الظاهر سنة 1294) (2).
وقال العلامة الطهراني: (ولد في قم في نيف وتسعين ومائتين وألف...) (3).
نشأته العلمية:
ولد القمي في وسط اجتماعي امتاز بالتدين وحب العلم، وكانت قم تمتلئ بمجالس الذكر والوعظ وقد انتشرت فيها مظاهر إقامة الشعائر الدينية، وفتح القمي عينيه في حضن الجو الروحي فتأثر به، وقد نقل عنه انه كان ضعيف البنية ولكنه كان قوي الروح وصاحب قلب مطمئن بالله عز وجل، وقد تشبعت نفسيته بحب البحث والمعرفة من طفولته.
ووصف في طفولته بأنه كان يتكلم ويتحدث وكأنه رجل صاحب تجارب.
ومع أنه كان طفلا ولكنه لم تكن لديه عادات الأطفال من حب اللعب وغيره.
كما نقل انه حينما كان يرغب إليه أترابه أن يشاركهم في لعبهم البرئ، كان الطفل عباس يرفض ذلك، وحينما يصرون عليه يجيبهم بشرط أن يقص عليهم بعض القصص الدينية، وبما أن طبع الأطفال يميل إلى القصة فكانوا يحلقون حوله ويقص عليهم من قصص الصالحين، ثم يذكرهم بأنهم يعيشون في مكان مقدس فهو يحتضن مرقد السيدة المطهرة المعصومة فاطمة بنت الإمام موسى بن جعفر (عليهم السلام)، كما أنه مدفن جماعة كثيرة من عظماء الدين وعلماء الشيعة. ثم يدعوهم لترك الألعاب غير اللائقة والأعمال اللامرضية لئلا يهتكوا حرمة هذا المكان المقدس،
(١) محدث قمي حديث إخلاص تأليف عبد الله زاده: ص ١٥.
(٢) الفوائد الرضوية للقمي: ص 220.
(3) نقباء البشر: ج 3، ص 998.ثم يعرجون بدعوة منه إلى زيارة مرقد السيدة الطاهرة سلام الله عليها (1).
عند الشيخ أرباب:
وبما انه كان متعلقا من نعومة أظفاره بطلب العلوم الاسلامية وتحصيل المعارف الدينية، فقد نشأ على حب العلم وأهله، فقرأ مقدمات العلوم، وسطوح الفقه والأصول على عدد من علماء قم وفضلائها كالميرزا محمد الأرباب وغيره (2).
وقد أثرت شخصية أستاذه فيه، ويعتبر المؤثر الأول في نشأته العلمية، ولذلك لم يذكر لنا التاريخ اسما من أساتذته الآخرين في تلك المرحلة غير الشيخ محمد أرباب. علما ان قم لم تكن آنذاك قد افتخرت بالحوزة العلمية الكبيرة التي فارقتها منذ زمن طويل نسبيا وانتقلت إلى مدينة (سلطان آباد).
(والشيخ محمد الأرباب من تلاميذ الميرزا الشيرازي الكبير (رحمه الله)، وقد حضر عنده عدة سنوات، ثم أكمل دراسته في النجف الأشرف، وبقي هناك سنوات عدة، ثم رجع إلى قم وكان بها من المروجين المحققين المصنفين) (3).
ووصف أيضا: بأنه كان من أعاظم علماء قم، وأكابر فقهاء وأدباء الدهر، فهو الخطيب الفحل والواعظ الشهير، ونادرة العصر في فن الخطابة، وكان له الدور البارز في تأسيس الجامعة العلمية مع المرحوم آية الله الشيخ عبد الكريم الحائري ولكنه لم يعمر في هذه الحوزة الفتية فقد توفي بعد سنة من تأسيسها 1341 ه‍. ق (4).
وقد تأثر المؤسس الحائري (رحمه الله) لوفاته كثيرا، فخاطب عائلته ضمن تعزيته لهم بأنكم لستم وحدكم صرتم يتامى بل إني فقدت أخا.
وقد تتلمذ على يدي الشيخ الأرباب كثير من الفضلاء وأساتذة قم من أمثال
(1) محدث قمي حديث اخلاص: ص 24 - 25 باختصار.
(2) نقباء البشر: ج 3، ص 998.
(3) هدية الرازي: ص 147 - 148.
(4) محدث قمي: ص 28.
المرحوم آية الله الفيض (1).
وقد نقل عن كتاب (تحفة الفاطميين) ما ترجمته ملخصا:
(... المرحوم الحاج الميرزا محمد صاحب كتاب الأربعين الحسينية من الآيات الإلهية والبراهين القاطعة.. له من الفقاهة والاجتهاد مقام سامي، ورتبة عالية، وقد سافر في أوائل شبابه إلى العتبات الشريفة. وحضر عند الميرزا الشيرازي، واستفاد منه وكانت عمدة تلمذه في الفقه والأصول على يد الحاج الميرزا حبيب الله الرشتي، والملا كاظم الخراساني، وبعدما أكمل دراسته للعلوم الدينية وحصل على القوة القدسية وأجيز بالاجتهاد.. عاد إلى وطنه (قم)، وظهرت له الرئاسة العامة والشهرة التامة، وذاعت شهرة فقاهته وفضيلته جميع الأصقاع، وقرعت كل الأسماع..) (2).
وقال الشيخ عباس القمي عن أستاذه الأرباب وقد عنونه تحت (محمد بن محمد تقي القمي: شيخنا العالم الفاضل الفقيه المحدث الحكيم المتكلم الشاعر المنشي الأديب الأريب، حسن المحاضرة، جيد التقرير والتحرير، جامع المعقول والمنقول أدام الله تعالى بقاءه، صاحب الأربعين الحسينية، وشرح قصيدة " لام عمرو " للسيد الحميري، وشرح البيان للشيخ الشهيد، ورسالة في الرد على البابية، وتعليقات وحواشي كثيرة على العلوم، وله أشعار لطيفة في مرثية مولانا أبي عبد الله (عليه السلام).
وكان حفظه الله تعالى كمحمد بن أحمد بن عبد الله البصري الملقب بالمفجع المعروف بكثرة بكائه وتفجعه على أهل البيت (عليهم السلام) اسأل الله أن يمتعنا بطول بقائه) (3).
وذكر اسمه مع السيد حسن متولي حرم السيدة المعصومة سلام الله عليها والشيخ محمد تقي البافقي والميرزا محمود الروحاني الذين جاؤوا وطلبوا
(١) آثار الحجة للشيخ محمد الرازي: ج ١، ص ٢٢٠.
(٢) المصدر السابق: ١، ص ٢٢١ - ٢٢٢.
(٣) الفوائد الرضوية: ص 602.بإلحاح من آية الله الشيخ عبد الكريم الحائري البقاء والسكنى في قم وتأسيس الحوزة العلمية المباركة فيها، وبعد اصرارهم وما كان من استخارته وقد كانت الآية الشريفة * (وأتوني بأهلكم أجمعين) * وافق على البقاء، وتأسست بواسطة تلك المساعي الحميدة الحوزة العلمية في قم (1).
هجرته العلمية إلى النجف الأشرف:
وكانت النجف عاصمة العلم الشيعي من يوم هجرة شيخ الطائفة ورئيسها الشيخ محمد بن الحسن الطوسي 385 - 460 ه‍. ق إلى هذه المدينة المقدسة بعد حوادث سنة 449 ه‍. وذكر ابن الأثير في تاريخه في حوادث هذه السنة أن (فيها نهبت دار أبي جعفر الطوسي بالكرخ، وهو فقيه الامامية، وأخذ ما فيها، وكان قد فارقها إلى المشهد الغربي) (2).
وقال ابن حجر العسقلاني نقلا عن ابن النجار انه (أحرقت كتبه... واستتر هو ... مات بمشهد علي...) (3).
وذكر ابن كثير انه (أحرقت داره بالكرخ وكتبه سنة ثمان وأربعين...) (4).
وعن بداية هذه الجامعة العلمية الكبرى تحدث المؤرخ الكبير المرحوم العلامة الشيخ آغا بزرگ الطهراني فقال: (ولما رأى الشيخ الخطر محدقا به هاجر بنفسه إلى النجف الأشرف، لائذا بجوار مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام)، وصيرها مركزا للعلم، واخذت تشد إليها الرحال، وتعلق بها الآمال، وأصبحت مهوى رجال العلم، ومهوى أفئدتهم، وقام فيها صرح الاسلام، وكان الفضل في ذلك لشيخ الطائفة..) (5).
نعم كانت النجف (مأوى للعلماء، وناديا للمعارف قبل هجرة الشيخ إليها،
(١) تاريخ قم لناصر الشريعة: في الحاشية للشيخ علي الدواني: ص ٢٧٦.
(٢) الكامل في التاريخ: ج ٦، ص ١٩٨ تحقيق علي شيري.
(٣) لسان الميزان: ج ٥، ص ١٥٣، الرقم العام ٧٢٣٧، والرقم الخاص ٤٥٢.
(٤) البداية والنهاية: ج ١٢، ص 104، في حوادث سنة ستين وأربعمائة.
(5) حياة الشيخ الطوسي / الطهراني: ص (ز) في مقدمة تفسير التبيان، للشيخ الطوسي: ج 1.
(٤٧)

الشيخ شوقي جبار البديري
الشيخ شوقي جبار البديري

عدد المساهمات : 8369
تاريخ التسجيل : 04/04/2012
العمر : 59
الموقع : قبيلة البدير للشيخ شوقي البديري

https://shawki909.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359  Empty رد: منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359

مُساهمة  الشيخ شوقي جبار البديري الإثنين 15 يوليو 2024 - 12:48

يخ عباس القمي - الصفحة ٤٨
وكان هذا الموضع ملجأ للشيعة منذ أنشأت فيه العمارة الأولى على مرقد الامام أمير المؤمنين (عليه السلام)، لكن حيث لم تأمن الشيعة على نفوسها من تحكمات الأمويين والعباسيين، ولم يستطيعوا بث علومهم ورواياتهم كان الفقهاء والمحدثون لا يتجاهرون بشئ مما عندهم، وكانوا متبددين حتى عصر الشيخ الطوسي والى أيامه. وبعد هجرته انتظم الوضع الدراسي، وتشكلت الحلقات...) (1).
(وقد تخرج منها خلال هذه القرون المتطاولة آلاف مؤلفة من أساطين العلم، وأعاظم الفقهاء، وكبار الفلاسفة، ونوابغ المتكلمين، وأفاضل المفسرين، وأجلاء اللغويين، وغيرهم ممن خبروا العلوم الاسلامية بأنواعها، وبرعوا فيها أيما براعة، وليس أدل على ذلك من آثارهم المهمة التي هي في طليعة التراث الاسلامي، ولم تزل زاهية حتى هذا اليوم، يرتحل إليها رواد العلوم والمعارف من سائر الأقطار والقارات فيرتوون من مناهلها العذبة وعيونها الصافية...) (2).
وكان المنهاج الدراسي العلمي عند الإمامية إلى قبل الهجمة الاستعمارية الكافرة على النجف الأشرف التي شهدت غاية عنفها من سنة 1969 م وما زالت المعركة حامية الوطيس - ان يبدأ الدارس للعلوم الاسلامية دراساته في إحدى الحوزات العلمية المبثوثة في كثير من بلدان الشيعة حتى إذا انتهى من مراحله الأولى والمتوسطة فإنه يلزمه الهجرة إلى النجف الأشرف ليكمل دراسته وتربيته العلمية، لما جمعت من فحول علمائها وكبار مجتهدي الامامية، والمدارس ودور السكن للطلاب والعلماء وغير ذلك من الوسائل اللازمة لعيش العلماء والطلاب (3).
(1) المصدر السابق.
(2) المصدر السابق: ص (و) - (ز).
(3) لقد كانت النجف مهبط الشيعة وعاصمة العلم، ومقر كبار العلماء، كما كانت النجف تضم أكبر حوزة علمية اسلامية في العالم الاسلامي، ولكن الكفار سعوا إلى تفتيت تلك العاصمة الطاهرة، فضربوها بشتى الوسائل، وكادوا ينجحوا أخيرا ويصلوا إلى أمنيتهم الشيطانية على يد المجرم صدام التكريتي عندما ضرب هذه العاصمة المقدسة بأقوى ضربات الكفار بما عمله من المصائب التي تقطع الأحشاء والقلوب مع آية الله العظمى المرحوم الامام السيد محسن الحكيم إلى أن ذهب إلى ربه شاكيا ما لاقاه من محن وخطوب. وباخراج المرجع الديني الأعلى للشيعة في العالم آية الله العظمى، ومجدد المذهب الامام الخميني (رحمه الله)، وتضييق الخناق عليه، وشد الحصار على داره. وقتل المرجع الديني آية الله العظمى الامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر. وتهجير الآلاف من المجتهدين، وكبار العلماء. والفضلاء والمؤلفين، والمحققين، والمحصلين، والأساتذة، والطلاب، وقتل المئات منهم، وحبس وتشريد مئات آخرين. نسأل الله تعالى بحق محمد وآل محمد أن يرد كيده إلى نحره، ويعجل هلاكه، ويعجل النصر للاسلام والمسلمين، وأن يعيد عز وجل إلى النجف الأشرف حياتها ونضارتها، فترجع كما كانت دائما حية معطاءة.
(٤٨)
فكان من الطبيعي ان يهاجر المرحوم الشيخ عباس القمي إلى النجف الأشرف بعد أن أكمل دراساته الأولية المسماة بالمقدمات والسطوح في مدينة قم المقدسة على يد مجموعة من العلماء والأفاضل.
وفي سنة 1316 هاجر إلى النجف الأشرف، فأخذ يحضر حلقات دروس العلماء، إلا أنه لازم خاتمة المحدثين الشيخ حسين النوري (رحمه الله) وكان يقضي معه أكثر أوقاته في استنساخ مؤلفاته ومقابلة بعض كتاباته. وتحدث الطهراني، زميل القمي عن بداية نشوء هذه العلاقة العلمية بين العلمين، حيث قال:
(وفي سنة 1316 هاجر إلى النجف الأشرف، فأخذ يحضر حلقات دروس العلماء إلا أنه لازم شيخنا الحجة الميرزا حسين النوري. وكان يصرف معه أكثر وقته في استنساخ مؤلفاته ومقابلة كتاباته وكنت سبقته في الهجرة إلى النجف بثلاث سنين، وفي الصلة بالمحدث النوري بسنتين حيث هاجر النوري إلى النجف في سنة 1314 ه‍... ولا أزال أتذكر جيدا يوم تعرف المترجم له على شيخنا النوري، وأول زيارته له، كما أتذكر ان واسطة التعارف كان العلامة الشيخ علي القمي لأنه من أصحابه الأوائل ومساعديه الأفاضل...).
ومع أن العمر قصر في حياة الأستاذ النوري (رحمه الله) فلم تدم العلاقة بينهما أكثر من أربع سنوات تقريبا (1) ومع ذلك فقد كان له تأثير كبير في شخصية القمي وبنائها،
(1) نقباء البشر: ج 3، ص 999. (فقد قرأت قبل قليل أن بداية نشوء العلاقة بينهما كانت بعد هجرة القمي إلى النجف الأشرف سنة 1316 ه‍، وكانت وفاة أستاذه النوري في سنة 1320 ه‍.
(٤٩)رة - الشيخ عباس القمي - الصفحة ٥٠
كما صرح هو بذلك في كتاب (الفوائد الرضوية) وغيره.
وبعد وفاة الشيخ النوري (رحمه الله) فقد أتم دراسته بالحضور على المجتهدين الآخرين من أساتذة الحوزة العلمية النجفية.
وبقي يتحرك بسيره العلمي ضمن البرنامج الذي اختطه في حياة أستاذه النوري، مواصلا مع زملائه الآخرين طريقه، يقول الطهراني: (بقيت الصلة بيننا نحن تلاميذ النوري وملازميه، فقد كانت حلقات دروس العلماء والمشاهير تجمعنا في الغالب الا ان صلتي بالمترجم له كانت أوثق من صلاتي بغيره، حيث كنا نسكن غرفة واحدة في بعض مدارس النجف، ونعيش سوية، ونتعاون على قضاء لوازمنا وحاجاتنا الضرورية حتى تهيئة الطعام وبقينا على ذلك بعد وفاة شيخنا أيضا، ونحن نواصل القراءة على مشايخنا الاجلاء الآخرين) (1).
وقد تخلل وجوده في النجف الأشرف للتحصيل العلمي، سفره إلى حج بيت الله الحرام وزيارة قبر النبي (صلى الله عليه وآله) وأئمة البقيع (عليهم السلام)، في حياة أستاذه النوري (رحمه الله) في سنة 1318 ه‍، وعاد من هناك إلى إيران عن طريق مدينة شيراز من دون أن يمر على النجف الأشرف، فزار وطنه قم، وجدد العهد بوالديه وذويه، ثم رجع إلى النجف وعاد إلى ملازمة الشيخ النوري وحصل على الإجازة منه (2).
واستمر بعد وفاة الأستاذ يواصل دراسته العلمية عند أساطين العلم الآخرين إلى سنة 1322 ه‍ فعاد فيها إلى إيران فهبط إلى قم وبقي يمارس أعماله العلمية، ولم يذكر المؤرخون لحياته انه حضر - بعد رجوعه من النجف الأشرف - عند أحد من علماء قم المقدسة وانما أكدوا أن بعد عودته من النجف الأشرف إلى موطنه الأصلي انصرف إلى البحث والتأليف (3) ويظهر مما سجلوه عن حياته انه وبعد عودته سنة 1322 ه‍ بدأت حياته الفكرية بالانتاج.
في قم المقدسة:
وقد رجع إلى وطنه بسبب المرض الذي اعتراه ولازمه إلى آخر عمره، حيث
(1) نقباء البشر: ج 3، ص 999.
(2 و 3) المصدر السابق.
(٥٠) عباس القمي - الصفحة ٥١
أصيب بمرض (الربو)، ولكنه لم يتمكن من منعه عن ممارسة أبحاثه ونشاطه العلمي، بل استمر بعمله العلمي بقوة وحيوية.
وتعددت أوجه حركته بالتأليف والوعظ والارشاد والخطابة، وبطبيعي الحال فإنه لم يكن مشهورا في هذه الفترة من حياته ولكنه تمكن أن يفتتح أبوابا لحركته العلمية.
وفي سنة 1329 ه‍ سافر إلى الحج للمرة الثانية من قم (1).
هجرته إلى مشهد المقدسة:
ولم يطل العهد بالقمي ببقائه في قم المقدسة فما لبث ان عزم على الهجرة إلى مشهد المقدسة سنة 1331 ه‍ (2) أو سنة 1332، فهبط مشهد الإمام الرضا (عليه السلام) في خراسان واتخذ منه مقرا دائما له.
وقد ذكر انه نزح من موطنه الأصلي بسبب بعض المشاكل التي أشار إليها في مقدمة كتابه الفوائد الرضوية حيث قال ما تعريبه ملخصا: (حتى كانت سنة 1332 فخطر في ذهني أن التجأ إلى إمام الأتقياء وزبدة الأصفياء، معين الغرباء، والشهيد بالسم أبي الحسن علي بن موسى الرضا صلوات الله عليه وعلى آبائه وأبنائه...
وذلك لشدة البلايا والمحن وكثرة الهموم والغموم التي حلت بهذا الداعي وتفصيلها طويل..) (3) وقيل أن سبب بقائه في مشهد انه كان بطلب من آية الله الحاج السيد حسين القمي، فاستجاب العلامة المحدث لهذا الطلب وعزم على البقاء الدائم في هذه الأرض الطيبة (4).
(١) نقباء البشر: ج ٣، ص ٩٩٩.
(٢) المصدر السابق: وفي رسالة له باللغة الفارسية إلى مؤلف كتاب آثار الحجة: ج ٢، ص ١٣٤، قال ما تعريبه ملخصا: (وقد هاجرت إلى قم (دار الايمان) وبقيت فيها إلى سنة ١٣٢٩ ثم تشرفت بالحج مرة ثانية، ورجعت إلى قم وبقيت هناك حوالي السنتين ثم هاجرت إلى مولانا الامام المعصوم أبي الحسن الرضا (عليه السلام) وما زلنا حتى هذه السنة وهي سنة ١٣٤٦ في هذا المكان الشريف....
(٣) الفوائد الرضوية: ص 2.
(4) راجع كتاب: (حاج شيخ عباس قمي مرد تقوى وفضيلت).
(٥١)وانصرف في مشهد إلى طبع بعض مؤلفاته، وعكف على تصنيف غيرها (1).
ووفق إلى حج بيت الله الحرام وزيارة قبر النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وأئمة البقيع (عليهم السلام) للمرة الثالثة من مشهد (2).
وقد لمع اسم الشيخ القمي في هذه المدينة المقدسة وانتشر في بلدان العالم الشيعي خصوصا بعد طبع كتابه مفاتيح الجنان.
كما أنه كان لمجالس وعظه الأثر الكبير في اقبال قلوب المؤمنين وأهل المعرفة إليه وكان يرتقي المنبر في بيت آية الله السيد حسين القمي في العشرة الأولى من محرم الحرام للوعظ والارشاد وذكر الحسين (عليه السلام).
ولم يمتهن الخطابة الحسينية، وانما اتخذها وسيلة لتبليغ رسالته الإلهية وقد نحج في ذلك بمقدار كبير.
كما أنه دعي إلى إمامة صلاة الجماعة في أحد أروقة الحرم الرضوي على مشرفه آلاف التحية والسلام، ولكنه انقطع ولم يستمر.
كما أنه كان يدرس الأخلاق في ليالي الخميس والجمعة في مدرسة (ميرزا جعفر) العلمية في مشهد وكان يحضر تحت منبره حدود الألف مستمع (3).
رجوعه إلى قم المقدسة:
ومع أنه قد شد العزم على البقاء الدائمي في مشهد الإمام الرضا (عليه السلام) ولكنه قد انثنى عن عزمه الأول بعد قدوم آية الله الشيخ عبد الكريم الحائري إلى قم المقدسة سنة 1340 ه‍ فهاجر إلى قم المقدسة وصمم على البقاء في هذه المدينة المقدسة بطلب من علمائها وشخصياتها.
وبدأ الحائري يرتب الحوزة العلمية ويمدها بالعلماء الأبرار (فنظم من كان فيها من طلاب العلم تنظيما عاليا، وأعلن عن عزمه على جعلها مركزا علميا يكون
(1) نقباء البشر: ج 3، ص 999.
(2) آثار الحجة: ج 2، ص 134.
(3) راجع محدث قمي حديث إخلاص: ص 38.
(٥٢)
مفاتيح البحث: قبر النبي (ص) (1)، وانصرف في مشهد إلى طبع بعض مؤلفاته، وعكف على تصنيف غيرها (1).
ووفق إلى حج بيت الله الحرام وزيارة قبر النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وأئمة البقيع (عليهم السلام) للمرة الثالثة من مشهد (2).
وقد لمع اسم الشيخ القمي في هذه المدينة المقدسة وانتشر في بلدان العالم الشيعي خصوصا بعد طبع كتابه مفاتيح الجنان.
كما أنه كان لمجالس وعظه الأثر الكبير في اقبال قلوب المؤمنين وأهل المعرفة إليه وكان يرتقي المنبر في بيت آية الله السيد حسين القمي في العشرة الأولى من محرم الحرام للوعظ والارشاد وذكر الحسين (عليه السلام).
ولم يمتهن الخطابة الحسينية، وانما اتخذها وسيلة لتبليغ رسالته الإلهية وقد نحج في ذلك بمقدار كبير.
كما أنه دعي إلى إمامة صلاة الجماعة في أحد أروقة الحرم الرضوي على مشرفه آلاف التحية والسلام، ولكنه انقطع ولم يستمر.
كما أنه كان يدرس الأخلاق في ليالي الخميس والجمعة في مدرسة (ميرزا جعفر) العلمية في مشهد وكان يحضر تحت منبره حدود الألف مستمع (3).
رجوعه إلى قم المقدسة:
ومع أنه قد شد العزم على البقاء الدائمي في مشهد الإمام الرضا (عليه السلام) ولكنه قد انثنى عن عزمه الأول بعد قدوم آية الله الشيخ عبد الكريم الحائري إلى قم المقدسة سنة 1340 ه‍ فهاجر إلى قم المقدسة وصمم على البقاء في هذه المدينة المقدسة بطلب من علمائها وشخصياتها.
وبدأ الحائري يرتب الحوزة العلمية ويمدها بالعلماء الأبرار (فنظم من كان فيها من طلاب العلم تنظيما عاليا، وأعلن عن عزمه على جعلها مركزا علميا يكون
(1) نقباء البشر: ج 3، ص 999.
(2) آثار الحجة: ج 2، ص 134.
(3) راجع محدث قمي حديث إخلاص: ص 38.
(٥٢)
مفاتيح البحث: قبر النبي (ص) (1)، له شأنه في خدمة الاسلام واشادة دعائمه... فوضع العطاء على الطلاب والعلماء، وبذل عليهم بسخاء، وسن نظاما للدراسة، وقرر ترتيبا مقبولا للأشراف على تعليم الطلاب واجراء الامتحان السنوي... وغصت المدارس بأهاليها، وزاد عدد الطلاب والعلماء في أوائل هجرته إليها على الألف، وقام بأعباء اعاشتهم، وتنظيم أدوارهم بهدوء وحكمة...) (1).
وقد شارك العلماء الأفذاذ مؤسسو الحوزة العلمية فهرعوا من كل صوب ومكان لمآزرته ومساعدته واعانته على مشروعه الإلهي الكبير خصوصا بعدما اشتدت المحن والبلايا بالضغوط الجائرة التي أوجدها رضا بهلوي بتطبيق علمنة البلاد الإيرانية ومنع المظاهر الاسلامية بكل اشكالها حتى أنه منع الحجاب ولبس الزي العلمائي وغيرها من الأعمال القبيحة.
وكلما اشتدت المحنة كلما ازداد دعم العلماء للحوزة العلمية في قم، ويبدو أن فكرة انتقال الشيخ القمي إلى قم المقدسة بعدما كان قد عزم على البقاء في مشهد، جاءت أثر تصاعد تلك المضايقات، واشتداد المحن، فان الشيخ القمي قد كتب رسالة عن حياته وذكر فيها انه ما زال مستوطنا المشهد الرضوي المقدس، وكانت السنة هي سنة 1346 (2).
قال العلامة الطهراني: (ولما حل العلامة المؤسس الشيخ عبد الكريم الحائري مدينة قم، وطلب إليه علماؤها البقاء فيها لتشييد حوزة علمية ومركز ديني وأجابهم إلى ذلك كان المترجم له من أعوانه وأنصاره، فقد أسهم بقسط بالغ في ذلك، وكان من أكبر المروجين للحائري، والمؤيدين لفكرته، والعاملين معه باليد واللسان) (3).
وكتب العلامة الطهراني عن حركة الحائري:
" وقد برهن الحائري على بطولة ورجولة وشجاعة وصبر وجلد وثبات
(1) نقباء البشر: ج 3، ص 1159 - 1160.
(2) آثار الحجة: ج 2، ص 134.
(3) نقباء البشر: ج

الشيخ شوقي جبار البديري
الشيخ شوقي جبار البديري

عدد المساهمات : 8369
تاريخ التسجيل : 04/04/2012
العمر : 59
الموقع : قبيلة البدير للشيخ شوقي البديري

https://shawki909.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359  Empty رد: منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359

مُساهمة  الشيخ شوقي جبار البديري الإثنين 15 يوليو 2024 - 12:52

وعزيمة جبارة، فقد لاقى في طريق العمل من الصعاب والمتاعب ما يكفي لتراجع أكبر الرجال قلبا، وأقواهم شكيمة، وأوسعهم صدرا، حيث كان لانتهاء حكم القاجاريين وتولي الپهلوي تأثير بارز في تقليص جهوده والحد من نشاطه إذ رافقت ذلك احداث ووقائع جسام. وكانت سيرة الپهلوي واضحة في عزمه الأكيد وتصميمه على القضاء على الدين ومحو كل أثر لرجاله وشعائره ورسومه، فقد سجن العلماء الكبار، ونفى عددا منهم، ودس السم لآخرين، وفعل الأفاعيل من هذا القبيل.
وفي هذه الظروف كان الحائري يعمل على توسيع دائرة الحوزة العلمية في قم ونشر الدعوة ودعم هيكل الدين، وإشادة مجد الاسلام باعمال أحكامه وتطبيق نظامه.
في ذلك الوقت، وفي تلك الظروف السود، قاوم هذا العالم المخلص ديكتاتورية الملك واباحيته، ووقف في وجهه مجندا كل امكانياته وقابلياته، وموطنا نفسه للعظائم، ومضحيا في سبيل دعوته بكل ما يملك، ولم تفت في عضده، أو توهن من عزيمته، أو تسرب اليأس والقنوط إلى نفسه كل تلك المحاولات اللئيمة والمساعي الخبيثة التي بذلها سماسرة السوء، وزبانية الشر، وأعداء الدين والخير والفضيلة.
وهكذا بقي يقاوم كل ما يعترض طريقه من عقبات وعراقيل حتى كلل سعيه بالنجاح وانتصر، وباء خصومه بالصفقة الخاسرة، وعادوا يجرون أذيال الفشل * (ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون) * (1)... " (2).
ولكن الاسلام في إيران قد لاقى عدوا وحشيا تحت الحماية الغربية والشرقية استطاع لفترة حكمه أن يحد من أي نشاط ديني في إيران بالإرهاب وهتك الحرمات وقتل آلاف الشيعة في المشهد الرضوي في حادثة گوهر شاد
(1) سورة فصلت: الآية 16.
(2) نقباء البشر: ج 3، ص 1161 - 1162.
(٥٤)ومنع الحجاب ومنع الزي العلمائي ومنع إقامة العزاء على سيد الشهداء (عليه السلام) وتدنيس حرمة الحوزات العلمية والمراقد المطهرة ونفي عشرات العلماء من كبار المجتهدين والخطباء. وأدت تلك الأعمال القبيحة للمدعو رضا پهلوي إلى هجرة كبار علماء إيران إلى النجف الأشرف، وانزواء آية الله الحائري قابعا في زاوية بيته ولكنه لم يرفع اليد عن الحوزة وشؤونها بل استمر بالتدريس والادارة، فإنه قد تحمل كل شئ من أجل هذا البناء المقدس المهم، وبالفعل فقد تمكن الحائري أن ينتصر بمشروعه على كل مؤامرات الاستعمار وتمكنت هذه الحوزة المباركة ان تقود حركة الأمة والتي كان من نتاجها الجمهورية الاسلامية المباركة.
ويبدو أن فاجعة گوهر شاد قد أثرت على حياة الشيخ الحائري فان وفاته كانت في 18 - ذي القعدة الحرام - من سنة 1355 ه‍. ق بينما كانت حادثة الهجوم على المرقد الرضوي الشريف في 12 - ربيع الثاني سنة 1354 ه‍. ق.
وأما شيخنا القمي (أعلى الله مقامه) فإنه كان في مدينة همدان وقد سمع بالفاجعة الكبرى بهتك حرمة الحرم الرضوي وقتل المؤمنين والعلماء، واعتقال الآيات العظام وحبسهم وتهجير بعضهم، فعجل بالمجئ إلى قم المقدسة ليرى موقف العلماء الآخرين، ولكنه فوجئ كالباقين بالأحداث العظام والضربات المتتاليات وقتل أو حبس أو تهجير كل انسان يقف أمام مشاريع الپهلوي، مهما كان عنوانه وبالفعل فقد نفى آية الله السيد حسين القمي (1) إلى العراق، وجرد آية
(1) السيد حسين ابن السيد محمود القمي، ولد في قم المقدسة في 1282 ه‍. ق ودرس فيها مقدمات العلوم ثم هاجر إلى العراق فحضر أبحاث كبار علمائه ومنهم السيد المجدد الشيرازي والميرزا حبيب الله الرشتي والمولى علي النهاوندي والشيخ محمد كاظم الخراساني والسيد محمد كاظم اليزدي، والشيخ محمد تقي الشيرازي وحاز على درجة سامية من العلم وكان معروفا بالصلاح والتقى والنسك والزهد وكثرة العبادة، أما في الفقه والأصول فقد كان فاضلا للغاية وخبيرا جدا له تسلط عليهما واستحضار وتضلع وبراعة، وفي سنة 1331 هبط المشهد الرضوي (عليه السلام) فصار من أكبر مراجع التقليد في إيران، وعندما أعلن المقبور المدعو رضا پهلوي الإسفار الإلزامي ومنع الحجاب تحرك السيد القمي إلى طهران للوقوف أمام أعماله القبيحة، ولكنه اعتقل ونفاه إلى العتبات المقدسة في العراق فسكن كربلاء والتف العلماء حوله وصار مهوى قلوب الشيعة ومن كبار مراجع التقليد في البلد ولما توفي السيد أبو الحسن في 1365 ه‍. ق رشح السيد القمي للزعامة العامة إلا أن الأجل لم يمهله حيث كانت وفاته يوم الأربعاء 14 ربيع الأول 1366 ه‍. ق ونقل إلى النجف الأشرف ودفن في الصحن وكان السيد القمي هو الذي زوج الشيخ عباس القمي - المترجم - بابنة أخيه السيد أحمد وطلب منه البقاء في مشهد المقدسة فاتخذها في ذلك الوقت - وطنا دائميا له.الله الشيخ آقا زادة - نجل آية الله العظمى الشيخ محمد كاظم الخراساني صاحب كتاب كفاية الأصول وقائد حركة المشروطة من الزي العلمائي، ونفى آية الله السيد يونس الأردبيلي وآية الله الشيخ محمد تقي البافقي إلى ري سنة 1346 ه‍. ق إلى أن توفي هناك في 12 جمادى الأولى سنة 1365 ه‍. ق وغيرهم من الأعلام فلم يطل الشيخ القمي المكث في قم فهاجر مرة أخرى إلى النجف الأشرف منثنيا عن عزمه الأول بالبقاء في مشهد المقدسة.
علما انه عندما كان في مشهد المقدسة فإنه كان يقضي شتاء كل سنة في النجف الأشرف ويبقى هناك حوالي ستة أشهر ثم يرجع إلى مشهد المقدسة فيقيم الستة الأشهر الباقية، ولكنه بعد حادثة گوهر شاد غير برنامجه السكني وبقي في النجف الأشرف إلى آخر عمره، وهجر موطنه الأصلي قم المقدسة.
حياته العلمية:
بقراءة ما كتبه المؤرخون عن الشيخ القمي (رحمه الله) تنطبع صورة تتلازم فيها شخصيته بالعلم تلازما شديدا يكاد لا ينفك، فترى القمي من نعومة أظفاره إلى ساعة وفاته لم يفارق البحث والتدريس والقلم والقرطاس، وكانت لشخصية أستاذه النوري (رحمه الله) الأثر الواضح في تعميق هذه الصورة الجميلة فيه، وتتضح من خلال تتبع حياته العلمية ولو بشكل مختصر وسريع بالنقاط التالية:
أساتذته:
سبق وإن عرفت من كلام زميله العلامة الطهراني (رحمه الله) أن القمي حضر في
(٥٦)النجف الأشرف حلقات دروس العلماء في حياة أستاذهم النوري ولكنه لازم الشيخ حسين النوري وكان يصرف معه أكثر وقته في المجالات العلمية (1) وأكد الطهراني انه بقيت تلك الحلقات الدراسية للعلماء والمشاهير تجمعهم (2) يعني بقي العلامة القمي ملازما لدروس أولئك العلماء حيث صرح الطهراني بقوله: (وبقينا على ذلك بعد وفاة شيخنا أيضا ونحن نواصل القراءة على مشايخنا الأجلاء الآخرين) (3).
ولكن المؤسف انه لم يذكر أحد ممن ترجم القمي أسماء أساتذته الآخرين واقتصروا على ذكر خاتمة المحدثين النوري، وصرحوا بأنه حضر عند الأساتذة الآخرين، ومع احتمال أن مدة حضوره عندهم أكثر من فترة حضوره عند العلامة النوري (رحمه الله) من حيث الزمن، ولكن بقي النوري مختصا بتأثيره الواضح عليه كما صرح هو نفسه في أكثر من موضع كما ستأتي الإشارة إليه في محله.
ولكن يمكننا معرفة أولئك الأساتذة من خلال ما سجله زميله من الدرس والتحصيل العلامة الطهراني فأنه قد صرح وبمواضع عدة انهما كانا يشتركان بالحضور في الدرس والمباحثة عند العلماء المعروفين. وقد عد ضمن أساتذة الطهراني كل من:
1 - خاتمة المحدثين الحاج ميرزا حسين النوري المتوفى سنة 1320 ه‍.
2 - السيد مرتضى الكشميري المتوفى سنة 1323 ه‍.
3 - الشيخ محمد طه نجف المتوفى سنة 1323 ه‍.
4 - الحاج ميرزا حسين بن الحاج ميرزا خليل المتوفى سنة 1326 ه‍.
5 - الشيخ محمد كاظم الخراساني صاحب الكفاية المتوفى سنة 1329 ه‍.
6 - السيد محمد كاظم اليزدي المتوفى سنة 1337 ه‍.
7 - الميرزا محمد تقي الشيرازي المتوفى سنة 1338 ه‍.
(1) نقباء البشر: ج 3، ص 998.
(2 و 3) المصدر السابق: ص 999.
(٥٧) - شيخ الشريعة الأصفهاني المتوفى سنة 1339 ه‍.
ونظرا لتأثير أستاذه النوري وتأثره في شخصيته ومنهجه العلمي يلزمنا معرفة شئ من أحواله.
أستاذه النوري:
لقد كان أهم تحصيله العلمي والذي أثر في مستقبل حياته عند الشيخ النوري (رحمه الله) كما تقدمت الإشارة به، وقد سجل هذه الملاحظة جميع المؤرخين له، قال المدرس ما ترجمته مختصرا: (ولازم الحاج الميرزا حسين النوري واستفاد منه كثيرا، وفي نفس الوقت قام بمساعدات كثيرة لأستاذه المعظم في بعض تأليفاته..) (1).
ومهما تكن نوعية تلك المشاركة والمساعدات لأستاذه فلا ينقص من حظ أستاذه شئ، وانما تعكس اهتمام الأستاذ به وتشخيصه لجوانب الميول العلمية في نفس التلميذ، كما انها تعكس طريقة الأستاذ في تربية تلاميذه التربية العلمية بايجاد حالة تحسيسهم بمواقع القوة العلمية في نفوسهم وتقويتها والاشراف بنفسه على عملية النمو العلمي، كما تظهر تلك المشاركة ان هذا التلميذ كان محط اهتمام وعناية أستاذه.. وتثبت انه كانت للتلميذ ملكات وقدرات هائلة استحق بها هذا الاهتمام.
وبالفعل فإن جهود الأستاذ لم تذهب سدى، وانما جاءت على أحسن ما يرام فصنعت من القمي مؤلفا ناجحا وخطيبا بارعا، ولم ينس القمي ذلك لأستاذه وانما أظهر فضل الأستاذ عليه في كل مناسبة وفرت له أن يصرح بذلك.. فقد قال وهو يصف قربه إليه وتعلقه به، وانه لم يفارقه حتى وقت ارتحاله من هذه الدنيا ما ترجمته:
(.. وكنت وقت ارتحاله في خدمته... وكنت عنده بمنزلة أولاده، وكم كانت
المصيبة مرة، وما زلت أحس بمرارتها في فمي، وما زلت أتجرع الغصص لفقدانه..) (1).
ويقول أيضا: (ويحق لي أن أقول: ولقد عشت بعد الشيخ عيشة الحوت في البر، وبقيت في الدهر ولكن بقاء الثلج في الحر، فلقد كانت له علي من الحقوق الواجب شكرها ما يكل شبا براعتي ويراعي عن ذكرها.
وهو شيخي الذي أخذت عنه في بدء حالي، وانضويت إلى موائد فوائده يعملات رحالي، فوهبني من فضله ما لا يضيع، وحن علي حنو الظئر على الرضيع.
ففرش لي حجر علومه، وألقمني ثدي معلومه، فعادت علي تركات أنفاسه، واستضأت من ضياء نبراسه، فما يسفح به قلمي انما هو من فيض بحاره، وما ينفح به كلمي انما هو من نسيم أسحاره، وأنا أتوسل إلى رب الثواب والجزاء أن يجعل نصيبه من رضوانه أوفى الأنصباء، وكم له رحمه الله من الله تعالى ألطاف خفية، ومواهب غيبية ونعم جليلة..) (2).
وقال أيضا: (لازمت خدمته برهة من الدهر في السفر والحضر، والليل والنهار، وكنت استفيد من جنابه في البين إلى أن نعب بيننا غراب البين فطوى الدهر ما نشر، والدهر ليس بمأمون على بشر..) (3).
وأما شيخه النوري فهو: الحسين بن محمد تقي بن علي محمد النوري الطبرسي ولد في 18 شوال سنة 1254 في قرية نور إحدى كور طبرستان وهي (مازندران).
وكان والده من العلماء الأجلاء درس في أصفهان على المحقق المولى علي النوري وفي كربلاء عند السيد محمد المجاهد نجل صاحب الرياض، ثم هاجر إلى النجف الأشرف وحضر عند علمائها ثم عاد إلى بلاده حائزا على درجة
(١) الفوائد الرضوية: ص ١٥٠.
(٢) الفوائد الرضوية: ص 150 - 151 بتصرف يسير.
(3) المصدر السابق: ص 152.
الاجتهاد وأسس حوزة علمية في منطقته وصار مرجعا للتقليد فيها.
وقد توفي أبوه في ربيع الأول سنة 1263 ه‍، وكان للنوري من العمر ثمان سنوات (1) وأثر اليتم فيه فلم ينسه إلى آخر حياته حيث كتب في ترجمة حياته:
(وتوفي والدي العلامة أعلا الله تعالى مقامه... وأنا ابن ثمان سنين، فبقيت سنين لا أحد يربيني) (2).
فنشأ رحمه الله تعالى عصاميا معتمدا على نفسه، وقد وضحت عصاميته جلية في مستقبل حياته، وهي تفسر صبره وتحمله المشاق واصراره ومثابرته (3).
وكان له شغف خاص بالعلم وتحصيله فحين بلغ أوان حلمه لازم العالم الجليل الفقيه النبيه الزاهد الورع النبيل المولى محمد علي المحلاتي.
ثم هاجر إلى النجف الأشرف فحضر عند الشيخ الأعظم الشيخ مرتضى الأنصاري المتوفى سنة 1281 ه‍، ولازم الآية الكبرى الشيخ عبد الحسين الطهراني الشهير بشيخ العراقيين، كما أنه لازم درس السيد المجدد الشيرازي حتى وفاته سنة 1312 ه‍.
وعد من شيوخه الشيخ فتح علي السلطان آبادي والحاج الملا علي كني ومن مشايخ اجازته السيد مهدي القزويني كما أنه تتلمذ على الفقيه الكبير الشيخ علي الخليلي.
وخرجت مدرسته العلمية مجموعة من الفضلاء والعلماء الاجلاء أشهرهم الشيخ عباس القمي، والشيخ آغا بزرگ الطهراني (4) والشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء (5) والسيد عبد الحسين شرف الدين (6).
(1) نقباء البشر: ج 2، ص 544.
(2) خاتمة المستدرك / النوري: ج 3، ص 877، الطبعة الحجرية.
(3) حياة العلامة الشيخ حسين النوري / السيد ياسين الموسوي: ص 9، ط 1.
(4) نقباء البشر: ج 2، ص 545.
(5) نقباء البشر: ج 2، ص 617. معارف الرجال: ج 2، ص 275.
(6) معارف الرجال: ج 1، ص 273، ج 2، ص 52.
الشيخ شوقي جبار البديري
الشيخ شوقي جبار البديري

عدد المساهمات : 8369
تاريخ التسجيل : 04/04/2012
العمر : 59
الموقع : قبيلة البدير للشيخ شوقي البديري

https://shawki909.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359  Empty رد: منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359

مُساهمة  الشيخ شوقي جبار البديري الإثنين 15 يوليو 2024 - 12:54

وكانت لشخصية الأستاذ القوية ومنهجه الإيماني القويم وجاذبيته الشخصية والمدرسية جذبت أولئك التلاميذ الأفذاذ وخرجت علماء يبقى الزمن يفتخر بهم ويبقى اتباع مذهب الحق يتباهون بوجود أمثالهم كالشيخ القمي والشيخ الطهراني صاحب موسوعة الذريعة وغيرها.
وعرف عنه شغفه بجمع الكتب لا سيما القديمة منها والأصول وقد جمع مكتبة من نفائس الكتب والمخطوطات ندرت أن تجتمع عند غيره وقد حصل على بعض الأصول التي لم يحصل عليها غيره حتى الشيخ المجلسي (قدس سره) والحر العاملي (قدس سره) (1).
وله في تحصيل الكتب النادرة حالات أبهرت معاصريه وكان يبذل الكثير من أجلها وقد نقلت عنه عدة حكايات غريبة تعكس ذلك، منها ما نقله تلميذه الطهراني حيث قال: (مر ذات يوم في السوق فرأى أصلا من الأصول الأربعمائة في يد امرأة عرضته للبيع، ولم يكن معه شئ من المال، فباع بعض ما عليه من الألبسة واشترى الكتاب...) (2).
وله مؤلفات كثيرة تدل على تتبعه واحاطته بالأخبار مما يندر في أحد غيره بعد المجلسي (رحمه الله) من أشهرها مستدرك الوسائل، والنجم الثاقب، ودار السلام وجنة المأوى والصحيفة السجادية الرابعة والصحيفة العلوية الثانية والفيض القدسي في أحوال المجلسي، وكشف الأستار عن وجه الغائب عن الأبصار والكلمة الطيبة ونفس الرحمان في فضائل سيدنا سلمان وغيرها.
وقد وهب حب طلابه له حبا كبيرا قلما نجده بين الأستاذ وتلاميذه، وبمراجعة سريعة إلى ما كتبه الشيخ القمي عن أستاذه تجد مصداق ذلك، وهكذا فيما كتبه تلميذه الآخر الشيخ الطهراني عندما أراد أن يكتب ترجمة لأستاذه:
(ارتعش القلم بيدي عندما كتبت هذا الاسم، واستوقفني الفكر عندما رأيت نفسي عازما على ترجمة أستاذي النوري، وتمثل لي بهيئته المعهودة بعد إن مضى على
(1) حياة العلامة النوري: ص 58، ط 1.
(2) نقباء البشر: ج 2، ص 555.
(٦١)فراقه خمسة وخمسون سنة فخشعت اجلالا لمقامه، ودهشت هيبة له، ولا غرابة فلو كان المترجم له غيره لهان الأمر، ولكن كيف بي وهو من أولئك الأبطال غير المحدودة حياتهم وأعمالهم فمن الصعب جدا أن يتحمل المؤرخ الأمين وزر الحديث عنها، ولا أرى مبررا في موقفي هذا سوى الاعتراف بالقصور عن تأدية حقه..) (1) وإن تأثر هؤلاء الأفذاذ به وبهذا المقدار الكبير من التأثر لم يكن عن عاطفة جوفاء وصداقة عابرة، بل لهم الحق في ذلك، لأنه أعطاهم كل وقته، ولم يترك شيئا لنفسه دونهم بل فضلهم على نفسه وقدمهم على شخصه مع مقامه العلمي ووجاهته الاجتماعية.
وتميز بمنهج علمي سوف نستعرضه عند الحديث عن المنهج العلمي عند القمي إن شاء الله تعالى.
توفي في ليلة الأربعاء لثلاث بقين من جمادى الثانية سنة 1320 ه‍ ودفن في الصحن العلوي الشريف وكان لجثمانه كرامة منقولة في المصادر التي ترجمت له.
حبه للعلم:
امتازت مدرسة النوري (الأستاذ وتلاميذه كالشيخ القمي والشيخ الطهراني) بحب العلم وزقه إلى درجة الثمالة، وقد نقلت عن كل واحد منهم قصص تثير الاعجاب والتقدير.
وقد انصرف القمي - كباقي أفراد هذه المدرسة المحترمة - إلى العلم والتأليف والتصنيف والترجمة والبحث والدرس والمقابلة وما إلى ذلك، قال زميله الطهراني: (وكان دائم الاشتغال، شديد الولع في الكتابة والتدوين والبحث والتنقيب لا يصرفه عن ذلك شئ، ولا يحول بينه وبين رغبته فيه واتجاهه إليه حائل...) (2).
وقال نجله الشيخ علي محدث زادة ما تعريبه: (... وكان والدي دائم الاشتغال
(١) مقدمة المستدرك: ج ١، ص (ز).
(2) نقباء البشر: ج 3، ص 999.
(٦٢)بالكتابة، وحتى في حال مرضه فإنه كان يشتغل بالقراءة والكتابة في اليوم والليلة سبعة عشرة ساعة على الأقل) (1).
ونقل عنه أيضا انه قال: ما تعريبه: (وكنت من أيام طفولتي مع المرحوم الوالد وكنا إذا خرجنا خارج المدينة فإنه يستمر بالكتابة والمطالعة من أول الصبح إلى العشاء) (2).
ونقل عنه أيضا انه كان له ولع شديد بالقراءة والكتابة لا يمل منهما ولا يتعب حتى أنه إذا ذهب مع بعض أصحابه إلى بستان للاستجمام مثلا فإنه وبمجرد أن ينتهي من الطعام مع أصحابه ينعزل بمكان هادئ جنب جدول ماء أو تحت شجرة ويبدأ بالقراءة والكتابة.
ونقل عن بعض أصحابه انه كان يجلس معهم للطعام فإذا انتهوا وأرادوا أن يتحدثوا قام عنهم مع قلمه وقرطاسه ويبدأ بالكتابة والمطالعة فحينما كانوا يطلبون منه البقاء معهم ليتحدثوا معه ويستفيدوا منه فكان يجيبهم: إننا جميعا نذهب ولكن هذه الأشياء تبقى.
ونقل عن كتاب (پندهائي از رفتار علماء اسلام): أن المرحوم الحاج الشيخ عباس القمي صاحب كتاب مفاتيح الجنان سافر مع جماعة من التجار إلى سورية وقد تحدث أولئك وقالوا: إننا كلما ذهبنا للنزهة فإنه يبقى مشتغلا بالقراءة والتأليف، وكلما أصررنا عليه أن يأتي معنا فكان يمتنع شديدا، وكنا ننام في الليل ويبقى هو يقرأ ويؤلف...) (3).
ومع أن الشيخ القمي (رحمه الله) كان قد ابتلى بمرض الربو (ضيق التنفس) وكان يصعب عليه القيام والقعود أحيانا ولا يقدر أن يرفع الكتاب من الأرض.. ولكنه كان يشتغل ليلا ونهارا ولا يدع للتعب مجالا أن يدخل إلى نفسه، وكان يبقى
(1) مقدمة كتاب (فيض العلام في عمل الشهور ووقائع الأيام) للقمي: ص 8.
(2) مردان علم در ميدان عمل: ج 1، ص 96.
(3) عن كتاب (پندهائي از رفتار علماي اسلام): ص 17.

الكتب
المجموعات
المؤلفون
المطبعات
الناشرون
مفاتيح البحث
البحث
بحث Google

منازل الآخرة والمطالب الفاخرة - الشيخ عباس القمي - الصفحة ٦٤
في أكثر الليالي يقظا وقليلة تلك الليالي التي ينام فيها، وكانت من عادته أن لا يضع شيئا تحت رأسه وانما يضع يده تحت رأسه وينام. وكانت قراءته من أجل الكتابة والتأليف. وكان جيد الكتابة وسريعها، وقد كتب كثيرا حتى ثفنت أطراف أصابعه التي يمسك بها القلم، ومن النادر أن لا يمسك القلم في ليلة ونهارها.
وقد وصل حبه وعلاقته بالكتاب بحيث انه بمجرد أن يحصل على مال قليل يسرع بصرفه في شراء كتاب، وقد نقل عن الشيخ عباس القمي انه قال: (في الزمان الذي كنت أدرس في قم كنت في ضائقة مالية شديدة حتى كنت أجمع القران (1) مع القران إلى أن تصير ثلاثة تومانات مثلا فحينها اذهب من قم إلى طهران مشيا على الأقدام (2) واشتري بتلك التومانات كتابا ثم ارجع إلى قم ماشيا أيضا واستمر في دراستي) (3) وكان المحدث القمي يعشق الكتاب بشكل عام ويطرب له ويرمق إليه بأريحية ومحبة، ولكنه كان ينظر إلى كتب الشيعة وبالخصوص كتب الحديث نظرة قداسة كما سوف يأتي ذلك بمحله من هذه الرسالة.
مشاركته في تأسيس الحوزة العلمية في قم المقدسة:
تقدمت الإشارة عن رحلة آية الله العظمى المرحوم الحاج الشيخ عبد الكريم الحائري إلى قم المقدسة وعزمه على تأسيس الحوزة العلمية في قم المقدسة وإعادة مجدها، ودعا العلماء إلى هذه المدينة ليشاركوه مشروعه الإلهي الكبير وقد أجابه مجموعة من العلماء الأعلام من مختلف الأقطار، وقد وجه الدعوة إلى الشيخ عباس القمي فما كان أسرع من أن يجيبه على دعوته مع أنه كان قد شد العزم وصمم على سكنى المشهد الرضوي إلى آخر عمره ولكنه فضل تحمل المشاق ونكران الذات من أجل خدمة الاسلام العظيم فإنه عندما جد الجد، وعلم أن واجبه الشرعي يحتم عليه الانتقال إلى مدينة قم المقدسة للمشاركة مع آية الله
(1) القران: أصغر عملة مالية في إيران، وكل عشرة قرانات تعادل تومانا واحدا.
(2) المسافة بين قم وطهران حوالي 145 كم.
(3) عن كتاب (شيخ عباس قمي مرد تقوى وفضيلت): ص 18.
(٦٤)
الشيخ شوقي جبار البديري
الشيخ شوقي جبار البديري

عدد المساهمات : 8369
تاريخ التسجيل : 04/04/2012
العمر : 59
الموقع : قبيلة البدير للشيخ شوقي البديري

https://shawki909.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359  Empty رد: منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359

مُساهمة  الشيخ شوقي جبار البديري الإثنين 15 يوليو 2024 - 12:57

الحائري ألغى عزمه الأول وجاء يبذل الجهد والوسع للقيام بالواجب المقدس.
وقد قال زميله الطهراني عن تصميم القمي الجديد: (ولما حل العلامة المؤسس الشيخ عبد الكريم الحائري مدينة قم وطلب إليه علماؤها البقاء فيها لتشييد حوزة علمية ومركز ديني وأجابهم إلى ذلك كان المترجم له من أعوانه وأنصاره، فقد أسهم بقسط بالغ في ذلك وكان من أكبر المروجين للحائري والمؤيدين لفكرته والعاملين معه باليد واللسان..) (1).
ومهما يكن دور القمي في بناء تلك الحوزة فان استجابته في تلك الأيام الصعبة والحرجة تنم عن غيرته على الدين الحنيف وجهاده، فهو يشارك في مشروع جديد لا يعلم مصير بقائه في المستقبل، ولم يحتوي على مغريات الدنيا من الجاه والمال شيئا وانما الدافع الوحيد لدعمه ومؤازرته لصاحب المشروع هو الحرص الأكيد لبذل كل شئ من أجل العقيدة المقدسة وتأسيس الحوزة التي تحفظ الشرع المبين وتدافع عنه، ومجابهة الانحراف والكفر.
ولم يذكر المؤرخون سنة هجرة القمي إلى قم بعد تأسيس الحوزة العلمية، ولكنه ذكر في رسالة له حول ترجمة نفسه بأنه هاجر إلى مشهد مولانا الامام المعصوم أبي الحسن الرضا (عليه السلام) وبقي هناك إلى تلك السنة وهي سنة 1346 ه‍ (2) ولعل هجرته إلى قم كانت بعد هذا التاريخ، وأما مساندة الحائري في مشروعه فلعله كان يدعمه وهو في مشهد المقدسة، أو يكرر سفره إلى قم خصوصا انه ذكر في رسالته تلك بأنه قد تكرر منه السفر إلى العتبات العاليات في العراق (3)، فلعل طريقه كان يمر من قم، ولعله كان يطيل المكث في موطنه الأصلي ويقوم بواجبه بمساندة المؤسس.
وكيف ما كان فقد ذكر انه كان لسفر القمي إلى قم أثر كبير في هجرة كثير من
(١) نقباء البشر: ج ٣، ص ١٠٠٠.
(٢) الرسالة مثبتة في كتاب آثار الحجة: ج 2، ص 134.
(3) آثار الحجة: ج 2، ص 134.
(٦٥)الطلاب من المدن الأخرى إلى قم خصوصا من مشهد والنجف الأشرف (1).
منهجه العلمي:
سبق ونبهنا إننا باستتباع كلمات تلاميذ الشيخ النوري، ومؤلفاتهم وسيرتهم العلمية وجدناهم يشكلون منهجا واحدا، وإن كان الفضل الأكبر يعود إلى أستاذهم خاتمة المحدثين.
وقد ذكرنا في بحث سابق (2) منهج الشيخ النوري العلمي بشكل مفصل، ولا فائدة من تكرار الموضوع، ولكننا نعجل العناوين المهمة لاعطاء صورة عامة عن منهج القمي العلمي الذي يشكل حلقة من حلقات هذه المدرسة العلمية المهمة التي كان لها دور كبير وما زال.
1 - انصرافه الكلي للعلم والتأليف والتصنيف والترجمة والبحث والدرس والمقابلة وما إلى ذلك كما تقدم في العنوان السابق. وقد كان يشتغل سبعة عشرة ساعة في اليوم مع ما ابتلي به من مرض، وقد أخذ هذه الصفة من سيرة أستاذه الذي نقلت عنه حكايات غريبة باهتمامه العلمي واقتنائه للكتب. وانتقل ذلك العشق والحب إلى التلاميذ، فأي عشق ذلك للعلم والمعرفة توفر عند هؤلاء العظماء الذين حفظوا المذهب من الضياع والانحراف، وأي معاناة لاقوها في سبيل العلم والمعرفة.
وعلى الدهر - إذا أراد ان يكون منصفا، وأنى له ذلك - أن يخلدهم على صفحات أيامه في أعلى مراتب الفخر والاعتزاز.
تجد أولئك العظماء يواصلون سيرهم في التعلم والتعليم لرفد الانسانية بالعلوم الحقة المستقاة من آل محمد صلى الله عليهم أجمعين، إلى آخر ساعات حياتهم في هذه الدنيا فيموت أحدهم وبيده القلم ويجاهد به ويناضل دونه، يقول
(1) محدث قمي حديث إخلاص: ص 58.
(2) في رسالة (حياة العلامة حسين النوري): ص 87 - 97، ط 1 سنة 1415 ه‍. ق - قم المقدسة.
(٦٦)العلامة القمي في (فوائده الرضوية) عند عد مؤلفات أستاذه: (... تحية الزائر وبلغة المجاور، وهي آخر مؤلفاته رضوان الله عليه، ولم يمهله الأجل حتى يتمها، ومن الله تعالى علي باتمامها..) (1).
فما وقع القلم من يدي النوري إلى آخر ساعة من حياته في هذه الدنيا، فإذا جاءت سكرة الموت بالحق، ولحق بالرفيق الأعلى، وكان في مقعد صدق عند مليك مقتدر، أخذ القلم تلميذه الفذ الوفي المجاهد ليتم المسير، ويواصل المشوار الذي بدأه أستاذه، فيتم أعمال أستاذه العلمية.
2 - حفظ تراث أهل البيت (عليهم السلام).
أ - فان لتقادم الزمن، وبعد التاريخ عن مصادر الشريعة المقدسة سبب اختفاء وضياع كثير من تلك الآثار الشريفة خصوصا ما لحق اتباع هذه المدرسة الهادية من المحن والخطوب والمصائب الكثيرة التي سجلها المؤرخون لتلك الفترات الحرجة والمظلمة التي مر بها شيعة أهل البيت (عليهم السلام).
وقد بذل المتأخرون وسعهم لجمع ذلك التراث العظيم الذي يعد الثقل الثاني كالعلامة المجلسي والفيض الكاشاني والسيد عبد الله شبر والحر العاملي والسيد هاشم البحراني وغيرهم من العظماء.
وقد جاء دور النوري ومدرسته ليتمموا الحركة التي خطها أولئك الصالحون، فخرجت تلك المؤلفات العظيمة كالمستدرك للأستاذ النوري وسفينة البحار للقمي والذريعة، وطبقات أعلام الشيعة للطهراني.
ب - وقد تبنت هذه المدرسة الطريقة الأولى في أخذ الحديث بالتأكيد على ضرورة الإجازة فيه بالطرق المتعارفة حتى للكتب المتواترة كالكتب الأربعة، بينما تحول مبنى الفقهاء المتأخرين إلى عدم الاهتمام العلمي بهذه الطريقة ولا يرون وجود ضرورة علمية للاستجازة من أصحاب الإجازات لتواتر تلك الكتب فلا حاجة واقعية لأخذ الإجازة، ولا أثر للإجازة في جواز العمل بتلك
(١) الفوائد الرضوية: ص 151.
(٦٧)الكتب، واعتبروا الإجازة أمرا تشريفيا للبركة لا أثر له في النقل والرواية.
بينما أصر مؤسس هذه المدرسة على ضرورتها (1).
ولسنا هنا بصدد بيان الحق مع اي الرأيين، وانما نذكر هذا الاختلاف لنتبين منهج العلامة القمي ورأيه في ذلك ليس إلا، ويعد رحمه الله تعالى من أعمدة المدرسة الثانية، يقول ولده المرحوم الشيخ علي محدث زادة:
(كانت ولادة المرحوم ثقة المحدثين المحدث القمي في قم... وقد قضى طفولته وشبابه في قم، وقد أكمل دراسته في العلوم الأدبية هناك طبق المتعارف عليه في ذلك الزمان إلى أن سافر إلى النجف الأشرف في سن الثامنة عشرة من عمره، وهناك كانت علاقته بشكل أكثر بالأحاديث المروية التي هي العلم الموروث عن أهل بيت العصمة والطهارة.
وكان من المتعارف عليه عند العلماء والمفكرين الأوائل أن يسافروا في طلب علم الحديث والاستفادة من مشايخه وأساتذته ويتحملون في سبيل ذلك المشاق والمصاعب.
ولذلك فقد اختار الحضور عند خاتمة المحدثين وثقة الاسلام والمسلمين الحاج الميرزا حسين النوري (رحمه الله)، وبقي مدة عند هذا العالم الكبير لكسب العلم والاستفادة منه...) (2).
فهو من بداية تحصيله العلمي اختار طريق الحديث والرواية ولهذا لازم النوري إلى أن لاقى النوري ربه.
وبدراسة دقيقة لمجموع ما تركه القمي من مؤلفات قيمة تظهر هذه الحقيقة، وليس معنى ذلك أن المنهج العلمي للقمي هو المسلك الاخباري بالمعنى الاصطلاحي المقابل للمنهج العلمي الأصولي، وانما الصحيح العكس فان مؤسس المدرسة كان من شيوخ وأساتذة وكبار مجتهدي المنهج العلمي الأصولي ولكنه
(1) راجع تفصيل الكلام في حياة العلامة النوري - المؤلف: ص 93 - 97، ط 1.
(2) مقدمة تتمة المنتهى: ص 4.
(٦٨)اهتم بتراث أهل البيت (عليهم السلام) وبالحديث والرواية ولا تعارض بينهما.
وكذلك القمي فإنه تبع أستاذه بمنهجه الأصولي المهتم بالأخبار والحديث والروايات، ولشدة تعلقه واهتمامه بالحديث صار اطلاق لقب (المحدث) و (العلامة المحدث) منصرفا إليه.
قال المدرس عند وصفه للقمي ما ترجمته: (.. من أفاضل علماء عصرنا الحاضر، وكان عالما فاضلا كاملا محدثا متتبعا ماهرا، وهو المقصود بعبارة المؤلف في هذا الكتاب ب‍ (الفاضل المحدث المعاصر) (1).
مؤلفاته:
عندما ندرس آثاره التي تركها من المؤلفات القيمة والكتب المعتبرة الجليلة نجدها تتميز بعدة أشياء:
1 - كثرة التأليف.
كما ستجد صدق هذه الدعوى من خلال هذا الفهرس الذي سنوافيك به عن قريب إن شاء الله تعالى.
2 - جودة ومتانة وعمق التأليف.
فقد نقرأ في فهارس المؤلفين أن هناك من أكثر في التصنيف والكتابة، ولكن بعد الاطلاع على ما كتبوه تذهب الفرحة سدى حيث نجد أن تلك المكتوبات لم تتجاوز النقل - بمعنى النسخ - عن كتب الآخرين، وقد جمعت في كثير من الأحيان بشكل غير علمي ومنهج غير سليم، بل تعكس جهل صاحبها وحبه بان يذكر اسمه مع المؤلفين ليس إلا.
فالاكثار وحده غير كاشف عن علو شأن صاحب التأليفات وإنما لابد مع ذلك أن يلازم الاكثار العمق والمتانة والجدة والافادة والتحقيق والتدقيق.
وهذا بالفعل ما نجده فيما كتبه العلامة القمي رضي الله تعالى عنه، ولذا صارت
(1) ريحانة الأدب: ج 4، ص 487.مؤلفاته محط أنظار العلماء، ومرجعا علميا للمؤلفين والمصنفين قال العلامة حرز الدين: (.. صاحب المؤلفات المفيدة... وقد حظي الشيخ بمؤلفاته حيث نالت كل اعجاب وتقدير) (1)، وقد وفقه الله تعالى توفيقا منقطع النظير في كتابه (مفاتيح الجنان) فقلما نجد بيتا من بيوت الشيعة في العالم يخلو من كتابه النفيس (مفاتيح الجنان). وهذا توفيق إلهي حظي به هذا العالم الجليل.
فهرس مؤلفاته:
وإليك ثبتا بفهرس مؤلفاته:
1 - الأنوار البهية في تاريخ النبي وآله (عليهم السلام). مجلد واحد باللغة العربية، طبع عدة مرات.
2 - الآيات البينات في أخبار أمير المؤمنين (عليه السلام) عن الملاحم والغائبات (2).
وقد عده المؤلف في كتبه التي لم يتمها، وذكر أن نسخته مفقودة (3).
3 - بيت الأحزان في مصائب سيدة النسوان. عربي، طبع مرتين.
4 - الباقيات الصالحات. في الأعمال والأدعية والأذكار والأوراد. طبع في حاشية كتابه (المفاتيح) وطبع أخيرا مستقلا بطبعتين في بيروت.
5 - تحفة طوسية ونفحة قدسية (4). أو (رسالة مشهد نامة) فارسي مطبوع، وهو مختصر في شرح بناء الحرم الرضوي على صاحبه السلام وذكر أبنية الأماكن المتعلقة به مع عدة زيارات مهمة ومعتبرة (5).
6 - تتمة المنتهى في تاريخ الخلفاء، وهو المجلد الثالث من كتابه (منتهى الآمال) بالفارسية، طبع عدة مرات بتصحيح نجله المرحوم الشيخ علي محدث زادة.
7 - تحفة الأحباب في نوادر الأصحاب، في أحوال صحابة الرسول
(١) معارف الرجال: ج ١، ص ٤٠١.
(٢ و ٣) الفوائد الرضوية: ص 222.
(4) عد الشيخ الرازي في آثار الحجة: ج 2، ص 135 كتاب التحفة الطوسية مستقلا عن كتاب النفحة القدسية.
(5) مقدمة بيت الأحزان: ص 13.
(٧٠)
الشيخ شوقي جبار البديري
الشيخ شوقي جبار البديري

عدد المساهمات : 8369
تاريخ التسجيل : 04/04/2012
العمر : 59
الموقع : قبيلة البدير للشيخ شوقي البديري

https://shawki909.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359  Empty رد: منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359

مُساهمة  الشيخ شوقي جبار البديري الإثنين 15 يوليو 2024 - 13:01

وأصحاب أئمة الهدى صلوات الله عليهم بترتيب الحروف الهجائي، مطبوع.
8 - ترجمة مصباح المتهجد للشيخ الطوسي إلى اللغة الفارسية، طبع في حاشية المصباح.
9 - ترجمة جمال الأسبوع للسيد ابن طاووس إلى اللغة الفارسية، طبع في حاشيته.
10 - ترجمة المسلك الثاني من كتاب (الملهوف في قتلى الطفوف) للسيد ابن طاووس - في حاشيته - طبع بخط المؤلف.
11 - ترجمة (زاد المعاد) للعلامة المجلسي إلى اللغة العربية وذكره المؤلف في كتبه الناقصة التي لم يتمها حين كتابة ترجمته لنفسه في كتاب الفوائد الرضوية (1).
12 - ترجمة تحفة الزائر للعلامة المجلسي إلى اللغة العربية وهو كصاحبه المتقدم حيث لا ندري هل أن المؤلف أتم ترجمة هذين الكتابين أم لا؟
13 - تتميم تحية الزائر لأستاذه النوري وقد تقدم الحديث عنه.
14 - تتميم بداية الهداية وأصل الكتاب للشيخ الاجل المحدث الشيخ الحر العاملي صاحب كتاب الوسائل.
15 - چهل حديث. بالفارسية. طبع عدة مرات.
16 - حكمة بالغة ومائة كلمة جامعة. شرح مائة كلمة من كلمات أمير المؤمنين (عليه السلام).
17 - الدرة اليتيمة في تتمات الدرة الثمينة. شرح نصاب الصبيان، وهو تتميم لشرح النصاب للفاضل اليزدي. مطبوع.
18 - الدر النظيم في لغات القرآن العظيم مطبوع.
19 - دوازده أدعية مأثورة. مطبوع بالفارسية.
20 - ذخيرة العقبى في مثالب أعداء الزهراء (عليها السلام). عده المؤلف في كتبه
(1) الصفحة: 222.
(٧١)الناقصة (1).
21 - دستور العمل. مطبوع.
22 - ذخيرة الأبرار في منتخب أنيس التجار مطبوع.
23 - سبيل الرشاد في أصول الدين. مطبوع.
24 - سفينة البحار ومدينة الحكم والآثار. وهو فهرس لكتاب بحار الأنوار لما يقصد منه على ترتيب حروف المعجم، وذكر في كل مادة الحديث الوارد في تلك المادة إذا كان مختصرا وأشار إلى مضمونه وموضع الحاجة منه إذا لم يكن مختصرا. ويذكره إذا كان فيه تحقيق لنفاسته، ويذكره أيضا إذا كان فيه مطلبا مهما مقتصرا على لبه وخلاصته. وكتب مختصرا من تراجم مشاهير أصحاب النبي وأئمة الدين صلوات الله عليهم أجمعين ونبذا من أحوال المعروفين من علماء الفريقين وبعض الشعراء والأدباء المعروفين عند ذكر أساميهم وأنسابهم وألقابهم.
وهو من أعظم مؤلفاته وقد (قضى في تأليفه السنين الطوال) (2).
25 - شرح وجيزة الشيخ البهائي (رحمه الله). وهو في الدراية.
26 - شرح الكلمات القصار لأمير المؤمنين (عليه السلام) المذكورة في آخر نهج البلاغة. ذكره في الكتب التامة ولم تطبع.
27 - شرح الصحيفة السجادية. ذكره المؤلف في كتبه الناقصة.
28 - شرح الأربعين حديث. ذكره المؤلف في كتبه الناقصة. وذكر أن نسخته موجودة (3).
(١) الفوائد الرضوية: ص 222.
(2) نقباء البشر: ج 3، ص 1001.
وقال العلامة القمي في مقدمة كتابه سفينة البحار عند ذكر عزمه على تأليف هذا الكتاب المنيف: (... فلما استقر على ذلك عزمي وتم جزمي اعتزلت عن مجالس الأخلاء والأحباب وأقبلت على تأليف هذا الكتاب... الخ) ج 1، ص 3 / س 3 و 4.
وقال الشيخ الرازي في: ج 2، ص 135: انه الفه خلال 27 سنة.
(3) مقدمة بيت الأحزان: ص 15.
(٧٢) - صحائف النور في عمل الأيام والسنة والشهور. ذكره المؤلف في كتبه الناقصة.
30 - ضيافة الاخوان. ذكره المؤلف في كتبه الناقصة.
31 - طبقات الرجال (1). عنونه المؤلف ب‍ (كتاب الطبقات) (2).
32 - طبقات الخلفاء وأصحاب الأئمة والعلماء والشعراء. وهو مطبوع مع كتاب تتمة المنتهى. وهو باللغة الفارسية. واحتمل بعضهم أن الكتاب المتقدم تحت عنوان (طبقات الرجال) (3) لكن العلامة الطهراني عد كتاب (طبقات العلماء، قرنا قرنا لم يتم) (4)، لما يحتمل أن المقصود من الأول كتاب (طبقات العلماء) وهو غير هذا الكتاب لاختلاف موضوعهما كما هو ظاهر.
33 - علم اليقين وهو مختصر كتاب حق اليقين للعلامة المجلسي. وهو باللغة الفارسية.
34 - الغاية القصوى في ترجمة العروة الوثقى للسيد اليزدي من أول كتاب الطهارة إلى أحكام الأموات ومن كتاب الصلاة إلى مبحث الستر والساتر.
وقد ترجمه من اللغة العربية إلى اللغة الفارسية.
35 - الفوائد الرجبية فيما يتعلق بالشهور العربية، مشتمل على وقائع الأيام وفيه جملة من اعمال الشهور، وذكر المؤلف (رحمه الله) أن هذا الكتاب أول تصانيفه، وقد طبع بخط يده الشريفة (5).
36 - الفصول العلية في المناقب المرتضوية.
37 - الفوائد الرضوية في أحوال علماء المذهب الجعفرية. مطبوع عدة طبعات.
38 - فيض العلام في وقائع الشهور وعمل الأيام. هكذا عنونه في كتابه
(١) مقدمة بيت الأحزان: ص ١٦.
(٢) الفوائد الرضوية: ص ٢٢١.
(٣) المصدر السابق: ص ١٦.
(٤) نقباء البشر: ج ٣، ص ١٠٠١.
(٥) الفوائد الرضوية: ص 221.(الفوائد الرضوية) (1)، وقد عنونه في مقدمة نفس الكتاب المطبوع بعنوان (فيض العلام في عمل الشهور ووقائع الأيام) (2).
39 - فيض القدير فيما يتعلق بحديث الغدير. وهو مختصر لمجلدي غدير عبقات الأنوار للسيد المحدث العالم المتكلم المحقق المدقق المؤيد المسدد محيي السنة، وسيف الأمة، فخر الشيعة، وحامي الشريعة سيدنا الأجل، مولانا المير حامد حسين الهندي أسكنه الله بحبوحة جناته وحشرنا تحت لوائه (3).
40 - الفوائد الطوسية. وهو (مجموعة شبيهة بالكشكول) (4). وعده في كتبه التي لم يتمها (5).
41 - قرة الباصرة في تاريخ الحجج الطاهرة.
42 - الكنى والألقاب. وهو تراجم من عرف بالكنية أو اللقب باللغة العربية وقد طبع مرارا في ثلاث مجلدات.
وقال العلامة المرحوم الشيخ محمد حرز الدين: (.. وكتاب الكنى والألقاب في التراجم ترجم فيه علماء الفريقين بثلاثة أجزاء طبع في صيدا سنة 1358 وهو كتاب متين جدا يعتمد عليه وهو أحسن مؤلفاته) (6).
44 - كلمات لطيفة.
45 - كحل البصر في سيرة سيد البشر. باللغة العربية. مطبوع مرارا.
46 - الكشكول. وهذا غير الكشكول المتقدم بعنوان (الفوائد الطوسية) وقد ذكرهما المؤلف بعنوانين الأول في كتبه التي لم يتمها والثاني بكتبه التي أتمها.
47 - رسالة في (گناهان كبيرة وصغيرة) مطبوع باللغة الفارسية وهو في تعداد الذنوب الكبيرة والذنوب الصغيرة.
48 - اللآلئ المنثورة في الاحراز والأذكار المأثورة. مطبوع.
49 - مختصر الأبواب في السنن والآداب، وهو مختصر حلية المتقين للعلامة
المجلسي بالفارسية. مطبوع.
50 - مفاتيح الجنان في الأدعية والأوراد والأذكار والزيارات وأعمال الأيام والشهور.
وقد ترجم إلى عدة لغات وطبع عشرات المرات.
51 - منازل الآخرة والمطالب الفاخرة، وهو هذا الكتاب.
52 - المقامات العلية. وهو مختصر (معراج السعادة) للمحقق الأوحد المولى الشيخ أحمد النراقي بالفارسية وقد كتبه على نسق كتابة والده المولى الشيخ محمد مهدي النراقي المسمى ب‍ (جامع السعادات) بالعربية المطبوع مرارا.
53 - منتهى الآمال في ذكر مصائب النبي والآل (عليهم السلام) وهو باللغة الفارسية طبع مرارا.
54 - مقاليد الفلاح في عمل اليوم والليلة.
55 - مقلاد النجاح وهو مختصر للكتاب المتقدم.
56 - مختصر المجلد الحادي عشر من كتاب بحار الأنوار للعلامة المجلسي. والمجلد الحادي عشر في الطبعة الحجرية يقابل المجلد (46 - 47 - 48) في أحوال (الإمام السجاد، والإمام الباقر، والإمام الصادق، والإمام الكاظم ) (عليهم السلام) جميعا.
57 - مختصر (الشمائل) للترمذي (1).
58 - مسلي الفؤاد بفقد الاخوة والأحباب. ذكره في قسم كتبه غير التامة.
59 - غاية المرام في تلخيص دار السلام، وهو مختصر دار السلام فيما يتعلق بالرؤيا والمنام لأستاذه الشيخ النوري أعلى الله مقامه.
60 - نفس المهموم في مصيبة سيدنا الحسين المظلوم (عليه السلام).
61 - نفثة المصدور فيما يتجدد به حزن العاشور.
(١) وهو مختصر (الشمائل المحمدية) للحافظ أبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي المتوفى سنة 279. باللغة العربية وقد طبع أخيرا.
(٧٥)قال المؤلف (رحمه الله) في مقدمته:
(بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
فهذه وجيزة كتبناها لتلحق بكتابنا نفس المهموم في مقتل الحسين المظلوم صلوات الله عليه، مشتملة على فصول وخاتمة سميتها " نفثة المصدور فيما يتجدد به حزن يوم العاشور "، ومن الله تعالى الاستعانة، وعليه التوكل في كل الأمور).
وقد عنونه البعض " نفس المهموم ونفثة المصدور " ويبدو انهما كتابان من حيث التصنيف وان ألحق الثاني بالأول.
وهما باللغة العربية، وقد ترجما إلى اللغة الفارسية.
62 - نزهة النواظر في ترجمة معدن الجواهر. وهو تأليف الشيخ العالم الجليل والثقة الفقيه أبو الفتوح محمد بن علي الكراجكي تلميذ الشيخ المفيد والسيد المرتضى رضوان الله عليهم أجمعين. وطبع عدة مرات.
63 - نقد الوسائل لباب وسائل (1).
64 - هدية الزائرين وبهجة الناظرين. وقد احتوى على زيارات الحجج الطاهرين (عليهم السلام) والمقامات الشريفة وقبور العلماء التي في المشاهد المقدسة وأعمال الشهور وأعمال الأسبوع وأعمال اليوم والليلة. مطبوع (2).
65 - هدية الأحباب في المعروفين بالكنى والألقاب والأنساب. بالفارسية مطبوع عدة مرات.
66 - غاية المنى في المعروفين بالألقاب والكنى. هكذا عنونه المؤلف (رحمه الله) في مقدمة كتابه (هدية الأحباب) وعده تحت الرقم (5) من كتبه غير المطبوعة، ولعله الكتاب المتقدم تحت عنوان (الكنى والألقاب - مختصر صغير) والله تعالى أعلم.
وقد عنونه العلامة الطهراني (غاية المنى في ترجمة المعروفين بالألقاب والكنى
(١) هكذا عنونه المؤلف في الفوائد الرضوية: ص ٢٢٢.
(٢) الفوائد الرضوية: ص 221. من أبناء العامة) (1).
67 - هداية الأنام إلى وقائع الأيام، مختصر كتاب (فيض العلام) الذي تقدم ذكره في مؤلفاته.
68 - ترجمة اعتقادات العلامة المجلسي. وقد طبع أخيرا في العدد الخامس من مجلة (كيهان أنديشه) (2).
وذكره المؤلف في كتابه الفوائد الرضوية أن له (غير ذلك من الرسائل والمؤلفات المختصرة) (3).
وقال ولده في مقدمة فيض العلام: (... وقد بقيت منه آثار مفيدة جدا ونفيسة وهي تصل إلى ما يقارب الأربعة والسبعين مجلد وأكثرها قد طبعت) (4).
ملامح شخصيته:
جوانب القدوة كثيرة في شخصية القمي وقد استشهد لها بقصص وقضايا متعددة، ولا يضرها انها أحاديث وقائع جزئية، فالحدث الجزئي تكمن وراءه الدوافع الحقيقية المحركة له والتي تعبر عن الملكة الجمالية المنعكسة بالصورة الجميلة لتلك الحركة أو ذلك الموقف.
ولابد من التأكيد ان التاريخ لم ينصف العظماء في أغلب الأحيان، ولعل عدم وجود متابعة لحركاتهم ومواقفهم يعد أحد الأسباب التي ساهمت في ذلك الاجحاف، ولذلك فإننا ومهما تتبعنا في معرفة جوانب العظمة في أولئك فسوف لا نحصل إلا على النزر القليل منها. وهذا ما حصل مع الشيخ القمي كما حصل مع غيره من أولئك الاجلاء.
ولأننا نريد أن نعرف القدوة وجوانب العظمة في حياة القمي فإننا سوف نتابع ما انتبه إليه الآخرون وذكره المؤرخون في كتبهم، ونقر بأنه فات أولئك وفاتنا
(1) نقباء البشر: ج 3، ص 1001.
(2) مقدمة منازل الآخرة لناشره بالفارسية الطبعة الأخيرة.
(3) صفحة 222.
(4) صفحة 8.
(٧٧)
الشيخ شوقي جبار البديري
الشيخ شوقي جبار البديري

عدد المساهمات : 8369
تاريخ التسجيل : 04/04/2012
العمر : 59
الموقع : قبيلة البدير للشيخ شوقي البديري

https://shawki909.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359  Empty رد: منازل الآخرة والمطالب الفاخرة (المعرب) تأليف المحدث الكامل والمذكر العامل الحاج الشيخ عباس القمي قدس سره المتوفي 1359

مُساهمة  الشيخ شوقي جبار البديري الإثنين 15 يوليو 2024 - 13:03

الشئ الكثير من تلك الصور الجمالية في حياته (1).
نكران الذات:
ومن تلك القضايا نقل ولده عن المرحوم سلطان الواعظين الشيرازي - مؤلف كتاب (شبهاي پيشاور) - انه قال: في بداية انتشار كتاب مفاتيح الجنان، كنت في سرداب الغيبة في سامراء وكان بيدي الكتاب أزور به فرأيت شيخا جالسا مشتغلا بالذكر وكان يلبس قباءا من الكرباس وعلى رأسه عمامة صغيرة، فسألني الشيخ:
لمن هذا الكتاب؟
فأجبته: للمحدث القمي سماحة الشيخ عباس، ثم أخذت بمدحه.
فقال الشيخ: انه لا يستحق ذلك، فلا تتعب نفسك بمدحه.
فقلت: قم يا شيخ واخرج من هنا، ولا تتكلم بعد ذلك بمثل هذا الكلام.
وكان بجنبه أحد الأشخاص فغمزني بيده في خاصرتي وقال: تأدب، فان هذا هو نفسه الشيخ القمي.
فقمت من مكاني وقبلته من وجهه واعتذرت منه وأصررت أن اقبل يده، ولكنه امتنع وأخذ يدي بقوة وقبلها وقال: أنت سيد (2).
وعندما كان مقيما في المشهد الرضوي فإنه كان يرتقي المنبر في شهر رمضان المبارك في مسجد گوهر شاد، فجاء الشيخ عباس التربتي وهو من العلماء الأبرار والروحانيين الأتقياء من مدينته التي كان مقيما فيها وهي (تربة حيدرية) إلى المشهد الرضوي ليستفيد في شهر رمضان المبارك من مواعظ الشيخ عباس القمي التي يلقيها من على منبره ذلك، وكانت تربطه بالشيخ القمي علاقة صداقة قديمة، فصادف في أحد الأيام ان وقع نظر الشيخ القمي وهو على المنبر فرأى الشيخ عباس التربتي جالسا في زاوية من المجلس الذي كان مكتظا بالناس وهو يستمع
(1) لابد من التنبيه أن أكثر القضايا التي ترجمناها عن الكتب الفارسية قمنا باختصارها وبتصرف لا يخل بمعنى القصة عموما لأسباب فنية.
(2) راجع كتاب (حاج شيخ عباس قمي مرد تقوى وفضيلت): ص 61 و 62.
(٧٨)إليه فقال عند ذلك: أيها الناس لقد شرف مجلسنا الحاج الأستاذ فاستفيدوا منه، ومع اكتظاظ الناس ليستمعوا إليه فإنه نزل من المنبر وطلب من الآخوند الشيخ عباس التربتي أن يرتقي المنبر في ذلك المجلس الضخم إلى آخر شهر رمضان المبارك وبعد ذلك لم يصعد الشيخ القمي المنبر في ذلك الشهر الشريف (1).
عبادته:
كان متعلقا بصلاة الليل والتهجد وتلاوة القرآن وقراءة الأدعية والأوراد والأذكار المأثورة عن الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، فكان ملتزما ببرنامجه العبادي طول السنة حيث يقوم من النوم بساعة قبل طلوع الفجر فيبدأ بالعبادة والصلاة، وكان مواظبا على قيام الليل والتهجد واستمر عليه إلى آخر عمره وكان يعتقد أن أفضل عمل مستحب هو قيام الليل والتهجد.
ونقل عنه ابنه الكبير انه قال: اني أتذكر بأنه لم يفته القيام في آخر الليل حتى في أسفاره (2).
وقال أحد أبنائه: انه وفي إحدى ليالي الجمعة في النجف الأشرف وبعد صلاة الليل أخذ بقراءة سورة (يس) فعندما وصل إلى قوله تعالى: * (هذه جهنم التي كنتم توعدون) * كررها مرارا وتغيرت أحواله وهو يقول مكررا (أعوذ بالله من النار) بحيث لم يمكنه أن يتم قراءة بقية السورة، وبقي على ذلك الحال إلى أذان الصبح (3).
وقد وصف بأنه كان في الحقيقة يعتقد ويعمل بكل ما كتبه في كتابه مفاتيح الجنان من الأوراد والأذكار والأدعية والزيارات والأعمال وغيرها.
مراقبته لنفسه:
كان شديد المراقبة لحركاته وسكناته ويجهد أن لا يعمل عملا إلا طبق رواية
(1) راجع كتاب (حاج شيخ عباس قمي مرد تقوى وفضيلت): ص 61 و 62.
(2) فضيلت هاي فراموش شده (فارسي): ص 8.
(3) راجع المصدر السابق.
(٧٩)أو حديث شريف ورد عن المعصومين (عليهم السلام).
وكان يراقب نيته التي لا يطلع عليها أحد إلا الله عز وجل ويحاول جاهدا أن يكون إخلاصه للحق تعالى في أعلى مراتب الاخلاص والانقطاع عن أحد غيره.
* وقد نقلت حادثة غريبة تصور حالة مراقبته لنفسه ونيته بشكل دقيق فقد طلب منه جماعة من المؤمنين في مشهد المقدسة أن يصلي بهم صلاة الجماعة في مسجد گوهر شاد، فبعد الالحاح لبى الطلب وابتدأ امامة الجماعة في إحدى أواوين المسجد المتروكة، ثم أخذت الجماعة بالازدياد شيئا فشيئا، ولم تمض عشرة أيام من اقامته الجماعة إلى أن كان في يوم من الأيام وبعد ان أتم صلاة الظهر طلب من أحد الحاضرين أن يصلي صلاة العصر، ثم ذهب ولم يعد إلى امامة صلاة الجماعة وعندما سئل عن السبب في انقطاعه قال: في الحقيقة اني كنت في ركوع الركعة الرابعة فسمعت صوت أحد المصلين خلفي ينادي (يا الله يا الله، أن الله مع الصابرين) وكان يجئ ذلك الصوت من مكان بعيد فجاء في ذهني كبر الجماعة وضخامتها فصار في نفسي نوع ارتياح غير إرادي، وعليه فقد علمت بأني لست أهلا لصلاة الجماعة.. (1).
* ونقل أيضا: طلب بعض الخيرين في أحد السنين من الشيخ القمي أن يتحمل مصرف مجلس وعظ الشيخ وتعهد أن يدفع له مبلغا مقداره (50) دينارا عراقيا وكان مصرف الشيخ آنذاك ثلاثة دنانير للشهر الواحد.
فقال الشيخ القمي: اني ارتقي المنبر لأجل الإمام الحسين (عليه السلام) وليس لشئ آخر.
ولذلك فإنه لم يقبل منه شيئا.. (2).
* ونقل عنه ابنه انه قال له مرة عندما الفت وطبعت منازل الآخرة في قم فقد وقع الكتاب بيد الشيخ عبد الرزاق مسألة گو وكان كل يوم يشرح مسألة من المسائل الشرعية قبل صلاة الظهر في الحرم المطهر للسيدة
(1) محدث قمي: ص 53.
(2) محدث قمي: ص 54.
(٨٠)
الشيخ شوقي جبار البديري
الشيخ شوقي جبار البديري

عدد المساهمات : 8369
تاريخ التسجيل : 04/04/2012
العمر : 59
الموقع : قبيلة البدير للشيخ شوقي البديري

https://shawki909.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى