مشيخة العشيرة بين التوريث والتأثير

نسمع من هنا وهناك في مجالسنا العامة والخاصة الحديث عن موضوع الشيوخ وقيادتهم لعشائرهم او قبائلهم ونجد ان هناك اراء مختلفة في الحديث كثيرا فهذا يمدح وهذا يشتم في الذم لعدم قناعته بالشخص الفلاني واصبح هذا الموضوع حديث الشارع لدى الأغلبية وكأن مشاكلنا قد تم حلحلتها ووصلنا الى القمة في تقديم الصحيح على الخطأ ولم يبقى لنا سوى موضوع لو درسناه بعناية لوجدناه لا يستحق كل هذه الاهتمامات والجدل وربما يصل بعض الاحيان الى الخصام بين بعض الأخوة والاصدقاء..
اصدقائي الاعزاء
لابد لنا ان نضع النقاط على الحروف ونميز بين الصح والخطأ حتى نتجنب الغيبة والنميمة بحق انسان هو بعيد كل البعد عن الموضوع الذي كنا نتجادل فيه في مجالسنا العامه والخاصة ان كلمه الشيخ ليس منصب رسمي وانما وجاهة اجتماعية تعطي الكثير لتأخذ الاسم وهي لا تعني انه رئيس العشيرة بالمعنى القطعي او المفهوم الفعلي لهذه الكلمة فكلمة الشيخ تطلق على كل انسان لديه مضيف ويستقبل جميع اقاربه واصدقائه ويساهم في حلحلة بعض مشاكلهم التي يستطيع القيام بحلها وهذا يعتبر شيخ بأخلاقه وكرمه في مضيفه وهناك شيخ او ما نطلق عليهما اليوم رجال الدين فأولئك ايضا شيوخ بنصائحهم القيمة وتعليمهم لنا مفهوم ومبادئ الدين الاسلامي الحنيف ويبقى كلمه شيخ التي نطلقها على كل انسان كبير في السن فنقول له شيخنا الفاضل او شيخ فلان وهذا لا يعني اننا قد منحناه لقب شيخ العشيرة العام ..
ان مشيخة العشيرة اليوم قد ضاع مفهومها لدى البعض وعدم التمييز بين التوريث والتأثير فالتوريث جميعنا يعرف ان هناك ثوابت من العوائل قدم اجدادهم الكثير الافعال الرجولية الصحيحة والكثير من النصح لاجل المحافظة على وحدة ابناء عشائرهم وقبائلهم وهؤلاء الاشخاص طيب الله ثراهم قد اصبح لديهم ذرية من الاحفاد والاولاد بالمئات بل يصل العدد احيانا الى الالاف وهذا لا يعني ان جميعهم شيوخ على العشيرة وانما هم يستحقون لقب شيخ على اي شخص منهم وهم يعرفوا جيداً ان لكل عشيرة شيخ واحد ولذلك تجدهم يرشحون احدهم للقيام بمهام وتولي الامور العشائرية لأبناء قبيلته وهذا يسمى شيخاً بالتوريث واقصد قد ورثها عن آبائه واجداده..
وبما اننا اليوم نواجه الانفجار السكاني الكبير ونجد ان العشيرة التي كانت اعدادها ربما بالمئات وصلت اليوم الى عشرات الالاف ولابد ان يظهر من بينهم اشخاص لهم دور بارز في المجتمع ويقدمون النصيحة والمشورة للناس دوماً وربما قسم منهم يقدم من ماله الخاص للمحتاجين من أبناء عشيرته واذا تكلم في احد المجالس تجد كلامه منطقي ويدل على رزانة المتكلم وتجد ان شيخ العشيرة يحتاجه دوما بل يقدمه في بعض الامور عندما يكون الحديث في المجالس يتطلب من المتحدث ان يتكلم بموضوع معين وهؤلاء يعتبرون شيوخ بتأثيرهم على الناس وهذه الحالة ليس وليدة الساعة وانما هي منذ الازل فكل شيخ قبيلة كانت العرب ترشحه لرئاستها تجد له من المساعدين واصحاب المشورة من يجيدون الكلام بفصاحة اللسان ورجاحة العقل.ويطلق عليهم اسم مجلس شورى القبيلة…
من هنا لابد لنا ان لا يكون جدالنا حول هذا الموضوع بان من يقول فلان شيخ يجب ان نخاصمه او نرده بكلام بعيد عن منطق العقل فالشيخ صفة نطلقها على الكثير من فئات المجتمع وليس هم برؤساء تلك القبائل او هم من يقودونها الى بر الامان ولكنهم ربما بفصاحة لسانهم او بكرمهم او اخلاقهم او فتحهم دواوين ومضائف لاستقبال الناس فهؤلاء يجب ان يطلق عليهم كلمه شيخ..
اما من يجب ان نبعد عنه الناس ونوقفه عند حدوده المسموح بها فهو الذي يطلق كلمة شيخ على نفسه وهو بعيد جدا عن التوريث وبعيد جدا عن التأثير بالمجتمع وربما لا يعرف من المشيخة سوى هذه العباءة التي يلبسها ولا نعرف من اين مصدرها احياناً وقد شاهدت الكثير منهم في مجلس العزاء المقام على روح الفقيد الشيخ عبد الرزاق مجمل الوكاع امير قبيله الجبور رحمه الله وبصراحه كانت مواقفهم مزعجه جدا ابتداءً من التصوير وازعاج الاخرين بالتقاطها وكما يقول العرب على هؤلاء:-
((لايصلحون ان نسرحهم بعنزين))
فكيف لهم ان يقومو بقيادة عشيرة يوجد فيها من الرجال الليوث كثيرا.. فهؤلاء هم مرض وزادهم الله مرضا وهؤلاء يعتبرون من فاقدي البصر والبصيرة الذين يحاربون انفسهم ويشوهون سمعة عوائلهم التي لاتعترف برجولتهم اصلاً قبل ان يحسبون على عشيرتهم… ورحم الله امرئً عرف قدر نفسه والموضوع للنقاش العام وليس للجدل او النيل من اي شخص معين لأننا جميعاً خلق الله ولدينا سلبيات مثلما لدينا ايجابيات ونسأل الله ان يصلح حالنا واحوالنا..
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.