بحـث
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت | الأحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | ||||
4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 |
11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 |
18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 |
25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
حول
مرحبا بكم فى منتدى الموقع العام لقبيلة البدير في العراق للشيخ شوقي جبار البديري
قبيلة البدير من القبائل الزبيديه
"الفواتح" في العراق مناسبات للتباهي بالثراء وسلطة العشيرة
الموقع العام لقبيلة البدير في العراق للشيخ شوقي جبار البديري :: 90- منتدى اثار الفقر على الفرد والمجتمع
صفحة 1 من اصل 1
"الفواتح" في العراق مناسبات للتباهي بالثراء وسلطة العشيرة
"الفواتح" في العراق مناسبات للتباهي بالثراء وسلطة العشيرة
“الفواتح” تعني مجالس العزاء وهي تقليد عشائري أصبح مثيرا للجدل في المجتمع العراقي، خاصة لما تتطلبه من بذخ ورياء في مجتمع فقير يعاني أفراده لتوفير أبسط متطلبات العيش.
الوجاهة للرجال والحزن للنساء
بغداد- يقول المُسنّون في العراق إن العزاء ولوازمه هما من شؤون الأحياء، ولا علاقة للميت بما يحدث في معزّاه. وأصبح العزاء الذي يطلق عليه في العراق اسم” الفاتحة” وسيلة أهل الميت وعشيرته للتباهي بالثروة والجاه والقوة.
وأقيمت أكثر من فاتحة في أحياء العاصمة بغداد لفقراء لم يكونوا يملكون ثمن العلاج، ولكن لإقامة الفواتح لهم بعد موتهم استدانت عائلاتهم من الأقرباء والمعارف أكثر بكثير مما كان يتطلبه علاجالمرحوم.
وتختلط في الفواتح مشاعر الحزن على الميت بمشاعر الزهو والفخر بكثرة الإنفاق على الفاتحة، وأنواع الأطعمة المقدمة للمدعوين، وشكل خيمة العزاء واتّساعها. وكذلك ما تم وضعه فيها من أجهزة تبريد وصوت وأثاث للجلوس، وعدد القهوجية الذين يخدمون المعزّين، وعدد الطباخين الذين يتم استخدامهم في إعداد مختلف الأطعمة لثلاثة أيام، وربما يمتد العزاء لسبعة أيام.
ويتباهى أهل الميت أمام المعزّين بكثرة الطعام ونوعيته، والذي يتم كبَّ الفائض منه بعد ذلك في مزبلة الحي بعد كل وجبة. وقد صارت الفواتح من وسائل أهل الثراء الجدد من المسؤولين الحكوميين للترويج لأنفسهم، لدى أهل الحي الذي يقام فيه العزاء.
وحالما يسمع المسؤول بخبر الوفاة، وإقامة خيمة العزاء يهرع لزيارة المعزّى بعدد من سيارات جي.اكس.آر -سيارات لاندكروزر، ويُطلق عليها العراقيون تسمية “جكسرات”- حاملة الأتباع والحراس. ويسبق بعضهم لإخبار صاحب العزاء بقدوم المسؤول. وعادة يكون المسؤول بأتم هندام ـ-ملابس أوروبية وفوقها عباءة عربية- وربما يمسك بيده عكازاً له قبضة من الذهب.
وقد يتفاجأ صاحب العزاء بمجيء أكثر من مسؤول في وقت واحد، خصوصاً في موسم الانتخابات.
صراع على المصالح
صراع على المصالح
وعندما تكون بين هؤلاء المسؤولين منافسة سياسية أو صراع على المصالح، تقع مشادَّات بين الأطراف الحاضرة تصل أحياناً إلى حد إطلاق الرصاص بينهم، ما يتسبب في إصابة الحاضرين.
يقول أمير السوداني (30 سنة) -من متساكني منطقة الشعب ببغداد- لـ”العرب” “قبل شهور في أحد عزاءات مدينة الشعب، وبسبب الحزازيات السياسية قبل الانتخابات الأخيرة حدثت مشاجرة بين مسؤولين حضرا العزاء مرفوقين بحراسهما الشخصيين، وأصيب خلالها ابن المتوفى بطلق ناري عشوائي في بطنه، وكسرت قدمه أثناء سقوطه، وأصيب عدد من الحاضرين، والمارة في الطريق، وتحولت خيمة العزاء إلى مكان لفضِّ النزاعات العشائرية بين المسؤولين وعشائر الجرحى”.
يقول الحاج محمد سبهان (70 سنة) -متقاعد- لـ”العرب” “الفواتح في بغداد تحولت إلى أماكن للتفاخر بين العشائر، ولذلك ارتفعت نفقات الفاتحة الواحدة إلى عشرة ملايين دينار (الدولار يساوي 1200 دينار)، هذا بالنسبة إلى عائلة المتوفى الفقيرة، وقد تصل النفقات في بعض الفواتح، -لمن هم أكثر سعة في العيش- إلى عشرين مليوناً”.
ويلخص سبهان نفقات الفاتحة بقوله “مليونان لكراء الخيمة أو الجادر، لمدة ثلاثة أيام، ويتضاعف المبلغ إذا تم كراء خيمة أخرى للنساء، ونصف مليون لكراء مبردة هواء كبيرة، ونصف مليون لكل طباخ، وفي العادة يقوم بالطبخ طباخ وإثنان من المعاونين له، ويستعان بقهوجيين أو ثلاثة، لإعداد القهوة والشاي وتوزيعهما على المعزّين، وثلاثة من ‘العلاسين’ وهؤلاء مهمتهم معرفة المعزّين، والتنبيه إلى القادم للمعزّى إنْ كان من الغرباء عن الحي، أو من الذين أوضاعهم مريبة، إذْ يهرعون لتفتيشه خارج مكان العزاء خوفاً من أن يكون مرتدياً حزاماً ناسفاً، وهؤلاء الثلاثة يعتبرون أنفسهم من الفدائيين، لذلك فأجرة الواحد منهم اليومية لا تقل عن مئة وخمسين ألف دينار، وهم في العادة من سكان الحي، ويعرفون سكانه. أما نفقات الذبائح وأكياس الرز وسلال الخضروات والفواكه، وغيرها، فهذا موضوع آخر”.
ويقول الشيخ محسن كريم (50 سنة) -إمام مسجد في منطقة بغداد الجديدة- “الإسراف في حياتنا صار عادة يومية للأسف، وبالرغم من أن نسبة الفقر مرتفعة في المجتمع العراقي، إلا أن التباهي وحب الظهور لا يزالان في نفوس البعض. وهذا يدل على قلة الإيمان، لأنَّ الموت مصيبة قبل أن يكون مناسبة للزهو أمام الآخرين، قال تعالى ‘إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُصِيبَةُ الْمَوْتِ’، فالموت فاجعة، ويكملها الأحياء بالإسراف في نفقات العزاء”. ويضيف “أعرف عائلة فقيرة مات معيلُها، وكان سائق سيارة أجرة، فاضطرت إلى تسديد ديون الفاتحة ببيع السيارة، التي هي مصدر رزقها، وبقيت تتكفّف الناس.
وقد منعت المراجع الدينية في العراق ما يسمى بـ’الفضل’ وهو مبلغ مالي يدفعه المعزيّ إلى صاحب العزاء لإعانته على دفع تكاليف العزاء، وذلك لكثرة حوادث الموت في العراق نتيجة الحروب والتفجيرات والأمراض، وحوادث الطرقات، مما أدى إلى تهرّب البعض من الحضور إلى العزاءات، لأنهم لا يملكون هذا ‘الفضل’ وتسبب هذا في قطع صلة الرَّحم في الكثير من العائلات”.
في الفواتح تختلط مشاعر الحزن على الميت بمشاعر الزهو والفخر بكثرة الإنفاق
في الفواتح تختلط مشاعر الحزن على الميت بمشاعر الزهو والفخر بكثرة الإنفاق
وأضاف كريم “ولم تكتف المراجع الدينية بهذا المنع بل وضحت أن من الأمور المكروهة دينياً الأكل خلال العزاء، من قبل سكان المدينة نفسها، وأجازت ذلك لمن يأتي من مدينة بعيدة لتعزية أهل الميت.
وكل هذا لم يحدّ من نفقات الفواتح، وأهل الرأي يشيرون إلى ضرورة إقامة الفواتح في المساجد في فترة ما بعد الظهر، ويقتصر فيها على تقديم القهوة
والشاي”.
وذكر علاء المحمداوي (27 سنة) -من ميسان- لـ”العرب” “من الصعب أن يتخلى الناس عن عاداتهم، لأنَّ في الفاتحة يتم إظهار الألفة والمحبة بين أفراد العشيرة، ومساندتهم لقريبهم، الذي حلت ببيته فاجعة الموت.
ويضيف “لقد ذهبتُ قبل أيام إلى إحدى الفواتح، وهالني هناك ما عرفته من صاحب العزاء عن مبالغ تأجير معدات الفاتحة، كالخيمة وأواني الطبخ ومبردات الهواء. فنشرت نداءً في صفحتي على فيسبوك لأصحاب هذه المحلات أدعوهم فيه إلى ضرورة مراعاة الناس، وألا يضيفوا إلى مصيبة الموت عند الناس خراب بيوتهم، وقد استجاب عدد منهم، وتعهدوا بمراعاة الناس في الأسعار، وثبتوا أرقام هواتفهم مع ردودهم الطيبة”.
اقرأ أيضا: تكريس القبلية بديلة للمواطنة
واقترح حسين البيضاني (65 سنة) -شيخ فخذ السليم ببغداد- أن تقوم كل عشيرة بإنشاء صندوق مالي تتبرع فيه كل عائلة من القبيلة بما تيسر من قدرتها المالية، لتجميع مبلغ يكفي لشراء معدات الفاتحة: الخيمة والمبردة، إضافة إلى أواني الطبخ، ودلال القهوة والفرش وغير ذلك من المستلزمات، وتودع عند أحد أفراد العشيرة، وعند حدوث وفاة يتم استخدامها من دون اضطرار إلى الكراء”.
وأضاف البيضاني “ولكن صعوبة تطبيق هذا الاقتراح تكمن في أن العشيرة منتشرة في عدة مدن، ومن الصعب نقل مستلزمات الفاتحة من مدينة إلى أخرى، ويمكن معالجة هذا بكراء عربة حمل البضائع لنقل المعدات إلى المكان المطلوب.
ومع هذا من الواجب منع الإسراف في نفقات الفواتح، لأنَّ البعض يرى أنه كلما ازداد الإنفاق في الفاتحة، ازدادت هيبة العشيرة لدى العشائر الأخرى، وهذا خطأ فادح، فهيبة العشيرة تأتي من كثرة المتعلمين فيها والنافعين لغيرهم”. يذكر أن مجالس العزاء تستمر لثلاثة أيام وربما تمتد لسبعة.
“الفواتح العراقية ” والبذخ فيها تحولها لاعراس بثوب اسود “الفواتح العراقية ” والبذخ فيها تحولها لاعراس بثوب اسود
بغداد/ شبكة أخبار العراق – تقرير سعد الكناني .. لا تنفك مجالس العزاء عن عادات مستمرة حتى اليوم، موروث تلقفته الأجيال، عرف وتقليد لم ينقطع إلى اليوم، أنها جزء من تقاليد عريقة، هناك من يرى فيها هدراً للأموال وبذخاً لا فائدة من ورائه، وتوزعت تلك العادات في المناطق الحضرية والريفية سواء في الشمال أو الوسط أو الجنوب ولكنها اتفقت على الصرف والبذخ في محاولة لإعلاء شأن المتوفى وذويه. وتستمر مجالس العزاء لثلاثة أيام وربما تمتد لسبعة أيام. ويحاول بعض من ذوي المتوفى أن يبرز نفسه من خلال الوليمة والكرم على انه شخصية مهمة، والبعض الآخر يريد إبراز شأن المتوفى أمام الآخرين بالإسراف في تقديم الأطعمة .ويقول حمد الطائي إن “التقليد العشائري يقضي بتقديم متطلبات الضيافة من قهوة وماء وشاي وسجائر، إضافة إلى رسوخ أفكار وتقاليد الكرم في مجتمعنا إلى حد الإسراف”.ويضيف انه يدعو إلى “الخروج عن التقاليد البالية وتلحق الضرر المادي الكبير بذوي مجالس العزاء خاصة أصحاب الدخل المادي المتوسط فما دون” .ويؤكد الطائي انه “لا يمكن أبراز الكرم بالإسراف أو وصف التدبير بالبخل كما يشاع في مجتمعنا العراقي، بل يجب توجيه الأموال نحو مشاريع وأهداف إنسانية تكون أكثر نفعا وأجرا للقائمين عليها بدلا من الولائم الفخمة التي لا تقدم إلا للميسورين دون الفقراء”.ويقول المواطن أبو رامي العامري وهو أستاذ جامعي أن “الإسراف مذموم في كتاب الله.. ومجمل الآيات القرآنية تدعو إلى صرف المال في موضعه، فالإسراف في مجالس العزاء عادات قبلية متوارثة لا أساس لها في الشريعة الإسلامية التي تنص على إطعام الطعام في عدة مواضع” .ويضيف أن “الكثير من التقاليد والوصايا الإسلامية لا نجد لها تطبيقا في العرف الاجتماعي والقبلي، فلو أعطي الطعام للفقراء والمساكين لتحقق تكافلا اجتماعيا واضحا فضلا عن الدعوات المستجابة للميت بالرحمة والغفران”.وزاد أن “الكثير منا لم تسعفه حالته المادية لتحمل النفقات التي فرضها علينا العرف الاجتماعي”.ويبين شيخ عشيرة يدعى وليد الدليمي أن “مجالس العزاء في مجتمعنا أصبحت عبارة عن تباهي في حجم المصروفات والاعتقاد السائد بان الفاتحة لو لم تخسر لما سميت فاتحة”.ويكشف الدليمي أن “مبالغ ونفقات الفواتح وصلت إلى أكثر من 10 مليون دينار، ومنها أدنى من هذا المقدار تبعا للحالة المادية، لكنها في المحصلة النهائية خسائر مادية تنهك الغني والفقير كونها تصرف في أبواب واتجاهات بعيدة عن الأهداف الإنسانية والدينية المرسومة لها”.وتشير أم عمار وتبلغ من العمر 55 عاما إلى اختفاء “عادات التواصل الاجتماعي بين أهل المدينة أو المنطقة الواحدة في ظل التغييرات التي شهدها المجتمع العراقي”.وأكدت أن الحزن “كان يعم الجيران على بعد 500 متر عند وفاة احد من المناطق والمدن ويعم الحزن حتى يشمل إطفاء أجهزة التلفاز لعدة أيام، وحينها كان ذوي الميت لا يطبخون لانشغالهم بمصيبتهم، إلا ان جميع التقاليد والعادات اختفت تقريبا”.ويدعو عادل المعموري وهو ضابط في الجيش العراقي السابق في حديثه الى “عدم إرهاق كاهل ذوي الميت من خلال مجالس عزاء التي تقام لثلاثة أوقات في القرى والأرياف ولساعات طويلة في المساجد والحسينيات” .ويشدد على “اقتصار مجالس العزاء على الشاي والقهوة وبأوقات محددة لا تمتد على مدار اليوم”.ويلفت إلى “وجود عادات طيبة تغني عن البذخ وهدر الأموال تتمثل في توزيع المصاحف مجانا في العزاء وإشاعة ثقافة العون والمساعدة للضعفاء والمحتاجين ماديا “.ويشاطر اسعد جميل المشايخي رئيس لجنة الشؤون الدينية في مجلس محافظة ديالى جميع المتحدثين أرائهم الداعية لنبذ تقاليد البذخ والتباهي قائلا إن “البذخ ظاهرة مذمومة ومرفوضة في الدين الإسلامي وما هي إلا تبذير وهدر للأموال دون مبرر”.ويشير المشايخي إلى ان “لجنتنا عممت وعبر خطباء وأئمة الجوامع حملات توعية دينية للحد من مظاهر البذخ والتباهي في مجالس العزاء واقتصارها على تقديم الشاي والقهوة إلى جانب الماء مع تحديد أوقاتها في فترات محددة إنصافا لذوي المتوفى وعدم تحميلهم أعباء مادية إضافية تنهك كاهلهم”.ويدعو المشايخي “المؤسسات الدينية والثقافية ووجهاء العشائر إلى توعية الناس بترك مظاهر البذخ والتقاليد البالية غير المفروضة التي نشاهدها في مجالس العزاء، وتحديد أوقات عقد المجالس وليس على امتداد اليوم كما هو معمول به في المناطق الريفية والنائية، وتعميم التقاليد المتبعة في مدينة بغداد وبعض المدن الأخرى التي تنظم مجالس العزاء بعيدا عن مظاهر الرياء والتباهي”.
عن العشائر والفواتح... إشاعة ثقافة التبذير في المجتمع العراقي
عن العشائر والفواتح... إشاعة ثقافة التبذير في المجتمع العراقي
في مجتمعنا العراقي، وهو جزء من المجتمعات العربية الأخرى، رغم اوجه التمايز والاختلاف الا انها جميعا تمتاز بهذه النزعة العشائرية والقبلية التي تقوى وتضعف تبعا لقوة وضعف القوانين والتشريعات المدنية في كل مجتمع من تلك المجتمعات. الموت زائر غير محبب في مجتمعاتنا رغم كثرة التنظيرات التي تحتفي به استشهادا في سبيل قضية معينة، او نتيجة عمل من اعمال العنف السائدة في المجتمع العراقي، يتداعى اقارب الميت الى ذويه للقيام بما يعتقدون انه واجب لا يحتمل الغياب عنه رغم جميع المشاكل التي قد تكون موجودة بينهم، وهم في تداعيهم للحضور يميلون الى تفسير المواساة والتعزية في غير المضامين التي وجدت لأجلها.
معلوم ان المواساة لا تستدعي حضورا غفيرا او صخبا وضجيجا، بل هي عبارة عن تواجد من هو مقرب الى ذوي الميت والذي يستشعرون بالإنس تجاهه حتى قبل ما لحق بهم. ومعروف ان كثرة الحضور لا توفر تلك المواساة بل هي تضيف عبئا على الأعباء الموجودة على ذوي الميت هم في غنى عنها.
من يموت لديه احد من افراد عائلته يبدأ بالقلق والتفكير بتكاليف العزاء الواجب، وهي تكاليف مستحدثة اجتماعيا لا علاقة لها بالدين والتشريع من قريب او بعيد، لست من المواظبين على حضور الفواتح خاصة اذا اقيمت في الخيم او ما يعرف بالجوادر، لكثرة الأمور المؤلمة التي اشاهدها في تلك الفواتح على قلة حضوري اليها.
قبل ان يعود من ذهب مع الجنازة الى المقبرة يطالبون من يكون المشرف على الانفاق بالذهاب الى مطعم ممتاز، لا يطلبون اصنافا بسيطة بل اغلى الاصناف التي يقدمها المطعم، لا حرمة للقران المقروء في تلك الفواتح، فالأحاديث الجانبية تستأثر باهتمام الحاضرين على حساب الانصات لقاريء القران، ومعظم الاحاديث لا تبتعد عن النميمة واكل لحوم الناس بالباطل، لا يطرح الحدث، الموت برهبته وقوة حضوره عبرة للحاضرين، انهم يتشبثون بكل ما هو دنيوي ومادي، وكأنه لا يمكن ان يكون اي واحد منهم موضع الحدث في مستقبل الايام، مجالس الفاتحة العراقية يجب ان يكون الانفاق فيها دون حدود معينة، فالجميع سيتكلم بالسوء عن تلك الفاتحة، وهو كلام لا يخضع لمتطلبات المنطق السليم بل هو ما تتطلبه مجالس القيل والقال.
تعود الاواني ممتلئة بالطعام مثلما ذهبت الى الموائد، الا اللهم من قطع اللحم والتي تجد رواجا لها في بطون الحاضرين، ما يعود من انواع الطعام الاخرى يعرف طريقه الى اكياس القمامة، وكله في ثواب الميت، لكن ذوي الميت في حالات الفواتح العراقية تلحقهم لعنة السماء على ذلك التبذير وكثير من الفقراء يتحسرون على قسم من ذلك الطعام.
في العام 1991 وبعد الانتفاضة الشعبانية وسقوط 14 محافظة عراقية من الوسط والجنوب، اكتشف صدام حسين عدم فائدة الكوادر البعثية في السيطرة على الجماهير، وكانت احد الافكار المطروحة وقتها هو حل حزب البعث، لم يعمل بتلك الفكرة وقتها، بل تم الاستعاضة عنها باعطاء دور اكبر للعشائر العراقية، خاصة بعد ضعف النظام لتكون هي الناظم لامور المجتمع حسب انتماءاته العشائرية.
وفعلا بدأت تلك العشائر باخذ مكانتها والصعود الى سلم الترتيب الاجتماعي وظهر وقتها ما اطلق عليه شيوخ الانابيب، الذين كانوا يؤدون وظائف اخرى غير الوظائف المتعارف عليها من التنظيم العشائري تقربا وزلفى الى النظام، كانت الارضية مهيأة لترسيخ الحضور العشائري في العراق بعد العام 2003 والاعوام التي تلته، فالحدث النيساني حمل الكثير من التغيير في بنى ومرتكزات المجتمع العراقي، واصبحت العشيرة فوق القانون في الكثير من الممارسات والسلوكيات الاجتماعية، وغابت الثقافة المدنية بما تمثله من تطور في كل مجتمع وحلت ثقافة العشيرة القائمة على الفصل العشائري وعلى الديات وعلى الثأر وغيرها، حتى اصبح هذا الحضور مخيفا ومرعبا في الكثير من المناطق، وحتى بغداد العاصمة نفسها، كل فراغ يملؤه الهواء، تلك قاعدة بديهية، وكل فراغ في المجتمع تملؤه العشيرة، وتلك اصبحت بديهية عراقية.
يشبّه احد الاصدقاء العشائر بالخلية السرطانية التي تدخل الى اي مجتمع ثم تتمكن منه، من عاداته وقيمه وثقافته وسلوكه، وهو سرطان يتقشى في الجسم جميعه، وهو ما نلاحظه الان من كثرة الامراض والاسقام التي لحقت بالنسيج الاجتماعي العراقي.
مواضيع مماثلة
» الاكل في الفواتح هل مجاز ذالك / السيد رشيد الحسيني
» انت عشائر زبيد ذات قوة وسلطة
» مجلس العشيرة
» شيخ العشيرة والخيار الديمقراطي
» صفات شيخ العشيرة :
» انت عشائر زبيد ذات قوة وسلطة
» مجلس العشيرة
» شيخ العشيرة والخيار الديمقراطي
» صفات شيخ العشيرة :
الموقع العام لقبيلة البدير في العراق للشيخ شوقي جبار البديري :: 90- منتدى اثار الفقر على الفرد والمجتمع
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة نوفمبر 22, 2024 9:04 pm من طرف الشيخ شوقي جبار البديري
» تراث الناصريه الغنائي حضري ابو عزيز
الجمعة نوفمبر 22, 2024 8:50 pm من طرف الشيخ شوقي جبار البديري
» البو حسين البدير
الخميس أكتوبر 03, 2024 3:58 pm من طرف الشيخ شوقي جبار البديري
» الشيخ المرحوم عبد الهادي
الخميس أكتوبر 03, 2024 3:53 pm من طرف الشيخ شوقي جبار البديري
» الشيخ شوقي البديري والاخ حمود كريم الركابي
الخميس أكتوبر 03, 2024 3:51 pm من طرف الشيخ شوقي جبار البديري
» الاستاذ المخرج عزيز خيون البديري وعمامه البدير
الخميس أكتوبر 03, 2024 3:48 pm من طرف الشيخ شوقي جبار البديري
» الشيخ صباح العوفي مع الشيخ عبد الامير التعيبان
الخميس أكتوبر 03, 2024 3:45 pm من طرف الشيخ شوقي جبار البديري
» الشيخ المرحوم محمد البريج
الخميس أكتوبر 03, 2024 3:41 pm من طرف الشيخ شوقي جبار البديري
» جواد البولاني
الإثنين سبتمبر 23, 2024 10:13 am من طرف الشيخ شوقي جبار البديري