اتجاھات علم الاجتماع في العراق عند جیل الرواد

اتجاھات علم الاجتماع في العراق عند جیل الرواد

* أ.د.ھادي صالح العیساوي

المقدمة
الأفكار سلسلة مترابطة الحلقات تكمل إحداھا الأخرى، وعلیھ فإن المعرفة الإنسانیة تخضع لمثل ھذا
الترابط أو لنقل التراكم في شتى مناحي المعرفة، ومثل ھذا التراكم ھو الذي قاد إلى استقلالیة العلوم بعضھا عن
البعض الآخر، فبعد أن كان العلماء في العصور القدیمة یعرفون بالموسوعیین، حیث كانت نتاجاتھم تجمع ما
بین الفلسفة والطب والھندسة والجبر والفنون والأدب ،.. أصبح العلماء في العصر الحدیث وبسبب التراكم
المعرفي الكبیر یمیلون إلى التخصص المحدد، وھذا التخصص یتفرع بدوره إلى تفرعات عدیدة، وعلم الاجتماع
لا یشذ عن ھذه القاعدة خلال تطوره التاریخي، فبعد أن كان جزءاً من الفلسفة استقل عنھا وتفرع بدوره إلى
(١) فروع عدیدة منھا علم الاجتماع السیاس ي والدیني والاقتصادي والصناعي والسكاني والقانوني والریفي ،...
حیث سعى ابن خلدون (١٤٠٦-١٣٣٢) إلى تحریر الدراسات الاجتماعیة من التأمل والتوجھ بھا صوب
الدراسات الواقعیة، معطیاً لتلك الدراسات اسماً جدیداً ھو علم العمران البشري، وھي التسمیة التي تقابل عند
أوكست كونت (١٨٢٦-١٧٥٨) مصطلح علم الاجتماع Sociologie بالفرنسیة، وق د أكدت الدكتورة سامیة
حسن الساعاتي أن علم الجماعة أو المجتمع عند أوكست كونت ما ھو إلا علم المعاشرة أو العمران عند ابن
وبعد تأسیس (٣) . كما أكد كثیر من العلماء العرب والأجانب أسبقیة ابن خلدون في تأسیس علم الاجتماع (٢) خلدون
ھذا العلم ووضوح مقاصده بدأت أقسام علم الاجتماع في الظھور حیث ظھر أول قسم لعلم الاجتماع في أمریكا
ثم تلاه ظھور أقسام الاجتماع في أوربا. أما في الوطن العربي فقد ظھر أول (٤) سنة ١٨٩٢ في جامعة شیكاغو
قسم للاجتماع في مصر سنة ١٩٢٥ في الجامعة المصریة (جامعة القاھرة حالیاً ) وظھر في العراق في بدایة
والآن وبعد أن تم تأسیس الأقسام العلمیة لعلم الاجتماع، نتساءل كیف كانت (٥) الخمسینات من القرن العشرین
البدایة لھذا العلم ومن ھم رواده في العراق؟ وفي الحقیقة وقبل الإجابة عن ھذا التساؤل –في المفردات اللاحقة -
لابد من القول أن مثل ھذا التساؤل یجسد مشكلة على جانب كبیر من الأھمیة لھذا البحث تتمحور حول مدى
ملاءمة نتاجات الرواد لطبیعة المرحلة التاریخیة التي كتبوا فیھا، ومدى تأثرھم بالمدارس الفكریة لعلم الاجتماع
وھل كان ذلك التأثر تحكمھ الضرورة العلمیة للتعریف بھذا العلم في العراق؟ ومن تلك المشكلة التي یسعى ھذا
البحث للإجابة عنھا تبدو أھمیة ھذا البحث واضحة، فالوقوف على نتاجات جیل الرواد لعلم الاجتماع في
العراق، ومعرفة الاتجاھات التي توزعت علیھا نتاجاتھم سیساعد كثیراً في معرفة الموضوعات التي درسوھا
ومدى صلتھا بالواقع الاجتماعي، ومن ثمَّ فإن ذلك سیرسم أفقاً مستقبلیاً لجیل ما بعد الرواد في العراق، وذلك من
خلال تتبع الأثر الذي تركھ جیل الرواد في الجیل اللاحق من المتخصصین سواء كان ذلك الأثر یتصل بطبیعة
الموضوعات المدروسة أو المناھج والأدوات المستخدمة التي استعانوا بھا في دراساتھم، ولا یخفى كذلك بأن
الوقوف على نقاط القوة والضع ف في تلك الدراسات سیجعل منھا أداة للمعرفة الاجتماعیة وأداة للتغییر
الاجتماعي، أما عن المنھج الذي سنعتمده للوصول إلى ھدف ھذه الدراسة –المتجسد بمعرفة اتجاھات علم
الاجتماع في العراق عند جیل الرواد من خلال رصد نتاجاتھم وتوزیعھا على الاتجاھات وتحلیلھا - فھو منھج
یقوم على الاستفادة من معطیات المنھج التاریخي لمعرفة البعد التاریخي لنتاجات الرواد وكذلك الاستفادة من
المنھج المقارن لمقارنة الموضوعات التي تصدى لھا ھذا الرائد مقارنة بالآخر، وأخیراً ومن أجل الوصول إلى
ھدف ھذا البحث استوجب منا اتباع أسلوب متدرج لعرض مفردات ھ، بدأناه أولاً بتحدید مفھومي الرواد
والاتجاھات ثم ثانیاً (اتجاھات علم الاجتماع عند جیل الرواد ) من خلال تحدید الاتجاھات التي توزعت علیھا
نتاجات الرواد، وأخیراً مناقشة واستخلاص من المحاور أو المفردات السابقة.

أولا:ً تحدید مفھومي الرواد والاتجاھات:
: نعني بمفھوم الرواد ھم المتخصصون العراقیون الذین حصلوا على الدكتوراه أو الماجستیر (٦) .١ الرواد
في اختصاص علم الاجتماع أو الانثروبولوجیا أو الخدمة الاجتماعیة قبل عام ،١٩٦٠ وظھر لھم نتاج
أو أكثر خلال تلك المرحلة، وسبب شمولنا لاختصاصي الانثروبولوجیا والخدمة الاجتماعیة ی عود
لكونھما عملا جنباً إلى جنب مع اختصاص علم الاجتماع من الناحیتین العلمیة والإداریة، فالتداخل
العلمي قائم فعلم الاجتماع یدرس المجتمع على اختلاف درجة تطوره، في حین نجد أن الانثروبولوجیا
تدرس المجتمع وبالتركیز على المجتمع البسیط، أما الخدمة الاجتماعیة –فتعد الجانب التطبیقي لعلم
الاجتماع- كما أن قسم علم الاجتماع في العراق وعبر مراحل تطوره العلمي والإداري نجده قد تضمن

ات المجلد ٢١ (٣) ٢٠١٠
ھذین الاختصاصین كفرعین مكملین ومھمین لتخصص علم الاجتماع . وبموجب ھذا التحدید فإن
مصطلح الرواد وھو اصطلاح زماني بموجب ھذا البحث ینطبق على كل من ال دكتور علي الوردي
والدكتور عبد الجلیل الطاھر والدكتور حاتم شھاب الكعبي والدكتور شاكر مصطفى سلیم والأستاذ عبد
الجبار عریم، حیث حصل الدكتور الوردي على الماجستیر في علم الاجتماع من جامعة تكساس
. أما الدكتور عبد (٧) بأمریكا سنة ١٩٤٨ والدكتوراه عن ابن خلدون سنة ١٩٥٠ من الجامعة نفسھا
الجلیل الطاھر فقد حصل على الدكتوراه من جامعة شیكاغو بأمریكا سنة ١٩٥٢ عن أطروحتھ
. في حین حصل الدكتور حاتم شھاب الكعبي على الدكتوراه في علم (٨) الجالیات العربیة في أمریكا
الاجتماع من أمریكا عن أطروحتھ (التحلیل النفسي الاجتماعي للحركة القوم یة في العراق) سنة
. وحصل الدكتور شاكر مصطفى سلیم على الدكتوراه في الأنثروبولوجیا من لندن عام (٩) ١٩٥٤
. أما الأستاذ عبد (١٠) ١٩٥٥ عن أطروحتھ (الجبایش، دراسة أنثروبولوجیة لقریة في أھوار العراق )
الجبار عریم فقد حصل على دبلوم الاختصاص في العلوم الجنائیة بالقاھرة س نة ١٩٤٦ وعلى
الماجستیر في الاجتماع والخدمة الاجتماعیة والإجرام من أمریكا في مطلع الخمسینات من القرن
. (١١) العشرین
.٢ الاتجاھات: قصدنا بالاتجاھات أن نتاجات رواد علم الاجتماع في العراق قد توزعت على عدة
اتجاھات مع التباین في التركیز بین اتجاه وآخر، وتلك الاتجاھات وما عنینا بھا في ھذا البحث
: (١٢) ھي
-١ الاتجاه التراثي: أي نتاج (كتاب، بحث) لأي متخصص حاول من خلالھ أن یكتب عن التراث العربي
والإسلامي، سواء كانت تلك الكتابة عن علماء عرب ومسلمین أم عالجت موضوع ما في ضوء
معطیات التراث العربي والإسلامي.
-٢ الاتجاه التولیفي: محاولة المتخصص الرجوع لعدد كبیر نسبیاً من المصادر العربیة أو الأجنبیة أو
كلیھما والتولیف بینھا بھدف التعریف بعلم الاجتماع أو أحد فروعھ أو التعریف بظاھرة أو موضوع
ما... ویتضمن ھذا الاتجاه كذلك النتاجات القلیلة التي كتبھا بعض المتخصصین للتعریف بعالم ما أو
شرح مضمون كتاب ما.
-٣ الاتجاه المیداني: أي نتاج حاول من خلالھ المتخصص أن یستعین باستمارة البحث المیداني والمقابلة
لدراسة ظاھرة ما.
-٤ الاتجاه البنائي الوظیفي : أي نتاج حاول من خلالھ المتخصص أن یستعین بالملاحظة بالمعایشة أو
بالمشاركة عند دراستھ لظاھرة ما في مجتمع تقلیدي أو بسیط، فضلاً عن استفادتھ من الفكر البنائي
الوظیفي في تلك الدراسة.
-٥ الاتجاه الصراعي: أي نتاج حاول المتخصص من خلالھ أن یجعل من الفكر الصراعي موجھاً لھ عند
دراستھ أو تحلیلھ لظاھرة ما.
-٦ الاتجاه التطوري: أي نتاج حاول من خلالھ المتخصص أن یجعل من الفكر التطوري موجھ اً لھ عند
دراستھ أو تحلیلھ لظاھرة ما.
-٧ الاتجاه التفاعلي الرمزي: أي نتاج حاول المتخصص من خلالھ أن یجعل من الفكر التفاعلي الرمزي
موجھاً لھ عند دراستھ أو تحلیلھ لظاھرة ما.
-٨ الاتجاه النقدي: أي نتاج حاول المتخصص من خلالھ أن یسجل فیھ جملة من الانتقادات لموضوع أو
ظاھرة ما نقداً یعبر عن وجھة نظره، ولیس نقداً منقولاً من ھذا العالم أو ذاك.
-٩ الاتجاه الانطباعي: أي نتاج حاول من خلالھ المتخصص أن یعتمد على عدد قلیل من المصادر أو
بدون الاعتماد على المصادر، في شرح موضوع أو ظاھرة ما عاكساً -لدرجة كبیرة- في ذلك الشرح
وجھة نظره أو انطباعاتھ التي تعبر عن ذلك الموضوع أو تلك الظاھرة.
-١٠ الاتجاه التنظیري : أي نتاج حاول من خلالھ المتخصص أن یطرح مجموعة من التفسیرات أو
المقترحات عن موضوع ما، على أن تقترب (أي التفسیرات أو المقترحات) من صورة ھیكل أو بناء
النظریة الاجتماعیة وتجدر الإشارة أننا ا عتمدنا في تصنیف نتاجات المتخصصین –على تلك
الاتجاھات- تبعاً للاتجاه الغالب علیھا، أي أننا قد نجد في النتاج الواحد أكثر من اتجاه كأن یكون مثلاً
اتجاه تولیفي إلا أنھ لم یخل من انطباعات المتخصص، ففي مثل ھذه الحالة نصنف النتاج تبعاً للاتجاه
الغالب، ونذكر أحیاناً أن ذلك النتاج لم یخل من اتجاه آخر ونحدده.

اتجاھات علم الاجتماع عند جیل الرواد
-١ الاتجاه التراثي:
ویتركز معظم ما كتب ضمن ھذا الاتجاه من قبل الدكتور علي الوردي دون غیره من الرواد، حیث
یقع ھنا بحثھ الموسوم (ابن خلدون والمجتمع العربي) الذي أكد من خلالھ أسبقیة ابن خلدون بتأسیس علم
مجلة كلیة التربیة للبنات المجلد ٢١ (٣) ٢٠١٠
الاجتماع من غیره من العلماء لما اعتمده من منھجیة علمیة قائمة على الملاحظة بالمعایشة والمقارنة والتحقق
. أما عن مجال استخدام نظریة ابن خلدون في الصراع بین البداوة والحضارة في دراسة (١٣) من الأخبار المنقولة
المجتمع العربي، فقد قال (إني أعتقد أن مجتمعنا العربي الحاضر من أكثر المجتمعات تأثراً بالقیم البدویة، ولا
تزال ھذه القیم متغلغلة في أعماق نفوسنا من حیث نشعر أو لا نشعر ولعل الكثیر من مشاكلنا الاجتماعیة ناشئة
من التصادم بین القیم البدویة القدیمة والقیم الجدیدة التي جاءت بھا الحضارة الجدیدة... لاحظنا ذلك بوضوح في
المجتمع العراقي، وھو المجتمع الذي شغلت بدراستھ زمناً طویلاً فقد وجدت أن القیم البدویة متغلغلة في تكوین
ھذا المجتمع تغلغلاً غیر قلیل، لاسیما في الریف، فحین نذھب في الریف العراقي نجد العصبیة القبلیة والفخار
والكرم والدخالة والقبلیة والحرص على أخذ الثأر سائدة بین السكان، وحتى في المدن العراقیة نرى ھذه القیم
وتجدر الإشارة الى أن نظریة الصراع بین البداوة (١٤) موجودة، إلا أنھا ھناك أخف مما ھي في الریف )
والحضارة عند ابن خلدون كانت مدخلاً لأغلب مؤلفات د.الوردي التي اعتمد علیھا في صی اغة فرضیاتھ عن
الشخصیة العراقیة.
وضمن الاتجاه التراثي كذلك یقع كتابھ الموسوم (منطق ابن خلدون في ضوء حضارتھ وشخصیتھ )
وھو من الكتب المھمة القیمة التي عرفت بـ ابن خلدون والفلاسفة والفقھاء الذین تأثر بھم وأسباب عبقریتھ
، مع توسیع لبحثھ السابق عن ابن (١٥) ومنھجھ العلمي الذي جسده بنظریة الصراع ما بین البداوة والحضارة
خلدون بفصل أسماه (في سبیل علم اجتماع عربي).

-٢ الاتجاه التولیفي:
ویقع ھنا كتاب الدكتور علي الوردي الموسوم (الأحلام بین العلم والعقیدة) وھو كتاب عرف فیھ
بالأحلام وآراء الفقھاء والنظریات المفسرة لھا، ومتناولاً فیھ كذلك موضوع الباراسیكولوجي أو علم خوارق
اللاشعور والفقرة الأخیرة استفاد في عرضھا من كتابھ (خوارق اللاشعور أو أسرار الشخصیة الناجحة )، غیر
أن ھذا الكتاب لم یخل من انطباعات وانتقادات د.الوردي للتفسیرات غیر العلمیة للأحلام.
والكتاب بعد ذلك یحوي جملة من الأحلام جمعھا د .الوردي من بعض الأشخاص أو نقلاً عن بعض
، متوصلاً من كل ذلك الى انَّ بعض الأحلام قد تصدق وتتحقق، ولكن یجب عدم تصدیق كل ما یقال (١٦) العلماء
. (١٧) عنھا، فھي لیست إلا موضوعات یراھا النائم في منامھ بعد أن عاشھا في یقظتھ
ویقع ضمن ھذا الاتجاه بعض ما كتبھ الدكتور عبد الجلیل الطاھر ومنھا كتابھ الموسوم (المشكلات
الاجتماعیة في حضارة متبدلة) وعن المشكلات الاجتماعیة قال عنھا، إنھا تعني انحراف عن القواعد التي یعتز
بھا عدد كبیر من الناس. وحول ما تضمنھ عنوان الكتاب لمصطلح حضارة متبدلة، فإنھ في الأغلب استخدم بدلاً
عنھ مصطلح التبدل الاجتماعي أو التغیر الاجتماعي متفقاً مع "أوكبرن" على ظھور الھوة الحضاریة في حالة
، غیر أن ھذا (١٨) عدم اتساق حركة الجوانب المعنویة والمادیة للحضارة أثناء عملیة التبدل أو التغیر الاجتماعي
الكتاب رغم اتسامھ بالطابع التولیفي لآراء علماء الاجتماع بتلك الموضوعات، إلا أن ذلك العرض لم یخل من
ملاحظات نقدیة منھا ما قالھ (ما دمنا نعیش في وسط وضعیة تتمیز بالطفرات فعلینا أن نتدبر طبیعتھا وعواملھا
واتجاھاتھا لنكون على استعداد تام للتنظیم الجدید. إن طرقنا التقلیدیة في دراسة المجتمع لم تكن موفقة في معرفة
طبیعتھا وفي تشخیص أعراضھا، ولم نستطع أن نقدم حلولاً عملیة لعلاجھا وإصلاحھا، لأنھا اھتمت بالنواحي
الفلسفیة، وأھملت البحث والاستقصاء العلمي المبني على الملاحظة والاستقراء ولأنھا أغفلت الاعتراف بوجود
. (١٩) تصادم وتنازع بین القیم الحضریة)
وضمن الاتجاه التولیفي كذلك یقع بحثھ الموجز (التربیة الخلقیة والروحیة كوسیلة لتحقیق التكافل
الاجتماعي) الذي دارت فكرتھ الأساسیة على وجود أزمة حضاریة نتیجة استفحال عدوى القلق الاجتماعي،
وعدم التوازن بین أداء المؤسسات الاجتماعیة وحاجات الأفراد مما أضعف سیطرة وسائل السیطرة الا جتماعیة
من آداب عامة وأعراف على سلوك الأفراد، ومفسراً ذلك بالرجوع إلى "سوروكن " الذي أرجعھ إلى تغلب
الجوانب المادیة من الحضارة على جوانبھا المثالیة، بینما أرجعھ أوكبرن إلى الھوة الحضاریة التاریخیة من
. وضمن ھذا الاتجاه یقع كتابھ (التفسیر (٢٠) سرعة تغیر الجوانب المادیة للحضارة مقارنة بجوانبھا المعنوی ة
الاجتماعي للجریمة) الذي تناول فیھ دور العوامل الاجتماعیة والنفسیة والبایولوجیة في تفسیر السلوك الإجرامي
ومتناولاً المجرم المنحرف الذي یتخذ من الجریمة حرفة، ومحللاً أیضاً جرائم الیاقة البیضاء Collar White
Crime، حیث ناقش جرائم الرشوة والاختلاس عند بعض الموظفین أبان فترة الخمسینات من القرن العشرین
فضلاً عن الجرائم التي یرتكبھا بعض الأطباء والصیادلة، وتبقى بعیدة عن طائلة القانون بسبب الوساطة
، في حین ضمّن انطباعاتھ مقدمة الكتاب للحدیث عن التغیر الاجتماعي ا لسریع وما رافقھ من (٢١) والمحسوبیة
. (٢٢) مشكلات نفسیة واجتماعیة، حیث زادت العلاقات الثانویة على حساب العلاقات الأولیة
ویقع ھنا كتابھ (البدو والعشائر في البلاد العربیة ) وھو من الكتب المھمة لما تضمنھ من مفردات
وعمق تحلیل للأسس الاجتماعیة والنفسیة التي یقوم علیھا المجتمع البدوي والعشائري مركزاً ھنا على آراء ابن
خلدون في العصبیة القبلیة والحقوق والواجبات في كلا المجتمعین، وأثر البدو والعشائر في السیاسة، والصراع