====القهوه====

كلمة (قهوة) مشتقة من الجذر اللغوي (قهى) أو (قهو) ويدل على العيش الهانئ الرغيد، أو على الشبع والامتلاء. وقد أطلقت في العصر الجاهلي والعصور الإسلامية على الخمر. أما بداية شرب قهوة البن فتروى حوله قصص كثيرة، بعضها أقرب للأساطير، وأقرب الأقوال أنها اكتشفت وشربت في اليمن أو في الحبشة (إثيوبيا) بين القرنين السابع والعاشر الهجريين، ثم انتقلت قهوة البن إلى الحجاز في رحلات الحج والتجارة، ومن خلال تلك الرحلات نفسها انتشرت من الحجاز إلى مصر والشام، وبعد قرن كامل انتشرت في وسط الجزيرة العربية وشمالها وشرقها، واستقرت على هذا الاسم الذي انتقل إلى اللغات الأخرى، فكلمة (كوفي) يعود أصلها إلى كلمة (قهوة)، وقد أثارت قهوة البن اهتمام المستشرقين، فكتبوا عنها ووثقوها في رحلاتهم لجزيرة العرب، وأبدوا إعجابهم بها وبتقاليدها.

سرعان ما انضمت القهوة إلى تقاليد الكرم والجود العربي، وهذا ما أشرع الأبواب لها في كل المجالس والبيوت السعودية، في المناسبات الكبيرة والصغيرة، وعلى أعلى المستويات الرسمية والسياسية. كما تغلغلت القهوة في المنازل، فاحتلت مجلسًا أو غرفةً خاصة بها أو ركنًا من غرفة، فيه كل معدات إعدادها وتقديمها، مع ما يتميز به المكان من طابع بصري جمالي لا تخطئه العين. واستهلاك المجتمع السعودي للقهوة كبير، وزراعة البن في السعودية تلقى ازدهارًا في الوقت الحاضر.

وثقافة القهوة مليئة بالتفاصيل، من شرائها إلى طرق حفظها وإعدادها وتقديمها، وما يصحبها من التقاليد في التقديم، والدلالات المحيطة بشربها أو الامتناع عنها أو منعها. ولها حضور واضح في الشعر الشعبي، واحترام تقاليدها سمة عامة في المجتمع كله، ولها ارتباط كبير ببعض المناسبات الخاصة، كالزواج والحرب وغيرها. ولكل منطقة من المملكة طريقة مميزة في إعداد القهوة وتقديمها. وعادات مجالس القهوة محترمة ويتربى عليها الشباب وينشأ عليها الصغار.

وما زال للقهوة مركزيتها في الضيافة السعودية في مختلف مناطق المملكة، وما زالت الأجيال المتعاقبة تحافظ على تقاليدها والاهتمام بمعرفة أنواعها وطرق إعدادها، وإن أصبح هذا الاهتمام يتناقص قليلًا بسبب التغيرات الاجتماعية والثقافية، والتحول إلى نمط الحياة السريع، وحضور المنافسة الشديدة من مشروبات أخرى محلية وأجنبية.