بحـث
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت | الأحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | ||||
4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 |
11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 |
18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 |
25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
حول
مرحبا بكم فى منتدى الموقع العام لقبيلة البدير في العراق للشيخ شوقي جبار البديري
قبيلة البدير من القبائل الزبيديه
تاريخ الطبري ج1ص5
صفحة 1 من اصل 1
تاريخ الطبري ج1ص5
________________________________________
أعطاها هذا الملك ليبلونا أنشكر فيزيدنا أم نكفر فيعاقبنا ونحن أهل بيت عز ومعدن الملك لله فإذا كان غدا فاحضروا قالوا نعم واعتذروا فقال انصرفوا فلما كان من الغد أرسل إلى أهل المملكة وأشراف الأساورة فدعاهم وأدخل الرؤساء من الناس ودعا موبذ موبذان فأقعد على كرسي مقابل سريره ثم قام على سريره وقام أشراف أهل بيت المملكة وأشراف الأساورة على أرجلهم فقال اجلسوا فإني إنما قمت لأسمعكم كلامي فجلسوا فقال أيها الناس إنما الخلق للخالق والشكر للمنعم والتسليم للقادر ولا بد مما هو كائن وإنه لا أضعف من مخلوق طالبا كان أو مطلوبا ولا أقوى من خالق ولا أقدر ممن طلبته في يده ولا أعجز ممن هو في يد طالبه وأن التفكر نور والغفلة ظلمة والجهالة ضلالة وقد ورد الأول ولا بد للآخر من اللحاق بالأول وقد مضت قبلنا أصول نحن فروعها فما بقاء فرع بعد ذهاب أصله وإن الله عز و جل أعطانا هذا الملك فله الحمد ونسأله إلهام ا لرشد والصدق واليقين وإن للملك على أهل مملكته حقا ولأهل مملكته عليه حقا فحق الملك على أهل المملكة أن يطيعوه ويناصحوه ويقاتلوا عدوه وحقهم على الملك أن يعطيهم أرزاقهم في أوقاتها إذ لا معتمد لهم على غيرها وإنها تجارتهم وحق الرعية على الملك أن ينظر لهم ويرفق بهم ولا يحملهم على ما لا يطيقون وإن أصابتهم مصيبة تنقص من مثارهم من آفة من السماء أو الأرض أن يسقط عنهم خراج ما نقص وإن اجتاحتهم مصيبة أن يعوضهم ما يقويهم على عماراتهم ثم يأخذ منهم بعد ذلك على قدر مالا يجحف بهم في سنة أو سنتين وأمر الجند للملك بمنزلة جناحي الطائر فهم أجنحة الملك متى قص من الجناح ريشة كان ذلك نقصانا منه فكذلك الملك إنما هو بجناحه وريشه ألا وإن الملك ينبغي أن يكون فيه ثلاث خصال أولها أن يكون صدوقا لا يكذب وأن يكون سخيا لا يبخل وأن يملك نفسه عند الغضب فإنه مسلط ويده مبسوطة والخراج يأتيه فينبغي ألا يستأثر عن جنده ورعيته بما هم أهل له وأن يكثر العفو فإنه لا ملك أبقى من ملك فيه العفو ولا أهلك من ملك فيه العقوبة ألا وإن المرء إن يخطئ في العفو فيعفو خير من أن يخطئ في العقوبة فينبغي للملك أن يتثبت في الأمر الذي فيه قتل النفس وبوارها وإذا رفع إليه من عامل من عماله ما يستوجب به العقوبة فلا ينبغي له أن يحابيه وليجمع بينه وبين المتظلم فإن صح عليه للمظلوم حق خرج إليه منه وإن عجز عنه أدى عنه الملك ورده إلى موضعه وأخذه بإصلاح ما أفسد فهذا لكم علينا ألا ومن سفك دما بغير حق أو قطع يدا بغير حق فإني لا أعفو عن ذلك إلا أن يعفو عنه صاحبه فخذوا هذا عني وإن الترك قد طمعت فيكم فاكفونا فإنما تكفون أنفسكم وقد أمرت لكم بالسلاح والعدة وأنا شريككم في الرأي وإنما لي من هذا الملك اسمه مع الطاعة منكم ألا وإن الملك ملك إذا أطيع فإذا خولف فذلك مملوك ليس بملك ومهما بلغنا من الخلاف فإنا لا نقبله من المبلغ له حتى نتيقنه فإذا صحت معرفة ذلك وإلا أنزلناه منزلة المخالف ألا وإن أكمل الأداة عند المصيبات الأخذ بالصبر والراحة إلى اليقين فمن قتل في مجاهدة العدو رجوت له الفوز برضوان الله وأفضل الأمور التسليم لأمر الله والراحة إلى اليقين والرضا بقضائه وأين المهرب مما هو كائن وإنما يتقلب في كف الطالب وإنما هذه الدنيا سفر لأهلها لا يحلون عقد الرحال إلا في غيرها وإنما بلغتهم فيها بالعواري فما أحسن الشكر للمنعم والتسليم لمن القضاء له ومن أحق بالتسليم لمن فوقه ممن لا يجد مهربا إلا إليه ولا معولا إلا عليه فثقوا بالغلبة إذا كانت نياتكم أن النصر من الله وكونوا على ثقة من درك الطلبة إذا صحت نياتكم واعلموا أن هذا الملك لا يقوم إلا بالاستقامة وحسن الطاعة وقمع العدو وسد الثغور والعدل للرعية وإنصاف المظلوم فشفاؤكم عندكم
(1/229)
________________________________________
والدواء الذي لا داء فيه الاستقامة والأمر بالخير والنهي عن الشر ولا قوة غلا بالله انظروا للرعية فإنها مطعمكم ومشربكم ومتى عدلتم فيها رغبوا في العمارة فزاد ذلك في خراجكم وتبين في زيادة أرزاقكم وإذا حفتم على الرعية زهدوا في العمارة وعطلوا أكثر الأرض فنقص ذلك من خراجكم وتبين في نقص أرزاقكم فتعاهدوا الرعية بالإنصاف وما كان من الأنهار والبثوق مما نفقة ذلك من السلطان فأسرعوا فيه قبل أن يكثر وما كان من ذلك على الرعية فعجزوا عنه فأقرضوهم من بيت مال الخراج فإذا حان أوقات خراجهم فخذوا من خراج غلاتهم على قدر ما لا يجحف ذلك بهم ربع في كل سنة أو ثلث أو نصف لكيلا يشق ذلك عليهم هذا قولي وأمري يا موبذ موبذان الزم هذا القول وخذ في هذا الذي سمعت في يومك أسمعتم أيها الناس فقالوا نعم قد قلت فأحسنت ونحن فاعلون إن شاء الله ثم أمر بالطعام فوضع فأكلوا وشربوا ثم خرجوا وهم له شاكرون وكان ملكه مائة وعشرين سنة
وقد زعم هشام بن الكلبي فما حدثت عنه أن الرائش بن قيس ين صيفي بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان كان من ملوك اليمن بعد يعرب بن قحطان بن عابر بن شالخ وإخوته وأن الرائش كان ملكه باليمن أيام ملك منوشهر وأنه إنما سمي الرائش واسمه الحارث بن أبي شدد لغنيمة غنمها من قوم غزاهم فادخلها اليمن فسمي لذلك الرائش وأنه غزا الهند فقتل بها وسبى وغنم الأموال ورجع إلى اليمن ثم سار منها فخرج على جبل طيء ثم على الأنبار ثم على الموصل وأنه وجه منها خيله وعليها رجل من أصحابه يقال له شمر بن العطاف فدخل على الترك أرض أذربيجان وهي في أيديهم يومئذ فقتل المقاتلة وسبى الذرية وزبر ما كان من مسيره في حجرين فهما معروفان ببلاد أذربيجان قال وفي ذلك يقول امرؤ القيس ... ألم يخبرك أن الدهر غول ... ختور العهد يلتقم الرجالا ... أزال عن المصانع ذا رياش ... وقد ملك السهولة والجبالا ... وأنشب في المخالب ذا منار ... وللزراد قد نصب الحبالا ...
قال وذو منار الذي ذكره الشاعر هو ذو منار بن رائش الملك بعد أبيه واسمه أبرهة بن الرائش قال وإنما سمي ذا منار لأنه غزا بلاد المغرب فوغل فيها بر وبحرا وخاف على جيشه الضلال عند قفوله فبنىالمنار ليهتدوا بها قال ويزعم أهل اليمن أنه كان وجه ابنه العبد بن أبرهة في غزوته هذه إلى ناحية من أقاصي بلاد المغرب فغنم وأصباب مالا وقدم عليه بنسناس لهم خلق وحشية منكرة فذعر الناس منهم فسموه ذا الأذعار
قال فأبرهة أحد ملوكهم الذين توغلوا في الأرض
وإنما ذكرت من ذكرت من ملوك اليمن في هذا الموضع لما ذكرت من قول من زعم أ ن الرائش كان ملكا باليمن أيام منوشهر وأن ملوك اليمن كانوا عمالا لملوك فارس بها ومن قبلهم كانت ولايتهم بها
(1/230)
________________________________________
ذكر نسب موسى بن عمران وأخباره وما كان في عهده وعهد منوشهر بن منشخورنر الملك من الأحداث
قد ذكرنا أولاد يعقوب إسرائيل الله وعددهم وموالدهم فحدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق قال ثم إن لاوى بن يعقوب نكح نابتة ابنة ماري بن يشخر فولدت له عرشون بن لاوى ومرزى بن لاوى ومردى بن لاوى وقاهث بن لاوى فنكح قاهث بن لاوى فاهى ابنة مسين بن بتويل بن إلياس فولدت له يصهر بن قاهث فتزوج يصهر شميث ابنة بتاديت بن بركيا بن يقسان بن إبراهيم فولدت له عمران بن يصهر وقارون بن يصهر فنكح عمران يحيب ابنة شمويل بن بركيا بن يقسان بن إبراهيم فولدت له هارون بن عمران وموسى بن عمران
وقال غير ابن إسحاق كان عمر يعقوب بن إسحاق مائة وسبعا وأربعين سنة وولد لاوى له وقد مضى من عمره تسع وثمانون سنة وولد للاوى قاهث بعد أن مضى من عمر لاوى ست وأربعون سنة ثم ولد لقاهث يصهر ثم ولد ليصهر عمرم وهو عمران وكان عمر يصهر مائة وسبعا وأربعين سنة وولد له عمران بعد أن مضى من عمره ستون سنة ثم ولد لعمران موسى وكانت أمه يوخابد وقيل كان اسمها باختة وامرأته صفورا ابنة يترون وهو شعيب النبي صلى الله عليه و سلم وولد موسى جرشون وإيليعازر وخرج إلى مدين خائفا وله إحدى وإربعون سنة
وكان يدعو إلى دين إبراهيم وتراءى الله بطور سيناء وله ثمانون سنة وكان فرعون مصر في ايامه قابوس بن مصعب بن معاوية صاحب يوسف الثاني وكانت امرأته آسية ابنة مزاحم بن عبيد بن الريان بن الوليد فرعون يوسف الأول فلما نودي موسى أعل أن قابوس بن مصعب قد مات وقام أخوه الوليد بن مصعب مكانه وكان أعتى من قابوس وأكفر وأفجر وأمر بأن يأتيه هو وأخوه هارون بالرسالة
قال ويقال إن الوليد تزوج آسية ابنة مزاحم بعد أخيه وكان عمر عمران مائة سنة وسبعا وثلاثين سنة وولد موسى وقد مضى من عمر عمران سبعون سنة ثم صار موسى إلى فرعون رسولا مع هارون وكان من مولد موسى إلى أن خرج ببني إسرائيل عن مصر ثمانون سنة ثم صار إلى التيه بعد أن عبر البحر فكان مقامهم هنالك إلى أن خرجوا مع يوشع بن نون أربعين سنة فكان ما بين مولد موسى إلى وفاته في التيه مائة وعشرين سنة
وأما ابن إسحاق فإنه قال فيما حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق قال قبض الله يوسف وهلك الملك الذي كان معه الريان بن الوليد وتوارثت الفراعنة من العماليق ملك مصر فنشر الله
(1/231)
________________________________________
بها بني إسرائيل وقبر يوسف حين قبض كما ذكر لي في صندوق من مرمر في ناحية من النيل في جوف الماء فلم يزل بنو إسرائيل تحت أيدي الفراعنة وهم على بقايا من دينهم مما كان يوسف ويعقوب وإسحاق وإبراهيم شرعوا فيهم من الإسلام متمسكين به حتى كان فرعون موسى الذي بعثه الله إليه ولم يكن منهم فرعون أعتى منه على الله ولا أعظم قولا ولا أطول عمرا في ملكه منه وكان اسمه فيما ذكروا لي الوليد بن مصعب ولم يكن من الفراعنة فرعون أشد غلظة ولا أقسى قلبا ولا أسوأ ملكة لبني إسرائيل منه يعذبهم فيجعلهم خدما وخولا وصنفهم في أعماله فصنف يبنون وصنف يحرثون وصنف يزرعون له فهم في اعماله ومن لم يكن منهم في صنعة له من عمله فعليه الجزية فسامهم كما قال الله سوء العذاب وفيهم مع ذلك بقايا من أمر دينهم لا يريدون فراقه وقد استنكح منهم امرأة يقال لها آسية بنت مزاحم من خيار النساء المعدودات فعمر فيهم وهم تحت يديه عمرا طويلا يسومهم سوء العذاب فلما أراد الله أن يفرج عنهم وبلغ موسى الأشد أعطي الرسالة
قال وذكر لي أنه لما تقارب زمان موسى أتى منجمو فرعون وحزاته إليه فقالوا تعلم أنا نجد في علمنا أن مولودا من بني إسرائيل قد أظلك زمانه الذي يولد فيه يسلبك ملكك ويغلبك على سلطانك ويخرجك من أرضك ويبدل دينك فلما قالوا له ذلك أمر بقتل كل مولود يولد من بني إسرائيل من الغلمان وأمر بالنساء يستحيين فجمع القوابل من نساء أهل مملكته فقال لهن لا يسقطن على أيديكن غلام من بني إسرائيل إلا قتلتموه فكن يفعلن ذلك وكان يذبح من فوق ذلك من الغلمان ويأمر بالحبالى فيعذبن حتى يطرحن ما في بطونهن
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق عن عبدالله بن أبي نجيح عن مجاهد قال لقد ذكر لي أنه كان يأمر بالقصب فيشق حتى يجعل أمثال الشفار ثم يصف بعضه إلى بعض ثم يأتي بالحبالى من بني إسرائيل فيوقفهن عليه فيحز أقدامهن حتى إن المرأة منهن لتمصع بولدها فيقع بين رجليها فتظل تطؤه تتقي به حز القصب عن رجليها لما بلغ من جهدها حتى أسرف في ذلك وكاد يفنيهم فقيل له أفنيت الناس وقطعت النسل وإنهم خولك وعمالك فأمر أن يقتل الغلمان عاما ويستحيوا عاما فولد هارون في السنة التي يستحيا فيها الغلمان وولد موسى في السنة التي فيها يقتلون فكان هارون أكبر منه بسنة
وأما السدي فإنه قال ما حدثنا موسى بن هارون قال حدثنا أسباط عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه كان من شأن فرعون أنه رأى رؤيا في منامه أن نارا أقبلت من بيت المقدس حتى اشتملت على بيوت مصر فأحرقت القبط وتركت بني إسرائيل وأخربت بيوت مصر فدعا السحرة والكهنة والقافة والحازة فسألهم عن رؤياه فقالوا له يخرج من هذا البلد الذي جاء بنو إسرائيل منه يعنون بيت المقدس رجل يكون على وجهه هلاك مصر فأمر ببني إسرائيل ألا يولد لهم غلام إلا ذبحوه ولا يولد لهم جارية إلا تركت وقال للقبط انظروا مملوكيكم الذين يعملون خارجا فأدخلوهم واجعلوا بني إسرائيل يلون تلك الأعمال القذرة فجعل بني إسرائيل في أعمال غلمانهم وأدخلوا غلمانهم فذلك حين يقول الله إن
(1/232)
________________________________________
فرعون علا في الأرض يقول تجبر في الأرض وجعل أهلا شيعا يعني بني إسرائيل حين جعلهم في الأعمال القذرة يستضيف طائفة منهم يذبح أبناءهم ( 1 ) فجعل لا يولد لبني إسرائيل مولود إلا ذبح فلا يكبر الصغير وقذف الله في مشيخة بني إسرائيل الموت فأسرع فيهم فدخل رؤوس القبط على فرعون فكلموه فقالوا إن هؤلاء القوم قد وقع فيهم الموت فيوشك أن يقع العمل على غلماننا نذبح أبناءهم فلا يبلغ الصغار ويفنى الكبار فلو أنك تبقي من أولادهم فأمر أن يذبحوا سنة ويتركوا سنة فلما كان في السنة التي لا يذبحون فيها ولد هارون فترك فلما كان في السنة التي يذبحون فيها حملت أم موسى بموسى فلما أرادت وضعه حزنت من شأنه فأوحى الله إليها أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم وهو النيل ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين ( 2 ) فلما وضعته أرضعته ثم دعت له نجارا فجعل له تابوتا وجعل مفتاح التابوت من داخل وجعلته فيه وألقته في اليم وقالت لإخته قصيه تعني قصي أثره فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون ( 3 ) أنها أخته فأقبل الموج بالتابوت يرفعه مرة ويخفضه أخرى حتى أدخله بين أشجار عند بيت فرعون فخرج جواري آسية امرأة فرعون يغتسلن فوجدن التابوت فأدخلنه إلى آسية وظنن أن فيه مالا فلما نظرت إليه آسية وقعت عليه رحمتها وأحبته فلما أخبرت به فرعون أراد أ ن يذبحه فلم تزل آسية تكلمه حتى تركه لها قال إني أخاف أن يكون هذا من بني إسرائيل وأن يكون هذا الذي على يديه هلاكنا فذلك قول الله تعالى فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا ( 4 ) فأرادوا له المرضعات فلم يأخذ من أحد من النساء وجعل النساء يطلبن ذلك لينزلن عند فرعون في الرضاع فأبى أن يأخذ فذلك قول الله وحرمنا عليه المراضع من قبل فقالت أخته هل أدلكم على بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون ( 5 ) فأخذوها وقالوا إنك قد عرفت هذا الغلام فدلينا على أهله فقالت ما أعرفه ولكني إنما قلت هم للملك ناصحون
ولما جاءت أمه أخذ منها ثديها فكادت أن تقول هو ابني فعصمها الله فذلك قول الله إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين ( 6 ) وإنما سمي موسى لأنهم وجدوه في ماء وشجر والماء بالقبطية مو والشجر شا فذلك قول الله عز و جل فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ( 7 ) فاتخذه فرعون ولدا فدعي ابن فرعون فلما تحرك الغلام أرته أمه آسية صبيا فبينما هي ترقصه وتلعب به إذ ناولته فرعون وقالت خذه قرة عين لي ولك قال فرعون هو قرة عين لك ولا لي قال عبدالله بن عباس لو أنه قال وهو لي قرة عين إذا لآمن به ولكنه أبى فلما أخذه إليه أخذ موسى بلحيته فنتفها فقال فرعون علي بالذباحين هذا هو قالت آسية لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا ( 8 ) إنما هو صبي لا يعقل وإنما صنع هذا من صباه وقد علمت أنه ليس في أهل مصر امرأة أحلى مني أنا أضع له حليا من الياقوت وأضع له جمرا فإن أخذ الياقوت فهو يعقل فاذبحه وإن أخذ الجمر فإنما هو صبي فأخرجت له ياقوتها فوضعت له طستا من جمر فجاء جبرئيل فطرح في يده جمرة فطرحها موسى في
(1/233)
________________________________________
فيه فأحرق لسانه فهو الذي يقول الله عز و جل واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي ( 4 ) فزالت عن موسى من أجل ذلك وكبر موسى فكان يركب مراكب فرعون ويلبس مثل ما يلبس
أعطاها هذا الملك ليبلونا أنشكر فيزيدنا أم نكفر فيعاقبنا ونحن أهل بيت عز ومعدن الملك لله فإذا كان غدا فاحضروا قالوا نعم واعتذروا فقال انصرفوا فلما كان من الغد أرسل إلى أهل المملكة وأشراف الأساورة فدعاهم وأدخل الرؤساء من الناس ودعا موبذ موبذان فأقعد على كرسي مقابل سريره ثم قام على سريره وقام أشراف أهل بيت المملكة وأشراف الأساورة على أرجلهم فقال اجلسوا فإني إنما قمت لأسمعكم كلامي فجلسوا فقال أيها الناس إنما الخلق للخالق والشكر للمنعم والتسليم للقادر ولا بد مما هو كائن وإنه لا أضعف من مخلوق طالبا كان أو مطلوبا ولا أقوى من خالق ولا أقدر ممن طلبته في يده ولا أعجز ممن هو في يد طالبه وأن التفكر نور والغفلة ظلمة والجهالة ضلالة وقد ورد الأول ولا بد للآخر من اللحاق بالأول وقد مضت قبلنا أصول نحن فروعها فما بقاء فرع بعد ذهاب أصله وإن الله عز و جل أعطانا هذا الملك فله الحمد ونسأله إلهام ا لرشد والصدق واليقين وإن للملك على أهل مملكته حقا ولأهل مملكته عليه حقا فحق الملك على أهل المملكة أن يطيعوه ويناصحوه ويقاتلوا عدوه وحقهم على الملك أن يعطيهم أرزاقهم في أوقاتها إذ لا معتمد لهم على غيرها وإنها تجارتهم وحق الرعية على الملك أن ينظر لهم ويرفق بهم ولا يحملهم على ما لا يطيقون وإن أصابتهم مصيبة تنقص من مثارهم من آفة من السماء أو الأرض أن يسقط عنهم خراج ما نقص وإن اجتاحتهم مصيبة أن يعوضهم ما يقويهم على عماراتهم ثم يأخذ منهم بعد ذلك على قدر مالا يجحف بهم في سنة أو سنتين وأمر الجند للملك بمنزلة جناحي الطائر فهم أجنحة الملك متى قص من الجناح ريشة كان ذلك نقصانا منه فكذلك الملك إنما هو بجناحه وريشه ألا وإن الملك ينبغي أن يكون فيه ثلاث خصال أولها أن يكون صدوقا لا يكذب وأن يكون سخيا لا يبخل وأن يملك نفسه عند الغضب فإنه مسلط ويده مبسوطة والخراج يأتيه فينبغي ألا يستأثر عن جنده ورعيته بما هم أهل له وأن يكثر العفو فإنه لا ملك أبقى من ملك فيه العفو ولا أهلك من ملك فيه العقوبة ألا وإن المرء إن يخطئ في العفو فيعفو خير من أن يخطئ في العقوبة فينبغي للملك أن يتثبت في الأمر الذي فيه قتل النفس وبوارها وإذا رفع إليه من عامل من عماله ما يستوجب به العقوبة فلا ينبغي له أن يحابيه وليجمع بينه وبين المتظلم فإن صح عليه للمظلوم حق خرج إليه منه وإن عجز عنه أدى عنه الملك ورده إلى موضعه وأخذه بإصلاح ما أفسد فهذا لكم علينا ألا ومن سفك دما بغير حق أو قطع يدا بغير حق فإني لا أعفو عن ذلك إلا أن يعفو عنه صاحبه فخذوا هذا عني وإن الترك قد طمعت فيكم فاكفونا فإنما تكفون أنفسكم وقد أمرت لكم بالسلاح والعدة وأنا شريككم في الرأي وإنما لي من هذا الملك اسمه مع الطاعة منكم ألا وإن الملك ملك إذا أطيع فإذا خولف فذلك مملوك ليس بملك ومهما بلغنا من الخلاف فإنا لا نقبله من المبلغ له حتى نتيقنه فإذا صحت معرفة ذلك وإلا أنزلناه منزلة المخالف ألا وإن أكمل الأداة عند المصيبات الأخذ بالصبر والراحة إلى اليقين فمن قتل في مجاهدة العدو رجوت له الفوز برضوان الله وأفضل الأمور التسليم لأمر الله والراحة إلى اليقين والرضا بقضائه وأين المهرب مما هو كائن وإنما يتقلب في كف الطالب وإنما هذه الدنيا سفر لأهلها لا يحلون عقد الرحال إلا في غيرها وإنما بلغتهم فيها بالعواري فما أحسن الشكر للمنعم والتسليم لمن القضاء له ومن أحق بالتسليم لمن فوقه ممن لا يجد مهربا إلا إليه ولا معولا إلا عليه فثقوا بالغلبة إذا كانت نياتكم أن النصر من الله وكونوا على ثقة من درك الطلبة إذا صحت نياتكم واعلموا أن هذا الملك لا يقوم إلا بالاستقامة وحسن الطاعة وقمع العدو وسد الثغور والعدل للرعية وإنصاف المظلوم فشفاؤكم عندكم
(1/229)
________________________________________
والدواء الذي لا داء فيه الاستقامة والأمر بالخير والنهي عن الشر ولا قوة غلا بالله انظروا للرعية فإنها مطعمكم ومشربكم ومتى عدلتم فيها رغبوا في العمارة فزاد ذلك في خراجكم وتبين في زيادة أرزاقكم وإذا حفتم على الرعية زهدوا في العمارة وعطلوا أكثر الأرض فنقص ذلك من خراجكم وتبين في نقص أرزاقكم فتعاهدوا الرعية بالإنصاف وما كان من الأنهار والبثوق مما نفقة ذلك من السلطان فأسرعوا فيه قبل أن يكثر وما كان من ذلك على الرعية فعجزوا عنه فأقرضوهم من بيت مال الخراج فإذا حان أوقات خراجهم فخذوا من خراج غلاتهم على قدر ما لا يجحف ذلك بهم ربع في كل سنة أو ثلث أو نصف لكيلا يشق ذلك عليهم هذا قولي وأمري يا موبذ موبذان الزم هذا القول وخذ في هذا الذي سمعت في يومك أسمعتم أيها الناس فقالوا نعم قد قلت فأحسنت ونحن فاعلون إن شاء الله ثم أمر بالطعام فوضع فأكلوا وشربوا ثم خرجوا وهم له شاكرون وكان ملكه مائة وعشرين سنة
وقد زعم هشام بن الكلبي فما حدثت عنه أن الرائش بن قيس ين صيفي بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان كان من ملوك اليمن بعد يعرب بن قحطان بن عابر بن شالخ وإخوته وأن الرائش كان ملكه باليمن أيام ملك منوشهر وأنه إنما سمي الرائش واسمه الحارث بن أبي شدد لغنيمة غنمها من قوم غزاهم فادخلها اليمن فسمي لذلك الرائش وأنه غزا الهند فقتل بها وسبى وغنم الأموال ورجع إلى اليمن ثم سار منها فخرج على جبل طيء ثم على الأنبار ثم على الموصل وأنه وجه منها خيله وعليها رجل من أصحابه يقال له شمر بن العطاف فدخل على الترك أرض أذربيجان وهي في أيديهم يومئذ فقتل المقاتلة وسبى الذرية وزبر ما كان من مسيره في حجرين فهما معروفان ببلاد أذربيجان قال وفي ذلك يقول امرؤ القيس ... ألم يخبرك أن الدهر غول ... ختور العهد يلتقم الرجالا ... أزال عن المصانع ذا رياش ... وقد ملك السهولة والجبالا ... وأنشب في المخالب ذا منار ... وللزراد قد نصب الحبالا ...
قال وذو منار الذي ذكره الشاعر هو ذو منار بن رائش الملك بعد أبيه واسمه أبرهة بن الرائش قال وإنما سمي ذا منار لأنه غزا بلاد المغرب فوغل فيها بر وبحرا وخاف على جيشه الضلال عند قفوله فبنىالمنار ليهتدوا بها قال ويزعم أهل اليمن أنه كان وجه ابنه العبد بن أبرهة في غزوته هذه إلى ناحية من أقاصي بلاد المغرب فغنم وأصباب مالا وقدم عليه بنسناس لهم خلق وحشية منكرة فذعر الناس منهم فسموه ذا الأذعار
قال فأبرهة أحد ملوكهم الذين توغلوا في الأرض
وإنما ذكرت من ذكرت من ملوك اليمن في هذا الموضع لما ذكرت من قول من زعم أ ن الرائش كان ملكا باليمن أيام منوشهر وأن ملوك اليمن كانوا عمالا لملوك فارس بها ومن قبلهم كانت ولايتهم بها
(1/230)
________________________________________
ذكر نسب موسى بن عمران وأخباره وما كان في عهده وعهد منوشهر بن منشخورنر الملك من الأحداث
قد ذكرنا أولاد يعقوب إسرائيل الله وعددهم وموالدهم فحدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق قال ثم إن لاوى بن يعقوب نكح نابتة ابنة ماري بن يشخر فولدت له عرشون بن لاوى ومرزى بن لاوى ومردى بن لاوى وقاهث بن لاوى فنكح قاهث بن لاوى فاهى ابنة مسين بن بتويل بن إلياس فولدت له يصهر بن قاهث فتزوج يصهر شميث ابنة بتاديت بن بركيا بن يقسان بن إبراهيم فولدت له عمران بن يصهر وقارون بن يصهر فنكح عمران يحيب ابنة شمويل بن بركيا بن يقسان بن إبراهيم فولدت له هارون بن عمران وموسى بن عمران
وقال غير ابن إسحاق كان عمر يعقوب بن إسحاق مائة وسبعا وأربعين سنة وولد لاوى له وقد مضى من عمره تسع وثمانون سنة وولد للاوى قاهث بعد أن مضى من عمر لاوى ست وأربعون سنة ثم ولد لقاهث يصهر ثم ولد ليصهر عمرم وهو عمران وكان عمر يصهر مائة وسبعا وأربعين سنة وولد له عمران بعد أن مضى من عمره ستون سنة ثم ولد لعمران موسى وكانت أمه يوخابد وقيل كان اسمها باختة وامرأته صفورا ابنة يترون وهو شعيب النبي صلى الله عليه و سلم وولد موسى جرشون وإيليعازر وخرج إلى مدين خائفا وله إحدى وإربعون سنة
وكان يدعو إلى دين إبراهيم وتراءى الله بطور سيناء وله ثمانون سنة وكان فرعون مصر في ايامه قابوس بن مصعب بن معاوية صاحب يوسف الثاني وكانت امرأته آسية ابنة مزاحم بن عبيد بن الريان بن الوليد فرعون يوسف الأول فلما نودي موسى أعل أن قابوس بن مصعب قد مات وقام أخوه الوليد بن مصعب مكانه وكان أعتى من قابوس وأكفر وأفجر وأمر بأن يأتيه هو وأخوه هارون بالرسالة
قال ويقال إن الوليد تزوج آسية ابنة مزاحم بعد أخيه وكان عمر عمران مائة سنة وسبعا وثلاثين سنة وولد موسى وقد مضى من عمر عمران سبعون سنة ثم صار موسى إلى فرعون رسولا مع هارون وكان من مولد موسى إلى أن خرج ببني إسرائيل عن مصر ثمانون سنة ثم صار إلى التيه بعد أن عبر البحر فكان مقامهم هنالك إلى أن خرجوا مع يوشع بن نون أربعين سنة فكان ما بين مولد موسى إلى وفاته في التيه مائة وعشرين سنة
وأما ابن إسحاق فإنه قال فيما حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق قال قبض الله يوسف وهلك الملك الذي كان معه الريان بن الوليد وتوارثت الفراعنة من العماليق ملك مصر فنشر الله
(1/231)
________________________________________
بها بني إسرائيل وقبر يوسف حين قبض كما ذكر لي في صندوق من مرمر في ناحية من النيل في جوف الماء فلم يزل بنو إسرائيل تحت أيدي الفراعنة وهم على بقايا من دينهم مما كان يوسف ويعقوب وإسحاق وإبراهيم شرعوا فيهم من الإسلام متمسكين به حتى كان فرعون موسى الذي بعثه الله إليه ولم يكن منهم فرعون أعتى منه على الله ولا أعظم قولا ولا أطول عمرا في ملكه منه وكان اسمه فيما ذكروا لي الوليد بن مصعب ولم يكن من الفراعنة فرعون أشد غلظة ولا أقسى قلبا ولا أسوأ ملكة لبني إسرائيل منه يعذبهم فيجعلهم خدما وخولا وصنفهم في أعماله فصنف يبنون وصنف يحرثون وصنف يزرعون له فهم في اعماله ومن لم يكن منهم في صنعة له من عمله فعليه الجزية فسامهم كما قال الله سوء العذاب وفيهم مع ذلك بقايا من أمر دينهم لا يريدون فراقه وقد استنكح منهم امرأة يقال لها آسية بنت مزاحم من خيار النساء المعدودات فعمر فيهم وهم تحت يديه عمرا طويلا يسومهم سوء العذاب فلما أراد الله أن يفرج عنهم وبلغ موسى الأشد أعطي الرسالة
قال وذكر لي أنه لما تقارب زمان موسى أتى منجمو فرعون وحزاته إليه فقالوا تعلم أنا نجد في علمنا أن مولودا من بني إسرائيل قد أظلك زمانه الذي يولد فيه يسلبك ملكك ويغلبك على سلطانك ويخرجك من أرضك ويبدل دينك فلما قالوا له ذلك أمر بقتل كل مولود يولد من بني إسرائيل من الغلمان وأمر بالنساء يستحيين فجمع القوابل من نساء أهل مملكته فقال لهن لا يسقطن على أيديكن غلام من بني إسرائيل إلا قتلتموه فكن يفعلن ذلك وكان يذبح من فوق ذلك من الغلمان ويأمر بالحبالى فيعذبن حتى يطرحن ما في بطونهن
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق عن عبدالله بن أبي نجيح عن مجاهد قال لقد ذكر لي أنه كان يأمر بالقصب فيشق حتى يجعل أمثال الشفار ثم يصف بعضه إلى بعض ثم يأتي بالحبالى من بني إسرائيل فيوقفهن عليه فيحز أقدامهن حتى إن المرأة منهن لتمصع بولدها فيقع بين رجليها فتظل تطؤه تتقي به حز القصب عن رجليها لما بلغ من جهدها حتى أسرف في ذلك وكاد يفنيهم فقيل له أفنيت الناس وقطعت النسل وإنهم خولك وعمالك فأمر أن يقتل الغلمان عاما ويستحيوا عاما فولد هارون في السنة التي يستحيا فيها الغلمان وولد موسى في السنة التي فيها يقتلون فكان هارون أكبر منه بسنة
وأما السدي فإنه قال ما حدثنا موسى بن هارون قال حدثنا أسباط عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه كان من شأن فرعون أنه رأى رؤيا في منامه أن نارا أقبلت من بيت المقدس حتى اشتملت على بيوت مصر فأحرقت القبط وتركت بني إسرائيل وأخربت بيوت مصر فدعا السحرة والكهنة والقافة والحازة فسألهم عن رؤياه فقالوا له يخرج من هذا البلد الذي جاء بنو إسرائيل منه يعنون بيت المقدس رجل يكون على وجهه هلاك مصر فأمر ببني إسرائيل ألا يولد لهم غلام إلا ذبحوه ولا يولد لهم جارية إلا تركت وقال للقبط انظروا مملوكيكم الذين يعملون خارجا فأدخلوهم واجعلوا بني إسرائيل يلون تلك الأعمال القذرة فجعل بني إسرائيل في أعمال غلمانهم وأدخلوا غلمانهم فذلك حين يقول الله إن
(1/232)
________________________________________
فرعون علا في الأرض يقول تجبر في الأرض وجعل أهلا شيعا يعني بني إسرائيل حين جعلهم في الأعمال القذرة يستضيف طائفة منهم يذبح أبناءهم ( 1 ) فجعل لا يولد لبني إسرائيل مولود إلا ذبح فلا يكبر الصغير وقذف الله في مشيخة بني إسرائيل الموت فأسرع فيهم فدخل رؤوس القبط على فرعون فكلموه فقالوا إن هؤلاء القوم قد وقع فيهم الموت فيوشك أن يقع العمل على غلماننا نذبح أبناءهم فلا يبلغ الصغار ويفنى الكبار فلو أنك تبقي من أولادهم فأمر أن يذبحوا سنة ويتركوا سنة فلما كان في السنة التي لا يذبحون فيها ولد هارون فترك فلما كان في السنة التي يذبحون فيها حملت أم موسى بموسى فلما أرادت وضعه حزنت من شأنه فأوحى الله إليها أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم وهو النيل ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين ( 2 ) فلما وضعته أرضعته ثم دعت له نجارا فجعل له تابوتا وجعل مفتاح التابوت من داخل وجعلته فيه وألقته في اليم وقالت لإخته قصيه تعني قصي أثره فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون ( 3 ) أنها أخته فأقبل الموج بالتابوت يرفعه مرة ويخفضه أخرى حتى أدخله بين أشجار عند بيت فرعون فخرج جواري آسية امرأة فرعون يغتسلن فوجدن التابوت فأدخلنه إلى آسية وظنن أن فيه مالا فلما نظرت إليه آسية وقعت عليه رحمتها وأحبته فلما أخبرت به فرعون أراد أ ن يذبحه فلم تزل آسية تكلمه حتى تركه لها قال إني أخاف أن يكون هذا من بني إسرائيل وأن يكون هذا الذي على يديه هلاكنا فذلك قول الله تعالى فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا ( 4 ) فأرادوا له المرضعات فلم يأخذ من أحد من النساء وجعل النساء يطلبن ذلك لينزلن عند فرعون في الرضاع فأبى أن يأخذ فذلك قول الله وحرمنا عليه المراضع من قبل فقالت أخته هل أدلكم على بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون ( 5 ) فأخذوها وقالوا إنك قد عرفت هذا الغلام فدلينا على أهله فقالت ما أعرفه ولكني إنما قلت هم للملك ناصحون
ولما جاءت أمه أخذ منها ثديها فكادت أن تقول هو ابني فعصمها الله فذلك قول الله إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين ( 6 ) وإنما سمي موسى لأنهم وجدوه في ماء وشجر والماء بالقبطية مو والشجر شا فذلك قول الله عز و جل فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ( 7 ) فاتخذه فرعون ولدا فدعي ابن فرعون فلما تحرك الغلام أرته أمه آسية صبيا فبينما هي ترقصه وتلعب به إذ ناولته فرعون وقالت خذه قرة عين لي ولك قال فرعون هو قرة عين لك ولا لي قال عبدالله بن عباس لو أنه قال وهو لي قرة عين إذا لآمن به ولكنه أبى فلما أخذه إليه أخذ موسى بلحيته فنتفها فقال فرعون علي بالذباحين هذا هو قالت آسية لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا ( 8 ) إنما هو صبي لا يعقل وإنما صنع هذا من صباه وقد علمت أنه ليس في أهل مصر امرأة أحلى مني أنا أضع له حليا من الياقوت وأضع له جمرا فإن أخذ الياقوت فهو يعقل فاذبحه وإن أخذ الجمر فإنما هو صبي فأخرجت له ياقوتها فوضعت له طستا من جمر فجاء جبرئيل فطرح في يده جمرة فطرحها موسى في
(1/233)
________________________________________
فيه فأحرق لسانه فهو الذي يقول الله عز و جل واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي ( 4 ) فزالت عن موسى من أجل ذلك وكبر موسى فكان يركب مراكب فرعون ويلبس مثل ما يلبس
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة نوفمبر 22, 2024 9:04 pm من طرف الشيخ شوقي جبار البديري
» تراث الناصريه الغنائي حضري ابو عزيز
الجمعة نوفمبر 22, 2024 8:50 pm من طرف الشيخ شوقي جبار البديري
» البو حسين البدير
الخميس أكتوبر 03, 2024 3:58 pm من طرف الشيخ شوقي جبار البديري
» الشيخ المرحوم عبد الهادي
الخميس أكتوبر 03, 2024 3:53 pm من طرف الشيخ شوقي جبار البديري
» الشيخ شوقي البديري والاخ حمود كريم الركابي
الخميس أكتوبر 03, 2024 3:51 pm من طرف الشيخ شوقي جبار البديري
» الاستاذ المخرج عزيز خيون البديري وعمامه البدير
الخميس أكتوبر 03, 2024 3:48 pm من طرف الشيخ شوقي جبار البديري
» الشيخ صباح العوفي مع الشيخ عبد الامير التعيبان
الخميس أكتوبر 03, 2024 3:45 pm من طرف الشيخ شوقي جبار البديري
» الشيخ المرحوم محمد البريج
الخميس أكتوبر 03, 2024 3:41 pm من طرف الشيخ شوقي جبار البديري
» جواد البولاني
الإثنين سبتمبر 23, 2024 10:13 am من طرف الشيخ شوقي جبار البديري