المبادئ التوجيهية لتنمية المهارات الشخصية لدى المراهقين والشباب البالغين

يتزايد حجم الأدلة المتوفرة في مختلف المجالات والاختصاصات على أهمية "المهارات الشخصية" في تحقيق نتائج طويلة المدى على مستوى التعليم والعمل والصحة والوقاية من العنف (هكمان Heckman وآخرون، 2006؛ كارنيرو Carneiro وآخرون، 2007). والمهارات الشخصية هي المهارات والسلوكيات والصفات الشخصية التي تساعد الناس على التعامل بفعالية مع بيئتهم والتواصل بشكل جيد مع الآخرين وتقديم الأداء الجيد وبلوغ أهدافهم (ليبمان Lippman وآخرون، 2015). تتجسد المهارات الشخصية في سلوكيات قابلة للملاحظة، عمومًا عند تأدية المهام.[1] وفيما ساد الاعتقاد في الماضي أن المهارات الشخصية هي سمات ثابتة في الشخصية، تشير الأدلة إلى أنها مرنة وقابلة للتطوير طوال الحياة.

تولي برامج التنمية الشبابية الدولية اهتمامًا متزايدًا بالمهارات الشخصية أو المهارات الحياتية. فالاستثمار في البرامج والأنشطة التي تُقام في المدارس وخارجها وفي أماكن العمل لتطوير المهارات الشخصية ارتفع بشكل كبير في كل أنحاء العالم وفي بيئات مختلفة وبآليات تغيير مختلفة، وتستهدف هذه البرامج مجموعات مختلفة من المراهقين والشباب البالغين. وقد سخّرت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية الجهود لتحديد المهارات الشخصية الأهم لتحقيق نتائج محددة على مستوى التنمية الشبابية - أولاً من خلال مشروع الربط بين القوى العاملة (Worforce Connections) ولاحقًا من خلال مبادرة YouthPower Action - وتقييم الأدوات التي تقيس تلك المهارات. ولكن لم يُعطَ القدر نفسه من الاهتمام لفهم كيفية تنمية هذه المهارات وما يجب على الممارسين فعله لتعزيزها.

ثمة إجماعٌ واسع على أن تنمية المهارات الشخصية لدى الشباب أمرٌ بالغ الأهمية للعديد من نتائج التنمية. لكنّ المجال يفتقر إلى تفسيرات توضح كيفية تحقيق ذلك، لا سيما على نطاق واسع وبين الشباب الأكثر حرمانًا. وثمة أدلة قوية تبيّن الممارسات الأنسب لمواقف ومجموعات محددة. بالنتيجة، بدأ تركيز الأبحاث على البرامج يتبدّل ببطء، ولم يعد يحدد ما إذا كانت الأنشطة والبرامج الخاصة بالمراهقين والشباب البالغين ترفع مستوى المهارات الشخصية، بل أصبح أيضًا يركّز على فهم كيف يمكن تطوير المهارات الشخصية وفي أي ظروف.

يحدّد هذا التقرير المبادئ التوجيهية والاستراتيجيات التي تعزز تنمية المهارات الشخصية بين المراهقين والشباب البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و29 عامًا، في مختلف سياقات البرامج وخصائص الشباب.[2] ويوضح أبسط الطرق الأساسية التي تتيح تنمية المهارات الشخصية لدى الشباب ويشرح سبب اعتبارها فعالة. كما يصف التقرير سبُل استخدام المبادئ التوجيهية في البرامج والأنشطة ضمن سياقات التعليم خارج المدرسة وسياقات التعليم الرسمي ككل. وفي هذا الإطار، يعالج هذا التقرير سؤالين رئيسيين، هما:

هل من مبادئ مشتركة نجحت في تنمية المهارات الشخصية في أنواع مختلفة من البرامج والفئات المستهدفة ومجموعات المهارات الشخصية؟
في حال وجود مبادئ مشتركة، كيف يمكن استخدامها بفعالية في البرامج المختلفة التي تنفَّذ في سياقات متنوعة؟
يركّز هذا التقرير على المبادئ التوجيهية الفعالة في تنمية المهارات الشخصية بشكل عام. وعند الحاجة، نسلّط الضوء على مجموعة فرعية من المهارات الأساسية التي يمكن أن تساعد في تحقيق حصيلة إيجابية في ثلاثة مجالات مختلفة هي تطوير القوى العاملة، والوقاية من العنف، والصحة الجنسية والإنجابية، وذلك بحسب دراسة سابقة لـ YouthPower Action (انظر غايتس Gates وآخرون، 2016).[1] وجد التقرير أن سبع مهارات تحظى بقدر كبير وواسع النطاق من الدعم في مجال واحد أو أكثر وتعتبر أيضًا مناسبة للعمر وقابلة للتكيف خلال الأعمار من 12 إلى 29 عامًا؛ وهي: مفهوم الذات الإيجابي، وضبط النفس، ومهارات التفكير العليا، والمهارات الاجتماعية، والتواصل، والتقمّص العاطفي، والتوجّه نحو الهدف. يوضح هذا التقرير، حيثما أمكن، كيف يمكن أن تكون بعض المبادئ فعالة بشكل خاص في تطوير هذه المهارات الشخصية، ويسلّط النص الضوء على هذه الترابطات ويستعرض الملحق ب ملخّصًا عنها.

وقد قمنا بمراجعة وتحليل المؤلفات الحديثة، بما في ذلك أعمال مراجعة المؤلفات والتحليلات التلوية، والأدلة الإرشادية العامة حول كيفية تطوير المهارات الشخصية، بالإضافة إلى الوثائق التقنية. واستخدمنا في عملنا المعايير التالية:

أولاً، أن تستهدف المؤلفات الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و29 عامًا؛ ثانيًا، أن تتناول المؤلفات مهارة واحدة على الأقل من المهارات الشخصية السبع الأساسية لتحقيق النتائج بين الشباب في مختلف القطاعات، على النحو المحدد في أبحاث برنامج YouthPower Action التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية؛ ثالثًا، أن تولَف الاستنتاجات أو التوصيات المتعلقة بتنمية المهارات الشخصية من خلال الأنشطة والبرامج.

وتوصّلنا من خلال التحليل إلى أن البرامج الفعالة، من بين مجموعة متنوعة من برامج الشباب، تتمتع فعلاً بمجموعة مشتركة من الخصائص التي يمكن استخلاص مبادئ توجيهية منها لتصميم البرامج الفعالة وتنفيذها. فالمبادئ تشجّع على تنمية المهارات بشكل أكبر إذا ما طُبّقت مجتمعةً، ومن شأنها أيضًا أن ترشد الجهات المسؤولة عن تمويل البرامج وتنفيذها وكذلك الباحثين المعنيين بتعليم المهارات الشخصية من أجل وضع برامج وإجراء تقييمات أكثر توسعًا وأعلى جودةً في مجال المهارات الشخصية للشباب.