موقع قبيلة البديرالعام للشيخ شوقي جبارالبديري


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

موقع قبيلة البديرالعام للشيخ شوقي جبارالبديري
موقع قبيلة البديرالعام للشيخ شوقي جبارالبديري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» جواد البولاني
 حرّية الدين - المعتقد وعدم التمييز Emptyالإثنين سبتمبر 23, 2024 10:13 am من طرف الشيخ شوقي جبار البديري

» المرحوم السيد هاشم محمد طاهر العوادي
 حرّية الدين - المعتقد وعدم التمييز Emptyالإثنين سبتمبر 23, 2024 10:03 am من طرف الشيخ شوقي جبار البديري

» رموز البدير
 حرّية الدين - المعتقد وعدم التمييز Emptyالجمعة سبتمبر 20, 2024 8:41 pm من طرف الشيخ شوقي جبار البديري

» المجتمع العراقي
 حرّية الدين - المعتقد وعدم التمييز Emptyالجمعة سبتمبر 20, 2024 1:21 pm من طرف الشيخ شوقي جبار البديري

» في مجتمعات التنافس الاجتماعي العالمي
 حرّية الدين - المعتقد وعدم التمييز Emptyالجمعة سبتمبر 20, 2024 1:13 pm من طرف الشيخ شوقي جبار البديري

» واقع الطبقة الوسطى ومستقبلها في العراق
 حرّية الدين - المعتقد وعدم التمييز Emptyالجمعة سبتمبر 20, 2024 1:10 pm من طرف الشيخ شوقي جبار البديري

» التفاوت الطبقي في العراق.. تلاشي الطبقة المتوسطة مقابل هيمنة الاغنياء
 حرّية الدين - المعتقد وعدم التمييز Emptyالجمعة سبتمبر 20, 2024 1:07 pm من طرف الشيخ شوقي جبار البديري

» الوعي الطبقي في المجتمع العراقي
 حرّية الدين - المعتقد وعدم التمييز Emptyالجمعة سبتمبر 20, 2024 1:04 pm من طرف الشيخ شوقي جبار البديري

» الطبقة الوسطى في العراق .. ودورها في التكوين التاريخي المعاصر
 حرّية الدين - المعتقد وعدم التمييز Emptyالجمعة سبتمبر 20, 2024 1:03 pm من طرف الشيخ شوقي جبار البديري

سبتمبر 2024
الإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبتالأحد
      1
2345678
9101112131415
16171819202122
23242526272829
30      

اليومية اليومية

التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



حول

مرحبا بكم فى منتدى موقع قبيلة البديرالعام للشيخ شوقي جبارالبديري

مرحبا بكم فى منتدى موقع قبيلة البديرالعام للشيخ شوقي جبارالبديري

قبيلة البدير من القبائل الزبيديه


حرّية الدين - المعتقد وعدم التمييز

اذهب الى الأسفل

 حرّية الدين - المعتقد وعدم التمييز Empty حرّية الدين - المعتقد وعدم التمييز

مُساهمة  الشيخ شوقي جبار البديري الأحد يونيو 09, 2024 6:29 am

حرّية الدين - المعتقد وعدم التمييز
نظرة على تاريخ وجود الديني في العراق

ماذا تعني حرية الدين

السياق القانوني والتشريعي والتمثيل السياسي

السياق الاجتماعي والانتهاكات

سياق المناهج التعليمية والتربوية

سياق وسائل التواصل الاجتماعي

مفاهيم عامة متعلقة بحرية الدين

مواطنة حاضنة للتنوع

العدالة الانتقالية

تحديات تواجه حرية الدين في العراق

التوصيات والمقترحات

المصادر

نبذة عن الكاتبة


مقدمة الكاتبة
لماذا حرية الدين وحرية المعتقد؟ إن العراق كان ولايزال موطن لشعوب من خلفيات دينية وعرقية وقومية مختلفة منذ قدم تكوينه، وبلد غني بالتراث والثقافات المتنوعة من شماله الى جنوبه وكذلك تنوع لغاته ولهجات سكانه. ومن خلال عملي في مجال بناء السلام وحقوق الانسان منذ 2014 وعن قرب مع المجتمع العراقي وخصوصا فئة الشباب والاقليات الدينية والعرقية، تم ملاحظة إن هذه المجتمعات تعيش في مجتمعاتها الخاصة بها وفي الغالب تتركز كل مجموعة في أحياء او مناطق محددة ومغلقة ولذا لديهم معرفة محدودة بمعتقدات وتقاليد وثقافة المجموعات الأخرى وربما سَبّب هذا الانغلاق بإنتشار الصور النمطية المغالطة عنهم. وتوالي الازمات والحروب في العراق ادت إلى حدوث انقسام قوي في المجتمع والتي كانت اغلبها صراعات مبنية على أُسس دينية ومذهبية وعرقية، وهذا أثر بشكل كبير على التماسك الاجتماعي والمواطنة بين مكونات الشعب العراقي وزيادة تقوقع وانغلاق الاقليات على بعضها بالإضافة الى هجرة الاقليات الدينية والعرقية الى خارج العراق ومما أثر على فيسفساء التنوع العراقي.

وخلال عملي ولمدة ثلاث سنوات ونيف ضمن مشروع مساواة المُنفذ من قبل منظمة السلام والحرية ومنظمة باكس الهولندية، والذي رّكز على مواضيع تخص حرية الدينية وحرية المعتقد وكذلك رصد المشاكل المجتمعية التي نتجت بسبب الانتهكات والصور النمطية، كما كان المسار الاكاديمي «حريّة المعتقد ومهارات التعامل مع الماضي من منظور ثقافة اللاعنف» من جامعة اللاعنف وحقوق الانسان في لبنان AUNOHR له دور مهم في اهتمامي بدراسة القوانين العراقية والمعاهدات الدوية تخص حرية الدين وكذلك الانتهاكات المستمرة ضمن هذا الحق، وكان الدافع لكتابة هذا الدراسة، حيث كانت المحاضرات قيمة ومركزة على الحرية الدينية والمعاهدات الدولية حول الحرية الدينية وحقوق الانسان والشرعة الدولية وكذلك محاضرات حول المواطنة الحاضنة للتنوع واهمية العدالة الانتقالية ما بعد النزاع.

نظرة على وجود الديني في العراق
منذ القدم كان الاعتقاد والايمان علاقة شخصية للإنسان مع إلهِ حيث تنوعت المعابد قبل الميلاد لعدة ألهة وكان العراق منذ فجر السلالات موطن لشعوب من خلفيات دينية وعرقية مختلفة وبلد غني بالتراث والثقافات المتنوعة من شماله الى جنوبه وكذلك تنوع لغاته ولهجات سكانه. مما ساعد في حماية التنوع الديني فيه وجود تقبل ديني ووعي لدى الشعوب في ذلك الزمان. وهذا يظهر في الالواح المسمارية وتعدد المعابد والزقورات التي كانت مخصصة لعدة ألهة منها عشتار(اينانا)، مردوخ، أشور، أنو، انكي وانليل وغيرها ووجودها في مدينة واحدة.

ومع توالي العصور في عهد الامبراطورية الساسانية وانتشار الديانة المسيحية في الشرق الاوسط اعتنق اغلب سكانه المسيحية مع وجود للديانة المجوسية (الزردشتية) والديانة الايزيدية والديانة اليهودية (الموجودة منذ السبي البابلي)، وبعدها اعتنق السكان الدين الإسلامي بعد انتشاره في القرن السادس الميلادي، ومع توالي وتغير السلطات الحاكمة مرورا بالحكم العباسي الى الحكم العثماني في العراق استمر وجود التنوع الديني فيه حافظت المجاميع الدينية على وجودها واستمرار معابدهم.

مع تأسيس الدولة العراقية الحديثة والنظام الملكي على يد الملك فيصل الاول في 1921م لم يكن من السهل على الحكومة الفتية جمع المجاميع السكانية التي تحكمها عادات وتقاليد مختلفة حسب اعراف عشائرية ودينية عدا عن الاختلاف الجغرافي بينهم، فاتسمت فترة الحكم الملكي بصراعات وانقلابات وعدم استقرار سياسي ولكون العراق تحت الانتداب البريطاني وانقسام الشارع العراقي في فترة الحرب العالمية الاولى بين الحزب الشيوعي والانتداب البريطاني.

لكن مع توالي الازمات، أدى ماضي العراق - الذي اتسم بالقمع والصراع والحروب الداخلية - إلى حدوث انقسام قوي في المجتمع والتي كانت مبنية على اسس دينية ومذهبية وعرقية وخصوصا بعد تحول النظام ملكي الى النظام الجمهوري، مما أثر بشكل كبير على التماسك الاجتماعي والمواطنة بين مكونات الشعب العراقي وزيادة تقوقع وانغلاق الاقليات على بعضها بالإضافة الى هجرة الاقليات الدينية والعرقية الى خارج العراق وازديادها بعد احداث 2003. حيث كانت هذه الجماعات تعيش في مجتمعاتها الخاصة بها، وفي الغالب تتركز كل مجموعة في أحياء او مناطق محددة ومغلقة في المدن الكبيرة او ضمن قرى محددة وصغيرة ولذا لديهم معرفة محدودة بمعتقدات وتقاليد وثقافة المجموعات الأخرى وسبب هذا الانغلاق بانتشار الصور النمطية المغالطة عنهم.

ماذا تعني حرية الدين
مبدأ يدعم حرية الفرد أو مجموعة ما (في الحياة الخاصة أو العامة) بإظهار دينهم أو معتقداتهم أو شعائرهم الدينية سواء بالتعليم أو الممارسة أو الاحتفال، وأيضا يشمل حرية تغيير الدين أو عدم اتباع أي دين قصرا. ويدخل أيضا ضمن حق كل أنسان أن يكون له دين أو معتقد أو يتخلى عن ديانته ويبدلها أو لا يعتقد بدين بشرط أن يحترم المعتقدات الأخر مادامت مكفولة دستوريا وقانونيا وانسانيا. وتأتي ضمن المادة 18من اعلان حقوق الانسان العالمي والتي تنص: «لكلِّ شخص حقٌّ في حرِّية الفكر والوجدان والدِّين، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في تغيير دينه أو معتقده، وحرِّيته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبُّد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة». وكذلك عُززت تلك المادة المذكورة في إعلان الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز على أساس الدين أو المعتقد الصادر في 25 تشرين الثاني 1981، حيث أعلنت الجمعية العامة أنها تضع في اعتبارها أنه من الضروري تعزيز التفاهم والتسامح والأحترام في المسائل المتعلقة بحرية الدين أو المعتقد، وأنها قد حزمت أمرها على إتخاذ جميع التدابير الضرورية للقضاء قضاء سريعاً على مثل هذا التعصب بكل أشكاله ومظاهره، ولمنع ومكافحة التمييز على أساس الدين أو المعتقد.

السياق القانوني والتشريعي والتمثيل السياسي
إن مبادئ المساواة وعدم التمييز في صميم حقوق الإنسان وتساعد على الحد من الحرمان على أسس متعددة في مختلف المجالات. فحقوق الإنسان ليست حكراً على مجموعات، إنما هي للجميع، ولكافة مكونات المجتمع وفي جميع أنحاء العالم. والعراق من البلدان الغنية بالتنوع الثقافي والحضاري والديني

ضمن الاعلان بشأن القضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد في المادة الأولى:


1. لكل إنسان الحق في حرية التفكير والوجدان والدين. ويشمل هذا الحق حرية الإيمان بدين أو بأي معتقد يختاره، وحرية إظهار دينه أو معتقده عن طريق العبادة وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، سواء بمفرده مع جماعة جهرا او سرا.
2. لا يجوز تعريض أحد لقسٍر يحدُّ من حريّته في أن يكون له دين أو معتقد من اختياره
3. لا يجوز إخضاع حرية المرء في إظهار دينه أو معتقداته الا لما قد يفرضه القانون من حدود تكون ضروريّة لحماية الامن العام أو النظام العام أو الصحة العامة أو الاخلاق العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية.

واقع القانون العراقي غير ذلك حيث ان الدستور العراقي لسنة 2005 اعترف بأربع ديانات وهي الإسلام والمسيحية والايزيدية والصابئة المندائية ولم يعترف بباقي الأديان، وهي:

اليهودية التي تم اسقاط الجنسية العراقية عنهم في سنة 1948 واجبارهم على الهجرة القسرية خارج العراق والاستيلاء على ممتلكاتهم، ويعود وجود الديانة اليهودية في العراق منذ السبي البابلي والاشوري لليهود حوالي سنة 740 ق.م .والديانة البهائية التي حرمت ضمن قانون رقم 105 لسنة 1970 والمعروف بـ«قانون تحريم النشاط البهائي»، والتي نصت على: «حظر ترويج البهائية، أو الانتساب لأي محفل أو جهة تعمل على نشر البهائية أو الدعوة إليها بأي شكل من الأشكال وإغلاق جميع محافلهم، وإيقاف نشاطها، وتصفية أموالها، ويعاقب المخالف بالحبس مدة لا تقل عن عشر سنوات». وتحولت بناية المحفل المركزي في منطقة السعدون إلى دائرة أمنية، وسيق عدد من المتهمين باعتناق البهائية إلى محكمة الثورة، وحكم عليهم بالسجن، وذلك قبل أن تصدر أحكام بالإعدام على من يروج البهائية، أو يعتنقها في نهاية السبعينيات علما ان الديانة البهائية كانت معترف بيها في العهد الملكي العراقي وكان يسجل في احوالهم الشخصية الديانة البهائية، ويعود تأسيس أول محفل محلي روحاني بهائي في العراق إلى سنة 1919. وكذلك الحال بالنسبة للاتباع الدين الزردشتي الذين سجلوا في الأوراق الرسمية للأحوال الشخصية كمسلمين. علما ان الدليل الرسمي من وزارة الداخلية العراقية لسنة 1936، نصت على أن أهم المكونات الاجتماعية للعراق هي المسلمون والمسيحيون واليهود والإيزيديون والصابئة فضلًا عن عدد قليل من البهائيين والمجوس (الزردشتية).

ورغم اعتراف الجمهورية العراقية بباقي الأديان في الدستور لسنة 2005 لكن هناك انتهاكات بحقهم وذلك بتضمين دين للدولة حيث ذكر في المادة 2 منه:

أولاً: الاسـلام دين الدولــة الرسمي، وهـو مصدر أســاس للتشريع

- لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت احكام الاسلام

.- لا يجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية.

- لا يجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الاساسية الواردة في هذا الدستور.

ثانياً: يضمن هذا الدستور الحفاظ على الهوية الاسلامية لغالبية الشعب العراقي، كما ويضمن كامل الحقوق الدينية لجميع الافراد في حرية العقيدة والممارسة الدينية كالمسيحيين والآيزديين والصابئة المندائيين.

وهذا ما عزز وجود قوانين تحد من حرية الدين والمعتقد للسكان العراق حتى للمسلمين اذ حسب الشريعة الإسلامية يعامل معاملة المرتد عن دينه ويقام عليه حد الردة، لكن القانون العراقي لا يتضمن أي عقوبة لمن يرتد عن الإسلام ويعتنق ديناً آخر وانما فقط يتم تطليقه من زوجته أو من زوجها والحرمان من الميراث وذلك حسب قانون الأحوال الشخصية لسنة 1959 «المحاكم العراقية تعتبر كل إنسان يولد لأب مسلم أو أم مسلمة فهو مسلم». وان المطالب والقضايا الخاصة بالتحول من الدين الإسلامي إلى الديانات الأخرى يتم ردها من المحاكم كون ذلك مرفوض شرعاً وقانوناً ويعد مقدمها مرتدا حسب الشريعة.

وضمن قانون الأحوال الشخصية كل جوانب الأحوال الشخصية من الزواج والطلاق والميراث ولكن حسب الشريعة الإسلامية اما لغير المسلم فقط تم ذكرهم في مادة الثانية في فقرة «تسري أحكام هذا القانون على العراقيين إلا من أستثني منهم بقانون خاص» اما المادة الأولى فتنص:

1 -تسري النصوص التشريعية في هذا القانون على جميع المسائل التي تتناولها هذه النصوص في لفظها أو في فحواها.

2 -إذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه فيحكم بمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية الأكثر ملاءمة لنصوص هذا القانون.

3 -تسترشد المحاكم في كل ذلك بالأحكام التي أقرها القضاء والفقه الإسلامي في العراق وفي البلاد الإسلامية الأخرى التي تتقارب.

علما انه لا يوجد قانون خاص باحوال الشخصية لغير المسلم ولم يشرع الى الان، على ان الطموح هو ان يكون هناك قانون احوال شخصية مدني لكل المواطنين وليس على اساس ديني طائفي. ففي حالات الزواج او الميراث وغيرها يتم في محكمة الاحوال المدنية للغير المسلم وعليه احضار وثيقة تأييد مثلا للزواج صادرة عن المرجع الديني ككنيسة والمندى الصابئي ومعبد الايزيدية، واما للمسلم فيتم اجراء معاملاته الخاصة بقضايا الشخصية ضمن محكمة الاحوال الشخصية الخاصة بهم، وبالنسبة للبهائيين والزردشتين فيتم اجراء امور احوالهم الشخصية ضمن محكمة الاحوال الشخصية الخاصة بالمسلمين.

عدا عن انتهاكات ضد المجاميع الدينية بحسب تشريعات القوانين الاخرى، حيث تم تشريع قانون البطاقة الموحدة لسنة 2015 في المادة 26 ثانيا التي نصت على اتباع الأطفال القاصرين للدين احد الوالدين في حال اسلامه» وإن هذا القانون بمادته 26 جاءت متطابقاَ لما ورد في قانون الأحوال المدنية رقم 65 لسنة 1972 المعدل و أحكام المادتين 21 و20 منه التي نصتا على انه «يجوز لغير المسلم تبديل دينه وفقا لأحكام هذا القانون» أي يجوز لغير المسلم تغيير الديانة للاسلام ولا يجوز للمسلم تغيرها لانه في هذه سيعتبر مرتدا حسب مفهوم الشريعة. أما المادة 21 من قانون الأحوال المدنية الفقرة (3) تنص «يتبع الأولاد القاصرين في الدين من اعتنق الدين الإسلامي من الأبويين». وبعد احداث 2003 تغير النظام من الدكتاتوري للديمقراطي وحاولت عدة مكونات غير مسلمة تعديل المواد القانونية هذه ضمن حملات مدافعة مع البرلمان العراقي حيث رفعوا توصية عام 2012 إلى الحكومة العراقية لتعديل هذه المادة كما يلي: «يبقى الأولاد القاصرين في ديانتهم الأصلية على أن يمنحوا حق اختيار الديانة بعد بلوغهم سن الرشد»، خاصة إن المادة التي تنص على اسلمة الأبناء كان لها آثارا و نتائج اجتماعية سلبية على المسيحيين والصابئة المندائيين والايزيديين، والتي بموجبها يتم تسجيل الأولاد القاصرين مسلمين تبعا لإسلام احد الوالدين، وتسجيل ذلك في سجلاتهم المدنية دون علم القاصر ولا يتم إبلاغه عند وصوله لسن الرشد اذا كان له رغبة للعودة لدينه الاصلي وفي حال علم القاصر وقام برفع دعوى لدى المحاكم للرجوع الى دينه الاصلي فيتم تاخير الدعوى ليمر الوقت المحدد، بهذا فانه باتت مشكلة يعاني منها العديد من العوائل المسيحية والصابئة والايزيدية، ومما اضطر بالعديد منهم للهجرة خارج العراق وعدم العودة اليها. ان ما قام به التشريع العراقي هو عدم تعديل تلك المواد لكنها عززها في قانون لسنة 2015 وعززت كذل الانتهاكات وأزم موضوع اسلمة القاصرين من غير المسلمين، وقسم كبير من حالات الاسلمة التي تحدث للشخص يكون سببها تغير الدين في حقل الديانة ويُسجل مسلماً بدلا من دينه الاصلي عند مراجعة دوائر النفوس وتجديد شهادة الجنسية، وفي هذه الحالة يصبح مسلما ويجب ان يقدم طلبا لمحكمة الاحوال وحسب القانون والعرف يتم رفض الطلب.


قانون التبني او الكفالة ووضع الطفل مجهول الابوين (اللقيط) واليتيم
لم تأخذ التشريعات والقوانين العراقية بنظام التبني لأسباب متعلقة بالجانب الديني، إذ ان الشريعة الإسلامية تحرم التبني، لكن المشرع العراقي وضع احكام خاصة تعرف ب(الضم) في قانون رعاية الاحداث رقم (76) لسنة 1983 النافذ حاليا، في الفصل الخامس من الباب الثالث، المادة 39 التي ينص: «للزوجين أن يتقدما بطلب مشترك الى محكمة الاحداث لضم صغير يتيم الابوين أو مجهول النسب اليهما. وعلى محكمة الاحداث قبل ان تصدر قرارها بالضم أن تتحق من أن طالبي الضم عراقيان ومعروفان بحسن السيرة وعاقلان وسالمان من الامراض المعدية وقادران على اعالة الصغير وتربيته وأن يتوفر فيهما حسن النية»

والمادة 45 من نفس القانون «يعتبر الصغير مجهول النسب مسلما عراقيا ما لم يثبت خلاف ذلك»

وفي هذه الحالة لا يستطيع العراقي الغير المسلم تبني طفل مجهول النسب حتى وان كان ميسور الحال فقط لكون الطفل في سجلات الاحوال الشخصية مسلم الديانة لذا يكون الاولوية للعائلة المسلمة بتربية الطفل او يسلم الى المؤسسات الخاصة برعاية الايتام ومجهولي النسب (الميتم التابع للدولة). وظهرت اثار هذا القانون وخاصة المادة 45 الاطفال الذين قد ولدوا في فترة حكم تنظيم داعش لمدينة الموصل (2014 - 2017)، اغلبهم سجلوا كأطفال مجهولي النسب رغم ان لقسم من الاطفال الام معروفة والاب مجهول سُجل الطفل مسلم الديانة وسُلم لدار رعاية الايتام، بالاضافة الى عدد كبير من الاطفال الايتام الذين توفوا اهلهم خلال عمليات تحرير الموصل فلم تكن دور رعاية الأيتام القدرة لاستيعاب أعداد الأطفال في ظل الوضع العام للمدينة في تلك الفترة.

من الممكن الاستنتاج من السياق القانوني العراقي ما يلي:


- تغيير الدين او تركه في العراق معقد جدا ويشكل خطورة على صاحبه.

- قانون الاحوال الشخصية يفرض كتابة الديانة على الهوية وفقاً لديانة الابوين خصوصا اذا كان الاب مسلم والام من ديانة اخرى يتم تسمية الابن مسلم، كما يعتبر الطفل اليتيم (اللقيط) مسلم ويوضع في الملجأ.

- كتابة الديانة على الهوية كانت تعتبر تهديد بالقتل في فترة عدم الاستقرار الامني والحروب الطائفية، كما انها تفرض على الجميع ان يكون له دين ما وحتى ان كان ملحداً او غير ديني الفكر. لكن المشرع العراقي قرر اصدار بطاقة وطنية بدل هوية الاحوال الشخصية لا تحمل حقل الديانة ولكن يبقي كتابة الديانة في سجلات النفوس الخاصة بالافراد.

- كون الدستور ذكر الدين الرسمي للدولة، لكن في احيان كثيرة يتم تشريع قوانين تصب في صالح الاغلبية المسلمة مع تهميش واضح لتنوع الديني والحفاظ على الهوية الاسلامية لغالبية الشعب العراقي.

- صعوبة التبني للعراقيين الغير المسلمين للاطفال المجهولي النسب، لكنه يسمح لهم فقط في حال كون الطفل المتبنى من نفس ديانتهم.


التمثيل السياسي والاداري في مراكز صناعة القرار


على صعيد التمثيل السياسي وصناعة القرار المتمثل بـ (مجلس النواب العراقي) بعدد المقاعد الـ329 نائباً يمثلون افراد الشعب العراقي، فقد خصص ضمن الكوتا 5 مقاعد للمسيحيين، ومقعد واحد لكل من: الإيزيديين والصابئة المندائيين والكورد الفيليين والشبك، وحرم الكاكائيين والبهائيين والزرادشتيين لعدم اعتراف الدستور بتلك الاديان. فهل من الممكن اعتباره تمثيل حقيقي للكوتا وعلى مبدا المساواة في تمثيل الاقليات ام انها فقط واجهة ديمقراطية، علما ان وجود كوتا يكون على اساس قومي وديني ومجرد تمثيل رمزي وذلك لسيطرة الاحزاب على تلك المقاعد لصالح اشخاص موالين لهم وليس لصالح الاقليات. علما ان لرئيس البرلمان العراقي نائبين لم يحدث ان انتخب احد النائبين من الاقليات الدينية الممثلة في مجلس النواب منذ اول دورة نيابية في 2005.


اما من ناحية التمثيل الاداري في مناصب عالية في مؤسسات الدولة فلا زالت محصورة بفئات معينة وفي كثير من الاحيان غير كفوءة، وأن مستوى تمثيل الاقليات الدينية (الإيزيديين والمسيحيين والصابئة) في المناصب الإدارية مثل مدراء عامين وسفراء قليلة جدا مقارنة بنسبتهم وحتى في السنوات الاخيرة تم تعين سفير مسيحي واحد مع العلم يوجد للعراق ما يقارب من 90 سفارة وقنصلية خارجية، حيث ان المناصب الإدارية لا تقتصر على مستوى القائمقام ومدير ناحية. اما في سلك القضاء فحسب القانون العراقي (قانون التنظيم القضائي رقم 160 لسنة 1979، قانون السلطة القضائية رقم 26 لسنة 1963) لا يوجد مانع ان يصبح غير المسلم قاضي اي لم تحدد القوانين بتعين القضاة الدين كشرط اساسي بل اشتطرت ان يكون القاضي وطنيا عراقيا لكن العرف السائد بالقول «لا ولاية لغير المسلم على المسلم”، لأن في القضاء ولاية وبذلك فتولّي الغير المسلم القضاء يعني ولايتهم على المسلمين وهذا ما لا يجيزه الدين والشريعة الإسلامية. وبعد 2005 تم تعين قضاة ايزيديين ومسيحيين في السلك القضائي في مناصب قضاة والادعاء العام بشكل محدود جداً.

السياق الاجتماعي والانتهاكات


1- التماسك الاجتماعي والصراع


بعد هجمات التطرف، بدءاً بالحملات الايمانية التي قام بها نظام البعث السابق وظهور المجاميع المتطرفة بعد احداث 2003 والحرب الطائفية اثرت على التماسك الاجتماعي بين فئات الشعب العراقي وانعدام الثقة بالاخر زادت كثيراً بعد احتلال داعش لاغلب مناطق العراق وتهجير سكان تلك المحافظات.


كانت للاقليات الدينية المتمثلة بالمسيحيين والايزيدين والصابئة المندائيين الحصة الاكبر بالتهجير من المدن الكبيرة مثل الموصل وبغداد والبصرة والاستيلاء على عقاراتهم واملاكهم، وختمها بتهجيرهم بشكل كامل من قراهم في سهل نينوى وما حدث للايزدية على يد العصابات الارهابية (داعش) من ابادة جماعية وعدم تحرك حكومي حقيقي للمصالحة واعادة بناء الثقة. ولا يزال هناك نزاع وصراع او تخوف خاصة بين الايزيدين والمسيحيين اتجاه المسلمين بسبب ماتعرض لهم من قتل وذبح وسبي على يد عصابات داعش الارهابية بعد انضمام قسم من المسلمين في تلك المناطق الى تنظيم داعش، ولكن بعد عمليات التحرير ودخول المنظمات وتلقي المجتمع جلسات وورش عمل حول التعايش السلمي والتماسك الاجتماعي رجعت بعض العلاقات بينهم خصوصا مع الغير المنتمين لداعش، لكن لا يزال هناك عدم تقبل للاشخاص الذي انتموا لداعش وساعدوا في سبي وقتل الايزيدين. وما يساعد تحقيق التعايش واعادة الثقة هو تنفيذ عدالة انتقالية حقيقة تضمن حق الجميع ومحاسبة الجاني.


اما في مناطق أخرى، مثل سهل نينوى، يتمثل الصراع بشكل اخر في طريقة التعايش والتفكير اذا تعاني الاقليات الدينية من مشاكل التغيير الديموغرافي وادخال ثقافات ومعتقدات أخرى، عند زيارة تلك القرى- برطلة مثلاً - يمكن ملاحظه شعارات دينية منتشرة وبكثرة رغم انها تعتبر منطقة مسيحية.

تتمثل مناطق جنوب العراق بكون اغلبيتها من المسلمين (من المذهبين السني والشيعي) مع وجود اعداد قليلة من الصابئة المندائين والمسيحيين متوزعين في مراكز المحافظات. تأثر التماسك الاجتماعي في تلك المحافظات في الحرب الطائفية 2006 – 2007 وتأثر المجتمع بالحركات التعصبية وخطابات الكراهية مما زرع الخوف في نفوس الاقليات الدينية في تلك المحافظات مما ادى الى هجرتهم. بعد انتفاضة اكتوبر 2019 وفشل الاسلام السياسي في ادارة الدولة ظهر رد فعل من الشباب والجيل الناشئ وادى ذلك الى ظهور مجموعة كبيرة من الشباب والشابات الذين اعلنوا انهم ملحدين او من غير دين، ادى الى عدم تقبل المجتمع لهم كون مجتمعات اغلب محافظات العراق مجتمعات دينية عشائرية محافظة وهذا سبب تفككاً في تماسك المجتمع وصراع من نوع جديد.


2- المعابد والرموز الدينية


المعابد الدينية في العراق منتشرة في اغلب المدن وحسب الانتماء الديني او تواجد اتباع ذلك الدين فمثلا الجوامع والمساجد منتشرة في كل مدن العراق، والكنائس منشرة حسب تواجد المسيحيين في مدن العراق منها ما يزال يقام فيها الطقوس الدينية ومنها ما اصبح اطلال تاريخية ككنيسة الخضراء في تكريت وكنيسة الاقصر في كربلاء او كنائس تراثية مثل اغلب كنائس بغداد، ومعابد الايزيدية اغلبها في شيخان وسنجار شمال العراق منها المعبد الرئيسي للديانة «معبد لالش النوراني» اما في باقي المحافظات العراقية الوسطى منها والجنوب فلا يوجد معابد دينية لهم، والسبب في ذلك عدم تواجدهم هناك وان تواجدوا فعددهم قليل، اما الصابئة المندائية فلهم مندى وغالبا على ضفاف نهري دجلة والفرات لإقامة شعائرهم الدينية المرتبطة بالمياه الجارية وذلك في بغداد وميسان وذي قار والبصرة ولكون اغلب تواجدهم يكون في جنوب العراق كما يتواجدون في كركوك واربيل. اما بالنسبة للديانة اليهودية فكان لهم عدة معابد (كنست) ومدارس توراة منتشرة في العراق ومنها التي كانت مراقد للانبياء المذكروين في التوراة مثل مرقد النبي ناحوم في القوش – نينوى والذي لا يزال كما هو وكذلك مرقد النبي عزرا (حاليا مرقد العزيز) في في ناحية العزيز – ميسان ومرقد النبي حزقيال (حاليا مرقد ذي الكفل) في بابل والذين تحولا الى مزار إسلاميّ بعد الهجرة الجماعية ليهود العراق في 1948 ولا تزال الكتابات العبريّة والرموز اليهوديّة منقوشة في اغلب المعابد اليهودية الى الان. اما بالنسبة للزرداشتية والبهائية فلهم مركز ديني في اربيل وسليمانية وتم افتتاحهما بعد 2003 بعد اعتراف الاوقاف الدينية في اقليم كردستان بهم، رغم المعوقات التي قُبل بها الزردشتية عند تقديم الطلب للبلدية للموافقة على بناء معبد خاص بهم باعتبارهم عبدة النار. اما البهائية فكان لهم بيت للعبادة في بغداد في جانب الكرخ معروف ببيت حضرة بهاء الله مؤسس البهائية والذي تم هدمه في زمن نظام البعث السابق وكذلك كان لهم مقر في شارع النضال صادره النظام، مع العلم ان تأسيس أول محفل محلي روحاني للبهائية في العراق يعود إلى سنة 1919، كما يضم العراق أهم المراكز المقدسة لدى الديانة البهائية وهي حديقة الرضوان المكان الذي أعلن فيه بهاءالله دعوته العلنية، وفي الوقت الحالي لم يعد للحديقة او بيت بهاءالله موجدين.


اغلب المعابد الدينية أصبحت تراثية او متروكة بعد 2003 ومنها ما أغلقت بسبب الهجرة الجماعية لأصحاب هذه الديانات ومنها ما تعرض لتفجير وتخريب من قبل تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) خصوصا في محافظة نينوى حيث هدم التنظيم الجوامع والمساجد والأضرحة مثل جامع النبي يونس والجامع النبوي، ومن الاضرحة والمزارات الشيعية ضريح الإمام الرضا ابن موسى الكاظم وعدد من الحسينيات كما فجر مبنى الجب في دير ماربهنام التابع للمسيحية.


في السنوات الاخيرة التي تلت حرب 2003 انتشرت مراقد ومزارات دينية وهمية واكثرها عند التوجه من بغداد باتجاه المحافظات الجنوبية واغلب هذا المراقد يتم نسبها الى ذرية الامام علي او الامام الحسين حيث يلاحظ على الطريق لوحات تدل على هذه المراقد واكثرها باسماء وهمية، ومن هذه المراقد الوهمية والتي سببت حادثة الانهيار فيه الى ابراز والبحث عن حقيقة هذه المراقد وهو مزار قطارة الامام علي الذي انهار في 2022 وترك وراه عدد من الضحايا، عندها اعلن ديوان الوقف الشيعي والعتبات المقدسة في العراق عدم مسؤوليته عن مزار القطارة، الذي يقع في الصحراء الغربية لمحافظة كربلاء على بعد 28كم عن مركز المحافظة وحاليا تم اغلاق الموقع حسب تصريح المحافظ انذاك. وبعد هذه الحادثة دعا الكثير من الناشطين والمدونين في وسائل التواصل الاجتماعي الى تشكيل لجان مشتركة بين الحكومة والعتبات لتحديد المراقد الوهمية من الحقيقية التاريخية وان تسجل رسميا جميع المواقع والمزارات الدينية ودور العبادة لدى الأوقاف الدينية وكل حسب الوقف التابع له سواء الوقف الشيعي أو الوقف السُني، وذلك لان هذه المراقد الوهمية تقوم باستغلال مشاعر الناس مستندة على حالات الجهل المنتشر في العديد من المناطق وخاصة الريفية منها وكذلك الاستفادة منهم ماليا.

تعد الحركة الصرخية التابعة لرجل الدين الشيعي محمود الصرخي من الحركات التي تدعو الى هدم المراقد والمزارات الدينية حيث القى احد اتباع الحركة في خطبة الجمعة في احد المساجد الشيعية في محافظة بابل في نيسان 2022 والتي دعى فيها إلى هدم قبور أئمة الشيعة في العراق لأنها خلاف الدين وعقيدة التوحيد على حسب وصفه، وهذا الخطبة التي على اثرها اندلع احدث شغب وفوضى في العراق وخصوصا بين الشيعة وهاجم مجموعة من الاهالي المكاتب والمساجد والمراكز التي تتبع الحركة وخاصة في محافظتي ذي قار وبابل كما شهدت بغداد والنجف وكربلاء والبصرة احتجاجات واسعة وإغلاق المكاتب التابعة للحركة، كما تدخل جهاز الأمن الوطني العراقي في محافظة بابل والقى القبض على اشخاص متطورتين في عمليات زعزعة الامن وتحريض للتطرف في محافظات بغداد وذي قار وبابل والديوانية والمثنى وميسان وواسط والنجف والبصرة.


الرموز الدينية: جرت العادة للمجتمعات باظهار رموزهم الدينية وارتدائها كقلائد تحمل رمزا دينيا مثل ارتداء الصليب للمسيحيين او تعليق الايزيدين رمز طاووس ملك في سيارتهم كما يرتدي الصابئة الدرفـش (درافشا) ولانه لا يوجد قيود من قبل الدولة تمنع ارتداء الرموز الدينية او اظهارها فكان اغلب الاقليات الدينية يظهرون رموزهم الدينية علنا ليس في الاماكن الدينية فقط وانما في الاماكن العامة كنوع من الحرية الشخصية للفرد. لكن بعد الحرب الطائفية بعد 2003 تكونت تحفظات من قبل المجتمع في عدم اظهار مثل هذه الرموز امام الملأ، كما كانت هناك حملات لفرض الحجاب على كل العراقيات حتى على الغير المسلمات. كما ظهرت قيود على بعض الديانات من خلال ممارسة التغيرات الايدلوجية لفرض بعض الشعارات الدينية على بقية الاديان او رفع الرموز الدينية وخصوصا في مناطق تواجد اغلبية غير مسلمة، حيث يلاحظ في الاونة الاخيرة وخصوصا بعد 2017 والتحرير من احتلال داعش انتشار رايات الخاصة بالحسين في مناطق السنية والمسيحية في نينوى، حتى بعد ما تنتهي مراسيم وطقوس يوم عاشوراء. كذلك نشر قطع او كتابات على الطرق الرئيسية الخارجية بين المدن عبارات مثل (استغفر الله) (الحمد لله) وغيرها.


3- الزواج بين الاديان


لا يخفى انه لا يوجد زواج بين الاديان في العراق ولكن يحق لفرد المسلم الذكر الزواج من اهل الكتاب مثل المسيحيين وتبقى على دينها المسيحي ولكن الابناء يكونون مسلمين وايضا يحق المسلم الزواج من الايزيدية ولكن يجب أن تصبح مسلمة وتعلن أسلامها وايضا الابناء يصبحوا مسلمين. ولا يحق لمسلمة الزواج من غير المسلم لان القانون والشريعة تمنع ذلك أو تنص لا يحق لغير المسلم التحكم بالمسلم، ولكن يجوز بشرط أن يصبح الزوج مسلم ويعلن اسلامه، ولكون قانون الاحوال الشخصية مستند على الشريعة الاسلامية وليس قانون مدني فيتم تطبيقها في حالات الزواج، لذا من النادر وجود حالات الزواج بين اشخاص من ديانتين مختلفتين، وفي حال وجوده يكون فقط للمسلمين وتغير دين الزوجة للاسلام ومما يؤدي الى انقطاعها عن زيارة اهلها او تبري اهل الفتاة منها ويولد وصمة اجتماعية على عائلة الفتاة. وهذا بسبب عدم وجود قانون يحمي المتزوجين فاذا حصلت هذه الحالات يجبر احد الاطراف عن التنازل عن دينه والدخول في دين الأخر لإتمام الإجراءات الخاصة بالعقد أو يهاجر الزوجان خارج العراق لدول تضمن حرية زواج الاشخاص من الاديان المختلفة وتصديق الزواج في تلك الدول ولا يصدق في العراق.


4- الانتهاكات


على صعيد الانتهاكات المستمرة ضد الاقليات الدينية منذ تأسيس الدولة العراقية مثل مذبحة سميل ضد الاشوريين والنهب(الفرهود) اليهودي واخيرا الابادة الجماعية على يد تنظيم داعش للايزيدية ولباقي الاقليات، لم تقتصر الانتهاكات على الابادات الجماعية بل ظهرت في تصرفات جماعية للمجتمع ككل، كالنظرة الدونية للاقليات الدينية والتهميش وعدم التعامل معهم مثل ما يتعرض له الصابئة المندائيون وبشكل مستمر من التمييز على صعيد العمل فتنحصر اعمالهم على حرفة معينة متوارثة وهي بيع الذهب وقليل مايتم ملاحظة اندماج هذه الديانة في اعمال اخرى وذلك بسبب التنمر والقهر الإجتماعي من قبل الأغلبية فيوصف الصابئة من قبل مجموعات متطرفة دينياً على انهم نجسين ولا يجوز التعامل معهم او الأكل منهم او التقرب منهم او حتى دخول منازلهم ونادرا ما يعلمون في المطاعم، كذلك لا يحبذ العامل العمل في بيوت العبادة الخاصة بالصابئة الا في حال تغطية الرموز الدينية الظاهرة في المندى.


ولم يقتصر التحريض فقط على الاقليات الدينية (المسيحيين والايزيدين والصابئة) لكن يتم وصف اللذين لا دين لهم والملحدين بالانحلال الاخلاقي والافساد والترويج للالحاد. وكما يحرم بعض الشيوخ في بعض المحافظات الإحتفال بإعياد رأس السنة وأعياد ميلاد المسيحيين بوصفها اعياد الغرب الكافر وتمنع الاحتفالات بها، كما يتم تحريم المعايدة باعيادهم وتقديم التهاني والتي تعتبر كخطابات كراهية والتي تنتشر في المناسبات والأحداث الدينية.

كما تعتبر الصور النمطية المغالطة جزء من الانتهاكات التي تعزز انفكاك المجتمع وعدم تقبل الاخر مثلا: (الصابئة يخنقون الذبيحة ولا يذبحونها ونجسين، الإيزيديون يعبدون الشيطان، المسيحيين يعبدون ثلاث الهة ومشركين واليهود خبيثون والكاكائية يمارسون الجنس مع اخواتهم، وكل المسلمين هم الدواعش وارهابين).

الشيخ شوقي جبار البديري
الشيخ شوقي جبار البديري

عدد المساهمات : 10117
تاريخ التسجيل : 04/04/2012
العمر : 59
الموقع : قبيلة البدير للشيخ شوقي البديري

https://shawki909.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 حرّية الدين - المعتقد وعدم التمييز Empty سياق المناهج التعليمية والتربوية

مُساهمة  الشيخ شوقي جبار البديري الأحد يونيو 09, 2024 6:32 am


سياق المناهج التعليمية والتربوية


تم ادراج مناهج التعليم الديني للتربية الإسلامية للمسلمين وذلك بعد الحملة الايمانية التي قام بها النظام السابق في التسعينيات ولان الاغلبية الساحقة من العراقيين هم من المسلمين حيث تقوم المدارس بتدريس الدين الاسلامي منذ سن السادسة الى سن الثامنة عشر، اما بالنسبة للطلاب من الديانات الاخرى فهم أحرار بعدم حضور درس مادة التربية الإسلامية او البقاء في الدرس ولكن لا يسمح لهم بإجراء الامتحان بالمادة، كما انهم لا يستطيعون دراسة ديانتهم في مدارس حكومية في حال وجود عدد قليل من الطلاب، ففي مناطق ذات اغلبية مسيحية مثل قرى سهل نينوى سمح لهم بدراسة التربية الدينية المسيحية لكن في المدن الكبيرة مثل بغداد فلم يكن لهم درس التربية الدينية لعدم توفر معلم خاص. كما ان الأديان الأخرى لم يكن لهم منهاج خاص ولكن بعد 2003 استطاع الايزيديون ادراج تعلم الديانة الايزيدية ولكن فقط في المدارس حيث من الممكن ان يمثلوا الأغلبية مثلا في ناحية بعشيقة - نينوى. مما يضطر الطالب الغير المسلم بالخروج من الصف الدراسي لحين انتهاء الحصة وهذا ما يعزز التساؤل لدى الطلاب المسلمين عن سبب التفرقة والتمييز فيبدأ الطالب يعرف أن الاخر مختلف وتبدأ تتكون الأفكار والايديولوجيات والأفعال والسلوكيات التي من الممكن ان تؤدي الى التطرف العنيف، عدا من الظلم الذي يلحق الطالب الغير المسلم من تحصيل المعدل الذي يؤهله الدخول الى الجامعة. أن الطالب الغير المسلم حتى لو درس المنهاج الخاص بدينه فأنه لا يدخل ضمن الامتحان الوزاري(البكالوريا) مثل الدين الإسلامي الذي له يوم محدد واسئلة للامتحان وهذا يسبب تغيراً في معدل القبول الجامعي. وهذا ما يحدث للطلاب المسيحين والايزيدين والصابئين غير ان البهائيين والزردشتين يعانون بشكل اخر، ففي الاوراق الثبوتية الرسمية هم مسلمين فعليه حضور ودراسة التربية الدينية الاسلامية وتعلم مبادئ الدين الاسلامي عدا ذلك عن انه في البيت عرف من والديه انه زردشتي او بهائي الديانة وتعلم مبادئ الدين يكون من المعبد او المركز الخاص بهم، مما يولد للطفل صراع نفسي للبحث عن الهوية الدينية عدا عن مشاكل عدم تقبله من الاخرين او التمييز من قبل المعلم.


صدر قانون خاص بالتربية سمي قانون وزارة التربية رقم (22) لسنة 2011 رغم وجود العديد من المواد الجيدة فيه مثلا المادة2 « تنشئة جيل ينبذ جميع صيغ التعصب و التمييز بما ينسجم مع أحكام الدستور» اما المادة 18 تنص «تضع الوزارة الخطط والمناهج الدراسية لمختلف مراحل التعليم و أنواعه و تعمل على تطويرها ومتابعة تنفيذها، وتوفير الوسائل والاساليب التي تستلزمها والكتب المدرسية المنهجية والمساعدة وادلة المعلمين والتقنيات التربوية»


لكن رغم وجود هكذا قانون (جيد في معظم مواده) فلم تلتزم وزارة التربية بتنفيذ مادة واحدة منه وخصوصا ما يخص تعديل المناهج وتضمين الرحلات الثقافية للطلاب للمتاحف الوطنية والثقافية والاثارية، لكن ما قاموا به عزز التمييز، ففي الأسئلة الوزارية الصف الثالث المتوسط (ما يعادل صف التاسع) لسنة 2022 تم دمج منهج التربية الإسلامية مع اللغة العربية واستخدام عبارات في صياغة توضيح الأسئلة (الطالب الغير المسلم) لا يجيب على هذا السؤال فقط (الطالب المسلم) وهذا ينافي الاتفاقية العالمية للقضاء على التميز العنصري، عدا عن ذلك فتتيح صيغة الأسئلة للمسلم بترك أسئلة من اللغة العربية اما الغير المسلم فعليه الإجابة دون ترك وذلك للحصول على الدرجة كاملة من 100 حيث ان الدرجة 100 مقسمة على التربية الدينية الإسلامية واللغة العربية وبما ان الطالب الغير المسلم ليس عليه الإجابة على الأسئلة الخاصة بالدين فهذا يسبب له نقص بالدرجة لذا عليه الإجابة على جميع أسئلة اللغة العربية والطالب المسلم لديه خيارات في ترك الأسئلة.


ورغم هناك مطالبات للتغير المناهج او تعديلها لكن هناك مخاوف بأن تتطبع بالطابع الشيعي اكثر وضد المذهب السني لان المتحكمين في الشأن السياسي العراقي هم الكتل الشيعية ولهم قاعدة جماهيرية قوية في الشارع العراقي. كما ان تأثير عدم وجود مادة تعريفية باديان العراق لا تؤثر سلبا على الاقليات فقط بل كذلك على الطلاب المسلمين فأنه لن يكون لديهم أي معلومات حول تاريخ الأقليات الدينية مثل المسيحية والايزيدية والزردشتية والصابئة المندائية وعن عاداتهم وتقاليدهم وتراثهم الثقافي، فيعتمد الشخص اذا اراد التعرف على الاخر على الاجتهاد الشخصي والبحث في مصادر او كتب خارجية.






سياق وسائل التواصل الاجتماعي


كانت ولازالت منذ ظهور وسائل التواصل الاجتماعي منبر لاعلان او متابعة الصفحات، ورغم ان لها محاسن كثيرة لكن هناك من يستخدمها لنشر خطابات الكراهية والتحريضية ضد الاخر. وما يتم رصده عند التعليقات على اي منشور ديني لغير المسلم انتشار عبارات مثل (الحمدالله على نعمة الاسلام) (نعوذ بالله من الشرك والكفر هاذولا علا كفر وشرك وشعوذه نسأل الله أن يهديهم للحق) (الدين عند الله الاسلام). وفي حالة وفاة شخص غير مسلم اغلب التعليقات تكون (لايجوز الرحمة لغير المسلم) (مصيره الجهنم) (مات كافر). مثل هذه العبارت والتعليقات التي تنتشر في اغلب المنشورات الدينية واعتبار الاخر كافر وعدم الاعتراف بوجود اديان اخرى في العراق تولد الخوف والقلق عند الاقليات الدينية والاحساس بالنبذ وعدم تقبلهم في المجتمع وعدم الاستقرار، ربما تأثيرها ليس ظاهرا في المجتمع ككل لكن ربما تعتبر مقياس لما يفكر بيه الافراد ومدى تقبلهم للتنوع الديني واحترام معتقدات الاخر الدينية، وهذا يدل على امتلاكهم للفكر وسرعة تجنيدهم من قبل المجاميع الارهابية.


كما ان هناك صفحات تروج للخطاب الديني المتطرف ومن خطرها امكانية الوصول لعدد غير معروف وتأثير الجيل الناشئ بتلك الافكار ولقلة الوعي عندهم، والتي تروج عن طريق فيديوهات وكليبات وحتى منشورات مكتوبة وخاصة اذا كان صاحب المنشور شخص مؤثر مجتمعيا كرجل دين او مختار او سياسي. وهذا ماحدث في محافظة السليمانية 2021 عندما انتشر فيديو لشابة وشاب يرقصان في شارع سالم العام وانتشرت ردود فعل سلبية على وسائل التواصل الاجتماعي من جماعات اسلامية وصلت الى حد اقامة صلاة جماعية في نفس المكان، ومثل هذه ردود الافعال تنتشر دائما بالتزامن مع اعلان أي حفلة موسيقية وغنائية كما حدث عند انطلاق مهرجان بابل ومهرجانات في سندبادلاند في بغداد. حيث يندد رجال الدين او السلطات الدينية بمنع اقامة مثل هذه المهرجانات بحجج انها تروج لفساد الشباب والالحاد وشرب الكحول وانتهاك قدسية المكان والزمان، ويطالبون عبر وسائل التواصل الاجتماعي المواطنيين بالاحتجاج لرفض حفلات الغنائية واقامة الصلاة في مكان المهرجان، وذلك ما حدث قبل ليلة من انطلاق مهرجان بابل وكذلك عندما شاركت عازفة كمان في حفل افتتاح الملعب الرياضي في كربلاء. اما في الجهة المقابلة لمثل هذه الدعوات ينتشر هاشتاك من قبل الالاف الناشطيين مثل (# بغداد_ليست_قندهار) (# بغداد_مدنية) (# بابل_تغني) مطالبين بحق الحريات العامة والمدنية والعراق بلد متنوع ومتعدد الأديــان والأفكار وان لكل فعل مكانه الخاص به في حملات على وسائل التواصل الاجتماعي مثل التويتر والفيسبوك مناهضة لاحتجاجات التي اعترضت على اقامة الحفلات الغنائية.


مفاهيم عامة متعلقة بحرية الدين


1- مواطنة حاضنة للتنوع


ماذا تعني المواطنة كمفهوم: تُعرف المواطنة اصطلاحًا بأنّها علاقة متبادلة بين الأفراد والدولة التي ينتمون إليها ويُقدّمون لها الولاء، ليُحصلوا فيما بعد على مجموعة من الحقوق المدنية، والسياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، أي أنّها علاقة بين الفرد والدولة يُحدّدها قانون الدولة بما تتضمّنه من حقوق وواجبات جب التساوي بين جميع أفراد المجتمع في الحقوق والواجبات، وإتاحة جميع الفرص أمام الافراد باختلاف عقائدهم الدينية، ومعتقداتهم الفكريّة، وانتماءاتهم السياسيّة، ویتم تحقيق ذلك بوجود ضماناتٍ قانونيةٍ وقضاءٍ عادلٍ ونزيه يُنصف كلّ من تتعرّض حقوقه للانتهاك.

من اهم اركان المواطنة الحقيقية هي:


1- الحرية: حق في الحياة بكرامة ودون التعرض للانتهاكات

2- المساواة: بكل مجالاتها السياسية، الاجتماعية، القانونية

3- العدالة: امام القانون والعدالة الاجتماعية

4- الشراكة والمشاركة: شركاء في الوطن، شركاء في اتخاذ وصنع القرار


يأتي غياب تطبيق للمواطنة في العراق بسبب ذكر مصطلح (المكونات) في الدستور العراقي لسنة 2005 مما عزز المحاصة والتفرقة بين الشعب على أساس مكوناتي سواء کانت دينية، طائفية، مذهبية، قومية. مع وجود قوانين تعزز التفرقة كما في قانون الأحوال الشخصية لسنة 1959 الذي تم التطرق اليه اعلاه. لكن ما يُطمح اليه لا يتحقق بتشريع قانون خاص لكل دين وطائفة بل بتعديل القانون الحالي بما يلائم الدولة المدنية الديمقراطية الحاضنة للتنوع، قانون يشمل جميع سكان العراق كمواطنين متساوين في الحقوق والواجبات. كقراءة للواقع العراقي وانبثاق الجيل الجديد رغم انه لا يمثل اغلب السكان والشباب العراقي، أصبح هناك وعي نسبي حول أهمية التنوع في ثقافة العراق واهمية المحافظة عليه، لذا هناك جهود ليس من الأقليات فقط وحدها بضرورة تشريع قانون يضمن حماية التنوع ومنع التميز بين مكونات الشعب.


وما يعزز المواطنة وجود برامج شبابية تقوم بيها منظمات المجتمع المدني والفرق التطوعية لرفع الوعي لدى الشباب الناشئ بوجود مكونات واديان أخرى شركاء في نفس البلد. ومن الضروري العمل على ذلك ضمن المناهج التعليمية في المدارس لتضمين مواد تعزز روح المواطنة الحاضنة للتنوع والهوية الجامعة لكل الشعب مع الحافظ على خصوصية المجاميع الثقافية والدينية وكما يتم الحفاظ وحماية الأماكن الدينية والمعابد الخاصة بهم.


كذلك وجود متاحف ثقافية واثارية وطنية وبعد عدة مناشدات لفتحها للزوار حيث سببت الحرب في 2003 الى اغلاقها، استجابت إدارات المتاحف والهيئة العامة للأثار بفتح المتاحف الموجودة في اغلب المدن العراقية حيث تشهد اقبالاً من المواطنين لزيارة المتاحف وتقوم عدة مواقع على وسائل التوصل الاجتماعي الترويج لزيارة المتاحف للتعلم والاطلاع على حضارة العراق والتنوع الغني لسكانه.


2- العدالة الانتقالية


تشير العدالة الانتقالية إلى مجموعة من التدابير القضائية وغير القضائية التي قامت بتطبيقها دول مختلفة من أجل معالجة ما ورثته من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. والعدالة الانتقالية ليست نوعا من العدالة، إنّما هي مقارب لتحقيق العدالة في فترات الانتقال من النزاع الى السلم وذلك من خلال محاولة تحقيق المساءلة وتعويض الضحايا، وتقدّم اعترافاً بحقوقهم وتشجّع الثقة المدنية، وتقوّية سيادة القانون والديمقراطية.


ومن اهم اركانها:


- كشف الحقيقة: لماذا حصل هذا للضحية؟

- المسألة: محاسة الجاني لا بهدف والانتقام وانما لينال القصاص لما جناه

- جبر خاطر المتضرر: باطلاق اسماء الضحايا على مؤسسات او شوارع او ساحات او غيرها وذلك لتخليد ذكراه.

- التعويض: لذوي الضحايا سواء كانت مادية او معنوية

- اصلاح المؤسسات والوقاية: التي تشمل القوانين والانظمة وذلك لضمان عدم تكرار المأساة واعادة ثقة المجتمع بالدولة

- العدالة الجندرية

- التعامل مع الذاكرة والماضي


ان من اهم اهداف العدالة الانتقالية هو الوصول الى المصالحة والاعتذار للمجني عليه وليس الحكم بالقصاص القاسي من الجاني وخصوصا في فترات الانتقال من الحرب الى الاندماج في المجتمع والمصالحة المجتمعية. كما تعني بالضحايا ومعالجة الماضي وذاكرة الحرب والاهم رد الاعتبار للضحايا. ويضمن تحقيقها الابتعاد عن الثأر والانتقام – التهيئة لحكم القانون والدولة – ضمان الوفاق المجتمعي القائم على احترام الرأي والرأي الاخر.


لماذا العدالة الانتقالية؟


المجمتع العراقي مر منذ تأسيس الدولة العراقية بازمات متتالية، من ابادة للمكونات المختلة، حيث لم يحدث ولا مرة واحة ان طُبقت اركان العدالة الانتقالية لواحدة من الازمات وخصوصا تلك التي وقعت على الاقليات الدينية اذ مازال متوارثة تنتقل من الاجداد الى الابناء وثم الى الاحفاد مما يترك ذلك خوفاً من الاخر وعدم الثقة به مستمرة ومنتقلة من جيل الى جيل. فاحداث داعش الاخيرة وما تسبب من خوف وزعزعة التماسك بين المجتمع اعادت الى ذاكرة الاقليات الدينية في نينوى الابادات السابقة التي حدثت لهم ولم ينال الجاني القصاص والمسألة. ولازال الى الان رغم استقرار الامن بشكل نسبي في بعض مناطق نينوى هناك خوف من الاخر(الاغلبية) من تكرار المأساة لمرات عديدة.


فاهالي ضحايا الابادات الجماعية والتي كانت على اساس ديني لازالوا بانتظار رد الاعتبار وكشف الحقيقة والاهم الوقاية. ففي العراق يتم محاسبة الجاني حسب المادة القانونية 4 ارهاب وفي حال العفو الشامل يشمل الجاني به، اذ ان المشرع العراقي لم يشرع قانون بخصوص جرائم ضد الانسانية مثل السبي والخطف، القتل والاغتصاب، النهب والتهجير وغيرها والتي عقوبتها لا يشملها العفو العام ضمن العدالة الانتقالية. وفي حال اقامة محاكم خاصة بالعدالة الانتقالية من اولوياتها الأساسية ان تكون مفتوحة وعلنية او يتم نقلها على القنوات التلفزيونية ليتمكن اهالي الضحايا المتابعة ومعرفة الحقيقة وان يرد لهم الاعتبار، كما حدث في محاكمة المسوؤلين في نظام البعث السابق في سنة 2005 من قبل المحكمة الجنائية المختصة لتهم انتهاك حقوق الإنسان والابادة الجماعية.

ورد في قانون الناجيات الايزيديات المرقم (Cool لسنة 2021 جزء من العدالة الانتقالية للابادة الجماعية للايزيدين على يد تنظيم داعش في سنة 2014 حيث تشمل بنود القانون التعويض المادي والمعنوي، من اعتماد رواتب شهرية للناجيات وجميع المشمولين بهذا القانون كالأطفال، وتوفير الفرص الاقتصادية والعمل والاستشارات النفسية والمعالجة الصحية. كما سيسهم القانون في العمل على إنصاف الناجيات والمحررات وتأمين حياة لائقة وكريمة لهن، وإعادة تأهيلهن وزرع ثقتهن بأنفسهن، بعدما اقترفت بحقهن جرائم الاغتصاب والسبي واستعباد وبيعهن في أسواق النخاسة لعدة سنوات قضوها تحت حكم تنظيم داعش. كذلك يشمل القانون التعويض والدعم المادي والمعنوي للأقليات العرقية والدينية الأخرى الذين تمّ إستهدافهم من قبل التنظيم.


تحديات تواجه حرية الدين في العراق


هناك العديد من التحديات التي تواجه وجود حرية الدين في العراق من اهمها:

- التطرف الديني والتزمت الديني والتمسك الاعمى بالتطرف، كذلك الايمان المطلق والدفاع عن الدين

- الجهل بمعتقدات وطقوس الاديان الاخرى والحكم المسبق عليهم.

- ضعف الوعي الاجتماعي وعدم احترام وقبول للمعتقدات الاخرى

- انغلاق المجتمعات الدينية الصغيرة على نفسها مما ادى الى انتشار صور نمطية مغالطة عنهم والجهل بطقوسهم.

- تسلط رجال الدين على الافكار والمفاهيم المجتمعية وفي بعض الاحيان التحريض للكراهية.

- السياسات والتشريعات القانونية في العراق التي تنصف كل فئات الشعب العراقي.

- الانفلات الامني والنزاع المناطقي وخصوصا على مناطق الاقليات الدينية ادى الى كون الاقليات الدينية ان تكون ضحية النزاع وتعزز هجرتهم.

- تغير ديموغرافي ذو طابع ديني شيعي لمناطق متعددة في العراق مثل سهل نينوى وسامراء.

- عدم وجود مصالحة وطنية لذوي ضحايا من الاقليات الدينية وتحقيق عدالة انتقالية لهم.


التوصيات والمقترحات


1- الابتعاد عن اثارة النقرات الطائفية بين مواطنين البلد الواحد.

2- الحيادية والوقوف على مستوى واحد من جميع الاديان وعلى مبدأ المواطنة الجامعة.

3- تعديل وتشريع قوانين تضمن وتعزز حرية الدين لمكونات الشعب عامة وللاقليات الدينية خاصة، ضمن مواد (41) (42) (43) من الدستور العراقي لسنة 2005

4- توفير مشاركة حقيقية في صناعة القرار عابرة للاقليات والمكونات.

5- تنفيذ اجراءات العدالة الانتقالية لمناطق المتاثرة بالنزاع خصوصا النزاع الديني

6- زيادة الوعي المجتمعي باقامة برامج توعوية حول مفهوم حق حرية الدين وقبول الاخر لضمان تنمية مستدامة

7- تسليط الضوء على ممارسات الاديان الاخرى واظهار الجانب الايجابي للطقوس الدينية ونبذ الصور النمطية المنتشرة عنهم.

8- تعريف باديان العراق القديمة والتشجيع على زيارة الاماكن الدينية القديمة التراثية وفتحها للزيارة وكذلك الاماكن الدينية الحالية والمتاحف.

9- نبذ خطابات التي تحرض على نبذ الاخر وكراهية ضد الاديان الاخرى

10- تعديل مناهج التربوية وادخال مناهج جديدة تعلم على قبول الاخر ومبدأ المواطنة والتعريف بالاديان الاخرى.


المصادر


- جلسات استماع مجتمعي في اغلب المحافظات العراقية وضمن مشروع مساواة المنفذ من قبل منظمة السلام والحرية. في كل جلسة بلغ عدد المستطلعين 20 فردا.

- الرصد والعمل القريب مع المجتمع العراقي والناشطين من الاقليات الدينية.

- البحوث التي صدرت عن مشروع مساواة – العراق:1- حرية الدين والمعتقد، مقالات صحفية 2- الدراسات البحثية لمشروع مساواة 2020 – 2022.

- القوانين والتشريعات العراقية والدستور العراقي لسنة 2005.
الشيخ شوقي جبار البديري
الشيخ شوقي جبار البديري

عدد المساهمات : 10117
تاريخ التسجيل : 04/04/2012
العمر : 59
الموقع : قبيلة البدير للشيخ شوقي البديري

https://shawki909.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى