احداث الناصرية سنة ١٩٦٢

{ من احداث الناصرية سنة ١٩٦٢ --- غرگانات الشطرة }بتاريخ ٢٨ / ١٢ / ١٩٦٢ تمت الموافقة من مديرية معارف لواء المنتفك بكتابها المرقم ٣٣١ بتاريخ ١٥ كانون الاول على قيام مدرسة ( العِفَّه)
الابتدائية للبنات بتنظيم سفرة مدرسية لطالباتها الى بساتين النخيل في ناحية گرمة بني سعيد التابعة الى قضاء سوق الشيوخ ، وقد تم الاتفاق مع السائق خضير ناهض من مواليد الشطرة والسيارة كانت من نوع باص فالفو خشبي سويدية الصنع ، وهي من املاك السيد هادي ضايف ، حيث بدأت رحلة الموت والطالبات فرحات ويزغردن بأهازيج ( هذا سايقنا الورد هسه يوصلنا ويرد ) وصلت السيارة الى قضاء سوق الشيوخ الساعة التاسعة والنصف صباحا حيث توقفت السيارة قرب مدرسة السوق الابتدائة الواقعة بين منطقة الحويزة ومنطقة البطاط ، ثم واصلت مسيرها الى الجسر الخشبي القديم المسمى بجسر البطاط ، والذي كتبت على بدايته لوحة ( انتظر اشارة المرور الجسر يتحمل طن واحد فقط ) كان يجب نزول الحمولة وكان يجب على كل سائق ان ينتظر دوره في العبور لكي يعطي اشارة من قبل الجسّار الموجود في الضفة الاخرى من الجسر والذي فعلا اعطى اشارة للسائق بالرجوع الى الخلف والتوقف لكن دون جدوى وكانت هناك سيارة اخرى تتقدم الى الضفة الاخرى من نهر الفرات عبر الجسر وعند وصولها الى منتصف الجسر وقبل صعودها من المنخفض استمرت سيارة مدرسة العِفّه بالدخول الى وسط الجسر وتقدمت السيارة الاخرى نحوى المقدمة بصعوبة ، والجسر لا يتحمل سيارتين لقد اصرت مديرة المدرسة على عدم نزول الطالبات خوفا عليهم من نهر الفرات وصلت سيارة الطلبات منتصف الجسر بدء السائق يسمع اصوات تقطع الحبال ودخول المياه الى مقدمة السيارة قال السائق باكيا ان السيارة فقدت قوتها ونزلت كالجبل في نهر الفرات وبدء يبتلعها من الامام وترتفع مؤخرتها ولم اسمع سوى صرخات وبكاء الطفولة ، فخرجت كالمجنون من بوابتي ولازلت حتى هذه اللحظه مذهولا كيف حصلت المأساة لبريئات الشطرة ، تم سحب العديد من جثث الطالبات وضجت المدينة برمتها وما هي سوى بضع دقائق
وانتهى كل شيئ وكان يوم الجمعة المصادف ٢٨ / ١٢ / ١٩٦٢ سجل فيه ابطال اهالي سوق الشيوخ سطورا ناصعة لمواقف الانسانية رغم برودة المياه واجواء الشتاء الباردة ، فانتشلو مايقارب اثنان واربعون جثة ، فبدء النداء في الجوامع والاسواق واستنفرت القائم مقامية والبلدية ، وايضا نودي على النجارين حيث لم تكفي توابيت المدينة كذلك فتح القماشون محلاتهم لتوفير الاكفان واصحاب السيارات الكبيرة والصغيرة لنقل جثامين شهيدات نهر الفرات الى الطبابة العدلية في مستشفى الجمهوري الذي كان اسمه الملكي في الناصرية والذي يقع الان في شارع الحبوبي واستقبلت المدينة المفجوعة وفودا من الحكومة ككنائس بغداد وزعيم طائفة الصابئة المندائيين وممثل زعماء الكورد مع وفدا شيوخ ربيعة ، فأقاموا لهن تشييع مهيب وتم دفنهن في مقبرة وادي السلام في النجف الاشرف
الرحمة والغفران لطالبات مدرسة العِفّه