موقع قبيلة البديرالعام للشيخ شوقي جبارالبديري


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

موقع قبيلة البديرالعام للشيخ شوقي جبارالبديري
موقع قبيلة البديرالعام للشيخ شوقي جبارالبديري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» ما معنى الوصية
الجواهنه للعزاوي Emptyاليوم في 12:11 من طرف الشيخ شوقي جبار البديري

» تعريف الدين
الجواهنه للعزاوي Emptyاليوم في 12:03 من طرف الشيخ شوقي جبار البديري

» تعريف توحيد الربوبية
الجواهنه للعزاوي Emptyاليوم في 11:58 من طرف الشيخ شوقي جبار البديري

»  ما هو عام الحزن
الجواهنه للعزاوي Emptyاليوم في 11:54 من طرف الشيخ شوقي جبار البديري

» ما هو الحور العين
الجواهنه للعزاوي Emptyاليوم في 11:52 من طرف الشيخ شوقي جبار البديري

» تعريف البدعة
الجواهنه للعزاوي Emptyاليوم في 11:48 من طرف الشيخ شوقي جبار البديري

» تعريف العقيدة لغة وإصطلاحاً
الجواهنه للعزاوي Emptyاليوم في 11:43 من طرف الشيخ شوقي جبار البديري

» تعريف الإيمان
الجواهنه للعزاوي Emptyاليوم في 11:35 من طرف الشيخ شوقي جبار البديري

» تعريف القضاء والقدر لغة واصطلاحاً
الجواهنه للعزاوي Emptyاليوم في 11:31 من طرف الشيخ شوقي جبار البديري

مايو 2024
الإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبتالأحد
  12345
6789101112
13141516171819
20212223242526
2728293031  

اليومية اليومية

التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



حول

مرحبا بكم فى منتدى موقع قبيلة البديرالعام للشيخ شوقي جبارالبديري

مرحبا بكم فى منتدى موقع قبيلة البديرالعام للشيخ شوقي جبارالبديري

قبيلة البدير من القبائل الزبيديه


الجواهنه للعزاوي

اذهب الى الأسفل

الجواهنه للعزاوي Empty الجواهنه للعزاوي

مُساهمة  الشيخ شوقي جبار البديري الأربعاء 24 أبريل 2024 - 4:39


(٤) الجواهنة. رئيسهم عويد بن علّص. يسكنون مع البو عيثة من الدليم. هذا. (والشورتان) يدعون أنهم من الموالي. يرأسهم فرحان ابن ابراهيم السبع، ونايل الكعيد. والمعروف أنهم تبع الموالي. وغالب ما علمته كان من رئيسهم احمد المناور في ١٨ تموز سنة ١٩٤٣م.
١٢ - البو مفرج: أصلهم من طيء من الموالي كذا قالوا يسكنون الحويجة من لواء كركوك مع العبيد، وبين الحويجة والعظيم. رئيسهم عبد الرحمن الطيار. وهو شيخ طريقة. والآن ابنه سلمان العبد الرحمن نخوتهم (اخوة فرجة) . وهم متجولون. وليس بصحيح عدهم من العبيد ومنهم في أراضي دحيلة والحركاوي وما جاور من أنحاء اليوسفية. يرأسهم صالح المحمد العمر وملا علي المحمد العمر. وفروعهم: ١ - البو صالح. رئيسهم مجيد.
٢ - البو زركة. رئيسهم سلمان بن عبد الرحمن.
٣ - الخشافنة.
٤ - الجكاكات. رئيسهم حميد الذابل.
٥ - البو عابر. رئيسهم جاكة بن بتسين. وهؤلاء أخوال صاحب الفخامة الاستاذ جميل المدفعي.
٦ - البو حيد. منهم بيت الطيار.
٧ - البو جامل. رئيسهم اسماعيل العباس.
٨ - البو رزوقي. رئيسهم مطر الحسن. يسكنون سامراء مع البو ناز.
٩ - البو عليوي.
١٠ - الطوابنة. في أنحاء الموصل.
١١ - البو ظاهر. رئيسهم صالح المحمد العمر.
١٢ - العلاونة. رئيسهم سهيل المصيبح ١٣ - المداهنة. يعدون تبعا. رئيسهم كامل العفون.
١٣ - البو حمدان: هؤلاء يعدون من الغرير والشهوان. تشتتوا كثيرا وقد تكلمنا على الغرير في المجلد الاول. ومنهم من يعدهم من طيء رأسا. تفرقوا في أنحاء مختلفة. ويتفرعون الى: ١ - البو سلمان. في الزاب الاعلى. ومن قراهم (تل حميّد) . و(الكهنش) على الزاب تماما.
٢ - البو حسين. يسكنون قرية (قبر العبد) بأرض الحاوي المتصل بقرية حمام علي. ومنهم في عدة قرى من ناحية حمام علي (ناحية الشورة) . رئيسهم علي بن داود الصالح. ولهم قربى بالغرير.
٣ - الشهوان. في ناحية شوان. والآن كلهم يتكلمون الكردية. ذكرتهم في المجلد الثاني ص٢٥٣.
٤ - البو صباح. رئيسهم حافظ بن جناز. ويسكنون الحويجة قرب الزاب. ويعدون أخوة البو حمدان. ومنهم من يجعلهم في عداد شمر. وقديما يقال لهم (الغرير والشوان) . وكان يتكون منهم (لواء البو صباح)، فبعثرتهم الحوادث. وغالبهم مال الى الغرير. ومنهم في الصخريجة وشيشبار. رئيسهم الحاج حسين العبد الله الحمد الحسين الراشد. وهؤلاء من الغرير من البو جنديل. ويقال لهم (البو جنّاد) . ومنهم البو حسن، والمظالمة، والبو حسين، والبو عيادة، والمراشدة، والبو سيد، والبو ياسين.
٥ - الساجد. في طوز خورماتو. في أراضي الحليوة مع البو جنديل. ويقال لهم (البو سيد) . ويسكنون مع الغرير.
٦ - اللطيف. في أراضي الحليوة.
٧ - البو حمدون. في أراضي الحليوة.
٨ - البو حيّاص. في بلد روز (براز الروز) مع بني تميم.
٩ - البو جنديل. في الزاب. ومنهم في اليوسفية. والبو جناد منهم مع الغرير. ويسكنون في قرية صابونجي ودروم في القنطرة والكبية التابعة لناحية حمام علي.
١٠ - البو اسحاك (اسحق) . ومنهم (البو شرف) قرب القنطرة (آلتون كوبري) .
١١ - البو دولة. قرب الزاب الاسفل.
١٢ - البكر.
١٣ - الشكر.
١٤ - البو حمد المحمد.
١٥ - البكعان. في أراضي الحلوة.
١٦ - البو سيود. في أراضي الحلوة.
١٧ - البو حادث. في أراضي الحلوة.
١٨ - الغرير. في قرية صابونجي وما جاورها.
الاحوال العامة
١
سياسة العشائر

العشائر لم يكونوا كأهل المدن يرضخون للاوامر رغبة أو رهبة. فليس من السهل حكمهم أو التحكم فيهم. وما ذلك الا لقلة السلطة أو ضعف الإدارة في التسلط عليهم ... وكيف تستطيع السلطة أدامة السيطرة والعشائر الكبيرة تعتمد قوتها، فلا ترضى بالانقياد لكل أمر. وربما كان هذا مما يمنع الدولة أن تتدخل في الصغيرة والكبيرة. ويصعب أمر الإدارة. فتكتفي تارة بالطاعة الاسمية أو بالضرائب النزرة ... وتظهر حوادث الدول في العشائر الضخمة وفي عشائر الحدود وما ماثل بخذلان ذريع في حين أو أحيان.
وكانت عشائر زبيد ذات قوة وسلطة. ويتكون منها غالب العشائر التي اشتركت في الفتوح، واستمرت في المحافظة على قوتها مدة طويلة. ومثلها العشائر القحطانية، فتتركها الدول وشأنها في غالب الازمان. وفي الحكم العثماني شغلت الدولة كثيرا بهؤلاء أو لم تجد وقتا للالتفات اليها.
وامارة طيء جرت لها من الحوادث المهمة ما يبصر بحالتها السياسية وبقدرتها، ولا نريد أن نعيد ما جاء في التاريخ. وانما نشير الى بعض الامثلة للوقوف على الوضع. ومن ذلك ما كان أيام (قراسنقر) حينما التجأ الى العراق ومعه (أمير طيء) (١) . ومن هذا القبيل أن بعض أمراء الجيش قال لسلطان مصر بعد عزل أمير طيء ونصب غيره ان الفرصة سانحة ان نوقع بالامير المعزول فقال له اياك ثم اياك ان تعيد مثل هذا القول او تفوه به. وظهر الجواب في التجاء الامير المعزول الذي رأى نفرة من دولته ما رأى فمال الى العراق.
ومن ذلك ما وقع لشيخ الاسلام ابن تيمية حينما غضبت عليه الدولة المصرية لمسائل دينية سخط بها بعض العلماء عليه، فجاء أمير طيء ملتمسا العفو عنه فأجيب طلبه مع أن السلطان كان في حذر من مخالفة العلماء مع الرغبة في أن يكون بنجوة من التضييق عليه. خاف أن يميل الامراء مع أحد فيعلن سلطنته، ومن ثم تكون الوقيعة به. ففي هذه المرة رأى الخوف من أمير طيء اكبر فيما لو خالفه. واعتقد ان خطر مخالفته صار أشد ضررا من مخالفة العلماء الذين هم تحت مراقبته والاتصال به.
ومن الأمثلة ان دولة مصر أدخلت أمر العشائر في الصلح المعقود بينها وبين المغول. وان لا يتدخل بشؤونها للغاية نفسها والخشية من اثارة القلاقل من طريقها كما وقع ذلك فعلا في حوادث سابقة ...
ولعل هذا أول اتفاق دولي لمنع العشائر من التدخل في أمور الدول في الحدود لإيجاد قلاقل أو أحداث نزاع قد يؤدي إلى حرب بين دولتين متجاورتين.
وهكذا تحري الامثلة في الحوادث العديدة التي لا تحصى ... ولا شك ان تاريخ الامارة يشعر بسياستها الداخلية والخارجية. وفي تاريخ الجلائرية والتركمان ما يعين الاوضاع أمثال هذه.
وفي العهد العثماني استخدمت الدولة عشائر الكرد، وعشائر العرب لحروبها، أو للقيام بأمر بسط سيطرتها في الوقائع. وهذا كثير في التاريخ العثماني وظهر في اليزيدية والمنتفق وزبيد والغرير والشهوان وآل بابان، وأمراء العمادية. ويهمنا هنا (عشائر العرب) ومن أكبرها عشائر طيء. فقد كانت الرئاسة فيها بدت في أمرائهم (آل أبي ريشة) ظهروا في حصار بغداد أثناء الحروب الايرانية، ومما يعين سياسة الدولة مرة في أستخدامها، وأخرى في أمر القضاء عليها.
وتظهر قيمة العشائر في العلاقات الدولية. أو في الحاجة الملحة للعشيرة أيام القحط وقلة الامطار، أو الالتجاء عندما تتدافع العشائر أو عندما يقع النزاع بين العشيرة والدولة أو في حالة التجول لطلب الكلأ في أراضي دولة مجاورة، الى آخر ما لا يحصى من الاسباب. وفي هذه الحالة يحتاج الاداري الى مهارة، وان يكون مزودا بوقائع القطر لا سيما العشائر والا وقع في أخطاء ضارة بالعشائر والدولة معا. وان هذه الإدارة من أعظم ما يتطلب في عشائر الحدود.
ومن حوادث الحدود ما أوقع السردار الاكرم عمر باشا بعشيرة الهماوند الكردية مما دعا الى غضب دولته عليه من جراء هذه الفعلة المغلوطة في وقيعته بعشيرة من عشائر الحدود. وكانت قبل ذلك جربت في البلباس غلطها وأملها ان لا ترتكب مثل ذلك.

ولا يقل الامر أهمية فيما يقع بين العشائر المتجاورة في المملكة الواحدة. فأن النزاع البسيط قد يؤدي الى حروب طاحنة ومتوالية. والاداري الحازم من أعظم واجب عليه أن يشعر بما يتوقع حدوثه فيتدارك أمره، أو أنه اذا سبقه الحادث تمكن من السيطرة عليه ليحدد النزاع ويقطع دابره بين عشيرتين أو عشائر. وفي حوادث التاريخ الشيء الكثير من ذلك. ومنها يعرف الخرق او الحزم. فهو محك. ومن جهة اخرى ان رؤساء العشائر قد يظهرون القدرة والموهبة في وضع اليد على الحادث فلا يدعون مجالا للتوسع فيقمع في الحال. وقد يفرط الامر في النزاع بين العشائر المتجاورة فيحاولون تحديده وتضييق نطاقه.
ولا شك ان هذا الاجمال يعين الحالة. وهناك الاتفاقات بين العشائر لحفظ كيانها تجاه ما تشعر بقوة من ندّها (ضدها) . ويطول استعراض ذلك مما يحتاج الى حنكة ومهارة ونفوذ نظر من الرؤساء أو الإدارة. والضرورة تدعو الى التوسع في الامثلة ونقدها وتحرير ما فيها بسعة الا اننا لا نزال في حاجة الى بيان مذكرات في وقائع خاصة أو استعراض الوقائع وما أرتكب فيها من أخطاء. وفي التجارب عبرة ودروس عظيمة لمن يتأهب لإدارة مثل هذه المجموعات.
والامثلة على الغلط وسوء التدبير كثيرة لا تحصى. وهي مشاهدة في وقائع كثيرة جدا.
وليس من ببعيد ما كان بين عشائر شمر وبين عشائر الحدود في الشام في أيامنا كما وقع بين شمر والعكيدات أو البكارة أو ما حدث بين عشائر العراق بين شمر والبو متيوت. وبين العزة والعبيد وعشائر أخرى. وحوادث الحدود لا تحصى وتدعو دائما الى التفاهم بين الحكومتين لتلافي الخطر، والتقليل من الضائعات أو ما يخشى أن تؤدي اليه الحالة. مما كان يودع في الحال الى (مجلس التحكيم) . وكان العقل رائدا، والحكمة من خير ما يتذرع به. والغرض أماتة الضغائن أو الغضاضة بأي وجه كان والا فأن الدول قد تستفيد أحيانا من ذلك لاثارة الفتن وتوليد الخصام أو الشحناء. وحدود العراق كثيرة. ومن الضروري التيقظ في أمر إدارة العشائر حذر حدوث ما يكدر الصفو بين المتجاورين وهكذا بين عشائرنا في الحدود أو بين هؤلاء وبين المجاورين. وقدرة الإدارة تتجلى في حسن التوفيق بينها وبين هذه العشائر. والسلطة القوية لا يفيد وحدها ما لم تكن مقرونة بحكمة وعدل. وحوادث بني لام وكعب لا تحصى كما أن حوادث الضفير وشمر، وعنزة كثيرة. وهكذا سائر العشائر حتى الضعيفة تنضم الى القوية. أو تهرب من وجه الدولة فتكلفها العناء.
وفي الداخل يحتاج الامر الى التعقّل والبصيرة اكثر والا أدى الحادث الى ما يجر اليه من مصائب تدمير وقتل. والسياسة القويمة لا تهمل وسيلة، ولا تغفل معرفة بل تكون على بصيرة تامة. وفي هذا لا تخسر الدولة بل ربحها في ان لا تخسر ما يتوقع حدوثه من جراء حركة طائشة أو خرق من موظف فتؤثر فيها وفي العشيرة أو العشائر. ولا نقطع بأهمال الوقائع أو وهنها. وليس كل الوقائع مما يصح أن ينتفع به. ولا يقال في الاهمال والاغفال الا لما كان تافها لا يستحق الالتفات.
والامر المهم ان لا تعد من المصلحة اذلال هذه العشائر بالنظر لما وقع أو يقع. وانما المطلوب التفاهم من طريقه وان لا ترضى بوجه ان تتحكم هذه وامثالها بالعشائر الصغيرة بل يجب الاحتفاظ بالموازنة، ومراعاة العدل، فلا تقبل الدولة بالاعتداء بامل كسر نشاط عشيرة واذلالها لتنقاد للموظف الطائش واتخاذ الذرائع للوقيعة بها لا ان تفسح المجال بل تمنع من الاعتداء في مراعاة الهدوء والراحة. وفي هذا ربح. والطيش مذموم في كل الاحوال.
وفي آب سنة ١٩٤٦م وشهر رمضان سنة ١٣٦٥هـ جرى حادث مؤلم بين شمر وبين البو متيوت والجحيش في أنحاء الموصل، فوقعت مذابح طاحنة بين الفريقين تضاربت الآراء في أصل وقائعها، والسبب الداعي لها. ومن مراجعة حوادث سنين نرى وقائع عديدة بين شمر والعكيدات، وبينهم وبين عشائر أخرى. والسبب ان هذه العشيرة لها مكانتها من أيام العثمانيين، وحوادثها معروفة في أنحاء سنجار. وهي شغل الحكومة الشاغل. ولكنها اليوم صارت في (الحدود) من العراق فلا تنكر مكانتها من حيث السياسة ومن نواحي عديدة لا يهمل شأنها، ولا يصح أن تترك ...

ومن أخرى قوة لا يخشى منها المجاورون، وربما تتحكم بهم ولا تلين لهم، وعلى كثرتها ليس لها مواطن رزق، ولا مدار معيشة فتضطر أن تأخذ (الخاوة) أو (الخوة)، وان تشتغل بالتهريب، وان تتولى بعض الالتزامات من الدولة، والعقود معها وتستدعي ما أدى إلى سخط المجاورين، وغضب بعض التجار في الموصل بوضع اليد على مثل هذه الأمور، فزاد التذمر منهم، وكان هؤلاء أي شمر يملكون قرى في سنجار، فأدى ذلك إلى نفرة أصحاب القرى مثل البو متيوت فتجمعت النفرة واتفق الكل على معارضة هذه العشيرة، والتنديد بها في كل حادث يصدر منها ... ومن أكبرها نفرة أولئك التجار من أهل الموصل من اجل انهم لم يكونوا أحرارا في تصرفاتهم مع الخارج وهو مورد رزق الكثيرين، فسلب منهم، واستولى على مرافقهم رجال هذه العشيرة فحرموا الفائدة ولم يتفاهموا معهم.
كل هذا أدى الى التشنيع عليهم، وسبب أن ينطق جماعات بأقلامهم، ويتشكوا بلسانهم، ويتظلموا منهم الامر الذي جعل صوتهم عاليا في الصحف، والتنديدات عظيمة منهم، ولكنها من جهة واحدة ولا مناضل أو مدافع عن رجال شمر. وقد صدق سعد الشيرازي في قوله ما معناه ان القلم بيد الاعداء يكتبون ما أوحاه لهم من حنق، وما دعا من تنديد، فاتخذ وسيلة على خلاف حقيقة الوضع أو اكباره وعلى ما هو مؤثر في الرأي العام باظهار ان شمر من الجناة العتاة في وقت نرى الرزق عندهم محدودا، ولا طريق للتعيش، بل ضاق كثيرا. يراد منهم أن يموتوا جوعا دون أن يعملوا لبقائهم، وان يتحرروا موارد رزقهم، فصاروا يتاجرون أيضا. ولم يتفاهموا معهم في التجارة. والحاجة الاقتصادية تؤدي الى اكبر من ذلك دون التفاهم من طريقه. فما العمل تجاه ذلك؟ فهل نكتفي بالتسكين للحوادث بالقوة فلم نتخذ للامر تدابير ناجعة بحيث تذل لحد ان تتبعثر حالتها وان تدمر، ولا نفتح لها باب رزق يؤدي الى اعاشتها، فندعها تتدهور فتحرم الاستفادة منها في مواطن الحاجة الملحوظة لا سيما بعد منع الغزو. فلم نتخذ ما يلزم؟! ان هذه (السياسة) في مثل هذه وغيرها تحتاج الى عقل فعال جوال، وان الحكمة تدعو الى محافظة الموازنة، وأن تنال الامة الطمأنينة لا بالفتك والتدمير بل من طريق التوجيه الاجتماعي والاقتصادي، والحالة لا تداوى مع بقاء العوامل الحاكمة أو المتحكمة دون ان يؤخذ من زمامها لتصد غوائل عديدة.
ولا تفترق هذه عن إدارة (عشائر الحدود) . والحادث بين عشائرنا. وهكذا يقال في الوجهة الاخرى بأن تعالج من طريق البو متيوت. والاسباب الداعية لتحسين السياسة لا يتم بقبول عيثها وافسادها بل مراعاة ما يساعد على حياتها، ويقى شأنها في معيشتها بأفساح المجال للعمل المؤدي الى الحياة، والانتعاش والنشاط بحيث يكون الارتباط من طريقه وان تشعر بالنفع، وتتأكد المصلحة، فتكون حارسا أمينا، وقوة مكينة مرتبطة بالدولة وعينا ساهرة لا تنام، وان لم تكن هناك حراسة من الدولة بل نجد الارتباط قويا والصلة متينة، والثقة متبادلة. وهكذا يقال في عشيرة البو متيوت بالاصغاء الى مطاليبها المشروعة المقبولة بأيجاد حل لا يخل بحقوق الآخرين وهكذا يقال في العشائر الكبيرة الاخرى، ولزوم توجيهها توجيها صالحا وان تنال مكانتها القوية، ووضعها اللائق.
ولا يصح إن توضع قواعد للإعاشة، وطرائق للإدارة. وإنما هناك الحكمة، وحسن الثقة، والاعتماد ورعاية المصلحة فلا يعد أي عمل منها مضرا، ولا إن تسخط الدولة دائما لتؤدي الحاجة المنشودة. والحادث الموضوع البحث لم يتدارك بل ما هو إلا سلسلة من الصلات التاريخية، لا يغيرها الوضع من جراء حادث بعينه. والحزم أن يتعقب الموضوع من طريق التاريخ، ويجتث من اصله ... وان لا يتحرك الاداري حركة طائشة، أو يقوم بأمر مغلوط بل يراقب الامور خشية ان يفرط ما لا تحمد عقباه. وليس القصد اذلال أحد المتنازعين بل رفع الخلاف بوجه صحيح.
هذا. وان حلول الفصل، ومذاكرات المنازعات، والاختلاف الحاصل من اتجاه النظر المتباين، والاتصال بآمال كل طرف استدلالا بالظواهر مما يسهل هذه المعرفة ذات العلاقة بالعرف العام، كما أن الاتصال بالأوضاع الاخرى بين العشائر التي لا علاقة لها بهؤلاء من صور الحل أمثال الضفير، وعنزة وسائر العشائر ممن هم بدوي، وأقرب للعرف والعادات المألوفة بين الكل. مما يجلو عن العرض، ويكشف عن الآمال، ويبصر بالحل.

وهكذا يقال في العشائر المتجاورة وما يحدث بينها غالبا من وقائع. وأمر تلافيها سهل بالتفاهم. ونرى وضع شمر اليوم أشبه بوضع طيء في العهود السابقة وحسن الإدارة في الجوار ضرورة لازمة وتدل على حنكة.
والى الآن لم نر تدبيرا سديدا، في تسهيل أمر هذه المعرفة ولم تتخذ الوسائل العلمية للاتصال بأمر العشائر وتنظيم مطالبها تنظيما علميا بحيث تدخل المطالب في دراسة اجتماعية وحقوقية وتوجه توجيها صالحا، أو أن تراعي الاوضاع ويتدرب عليها للدخول في أمر الإدارة او ما يمسها ... ومثل ذلك أفساح المجال للمباحث الموسعة.
وفي هذا نرى لزوم تكوين المعرفة الحقوقية والتاريخية لصلاح الإدارة وتمكين أعمالها مقرونة بالسياسة السليمة. واذاكانت تشكيلاتنا في أمر الحدود والمنازعات العشائرية الكبيرة نافعة ولم تتكون إدارة موسعة بالوجه المطلوب فلا ريب ان الحاجة تقضي بأستخدام اداريين حازمين بأختيارهم لالوية الحدود والالوية المتكونة من أغلبية العشائر لئلا تقع أغلاط تكلف الدولة سوء السمعة في الخارج، وخرق الإدارة والاضرار الكبيرة في الداخل.
والى الآن لم نشاهد مذكرات من رجال الإدارة في هذا الشأن ممن عمل في الحدود، أو ممن قام بأعمال تتعلق بعشائر الداخل مما يعين نهجا، أو تدبيرا ناجحا في نظر أولئك ليمهد التفكير في الإدارة الصالحة، ولا رأينا من قام بنشر بعض قرارات التحكيم مما يهم نشره لما فيه من مطالب.
ومن الضروري أن نشير الى ان الصلات قوية بين سياسة العشائر وبين العرف المتكون بين عشيرة وعشيرة دون روابط أفراد عشيرة بآخرين من نفس تلك العشيرة.
٢
- الخصومات والعرف
(والعلاقات بين العشائر)
تاريخ النزاع بين العشائر قديم. وهذه تركن في الغالب الى قوتها. ثم الى (الحكم) أو العارفة وليس لهم عرف عام. وانما لكل عشيرة عرف نتيجة أزمان متطاولة أو اثرة وتحكم. وفي العشائر الزبيدية والطائية العرف مشترك تقريبا ولا يختلف أو يتباين كثيرا. وكانت على هذا دون استعانة بسلطة.
وكنت تكلمت في العرف البدوي وخصوماته (١) في المجلد الأول. والبداوة محدودة في قضاياها. وفي هذا يشترك أهل الأرياففي الغالب ولكن الأريافاكتسبت عوائد جديدة لا ينكر وجودها فيمن حلت محله.
ولاشك ان اللجوء الى الحكم، أو العارفة انما كان للخشية مما يجر اليه النزاع من حروب طاحنة ومستمرة. ولذا يستهدف الحسم تطييب الخواطر في الدرجة الاولى باعادة الالفة. ولا يتخلى العارفة من مراعاة الحكمة وتعيين وجه الحق في الحل لقطع دابر النزاع بان ينفذ الى اعماق القضية. ثم صار الاداري يقوم بما يقوم به بالاشتراك مع المحكمين.
وحل أصل النزاع من أسهل الامور أو أنه في درجة متأخرة. وأنما الغاية التقريب ومراعاة الحل المرضي لاجتثاث ما هو سبب التخاصم.
وان الأريافأحدثت مشكلات جديدة كالانتفاع من الارضين لا الغزو ولا أيجاد عداء لاستغلال الحروب، والاستفادة من المقارعات نفسها وانما هي في الاكثر ذات علاقة بالبدو، وبأهل الأريافبعضهم مع بعض مما دعا ان تنشأ أوضاع لم تكن مألوفة. ومن ثم يستدعي الامر الحل في هذه المشكلات. وربما كان خطرها أعظم لما تؤدي اليه من حروب دائمة، ومنازعات أو معارك طاحنة بين المتجاورين فتسلب راحتهم وقل ان كانت تتدخل الدولة فتقضي على النزاع وتقف بكل عشيرة عند حدها اما لتهاون او غفلة او ما ماثل.
واذا تدخلت فانما كان بأمل ان تتمكن سلطتها أو أن تستوقي حقوقها أو تستغل النزاع للقضاء على أحد المتنازعين فيكون وسيلة سانحة. وهكذا قلّ ان يرى الحق ظاهرا في جهة ومن ثم يختار (الحكم) وربما تكسب الحكومة قوة بمساعدة الضعيف لتقضي بعض مصالحها المعلقة أو تقوية سلطتها استعانة بالفريق المناويء، وتظهر سياستها في هذا التدخل لأمر غير ما وقع عليه النزاع. والحوادث التأريخية مثل هذه تعين ضعف سياسة الدولة العثمانية واستغلالها للاوضاع.

ومن المهم ذكره ان الحكومة قد تكون سلطتها قوية وقدرتها ظاهرة فتدرك أصل النزاع وبواعثه، فتسعى للقضاء عليه دون الركون الى الاستغلال. فتمضي في الحل على طريقة مستقيمة. وهذا قليل في العهود السابقة. ومن السخف ان تلجأ الى القوي فتساعده. وفي هذا ضياع السياسة الرشيدة والحق والعدل معا فالامر لم يكن بالسهل لاسيما عند تعادل القوى أو اختلافها. وتعند القوي في مطالبه الجائرة، ومن الواجب ان يحتمي الضعيف بقوة الحكومة فيجد له ناصرا قويا.
والوقائع اليومية، والحوادث التأريخية مما يسترشد به دائما اذا كان ذلك مقرونا بتدقيق الحادث، وادراك صور الحل بمعرفة كنه الوقائع وما ينطوي ضمنها من آمال كل فريق. فالحذق يميط اللثام ويسهل أمر الحل. والمصاعب التي تعترض في هذا السبيل كثيرة جدا بل قد تكون بعيدة أو مبتعدة عن الغرض، فتحتاج الى سيطرة وتغلب. وهذه توضحها الحالات المشهودة والاوضاع، فتكون أقرب الى التفهم.
ولا نقول كل الوقائع بمثابة واحدة من التعقيد، أو ما يخشى أمرها ويتوقع خطرها. ولكن الاولى ان نتدبر الموضوع من جميع وجوهه ليتيسر الوصول الى حل صريح وصحيح أو نمضي في طريقة سالمة ناجحة في حسم النزاع.
ويلاحظ ان حياة العشائر الريفية تعين ما انفردوا به مثل المنازعات على الاراضي أو الاعتداء على المزروعات، أو على الماشية، أو غير ذلك من حقوق شرب أو حدود ... والاعتداء على الاشخاص أو على العرض ... فمن الضروري الاطلاع على أوجه الخلاف وبواعثه وحينئذ لا يصعب الحل بان ندرك ما وراء ظاهره من حاجات مدنية أو اقتصادية دعت للخلاف.
وبهذا تتفاضل قدرة (الحكم) أو (العارفة) ومهارة الاداري ونفوذ نظره. ولا ينكر ان بعض الحوادث تضظرب فيها الآراء فيخفي الغرض أو يتصلب المتنازعون فيعسر الحل، أو ان الطرفين يحاولان الحسم الاداري بأي وجه كان ليعودوا الى نضالهما ... أو أن يكون ذلك ممثلا رغبة أحدهما في الحل.
ومثل هذه يجب أن تعرف. فيوجد الهدف. وكل ما تباعد الطرفان فلا يدع الحازم تدبيره الا وذهب عمله هباء. وفي هذه الحالة يجب ادراك الحق وان لايفلته الاداري ولا يهمل ما خفى، أو ما كتم القوم ابداءه.
ذلك ما يعين حقيقة الاوضاع. وحينئذ نخشى أن نميل الى أمر لا يعد صوابا. وكل واحد من المتنازعين في أدلته يستهدف غرضا. والرأي الحقيقي يظهر البواطن ويعين مكان الحل.
اننا في هذه الحالة نحتاج الى قدرة سياسية وقضائية معا. وقد يعرض للمرء بأن مثل هذه لا توجد في الغالب. والخطل سائد في كثير ممن رأينا. ولا يزال وجه النزاع باديا. وهنا لايهمنا الطعن بالإدارة. وانما تدعو الحاجة الى التوجيه. ولا نلتفت الى أقوال مثل هذه.
تولدت عندتا مشاكل عديدة ولا شك ان هذه كغيرها تحسم بوجه مهما كان نوعها بيد الجاهل والعالم ... ولم يكن المقصود الحسم المطلق والا فبوسع كل أحد ان يقطع النزاع ظاهرا استنادا الى السلطة. ولكنه لم يعمل شيئا اذا لم يكن زاد في المصيبة. ويعنينا بيان المشاكل بالنظر لقانون العشائر في الارياف.
فان الغاء الغزو مما حرم العشائر من فوائد، أو منافع كانوا يظنونها الوسيلة المهمة لبقاء حياتهم فلم يطرأ على هذه الحياة خطر وزالت بما فيها من عرف. فلا شك ان المسؤولية يجب أن تكون محدودة وخاصة بالمسؤول الا ان تكون اجتماعية، فنسأل الجميع كما في (القسامة) المعروفة في الشريعة الاسلامية. فاذا لم يعرف القاتل في قرية أو قبيلة فلا ينبغي ان نتهاون في الحل بأن نسأل الكل. أوضحت ذلك في المجلد الاول. وعندنا في وقائع عديدة الزمت الإدارة المتهم الذي لم تتحقق الجريمة عليه دون مراعاة مسؤولية القرية أو العشيرة التي وقع بالقرب منها الحادث مما يستدعي مسؤوليتها. ولعل بقاء المسؤولية لغير الجاني اعتراف من الإدارة بضعف تشكيلاتها وبعجزها عن تطبيق الحق. واذا كان هذا تدبيرا مقبولا في حق البدو الرحل لضرورة قاهرة، فلا ينبغي أن يسوغ في الأرياففهم أهل قرى اولا يختلفون عنهم. ولم نر قانونا في أمة يلزم بالمسؤولية غير المسؤول حقيقة.

كانت الإدارة غير متسلطة، وان الجاني كان معتزا بعشيرته. وفي هذا حماية له لفقدان القدرة في مطاردته. ومن ثم تركن العشائر الى مراعاة العرف ولكننا نرى الاجحاف مع وجود السلطة والاولى مراعاة القانون العام. وان تصلب الإدارة واصرارها في الدوام على تطبيقه مع اثارة قضيته في المجالس النيابية المتوالية مما يدعو الى الاستغراب ويبعث الامل على لزوم الغاء هذا القانون في القريب العاجل. ولذا لم اتعرض لتفصيل مسؤوليات أفراد العشيرة بالنظر للجاني وبيان العرف الخاص بها. وهذه لا تختلف عما في المجلد الاول.
والامل ان تزول الوصمة عن العراق في انه يحكم على الجاني وعلى أقاربه بسبب ما أحدث من جريرة، فالضرورة تدعو الى الرضوخ الى القانون العام كما أضطرت الإدارة الى فصل منازعات الاراضي بعد اكمال تسويتها بايداعها الى المحاكم. ومثلها الاحوال الشخصية اودعت الى المحاكم الشرعية كما كانت.
وعلى كل حال لا يأتلف تطبيق (قانون العشائر) على الأريافبعد ان كان الشرع سائدا في البلاد مدة أكثر من الف سنة، والقانون العام بعده، وبعد أن كان وضعنا الحقوقي تابعا لذلك القانون. كما لا يصح تطبيقه على أهل الأريافوهم أهل القرى الصغيرة. أو أهل المزارع المحدودة التي هي أشبه بالقرى أو جزء منها ولا شك ان زوال قسم منه وخروجه عن دائرة التطبيق مما يسهل الغاءه تماما أو أبقاءه محصورا فيما يحدث بين العشائر بعضها مع بعض في الداخل والخارج في حين أن التحكيم في قوانيننا مقرر ومن السهل مراجعة أحكامه وتطبيقه عليهم.
كان وضع هذا القانون قبل تشكيل (المجالس النيابية) . والآن تشترك الامة في وضع قوانينها. فالعشائر نواب في مجالسنا. وهم يشرعون القوانين علينا ولكنهم لم يقبلوا أن تكون شاملة للجميع بل على أهل المدن دونهم. وهذا من أغرب ما رأينا.
عرف الأرياف وعلاقته بالبدو
ان قانون العشائر لا تظهر الحاجة اليه في (العشائر الريفية) . فلا يرضى أحد أن يكون مسؤولا دون أن يرتكب وزرا. لان هؤلاء لا يختلفون عن أهل المدن كثيرا. وأهل الأريافاستقروا في مواطن وتركوا التجول الا احيانا ولدوافع خاصة ومن ثم صاروا كأهل المدن. وبتوالي الايام فقدوا خصائص البدو الكثيرة. والعلاقة بالبدو لا تنكر ويجب أن تكون مدنية وتابعة للحقوق الحديثة. ولكن جرت بعض الحوادث على العرف العشائري لأنه القانون المعمول به.
من ذلك ما وقع بين شمر والعبيد وهذه أقرب إلى أيامنا واتصالنا بحوادثها، فرأيت أن أبدي وجهات النظر في (صور الحل) فيها للتبصرة. ولعل النظر الى ما أتخذه الفريقان للتذرع بالاهداف مما يدعو للالتفات. في هذه القضية نحاول أن نعرف الاتجاه الحقوقي لما تجلى من تضارب الآراء لأستجلاء الغامض عند اضطراب الافهام في أمر الحل فما تمسك به أهل البادية وأهل الأريافمن المعارضات يكشف عن قدرة في التوجيه، وأظهار العرف. وهذا يحتاج الى دراسة عميقة، وتدقيق بالغ حده.
وهنا أقول أن هذه العشائر كل منها بمقام أسرة في تناصرها وتعاونها، أو انها أسرة موسعة فالتضامن مكين. بقيت كما كانت، أو حافظت على وضع الاسرة لما رأت من الحاجة الى الاحتفاظ، وتحميها قوة العشيرة، فكانت ضرورة التلازم ظاهرة في التعاون للذب عن كيانها. وهذا مشاهد في كل عشيرة. وربما تتجاوز العشائر حدود حماية الحقوق، فتتخذ القوة ذريعة للاعتداء ...
فاذا قلنا كان جرى بين شمر والعبيد كذا فالمقصود تعيين الاتجاه بينهما. ومن هذا القبيل قضايا القتل والمعارك. حاولت الإدارة الاصلاح بين هاتين العشيرتين بقصد اماتة النزاع واجتثاثه من أصله. ومن ثم كان ما وصل اليه المحكمون لم يتجاوز الحل ظاهرا، فلم يكن حاسما، قاطعا للغضاضة.
كنت علمت من الشيخ جلوب الطرفة من شيوخ شمرطوكة أن المرحوم الشيخ عجيل الياور كان حينما سمع بأشتباك العبيد مع عشيرة الصائح من شمر من جماعة المرحوم الشيخ جنعان الصديد سارع في أخبار رئيس عشائر زوبع (خميس الضاري)، والشيخ جلوب من رؤساء شمر طوكة بأن لايسمعوا قولا للشيخ جنعان حذر أن تتوسع الفتنة، وأن ينتظروا ما يكتب اليهما. رجاهم أن لا يعملوا أمرا، وأكد عليهم خوف انتشار الشر.

وهكذا رأيت رؤساء العبيد أبدوا رغبتهم في أماتة الضغائن. وكنت حاضرا في مجلس المذاكرة بلا علم مني أنهم جاءوا لهذا الغرض. كنت زائرا للمرحوم الشيخ حمد الباسل باشا، فحبذ منهم الفكرة. وأبديت ما علمته من الشيخ جلوب. ولما علمت بأمر المذاكرة وان الاجتماع كان من أجلها ولم يلتئم المجلس بعد تركتهم وودعت الباشا. فأخبرت أنه تم الصلح، لكنه لم يتم حقيقة. وحدثت بعد ذلك حوادث محزنة مما لا محل لأيرادها.
ثم أجتمع العبيد وشمر في ١٥ و١٦ نيسان سنة ١٩٤٣م ببغداد وفي هذا الاجتماع حضر المحكمون رؤساء العشائر الشيخ مشحن الحردان رئيس عشائر الدليم والشيخ محمد الرشيد البربوتي من شيوخ زبيد، والشيخ حبيب الخيزران رئيس عشائر العزة.
وخلاصة ما جرى أن المنازع فيه لم يكن أمرا يخص المطالبة بدماء القتلى من الفريقين (شمر والعبيد)، وإنما القضية الواجبة الحل أن عشيرة الصائح ممن يرأسهم جنعان الصديد كانت تسكن الحويجة من مدة، وكذا في أراضي العيث، وأنهم كانوا يتمتعون بخيرات تلك المواطن كما أن العبيد كذلك كان هذا شأنهم في تلك المواطن وسبب النزاع هو الاراضي، ولم تجر تسويتها بعد.
أما المنهوبات والقتلى فأنها ظواهر تلك الخصومات. فحل مثل هذه سهل. والمطلوب حسم أصل النزاع. وفي هذه المذاكرة أشترك الاداريون قائممقام سامراء، وقائممقام الخالص، وقائممقام كركوك لعلاقتهم في تعيين أوجه الخلاف وأصل النزاع، وبيان ما يتطلبه كل فريق وكلاهما لا يود أن يبوح بما عنده، أو يتحاشى من ذكر غرضه أو التعرض له وأن كان هو المقصود.
وفي الوقت نفسه قال المحكمون نوصي الحكومة بما يقتضي عمله لحسم قضية الاراضي، واشرك شمر في مشروع الحويجة، وقالوا ان شمر كانوا من أمد قديم يسكنون الحويجة وينتفعون منها فلا يهمل حقهم، ولكن هذا لم يكن تدبيرا لا طريق لحله. وهذا تابع لأعمال إدارية خاصة. فاكتفوا بالايصاء مع بيان كل فريق وجهة نظره وادعائه بأنه من سكان الحويجة قديما. وان رجال الإدارة لم يرغبوا في الدخول بهذا الموضوع إذ لا صلاحية لهم في البت فيه، فطوي من البين وجعل موضوعا خاصا في حين أنه الاصل في موضوع النزاع.
ومن ثم انصرف المحكمون الى حل النزاع فيما عهد اليهم. ولما كان قد نفى رؤساء العبيد أن يكون لهم يد في أمر القتل وانهم ليس لهم القدرة على غيرهم وأبدوا أنهم لا يعلمون بالقاتلين، فكان من رأي المحكمين أن يحلفوا رؤساء العبيد على (طريقة البدو) ... حينئذ تصدى رؤساء شمر الى القول بأن التحليف اهانة في حق المطلوب تحليفه، أو ظن به واشتباه من صحة كلامه فلم نشأ أن نعد رؤساء العبيد بهذا الوضع، فعدلوا عن التحليف، ولم يطلبوه حفظا لمراعاة منزلة هؤلاء الرؤساء.
ومعنى هذا أنهم رضوا بأنهاء القضية ظاهرا، وأبدوا أنهم لم يبق نزاع بينهم من جراء المنهوبات، والقتلى معا، وحاولوا أن يظهروا انهم أقرب الى الالفة، ولكن العبيد لم يرضوا بهذا الحل الظاهري الذي يراد به الحسم القانوني، وعدوا ذلك غير قاطع للنزاع. ولهذا لجأوا الى ناحية مهمة في صحة الحل وتمكينه، وهي أنهم طلبوا (الدخالة) من جراء أن من أعفي عن اليمين، أو عما يستلزمه من دية وتعويضات لا يمنعه مانع من قبول الدخالة. وبذلك حاولوا ان يكون الصلح متينا، وان لا تبقى المطالبة مستمرة، أو لا يبقى حذر ... أرادوا أن تكون الدخالة على أحد أفراد العشيرة. ولو لم يكن من وجوه العشيرة، فيصيروا في حماية الكل كما لو كان قاتلا وطلب دخالة (حماية)، فتضطر العشيرة كلها لحمايته. وهكذا العشيرة اذا طلبت الدخالة تكون ضمنا في حماية تلك العشيرة التي كانت معادية لها ومناضلة، فتصبح الالفة حاصلة، ويكون الحكم حاسما للنزاع، فلم يبق مجال لاختراق الصلح أو حكم المحكمين، فتزول النفرة من البين. (يسعى بذمتهم أدناهم) .
لم يوافق رؤساء شمر على ذلك. وقالوا لا نقبل بالدخالة من جهة أن عشيرة العبيد منتشرة وان (رؤساء العبيد) ليس لهم سلطة على العبيد كلهم، فليس من الصلاح أن نقبل الدخالة. لاننا لانكون بنجوة من ضرر العشيرة فكيف بأمر صيانتنا، وان نكون بمأمن؟ ومن ثم لا يأتلف السلام، بل يتوقع الضرر دوما ... !

وقفت المطالب عند هذا الحد. وفيها يتجلى الذكاء العشائري، واتخاذ التدابير له أو محاولة ما هنالك، فيعرف ذلك من الجانبين، مع ملاحظة دقة المطالب من المتخاصمين والمقارعات الفكرية بصفائها منهم ومن المحكمين، وكذا ما حاول الاداريون التملص منه.
ومن هذه يتجلى لنا أمر (السياسة العشائرية) وعلاقاتها، والإدارة واتجاهها. أو خذلانها ... وكذا ما يطلب منها من وجوه الحل في الحسم، أو ما يعدل به عن وجه الصواب، فيسعى كل للاقناع من طريق الدليل، واستجلاب الحكم، فرأينا العجب في القدرة، وكذا الاداري خرج كما دخل، وهكذا المحكمون دخلوا وخرجوا. وكل منهم مملوء بالمعرفة مشبع بالفكرة على وجه الصواب ... ولكنهم اعترفوا بأنهم عادوا بالفشل الذريع.
والملحوظ أن الخصومات ظواهر، وان وراءها ما يجب حله، ويحتاج الى خبرة كاملة مكينة، مع علم غزير، وسياسة حقة ... والذي يؤسف له أمر التطاول في ما يقتضيه الحل السريع القاطع لئلا يدأب النزاع ويستمر. ولعل الالتفات كان يقتضي السرعة ويدعو للالفة، أو حدوث الصلح الحقيقي بحيث لا يضمر الواحد للآخر نوايا سيئة ... وخلافه لا يفيد البتّة.
ومثلها يقال في بني لام سواء في سيطرتهم أو في أمر آخر وتاريخ هذه العشائر بل الامارات مما يستدعي الحل، ويؤدي بنا الى المعرفة الصحيحة ولا يغب عنا ما ذكر. وانما يعرف من مجرى الحوادث التاريخية المهمة.
الشيخ شوقي جبار البديري
الشيخ شوقي جبار البديري

عدد المساهمات : 2094
تاريخ التسجيل : 04/04/2012
العمر : 59
الموقع : قبيلة البدير للشيخ شوقي البديري

https://shawki909.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجواهنه للعزاوي Empty (والعلاقات بين العشائر)

مُساهمة  الشيخ شوقي جبار البديري الأربعاء 24 أبريل 2024 - 4:41


(والعلاقات بين العشائر)
تاريخ النزاع بين العشائر قديم. وهذه تركن في الغالب الى قوتها. ثم الى (الحكم) أو العارفة وليس لهم عرف عام. وانما لكل عشيرة عرف نتيجة أزمان متطاولة أو اثرة وتحكم. وفي العشائر الزبيدية والطائية العرف مشترك تقريبا ولا يختلف أو يتباين كثيرا. وكانت على هذا دون استعانة بسلطة.
وكنت تكلمت في العرف البدوي وخصوماته (١) في المجلد الأول. والبداوة محدودة في قضاياها. وفي هذا يشترك أهل الأرياففي الغالب ولكن الأريافاكتسبت عوائد جديدة لا ينكر وجودها فيمن حلت محله.
ولاشك ان اللجوء الى الحكم، أو العارفة انما كان للخشية مما يجر اليه النزاع من حروب طاحنة ومستمرة. ولذا يستهدف الحسم تطييب الخواطر في الدرجة الاولى باعادة الالفة. ولا يتخلى العارفة من مراعاة الحكمة وتعيين وجه الحق في الحل لقطع دابر النزاع بان ينفذ الى اعماق القضية. ثم صار الاداري يقوم بما يقوم به بالاشتراك مع المحكمين.
وحل أصل النزاع من أسهل الامور أو أنه في درجة متأخرة. وأنما الغاية التقريب ومراعاة الحل المرضي لاجتثاث ما هو سبب التخاصم.
وان الأريافأحدثت مشكلات جديدة كالانتفاع من الارضين لا الغزو ولا أيجاد عداء لاستغلال الحروب، والاستفادة من المقارعات نفسها وانما هي في الاكثر ذات علاقة بالبدو، وبأهل الأريافبعضهم مع بعض مما دعا ان تنشأ أوضاع لم تكن مألوفة. ومن ثم يستدعي الامر الحل في هذه المشكلات. وربما كان خطرها أعظم لما تؤدي اليه من حروب دائمة، ومنازعات أو معارك طاحنة بين المتجاورين فتسلب راحتهم وقل ان كانت تتدخل الدولة فتقضي على النزاع وتقف بكل عشيرة عند حدها اما لتهاون او غفلة او ما ماثل.
واذا تدخلت فانما كان بأمل ان تتمكن سلطتها أو أن تستوقي حقوقها أو تستغل النزاع للقضاء على أحد المتنازعين فيكون وسيلة سانحة. وهكذا قلّ ان يرى الحق ظاهرا في جهة ومن ثم يختار (الحكم) وربما تكسب الحكومة قوة بمساعدة الضعيف لتقضي بعض مصالحها المعلقة أو تقوية سلطتها استعانة بالفريق المناويء، وتظهر سياستها في هذا التدخل لأمر غير ما وقع عليه النزاع. والحوادث التأريخية مثل هذه تعين ضعف سياسة الدولة العثمانية واستغلالها للاوضاع.

ومن المهم ذكره ان الحكومة قد تكون سلطتها قوية وقدرتها ظاهرة فتدرك أصل النزاع وبواعثه، فتسعى للقضاء عليه دون الركون الى الاستغلال. فتمضي في الحل على طريقة مستقيمة. وهذا قليل في العهود السابقة. ومن السخف ان تلجأ الى القوي فتساعده. وفي هذا ضياع السياسة الرشيدة والحق والعدل معا فالامر لم يكن بالسهل لاسيما عند تعادل القوى أو اختلافها. وتعند القوي في مطالبه الجائرة، ومن الواجب ان يحتمي الضعيف بقوة الحكومة فيجد له ناصرا قويا.
والوقائع اليومية، والحوادث التأريخية مما يسترشد به دائما اذا كان ذلك مقرونا بتدقيق الحادث، وادراك صور الحل بمعرفة كنه الوقائع وما ينطوي ضمنها من آمال كل فريق. فالحذق يميط اللثام ويسهل أمر الحل. والمصاعب التي تعترض في هذا السبيل كثيرة جدا بل قد تكون بعيدة أو مبتعدة عن الغرض، فتحتاج الى سيطرة وتغلب. وهذه توضحها الحالات المشهودة والاوضاع، فتكون أقرب الى التفهم.
ولا نقول كل الوقائع بمثابة واحدة من التعقيد، أو ما يخشى أمرها ويتوقع خطرها. ولكن الاولى ان نتدبر الموضوع من جميع وجوهه ليتيسر الوصول الى حل صريح وصحيح أو نمضي في طريقة سالمة ناجحة في حسم النزاع.
ويلاحظ ان حياة العشائر الريفية تعين ما انفردوا به مثل المنازعات على الاراضي أو الاعتداء على المزروعات، أو على الماشية، أو غير ذلك من حقوق شرب أو حدود ... والاعتداء على الاشخاص أو على العرض ... فمن الضروري الاطلاع على أوجه الخلاف وبواعثه وحينئذ لا يصعب الحل بان ندرك ما وراء ظاهره من حاجات مدنية أو اقتصادية دعت للخلاف.
وبهذا تتفاضل قدرة (الحكم) أو (العارفة) ومهارة الاداري ونفوذ نظره. ولا ينكر ان بعض الحوادث تضظرب فيها الآراء فيخفي الغرض أو يتصلب المتنازعون فيعسر الحل، أو ان الطرفين يحاولان الحسم الاداري بأي وجه كان ليعودوا الى نضالهما ... أو أن يكون ذلك ممثلا رغبة أحدهما في الحل.
ومثل هذه يجب أن تعرف. فيوجد الهدف. وكل ما تباعد الطرفان فلا يدع الحازم تدبيره الا وذهب عمله هباء. وفي هذه الحالة يجب ادراك الحق وان لايفلته الاداري ولا يهمل ما خفى، أو ما كتم القوم ابداءه.
ذلك ما يعين حقيقة الاوضاع. وحينئذ نخشى أن نميل الى أمر لا يعد صوابا. وكل واحد من المتنازعين في أدلته يستهدف غرضا. والرأي الحقيقي يظهر البواطن ويعين مكان الحل.
اننا في هذه الحالة نحتاج الى قدرة سياسية وقضائية معا. وقد يعرض للمرء بأن مثل هذه لا توجد في الغالب. والخطل سائد في كثير ممن رأينا. ولا يزال وجه النزاع باديا. وهنا لايهمنا الطعن بالإدارة. وانما تدعو الحاجة الى التوجيه. ولا نلتفت الى أقوال مثل هذه.
تولدت عندتا مشاكل عديدة ولا شك ان هذه كغيرها تحسم بوجه مهما كان نوعها بيد الجاهل والعالم ... ولم يكن المقصود الحسم المطلق والا فبوسع كل أحد ان يقطع النزاع ظاهرا استنادا الى السلطة. ولكنه لم يعمل شيئا اذا لم يكن زاد في المصيبة. ويعنينا بيان المشاكل بالنظر لقانون العشائر في الارياف.
فان الغاء الغزو مما حرم العشائر من فوائد، أو منافع كانوا يظنونها الوسيلة المهمة لبقاء حياتهم فلم يطرأ على هذه الحياة خطر وزالت بما فيها من عرف. فلا شك ان المسؤولية يجب أن تكون محدودة وخاصة بالمسؤول الا ان تكون اجتماعية، فنسأل الجميع كما في (القسامة) المعروفة في الشريعة الاسلامية. فاذا لم يعرف القاتل في قرية أو قبيلة فلا ينبغي ان نتهاون في الحل بأن نسأل الكل. أوضحت ذلك في المجلد الاول. وعندنا في وقائع عديدة الزمت الإدارة المتهم الذي لم تتحقق الجريمة عليه دون مراعاة مسؤولية القرية أو العشيرة التي وقع بالقرب منها الحادث مما يستدعي مسؤوليتها. ولعل بقاء المسؤولية لغير الجاني اعتراف من الإدارة بضعف تشكيلاتها وبعجزها عن تطبيق الحق. واذا كان هذا تدبيرا مقبولا في حق البدو الرحل لضرورة قاهرة، فلا ينبغي أن يسوغ في الأرياففهم أهل قرى اولا يختلفون عنهم. ولم نر قانونا في أمة يلزم بالمسؤولية غير المسؤول حقيقة.

كانت الإدارة غير متسلطة، وان الجاني كان معتزا بعشيرته. وفي هذا حماية له لفقدان القدرة في مطاردته. ومن ثم تركن العشائر الى مراعاة العرف ولكننا نرى الاجحاف مع وجود السلطة والاولى مراعاة القانون العام. وان تصلب الإدارة واصرارها في الدوام على تطبيقه مع اثارة قضيته في المجالس النيابية المتوالية مما يدعو الى الاستغراب ويبعث الامل على لزوم الغاء هذا القانون في القريب العاجل. ولذا لم اتعرض لتفصيل مسؤوليات أفراد العشيرة بالنظر للجاني وبيان العرف الخاص بها. وهذه لا تختلف عما في المجلد الاول.
والامل ان تزول الوصمة عن العراق في انه يحكم على الجاني وعلى أقاربه بسبب ما أحدث من جريرة، فالضرورة تدعو الى الرضوخ الى القانون العام كما أضطرت الإدارة الى فصل منازعات الاراضي بعد اكمال تسويتها بايداعها الى المحاكم. ومثلها الاحوال الشخصية اودعت الى المحاكم الشرعية كما كانت.
وعلى كل حال لا يأتلف تطبيق (قانون العشائر) على الأريافبعد ان كان الشرع سائدا في البلاد مدة أكثر من الف سنة، والقانون العام بعده، وبعد أن كان وضعنا الحقوقي تابعا لذلك القانون. كما لا يصح تطبيقه على أهل الأريافوهم أهل القرى الصغيرة. أو أهل المزارع المحدودة التي هي أشبه بالقرى أو جزء منها ولا شك ان زوال قسم منه وخروجه عن دائرة التطبيق مما يسهل الغاءه تماما أو أبقاءه محصورا فيما يحدث بين العشائر بعضها مع بعض في الداخل والخارج في حين أن التحكيم في قوانيننا مقرر ومن السهل مراجعة أحكامه وتطبيقه عليهم.
كان وضع هذا القانون قبل تشكيل (المجالس النيابية) . والآن تشترك الامة في وضع قوانينها. فالعشائر نواب في مجالسنا. وهم يشرعون القوانين علينا ولكنهم لم يقبلوا أن تكون شاملة للجميع بل على أهل المدن دونهم. وهذا من أغرب ما رأينا.
عرف الأرياف وعلاقته بالبدو
ان قانون العشائر لا تظهر الحاجة اليه في (العشائر الريفية) . فلا يرضى أحد أن يكون مسؤولا دون أن يرتكب وزرا. لان هؤلاء لا يختلفون عن أهل المدن كثيرا. وأهل الأريافاستقروا في مواطن وتركوا التجول الا احيانا ولدوافع خاصة ومن ثم صاروا كأهل المدن. وبتوالي الايام فقدوا خصائص البدو الكثيرة. والعلاقة بالبدو لا تنكر ويجب أن تكون مدنية وتابعة للحقوق الحديثة. ولكن جرت بعض الحوادث على العرف العشائري لأنه القانون المعمول به.
من ذلك ما وقع بين شمر والعبيد وهذه أقرب إلى أيامنا واتصالنا بحوادثها، فرأيت أن أبدي وجهات النظر في (صور الحل) فيها للتبصرة. ولعل النظر الى ما أتخذه الفريقان للتذرع بالاهداف مما يدعو للالتفات. في هذه القضية نحاول أن نعرف الاتجاه الحقوقي لما تجلى من تضارب الآراء لأستجلاء الغامض عند اضطراب الافهام في أمر الحل فما تمسك به أهل البادية وأهل الأريافمن المعارضات يكشف عن قدرة في التوجيه، وأظهار العرف. وهذا يحتاج الى دراسة عميقة، وتدقيق بالغ حده.
وهنا أقول أن هذه العشائر كل منها بمقام أسرة في تناصرها وتعاونها، أو انها أسرة موسعة فالتضامن مكين. بقيت كما كانت، أو حافظت على وضع الاسرة لما رأت من الحاجة الى الاحتفاظ، وتحميها قوة العشيرة، فكانت ضرورة التلازم ظاهرة في التعاون للذب عن كيانها. وهذا مشاهد في كل عشيرة. وربما تتجاوز العشائر حدود حماية الحقوق، فتتخذ القوة ذريعة للاعتداء ...
فاذا قلنا كان جرى بين شمر والعبيد كذا فالمقصود تعيين الاتجاه بينهما. ومن هذا القبيل قضايا القتل والمعارك. حاولت الإدارة الاصلاح بين هاتين العشيرتين بقصد اماتة النزاع واجتثاثه من أصله. ومن ثم كان ما وصل اليه المحكمون لم يتجاوز الحل ظاهرا، فلم يكن حاسما، قاطعا للغضاضة.
كنت علمت من الشيخ جلوب الطرفة من شيوخ شمرطوكة أن المرحوم الشيخ عجيل الياور كان حينما سمع بأشتباك العبيد مع عشيرة الصائح من شمر من جماعة المرحوم الشيخ جنعان الصديد سارع في أخبار رئيس عشائر زوبع (خميس الضاري)، والشيخ جلوب من رؤساء شمر طوكة بأن لايسمعوا قولا للشيخ جنعان حذر أن تتوسع الفتنة، وأن ينتظروا ما يكتب اليهما. رجاهم أن لا يعملوا أمرا، وأكد عليهم خوف انتشار الشر.

وهكذا رأيت رؤساء العبيد أبدوا رغبتهم في أماتة الضغائن. وكنت حاضرا في مجلس المذاكرة بلا علم مني أنهم جاءوا لهذا الغرض. كنت زائرا للمرحوم الشيخ حمد الباسل باشا، فحبذ منهم الفكرة. وأبديت ما علمته من الشيخ جلوب. ولما علمت بأمر المذاكرة وان الاجتماع كان من أجلها ولم يلتئم المجلس بعد تركتهم وودعت الباشا. فأخبرت أنه تم الصلح، لكنه لم يتم حقيقة. وحدثت بعد ذلك حوادث محزنة مما لا محل لأيرادها.
ثم أجتمع العبيد وشمر في ١٥ و١٦ نيسان سنة ١٩٤٣م ببغداد وفي هذا الاجتماع حضر المحكمون رؤساء العشائر الشيخ مشحن الحردان رئيس عشائر الدليم والشيخ محمد الرشيد البربوتي من شيوخ زبيد، والشيخ حبيب الخيزران رئيس عشائر العزة.
وخلاصة ما جرى أن المنازع فيه لم يكن أمرا يخص المطالبة بدماء القتلى من الفريقين (شمر والعبيد)، وإنما القضية الواجبة الحل أن عشيرة الصائح ممن يرأسهم جنعان الصديد كانت تسكن الحويجة من مدة، وكذا في أراضي العيث، وأنهم كانوا يتمتعون بخيرات تلك المواطن كما أن العبيد كذلك كان هذا شأنهم في تلك المواطن وسبب النزاع هو الاراضي، ولم تجر تسويتها بعد.
أما المنهوبات والقتلى فأنها ظواهر تلك الخصومات. فحل مثل هذه سهل. والمطلوب حسم أصل النزاع. وفي هذه المذاكرة أشترك الاداريون قائممقام سامراء، وقائممقام الخالص، وقائممقام كركوك لعلاقتهم في تعيين أوجه الخلاف وأصل النزاع، وبيان ما يتطلبه كل فريق وكلاهما لا يود أن يبوح بما عنده، أو يتحاشى من ذكر غرضه أو التعرض له وأن كان هو المقصود.
وفي الوقت نفسه قال المحكمون نوصي الحكومة بما يقتضي عمله لحسم قضية الاراضي، واشرك شمر في مشروع الحويجة، وقالوا ان شمر كانوا من أمد قديم يسكنون الحويجة وينتفعون منها فلا يهمل حقهم، ولكن هذا لم يكن تدبيرا لا طريق لحله. وهذا تابع لأعمال إدارية خاصة. فاكتفوا بالايصاء مع بيان كل فريق وجهة نظره وادعائه بأنه من سكان الحويجة قديما. وان رجال الإدارة لم يرغبوا في الدخول بهذا الموضوع إذ لا صلاحية لهم في البت فيه، فطوي من البين وجعل موضوعا خاصا في حين أنه الاصل في موضوع النزاع.
ومن ثم انصرف المحكمون الى حل النزاع فيما عهد اليهم. ولما كان قد نفى رؤساء العبيد أن يكون لهم يد في أمر القتل وانهم ليس لهم القدرة على غيرهم وأبدوا أنهم لا يعلمون بالقاتلين، فكان من رأي المحكمين أن يحلفوا رؤساء العبيد على (طريقة البدو) ... حينئذ تصدى رؤساء شمر الى القول بأن التحليف اهانة في حق المطلوب تحليفه، أو ظن به واشتباه من صحة كلامه فلم نشأ أن نعد رؤساء العبيد بهذا الوضع، فعدلوا عن التحليف، ولم يطلبوه حفظا لمراعاة منزلة هؤلاء الرؤساء.
ومعنى هذا أنهم رضوا بأنهاء القضية ظاهرا، وأبدوا أنهم لم يبق نزاع بينهم من جراء المنهوبات، والقتلى معا، وحاولوا أن يظهروا انهم أقرب الى الالفة، ولكن العبيد لم يرضوا بهذا الحل الظاهري الذي يراد به الحسم القانوني، وعدوا ذلك غير قاطع للنزاع. ولهذا لجأوا الى ناحية مهمة في صحة الحل وتمكينه، وهي أنهم طلبوا (الدخالة) من جراء أن من أعفي عن اليمين، أو عما يستلزمه من دية وتعويضات لا يمنعه مانع من قبول الدخالة. وبذلك حاولوا ان يكون الصلح متينا، وان لا تبقى المطالبة مستمرة، أو لا يبقى حذر ... أرادوا أن تكون الدخالة على أحد أفراد العشيرة. ولو لم يكن من وجوه العشيرة، فيصيروا في حماية الكل كما لو كان قاتلا وطلب دخالة (حماية)، فتضطر العشيرة كلها لحمايته. وهكذا العشيرة اذا طلبت الدخالة تكون ضمنا في حماية تلك العشيرة التي كانت معادية لها ومناضلة، فتصبح الالفة حاصلة، ويكون الحكم حاسما للنزاع، فلم يبق مجال لاختراق الصلح أو حكم المحكمين، فتزول النفرة من البين. (يسعى بذمتهم أدناهم) .
لم يوافق رؤساء شمر على ذلك. وقالوا لا نقبل بالدخالة من جهة أن عشيرة العبيد منتشرة وان (رؤساء العبيد) ليس لهم سلطة على العبيد كلهم، فليس من الصلاح أن نقبل الدخالة. لاننا لانكون بنجوة من ضرر العشيرة فكيف بأمر صيانتنا، وان نكون بمأمن؟ ومن ثم لا يأتلف السلام، بل يتوقع الضرر دوما ... !

وقفت المطالب عند هذا الحد. وفيها يتجلى الذكاء العشائري، واتخاذ التدابير له أو محاولة ما هنالك، فيعرف ذلك من الجانبين، مع ملاحظة دقة المطالب من المتخاصمين والمقارعات الفكرية بصفائها منهم ومن المحكمين، وكذا ما حاول الاداريون التملص منه.
ومن هذه يتجلى لنا أمر (السياسة العشائرية) وعلاقاتها، والإدارة واتجاهها. أو خذلانها ... وكذا ما يطلب منها من وجوه الحل في الحسم، أو ما يعدل به عن وجه الصواب، فيسعى كل للاقناع من طريق الدليل، واستجلاب الحكم، فرأينا العجب في القدرة، وكذا الاداري خرج كما دخل، وهكذا المحكمون دخلوا وخرجوا. وكل منهم مملوء بالمعرفة مشبع بالفكرة على وجه الصواب ... ولكنهم اعترفوا بأنهم عادوا بالفشل الذريع.
والملحوظ أن الخصومات ظواهر، وان وراءها ما يجب حله، ويحتاج الى خبرة كاملة مكينة، مع علم غزير، وسياسة حقة ... والذي يؤسف له أمر التطاول في ما يقتضيه الحل السريع القاطع لئلا يدأب النزاع ويستمر. ولعل الالتفات كان يقتضي السرعة ويدعو للالفة، أو حدوث الصلح الحقيقي بحيث لا يضمر الواحد للآخر نوايا سيئة ... وخلافه لا يفيد البتّة.
ومثلها يقال في بني لام سواء في سيطرتهم أو في أمر آخر وتاريخ هذه العشائر بل الامارات مما يستدعي الحل، ويؤدي بنا الى المعرفة الصحيحة ولا يغب عنا ما ذكر. وانما يعرف من مجرى الحوادث التاريخية المهمة. وهؤلاء من طيء من بيت الامارة على ما هو المسموع. ويقال لهم (الصبيحات) . وهم في لواء الدليم. رئيسهم أحمد المناور. يسكنون الكرمة في أبي غريب ونخوتهم (صبحي) . وتجاورهم عشيرة الجميلة وزوبع. وفروعهم: (١) البو حماي.
(٢) البو ساير.
(٣) البو حمود. الرؤساء.
الشيخ شوقي جبار البديري
الشيخ شوقي جبار البديري

عدد المساهمات : 2094
تاريخ التسجيل : 04/04/2012
العمر : 59
الموقع : قبيلة البدير للشيخ شوقي البديري

https://shawki909.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى